تخشى سلطات الصحة العامة في أوروبا من عجز الأوروبيين عن تدفئة منازلهم الشتاء الحالي رغم الانخفاض الأخير في أسعار الغاز ، بحسب وكالة بلومبرج.
تزيد الوَفَيَات بين الناس شتاءً مقارنة مع الصيف، ولا يقتصر سبب ذلك على البرد في الهواء الطلق، إذ تبيَّن أن البرد في الأماكن المغلقة قد يكون بنفس الخطورة.
أظهرت بيانات صحية أوروبية منذ فترة طويلة أن مناطق المناخات الأكثر اعتدالاً ارتفعت فيها الوَفَيَات في الشتاء، فمعدل الوَفَيَات الشتوية في البرتغال أعلى بكثير منه في فنلندا مثلاً.
تراجع أسعار الغاز
حذّر مايكل مارموت مدير معهد “يو سي إل” (UCL) للمساواة الصحية في لندن عبر مجلة الأبحاث “بي إم جيه” (BMJ) في سبتمبر، من أن إنجلترا تواجه خطر أزمة إنسانية.
تنشئ دائرة الصحة الوطنية “غرف حرب” لتعمل على مدار الساعة لإدارة الطلب، قائلة إنه يُرجح أن تتسبب عدوى أمراض الجهاز التنفسي مثل “كوفيد-19” والإنفلونزا والالتهاب الرئوي والتهاب الشعب الهوائية الحاد في شَغْل نحو نصف عدد أَسِرَّة المستشفيات هذا الشتاء.
ما الدرجة التي يصبح فيها الجو بارداً جداً؟ لدى وكالة الصحة العامة في إنجلترا إجابة عن هذا السؤال: تمثل درجة الحرارة 18 درجة مئوية داخل غرفة الحد الأدنى.
وتقول الوكالة إن انخفاض الحرارة أكثر من ذلك يعني مواجهة مخاطر صحية مثل ارتفاع ضغط الدم والجلطات والنوبات القلبية.
زيادة الوفيات الشتوية
قال مايك تيبتون أستاذ علم وظائف الأعضاء بجامعة بورتسموث: “ليست مشكلة انخفاض حرارة الجسم بحد ذاتها، بل إنها نتيجة للتبرد وآليات الدفاع الفزيولوجية والجفاف الذي يترافق مع ذلك”.
” قد لا يرتبط الجفاف في أذهاننا بالحضور في بيئة باردة، لكن تيبتون يقول إنها استجابة طبيعية. لأنه عندما تشعر بالبرد تنقبض الأوعية الدموية في بشرتك، ما يقلل من تدفق الدم إلى محيط الجسم للحفاظ على معظم الدم محمياً تحت طبقة الدهون العازلة.”
“نتيجة لذلك تحدث رغبة في التبول، وهو ما يسمى بإدرار البول الناجم عن البرد.”
قال تيبتون إن خطر حدوث الجلطات يزداد مع ازدياد تركيز الدم وتكثيفه، وهذا يعرض كبار السن لخطر أكبر.
يقول تبتون إن البشر أساساً كائنات استوائية، ولم نتطور مع انتشارنا في جميع أنحاء العالم لنتكيف مع درجات الحرارة الباردة، لكننا بدلاً من ذلك استخدمنا أدمغتنا الكبيرة لإعادة ابتكار مناخنا المفضل حول بشرتنا، ثم في المكاتب والمنازل التي نسكنها لاحقاً.
قال تيبتون: “إذا كنت تجلس مرتاحاً هناك الآن، فيمكنني أن أضمن إلى حد كبير أن متوسط درجة حرارة بشرتك هو 33 درجة مئوية.
ستكون درجة حرارة جذعك 35 أو 36 درجة مئوية، وستكون درجات حرارة أطرافك عند منتصف العشرينيات. هذه بالضبط درجة الحرارة نفسها الذي ستكون عليها إن كنت عارياً عند درجة حرارة 26 إلى 28 درجة مئوية”.
التكيف مع درجات الحرارة الأبرد
لكن لا يزال ممكناً التكيف مع درجات الحرارة الأبرد. قد تعكس بعض الاستراتيجيات معارف الجدات، إذ يُحتمل أنهن نشأن في منزل أبرد بعدة درجات من منزلك: ارتدِ سترة أو جوارب سميكة أو قبعة، كما يمكن أن تساعدك أن تضع قطة في حضنك في فترة ما بعد الظهيرة الباردة أو المساء.
إنها لفكرة جيدة أن تضع عدداً من اللحافات السميكة بعضها فوق بعض ليلاً، وتخفض درجة منظم الحرارة وتستخدم أي وفورات لرفع درجة الحرارة قليلاً خلال النهار.
لا يحتاج الأشخاص الأصحاء من سن الرضاعة حتى منتصف الستينيات من العمر إلى الحفاظ على درجات حرارة أعلى من عتبة 18 درجة مئوية في أثناء النوم، حسب إرشادات المملكة المتحدة.
نظراً إلى أن الأوروبيين والأميركيين المعاصرين يقضون 90% من وقتهم في الداخل، فإن مجرد الخروج إلى الهواء الطلق وممارسة بعض التمارين بدرجات حرارة متفاوتة يمكن أن يساعد في بناء قوة لدى البالغين الأصحاء.
قالت كيت ريو مؤسِّسة جمعية السباحة الخارجية في جنوب إنجلترا: “يمكن تغيير استجابتنا للبرد. ما يبدو في البداية مزعجاً حقاً ويجعلك تشعر بالبرد فعلاً يمكن بعد فترة من التعرض له أن يصبح أمراً مقبولاً تماماً”.