بدأ مؤشر تسعير التأمين الطبى فى التحسن، خلال الفترة الماضية، بعد سنوات من نزيف الخسائر الفنية، بما دفع شركات التأمين، خاصة الرائدة فى السوق، لتحسين ورفع أسعارها، وقبول العملاء بعدما واجهته الشركات من ارتفاع تكاليف العلاج الطبى نتيجة زيادة أسعار المستلزمات الطبية والأدوية.
وساعدت التعديلات التشريعية، لا سيما قانون التأمين الموحد الذى يقنن أوضاع شركات الرعاية الصحية فى التحول إلى شركات تأمين طبى أو شركات إدارة فقط، بما يضبط إيقاع المنافسة فى السوق ويضبط الأسعار.
عارفين «مصر» قادت حركة تصحيح الأسعار
قال أحمد عارفين، العضو المنتدب لشركة المصرية للتأمين التكافلى-ممتلكات- إن هناك طلبًا كبيرًا على شراء وثائق التأمين الطبى فى السوق المصرية خلال الفترة الحالية، فى ظل رغبة العديد من الشركات والمؤسسات الاقتصادية فى توفير خدمات الرعاية الصحية للعاملين بها كنوع من المميزات الوظيفية، بجانب التأمينات الاجتماعية لجذب الكوادر للعمل بتلك الشركات.
وأضاف عارفين أن أسعار التأمين الطبى تحسنت وارتفعت خلال السنوات الماضية، خاصة بعد تعويم الجنيه فى نوفمبر 2016، حيث ارتفعت تكاليف العلاج الطبى نتيجة ارتفاع سعر الدولار مقابل الجنيه، بما أدى إلى صعود أسعار المستلزمات الطبية المستوردة والأدوية المحلية والمستوردة وغيرها.
وأكد أن تحسن أسعار التأمين الطبى شجّع الشركات على التوسع فى القطاع، ومنها شركته التى لم تكن تزاوله بسبب ارتفاع خسائره خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن شركته ما زالت تنتهج سياسة متحفظة وحذِرة فى التأمين الطبى من حيث انتقاء العملاء وعدم المضاربة فى الأسعار والتدنى بها عن السعر الفني؛ بهدف تكوين محفظة رابحة بهذا القطاع.
وكشف أن مِن بين العوامل التى أدّت، أيضاً إلى ضبط إيقاع النشاط بالسوق، قيام «مصر للتأمين»، التى لديها حصة كبيرة بفرع التأمين الطبي، بتحسين أسعارها، ما أدى إلى انتهاج باقى الشركات تلك السياسة، لذا لم يبق أمام العميل سوى قبول الشروط والأسعار الجديدة.
وأضاف أن شركات الرعاية الصحية التى كانت تعمل بنظام الـ«HMO» بدأت الاستعداد لقانون التأمين الجديد، والذى يُلزمها إما بالتحول إلى شركات تأمين طبى، أو إلى شركات إدارة بنظام الطرف الثالث «TPA»، حيث قام بعضها بالتحول إلى شركات «TPA»، وتحويل محافظها إلى شركات التأمين بما يؤدى إلى ضبط إيقاع المنافسة فى السوق وتحسين الشروط والأسعار.
شهاب: الاستعانة بخبرات «ميونخ ري» فى الوثائق والعقود
من جهته كشف أحمد شهاب، العضو المنتدب لشركة قناة السويس للتأمين، أن شركته تعاقدت مع «ميونيخ رى» الألمانية لإعادة التأمين ليتسنى لها استخدام برنامج شركة الإعادة فى التسعير الخاص بوثائق وعقود التأمين الطبى.
وأكد شهاب أن هذا الإجراء يستهدف ضبط اكتتاب وتسعير التأمين الطبى ووقف نزيف خسائره فى ظل ارتفاع تكاليف العلاج الطبى، موضحًا أن شركته تبحث فى تحقيق محفظة أقساط تأمين طبى رابحة وليس العبرة بكمّ المحفظة بل بربحيتها.
وأوضح أن الشركة لن تتدنى بأسعارها عن السعر المقدم من شركة الإعادة، حتى لو اضطرّها ذلك لرفض العملية؛ كى لا تتكبد خسائر فنية فى التأمين الطبى، لافتًا إلى التعاقد مع شركة إدارة رعاية صحية بنظام الطرف الثالث «TPA»؛ للاستفادة من خبرات وكفاءة شركات الإدارة فى الموافقات الطبية والنفقات وترشيد الاستهلاك.
وكشف أن هناك ارتفاعًا متزايدًا فى الطلب على التأمين الطبى بالسوق، وأن نتائج الفرع بدأت تتحسن مع ارتفاع أسعار التأمين الطبى فى الشركات، بما شجَّع الكثيرين على مزاولته.
مختار: رقابة «الهيئة» أسهمت فى تحسن السوق وضبط المنافسة
بدوره أكد محمد مختار، رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة مصر هلث كير للرعاية الصحية، أن السنوات الماضية شهدت نوعًا من المنافسة الضارة بين شركات التأمين وبعضها، وبينها وبين شركات الرعاية الصحية العاملة بنظام الـ«HMO» فى فرع التأمين الطبي، وأدت إلى تدنى الأسعار الفنية فى ظل ارتفاع تكاليف العلاج الطبى فزادت الخسائر الفنية لشركات التأمين فى التأمين الطبي.
وأضاف مختار أن شركات إعادة التأمين بدأت مؤخرًا فرض شروطها على القطاع بفرع التأمين الطبى بعد ارتفاع معدل الخسارة الفنية بفرع التأمين الطبى فى بعض الشركات، وتجميده ببعضها الآخر.
وأكد أن شركات التأمين المصرية رضخت لضغوط المُعيدين؛ حتى لا تخسر اتفاقيات إعادة التأمين الخاصة بفرع التأمين الطبي، حيث يشاركها المعيد فى سداد فاتورة التعويضات، بدلًا من أن تتحملها الشركات المحلية بمفردها.
وأشار إلى أن تكاليف التأمين الطبى ارتفعت مؤخرًا بعد زيادة معدلات التضخم وأسعار المستلزمات الطبية والأدوية وخدمات المستشفيات ومعامل التحاليل ومراكز الأشعة، بما أجبر الشركات على رفع أسعارها لوقف نزيف الخسائر.
وأكد أن هناك طلبًا متزايدًا على شراء التأمين الطبى بالسوق، خاصة فى ظل ارتفاع أسعار وتكاليف التأمين الصحى الحكومى الشامل، رغم تفوق القطاع الخاص فى جودة خدماته على التأمين الحكومي، وهو ما أدى إلى قيام العملاء بتفضيل التأمين الطبى الخاص، حتى وإن اضطر لدفع فارق بسيط فى التكاليف.
وأشار إلى أن هناك رقابة صارمة من الهيئة العامة للرقابة المالية على الاكتتاب فى كل فروع التأمين، لافتًا إلى أن بعض الشركات كانت تمنح التأمين الطبى وتأمينات السيارات هدية للعميل الذى يشترى تأمينات الحريق والهندسى، لكن هذا الوضع تغير ليصبح كل نوع منفصلًا ويجب أن تحقق فيه الشركات أرباحًا فنية، وخاصة التأمين الطبى الذى يتم دفع تعويضات به منذ أول يوم تعاقد مع العميل عندما يقوم المشترك باستخدام خدمات الرعاية الصحية وبدء الاستهلاك، مثل الكشف بالعيادات الخارجية وصرف الأدوية والعمليات الجراحية والفحوصات المعملية والتشخيصية بمعامل التحاليل ومراكز الأشعة.
وأوضح أن الهيئة لا تتوانى عن تجميد الاكتتاب فى بعض شركات التأمين، أو سحب الترخيص من البعض، أو تجميد الاكتتاب فى فرع تأمين محدد، بما أدى إلى ردع باقى الشركات فى السوق لكى تتبع سياسة اكتتابية سليمة، وتتوقف عمليات المضاربة السعرية وحرق الأسعار بما يساعدها على تحقيق أرباح فنية من التأمين.