اتفق خبراء التأمين على أن القطاع الطبى كان ولايزال فى مرمى نيران جائحة « كورونا» بعدما أثبتت أنه خط الدفاع الأول طيلة العام الماضى منقذا ملايين الأوراح من الموت المحقق، ولكن مع الوقت تبدأ الأزمة فى إفراز العديد من التحديات التى تعوق نمو القطاع بالشكل المأمول.
وخاض قطاع التأمين الطبى الخاص حربا شرسة استطاع فيها بجدارة الوقوف جنبا إلى جنب مع عملائه رغم تكبده لخسائر كبيرة أدت إلى تضخم فاتورة تعويضاته، بالإضافة إلى تحمل ارتفاع تكلفة العقود الطبية السارية، إلى جانب التخوف من عزوف العميل عن التجديد فى حالة زيادة الأسعار بالشكل المناسب للخطر، فضلا عن ضغوط مقدمى الخدمة بزيادة أسعار خدماته من ناحية والتعجيل بسداد مستحقاته من ناحية أخرى.
فتحى: ارتفاع مخاطر مواجهة الوباء دفع مقدمى الخدمة لتعجيل سداد المستحقات
وقال الدكتور شريف فتحى يوسف العضو المنتدب لشركة عناية للرعاية الصحية إن شركات الرعاية الطبية والتأمين التى تزاول الطبى تواجه تحديات بالجملة بعد مرور عام على تفشى فيروس « كورونا» فى مصر أبرزها وجود زيادة أسعار مقدمى الخدمة الطبية – مستشفيات،عيادات خارجية، معامل تحاليل وأشعة وغيرها- مما رفع تكلفة العقود السارية بغالبية شركات التأمين والرعاية خاصة التى فضلت الوقوف بجانب عميلها للحافظ على صحته كأولوية وعدم التخلى عنه فى الأزمة.
وأضاف أن مقدمى الخدمة الطبية قام بزيادة أسعاره لعدة أسباب أهمها ارتفاع مخاطر مواجهة وباء «كورونا» خاصة وأن الأطباء خاضوا حربا مع الموت أودت بحياة الكثير منهم وكذلك طواقم التمريض مما زاد من حدة مخاوفهم والضغط للمطالبة بزيادة أجورهم وتم ذلك فعليا.
وأشار إلى أن التحدى الثانى كان انخفاض التردد على المستشفيات بصورة كبيرة خلال الآونة الأخيرة دفع بعض مقدمى الخدمة لتعويض المستهدف السنوى لهم من الأموال التى يتم تحصيلها فى صورة تحاليل روتينية من غير اللازم إجراؤها فى غالبية الأحيان للعميل ولكن رضخت العديد من الشركات حماية لعميلها.
وأوضح أن زيادة تكلفة الخدمة الطبية سواء المستشفيات أو معامل التحاليل والأشعة التى رفعت أسعارها رفع من قيمة فاتورة التعويضات التى تسددها شركات التأمين شهريا إلى مقدمى الخدمة مما ينذر بزيادة أسعار التعاقدات الطبية بشركات التأمين والرعاية خلال الفترة المقبلة لتتناسب مع مستوى الخطر التى تغطيه وهو التحدى الثالث الذى يواجهه قطاع التأمين الطبى.
ولفت إلى أن التحدى الرابع تمثل فى ممارسة مقدمى الخدمة الطبية لضغوط تستهدف تعجيل سداد مستحقاتهم لضمان استمرارية الخدمة وهو مايشكل عبئا كبيرا على شركات التأمين والرعاية بنظام الإدارة والتى تصارع فى كافة الاتجاهات لتلبية رغبة كافة الأطراف فى ظل أزمة لاتزال مستمرة ويمكن أن تطول.
الزين: القطاع حقق مكاسب فى السنوات الماضية وعلى الجميع التأقلم مع الأزمة
من جانبها، قالت فاطمة الزين مدير تطوير الأعمال فى شركة «ميدجلف» للتأمينات العامة إن القطاع الطبى يواجه حاليا تحديات كثيرة يجب عليه التأقلم معها، خاصة وأنه بطبيعته متعامل مع الخطر بالإضافة إلى أنه حقق طيلة السنوات الماضية مكاسب يمكنه من خلالها الصمود حاليا حتى تخطى الأزمة.
وأشارت إلى أن شركات التأمين لابد أن تتحمل عميلها وتقدم له تسهيلات فى سداد الأقساط تصل إلى شهر وشهر ونصف فى كثير من الأحيان وكذلك مقدمى الخدمة مع عملائها – شركات التأمين والرعاية – وذلك من ضمن رؤيتها طويلة الأجل إذا أرادت النجاح والاستمرارية.
وأضافت أنه بموجب العقود التى تبرم مع مقدمى الخدمة يتم سداد مستحقاتهم خلال المدة المنصوص عليها فى التعاقد، والتى تكون من 45 إلى 60 يوما وفى حالة ممارسة أى ضغوط منه يتم وقف التعامل معه من جانب شركة التأمين أو الرعاية وتقديم الحلول العاجلة والجذرية للعميل مثل طلب حصوله على الخدمة من المستشفى أو معمل التحاليل أو الأشعة وعمل استرداد لكامل المصروفات التى قام بدفعها.
وأكدت أن نظام دفع العميل والاسترداد من شركة التأمين أو الرعاية يقلل من استهلاكات العميل حيث يقوم بعمل الفحوصات الضرورية أو الحصول على الأدوية اللازمة لحالته بالتحديد، علاوة على ثقته التى تمتد فى المكان المتعاقد معه وتوافر الحماية التأمينية له بدون أى ضغوط زائدة عليه.
وأوضحت أن شركات التأمين والرعاية ليس لديها رفاهية الوقت لتحمل المزيد من الضغط التى يمارس عليها من أى جهة خاصة إذا كانت لاتوجد عليها رقابة بالصورة الكافية لكن على الجميع التأقلم خلال هذه الفترة العصيبة لعدم توقف الخدمة لأى طرف من أطراف العملية التأمينية.
وأكدت وجود تحديات بالنسبة للعقود المبرمة خلال الفترة المقبلة أبرزها عدم قدرة العميل المادية على تحمل أى زيادات مجحفة فى وثائق الطبى الجديدة، بالإضافة إلى عدم وجود ما يضطر شركات التأمين أو الرعاية حاليا للمضاربة على الأسعار خاصة العام الحالى والمقبل حتى ينتعش الاقتصاد مرة أخرى وبالتالى تنتعش كافة القطاعات وأبرزها التأمين.
صبرى: دورة الدخل للمستشفيات من الآجل تتجاوز %70 وتضاؤل مؤقت للكاش
من جانبه، قال الدكتور شريف صبرى مدير إحدى المستشفيات الخاصة ومدير عام تعويضات التأمين الطبى فى شركة «رويال» للتأمين سابقا إن القطاع الطبى كليا محاصر بالتحديات وأبرزها أن شركات التأمين والرعاية حاليا تواجه تحدى ارتفاع تكلفة تعويضاتها خاصة بعد أزمة «كورونا» لوجود فحوصات إضافية فرضها مقدمو الخدمة لتأمين أنفسهم من دخول حالات مصابة لديهم فى حالة عدم وجود قسم عزل لديه.
وأضاف أن شركات التأمين والرعاية الطبية بموجب التعاقد مع مقدمى الخدمة تسدد المستحقات للأخيرة فى مدة تتراوح من 45 إلى 60 يوما بعد تقديم المطالبة.
وأكد أن المراجعات الطبية فى شركات التأمين والرعاية تستغرق وقتا نظرا لنقص الكوادر فى بعض الأحيان أوعدم وجود «سيستم» يساهم فى سرعة إنجاز المراجع الطبى للمطالبات والفواتير.
وبرر الضغوط التى يمارسها مقدمو الخدمة فى المطالبة أو التعجيل بسداد مستحقاته من شركات التأمين أو الرعاية الطبية نظرا للحركة السريعة حاليا فى سحب مخزون المستلزمات الطبية والتى كانت تكفى المستشفى 3 شهور كاملة على سبيل المثال بدأت تنفذ فى وقت أقل مثل الأدوية أو أفلام الأشعة أو الخامات التى تدخل فى إجراء التحاليل وغيرها.
وأشار إلى أن سرعة نفاد المخزون تضغط بشكل كبير على دخل المستشفى خاصة وأن نسبة تتراوح من %70 – إلى %80 من دخلها يأتى من نظام الآجل – التعاقدات مع شركات التأمين والرعاية لصالح عملائها – والباقية من العميل الحر أو المعروف «بالعميل الكاش».
ولفت إلى أن مقدمى الخدمة عند مواجهة هذا النوع من الضغط يقوم بوقف الخدمة مع التعاقدات نظرا لقوة سحبهم لمخزون المستلزمات لصالح عميل الكاش الذى يوفر له سيولة مالية تمكنه من جلب مخزون جديد أو تلزمه بضخ مبلغ جديد كنسبة من مجموع تعاقداته نظرا لانتهاء حده الائتمانى لحين انتهاء دورة مراجعته للمطالباته وسداده المستحق عليه.
وتابع إن تردد عميل التعاقدات على مقدمى الخدمة الطبية لم يقل طوال فترة كورونا، ولكن من قل تردده هو عميل الكاش الحر والذى يمثل نسبة لاتقل عن %30 من دخلها وهى نسبة مؤثرة للغاية على حد قوله.
ورأى أن زيادة أجور الأطباء والتمريض شكلت عبئا على مقدمى الخدمة فى الفترة الماضية بعد ارتفاع مواجهتهم لخطر الوباء مما تسبب فى إصابة عدد كبير منهم ووفاة الكثيرين مطالبين بتوفير مسلتزمات الوقاية لهم وبما يتناسب مع عدد المرضى الذى يتم التعامل معهم بشكل يومى وهو ماتم الرضوخ له لاستمرار الخدمة.
واعتبر أن زيادة أسعار التأمين الطبى فى الفترة المقبلة نتيجة منطقية لكل الارتفاعات السابقة فى الخدمات وإلا واجهت شركات التأمين والرعاية خسائر لاتحمد عقباها، لافتا إلى ضرورة التسعير على أسس فنية سليمة يتوازى فيها الخطر المقبول مع القسط المدفوع خاصة لو تضمن التعاقد تغطية تكاليف العلاج ضد الوباء.