تحالفات ناشئة تُحوّل النظام الدولى الأحادى إلى التعددية القطبية

تحالفات ناشئة تُحوّل النظام الدولى الأحادى إلى التعددية القطبية
شريف عطية

شريف عطية

9:30 ص, الأحد, 3 أكتوبر 21

يعتبر العام 2000 بمثابة نقطة مرجعية لبدء مرحلة جديدة فى العلاقات الدولية، حيث تعرضت الولايات المتحدة لأول انتصار (جهادي) عليها عبر تفجيرات نيويورك سبتمبر 2001، لتلحق بها هزيمة ثانية عند انسحابها من أفغانستان 2021، بناءً على افتراضات عسكرية ومعلوماتية معيبة، وفى الوقت الذى تتوالى عليها منذ 2017 إدارتان رئاسيتان، ما بين الفوضى المزاجية إلى الطموح العاجز، ما قد يجعلها عرضة لرئاسة ثالثة فاشلة فى 2024، ذلك فيما أصبحت روسيا على الجانب الآخر.. ومنذ تدخلها العسكرى المباشر فى سوريا 2015.. جارة لتركيا «الأطلسية»، إذ تسعى من خلال ما يسمى “تعاونهما العدائى” إلى اختراق حلف «الناتو»، ما أدى إلى إخفاق مساعى واشنطن لاستخدام تركيا فى ملفات إقليمية منذ 2011 لإحكام هيمنتها على المنطقة العربية، قلب الشرق الأوسط، ناهيك عن تحقيق الرئيس الروسى فى داخل بلاده «هيمنة مطلقة» لحزبه الحاكم «روسيا الموحدة»، ذلك فى الوقت الذى تتبادل الصين من ناحية ثالثة مع الولايات المتحدة.. مكاسب استراتيجية، سواء فى الشرق الأوسط، منطقة النفوذ التقليدية للغرب- أو فى منطقة آسيا- المحيط الهادى، حيث المجال الحيوى للصين، ما يُشكل مساحة عريضة للتنافس تؤدى لانزلاقهما نحو حرب باردة، أما عن الاتحاد الأوروبى -رابعًا- فقد اتفقت الإدارتان الأميركيتان الأخيرتان من خلال قواعد غير مكتوبة.. لئلا تتركا مجالًا لأوروبا القارية وبين تولى مسئولية جيرانها حتى مع وجود مصالح مشتركة بينهما، كما فى المناورة لمحاولة تقسيمها، من خلال قيادة الشراكة الأميركية – مثالًا- لمنظومة «العيون الخمس»، أميركا- بريطانيا- أستراليا – كندا ونيوزيلاندا، خاصة فى ضوء الإعلان 16 سبتمبر الماضى عن الاتفاق الأمنى الثلاثى «الأنجلوساكسونى» المعروف باسم «أوكوس»، يواجه مشروع مماثل عن استراتيجية للاتحاد الأوروبى تصوغها فرنسا منذ 2018 فى المحيطين الهادى والهندى، طرحت -للمفارقة- فى نفس يوم إذاعة نبأ إعلان «أوكوس»، ما يجوز القول فى ضوء ما سبق عن توازى تغيرات فى النظام العالمى، سواء مع تكاثر التحالفات الناشئة أو تفكك التحالفات القديمة، مع اشتداد المنافسة بين القوى الكبرى.

إلى ذلك، وبعد مضى مدة طويلة منذ العام 2000.. تبدو المواقف الدولية وقد تحولت بشكل بالغ بعيدًا عن «الأحادية الأميركية» التى لم تعد تحمل من منطوقها إلا ما قد يتوافق، ربما واحديتها الانعزالية، ما يدفع أخلص حلفائها، سواء من الأنجلوساكسين أو من الدول التى لا تزال تحت التاج البريطانى، لعدم إدارة الظهر للولايات المتحدة، خاصة بالنسبة لما ينطبق على الجديد من الملفات الحساسة فى الشرق الأوسط، ومناطق أخرى، ربما فى مقاربات ليست بعيدة عن سابق الهيمنة الاستعمارية، ومن خلال حرب باردة جديدة تستهدف استعواض نحو ثلاثة عقود تراجع خلالها التفرد الأميركي- الغربى عالميًا، سواء من جراء عدم التحرك الإيجابى، أو عن تحركات خارجية خاطئة خلال عشرين عامًا تالية لهجمات 11 سبتمبر، افتقدت وجود أى تصور لإقالة النظام الدولى منذ ذلك التاريخ من عثرات سيولته، من حيث التقارب الاستراتيجى بين روسيا والصين اللتين لا تعتبرهما أوروبا -عدوتين- على عكس أميركا، كما كادت نظرة الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة أقرب لأن تكون بمثابة حليف غير موثوق به، كما أن عدم إشراك اليابان وكوريا الجنوبية فى الاتفاق «أوكوس» يضعف السياسة الأميركية تجاه الصين فى المحور الآسيوي، وقت تتقارب معهما كوريا الشمالية بقدر ابتعادها عن الولايا المتحدة، ذلك تلبية لسياسة الصين – الراعى التاريخى لشبه الجزيرة الكورية، ذلك فيما ينشأ على الجانب الآخر التحالف الأميركى – البريطاني- الأسترالى فى مواجهة الصين (روسيا) ضمن منظمة «شنغهاى»، وبما يدفعهم إلى مزيد من التصعيد فى ردود أفعالهم، وإلى ما غير ذلك من تحالفات ناشئة متغيرة سوف تحول النظام الدولى «الأحادى» إلى «التعددية القطبية».