تشير الدراسات التى أعدتها لجنة السياحة بجمعية رجال الأعمال إلى أن الأسبوع الثانى لثورة 25 يناير غادر فيه مصر 210 آلاف سائح قبل انتهاء برامج زيارتهم مما أدى إلى تكبد خسائر بنحو 178 مليون دولار فيما شهد شهرا فبراير ومارس الغاء حجوزات سائحين أدى إلى تكبد خسائر بقيمة 685 مليون دولار كما تهاوت معدلات اشغال المنشآت الفندقية بنسبة تجاوزت الـ80%. نتيجة حالة الانفلات الأمنى التى أصابت المجتمع.
ووفقاً لدراسة جمعية رجال الأعمال فقد عدد كبير من العمالة السياحية وظائفها بعد الثورة، حيث أشارت التقديرات إلى أن أجور القطاع تراجعت بمتوسط 12 مليون دولار شهرياً مقارنة بالفترة السابقة للثورة كما قام العديد من دول العالم، وعلى رأسها الصين والولايات المتحدة واليابان وغيرها من الدول بتحذير رعاياها من زيارة مصر.
ولم يقتصر الأمر على ذلك بل توالى استمرار الاعتصامات والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين فى كثير من الأحيان وفى بعض الأوقات بين المتظاهرين والقوات المسلحة التى اعتلت الحكم طوال المرحلة الانتقالية مما عزز الصورة السلبية عن السوق المحلية مدعومة بالترويج الاعلامى على المستويين المحلى والخارج لتلك الأحداث.
كما كان لأحداث الفتن الطائفية التى شهدتها مصر بعد الثورة تأثير كبير على الحركة السياحية خاصة ما وقع فى منطقة دهشور وكذلك واقعة «ماسبيرو» الشهيرة مما أدى إلى فقدان القطاع السياحى خلال عام 2011 نحو 33% من حجم الإيرادات التى كان يحققها مقارنة بعام 2010 والتى تعادل نحو 4.5 مليار دولار.
لم يسلم عام 2012 من توترات أمنية مشابهة لتلك التى شهدها عام الثورة
ولم يسلم عام 2012 من توترات أمنية مشابهة لتلك التى شهدها عام الثورة وكان فى مقدمتها الأحداث الأرهابية فى سيناء والتى راح ضحيتها عدد كبير من الجنود المصريين مما أدى إلى قيام القوات المسلحة بإطلاق حملة «نسر» لتطهيرها من جميع العناصر الخارجة على القانون إلا أن تلك العمليات لم تتمكن حتى الآن من استعادة الأمن مرة أخرى، كما كان للأحداث التى وقعت أمام السفارة الأمريكية بعد عرض الفيلم المسىء للرسول صلى الله عليه وسلم تداعيات بالغة على معدلات تدفق السياحة الأمريكية حيث قال إلهامى الزيات رئيس الاتحاد العام للغرف السياحية إن منظمى الرحلات الأمريكان أكدوا أنهم لن يعودوا لمصر إلا بعد عام 2015.
وفى سلسلة من الحوارات نشرتها «المال» خلال الـ 18 شهرًا الماضية مع ممثلى القطاع السياحى بشقيه الحكومى والخاص أكدوا خلالها أن تعافى القطاع السياحى لن يتحقق إلا بعد استقرار الأوضاع الأمنية، وفي حواره مع «المال» قال اللواء عبد الرحيم حسان رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إن الحركة السياحية فى السوق المحلية تواجه المشكلات نفسها التى يواجهها المجتمع المصرى منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن وبالرغم من حالات الانفلات الأمنى التى صاحبت وقوع الثورة، لكنه لم يتم طوال فترة المظاهرات التى شهدها ميدان التحرير رصد أى حالات تعد على أى عنصر من عناصر الحركة السياحية سواء كانت أتوبيسات أومنشآت فندقية أو أفواجًا سياحية.
وقال رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إن الشعب المصرى لم يعترض للحركة السياحية، والمتحف المصرى لم يغلق أبوابه ليوم واحد بالرغم من استمرار التظاهرات.
انهيار القطاع السياحى بسبب المشاكل التى أصابت جميع قطاعات الدولة
وأكد عبد الرحيم أن انهيار القطاع السياحى ليس ناتجًا عن تدهور الأوضاع الأمنية كما يدعى البعض إنما بسبب المشاكل التى أصابت جميع قطاعات الدولة وخاصة الاعتصامات وقطع الطرق وتعطيل المنشآت، مشيراً إلى أن تلك الأعمال لها تأثير أكبر على معدلات تدفقات الوفود السياحية أكثر من وقوع أعمال إرهابية.
ودلل على ذلك اعتصام العاملين المؤقتين بهويس إسنا القديم مما أدى إلى غلق حركة البواخر السياحية والفنادق العائمة بين الأقصر وأسوان وزاد عدد السياح العالقين على ظهور 15 باخرة سياحية بين الأقصر وأسوان إلى ثلاثة آلاف سائح.
لا يمكننا أن ننكر أن فترة الثورة شهدت انهيارًا أمنيًا إلا أنه كان وضعًا استثنائيًا
وقال: لا يمكننا أن ننكر أن فترة الثورة شهدت انهيارًا أمنيًا فى جميع أنحاء مصر إلا أنه كان وضعًا استثنائيًا غير أن الممارسات السلبية داخل الشارع استمرت والتى نتجت عن تغير سلوكيات فئات المجتمع المصرى بشكل عام.
وأضاف حسان أن من ضمن العوامل التى ساهمت فى انهيار الوضع السياحى فى مصر اضراب الفئات التى تتعامل بشكل مباشر مع السائح الأجنبى، خاصة “المرشدين” الذين قاموا بالعديد من الاعتصامات خلال الفترة القليلة الماضية فضلاً عن قيام أصحاب البازارات والمحال السياحية بتنظيم العديد من الوقفات الاحتجاجية للمطالبة بالإعفاء من الايجارات والرسوم المفروضة عليهم من أجهزة المحافظات بما يعطى انطباعاً سلبيا عن الوضع السياحى، مشيراً إلى أنه لا سبيل لعودة تلك النوعية دون العودة للروح التى كانوا يتعاملون بها قبل الثورة.
ووصف ما يحدث داخل الشارع بأنه “انفلات فى السلوكيات وليس انفلاتًا أمنيًا الأمر الذى كان له تأثير أكبر على القطاع السياحى الذى يعمل فيه أكثر من 13 مليون عامل بشكل مباشر وغير مباشر”، لافتاً إلى أنه لا مجال لتعافى القطاع مرة أخرى دون احسان معاملة الوفود وعدم ممارسة أعمال النصب وبيع السلع لهم بأسعار مبالغ فيها خاصة أن السائح إذا لم يجد متعته فى الدولة التى اقتطع جزءًا من دخله لكى يزورها سيبحث عن بديل آخر يجد فيه متعته.
وأكد أن القطاع السياحى يتعرض لحملة اعلامية دولية منظمة للتركيز على الجوانب السلبية فقط خاصة حالات قطع الطرق وتعطيل المرافق العامة بما يساهم فى تنشيط المناطق السياحية الأخرى المنافسة.
دور الشرطة العسكرية يقتصر على تأمين المنشآت والوفود فقط
واعترف بأن شرطة السياحة لا يمكنها وحدها تأمين الوفود السياحية بدون تعاون أفراد المجتمع لافتاً إلى أن دور الشرطة العسكرية يقتصر على تأمين المنشآت والوفود فقط ولكن المواطن هو الذى يجب أن يؤمن تلك الوفود أثناء الجولات الحرة قائلاً : «لا يعقل أن نقوم بتخصيص ضابط لكل زائر وهذا يقيد من حريته».
وأوضح رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار أن الجهات الحكومية قامت خلال الفترة القليلة الماضية بالترويج للقطاع السياحى مدللاً على ذلك بالزيارة التى قام بها الرئيس محمد مرسى للأقصر فى اليوم الثانى لتشكيل حكومة الدكتور هشام قنديل لتوجيه رسالة لجميع دول العالم لزيارة مصر فضلاً عن الزيارة المفاجئة التى قام بها رئيس مجلس الوزراء لمنطقة الهرم وبحث شكاوى الوفود السياحية، بالاضافة إلى قيام هشام زعزوع وزير السياحة باستضافة وفد مكون من 250 سائحًا صينيًا لزيارة الأهرامات بحضور اللواء طارق سعد الدين رئيس هيئة التنمية السياحية والدكتور على عبد الرحمن وسفر وزير السياحة إلى تركيا لاستقدام وفود سياحية لمدينة شرم الشيخ.
ولفت إلى أن جميع الزيارات والجولات الخارجية التى قام بها الرئيس للدول الخارجية احتل فيها ملف تنشيط السياحة المشتركة صدر الملفات التى تتم مناقشتها منها الزيارات التى قام بها لكل من الصين وتركيا وايران وايطاليا.
وعن الجهود التى قامت بها شرطة السياحة لبسط الأمن فى المناطق السياحية، قال اللواء عبد الرحيم حسان إن الإدارة قامت بالتعاون مع وزارتى السياحة والآثار بتطوير منطقة الهرم، التى تعرضت لاهمال شديد بعد الثورة.
ولفت رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إلى أن مشروع التطوير لن يستغرق إلا فترة زمنية لا تتجاوز الـ60 يوماً، بحيث يتم تحويلها لمنطقة حضارية من خلال التعاقد مع شرطة نظافة لتولى تنظيف المنطقة باستمرار وتطوير بانوراما الاهرامات ووضع إطار تنظيمى لعمل الباعة الجائلين.
«الداخلية» ستقوم بتسيير عدد من الدوريات على سفح الأهرامات
وقال رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إن «الداخلية» ستقوم بتسيير عدد من دوريات الشرطة على سفح الأهرامات، باستخدام 120 فرد أمن وعدد من الهجن والجمال الصغيرة.
وأوضح إن الخطة تتضمن أيضا توفير سيارات للنجدة وتطوير شبكة للاتصال اللاسلكى داخل المنطقة الأثرية لافتاً إلى أن شرطة السياحة ستقوم بتأمين المجموعات السياحية منذ وصولها مروراً بجميع المناطق التى تتم زيارتها وداخل المزارات السياحية بهدف إعطاء انطباع لدى السائح بأن الأمن موجود.
ولفت رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إلى أن جميع أعمال التأمين تتم دون تقييد حرية السائح مشيراً إلى أن نجاح تلك السياسات يدفع إلى تكرارها فى عدد من المناطق الأثرية وعلى رأسها الأقصر.
وقال حسان إن من ضمن الانجازات التى تمكنت وزارة الداخلية من تحقيقها خلال الفترة الماضية استئناف السياحة النيلية مرة أخرى بعد ان توقفت منذ عام 1994 بما يساهم فى إرسال رسالة لجميع دول العالم بأن مصر مستقرة أمنيا ولا يوجد شيء يقلق فالسائح يتجول من القاهرة إلى أسوان على مسافة تزيد عن 1000 كيلو متر يتخللها المرور بـ 9 محافظات شمال ووسط وجنوب الصعيد.
وأوضح أن شرطة السياحة تقوم بتأمين الباخرة أو المركب السياحى خلال سيره فيما تقوم سلطة المسطحات المائية بتأمين المحيط المائى، فيما تقوم مديريات الشرطة الواقعة على طول الطريق بتأمين مسار الرحلة بينما تقوم أجهزة المحافظات التى ترسو فيها الرحلة بتأمين البرامج السياحية التى يتم تنظيمها خاصة فى مناطق تل العمارنة فى محافظة المنيا ومنطقة ابيدويس فى سوهاج ومعبد دندرة فى قنا وغيرها من المناطق الأثرية فى بنى سويف والأقصر وأسوان.
وأكد اللواء عبدالرحيم حسان، رئيس الادارة المركزية لشرطة السياحة أنه لم يتم حتى الآن رصد أى تجاوزات على تلك الرحلات بالرغم من تنظيم نحو 20 رحلة سياحية، متوقعاً أن ترتفع تلك الرحلات بعد قيام وزارة السياحة بعمل برنامج تسويقى لتلك النوعية من الرحلات.
“التنمية السياحية” تعكف على إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لاقامة 4 مراس نيلية
وقال إن هيئة التنمية السياحية تعكف حالياً على إعداد دراسات الجدوى الاقتصادية لاقامة 4 مراس نيلية فى محافظات بنى سويف والمنيا وأسيوط ومدينة نجع حمادى.
وكانت «المال» قد كشفت على لسان أحمد الخادم، مستشار وزير السياحة أن صندوق دعم السياحة تحمل نحو 20 مليون جنيه لإعادة تأهيل مجرى النيل من القاهرة وأسوان بهدف تأمين البواخر والمراكب السياحية إلى جانب اصلاح المراسى النيلية.
وستساهم عودة السياحة النيلية فى تنشيط الوفود السياحية إلى 5 محافظات رئيسية هى : بنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وأسوان والتى حرمت منها طوال الفترة الماضية، كما أنها ستساعد على تنشيط المتاحف الأثرية والمزارات السياحية المهجورة فى محافظات الصعيد إلى جانب تحسين البنية الأساسية حيث بدأت وزارة الآثار خلال الفترة القليلة الماضية إعادة هيكلة بعد المناطق التابعة لها بعد عودة الحركة السياحية لها مرة أخرى.
الداخلية تبحث حالياً مع أهالى سيناء كيفية التغلب على الحركات الارهابية
وعن خطة الوزارة لتأمين المناطق السياحية داخل سيناء أكد اللواء عبدالرحيم حسان أن الوزارة تبحث حالياً مع أهالى سيناء كيفية التغلب على الحركات الارهابية قائلاً : أهل سيناء مغرمون باستقبال الوفود السياحية ويتمتعون مثل باقى الشعب المصرى بكرم الضيافة، ولكن ما يحدث حالياً يحتاج إلى وقت ونحن نشارك فى أعمال التأمين مع جميع الجهات الأمنية وبالتعاون مع أهالى تلك المناطق القادرين وحدهم على تأمين الوفود والأجانب.
وعن وجود بعض التحفظات تجاه السياحة الايرانية أكد أن الوزارة ليس لديها ما يمنع ضد دخول السياحة الايرانية لمصر، وإيران مثلها مثل أى دولة فى العالم.
وقال رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إن جميع الضوابط التى يتم وضعها تطبق على الجميع دون أى تمييز وبغض النظر عن الجنسية التى يحملها السائح قائلاً: ووظيفتى كرجل شرطة حماية السائح القادم بحيث يكون قادرًا على الرجوع إلى بلده فنحن الآن نعيش فى عصر مختلف ونؤمن الجميع على قدم المساواة.
ولفت إلى أن وزارة الداخلية وافقت خلال الفترة القليلة الماضية على تعزيز اسطول سيارات الشرطة التابع للوحدة حيث بلغت 80 سيارة منتشرة فى محافظات الجيزة والأقصر وأسوان وجنوب سيناء والبحر الأحمر.
وكشف عن قيام وزارة الداخلية بتنظيم مجموعة من البرامج التدريبية لجميع أفراد شرطة السياحة لتعلم اللغة الانجليزية ومهارات التفاوض والتحاور مع السائح لتلبية جميع احتياجاته بحيث لا يقتصر دوره فقط على أعمال التأمين.
وأشار رئيس الإدارة المركزية لشرطة السياحة والآثار إلى إن هناك اهتمامًا بأن يكون جميع أفراد الشرطة التابعين للادارة ذوى مظهر حسن يليق بالحضارة المصرية وكل عنصر أمن قادر على حماية السائح دون أن يشعر به من خلال ارتداء الملابس المدنية أثناء تأمين الأفواج السياحية.
قطاع السياحة قد يتعافى مع بداية العام المقبل
وعلى صعيد متصل توقع أن يتعافى القطاع السياحى مع بداية العام المقبل بحيث يكون قادراً على الوصول بإجمالى أعداد الوفود السياحية إلى 14 مليون سائح، مشيراً إلى أن الفترة القليلة الماضية شهدت ارتفاعًا ملحوظًا فى عدد واسع من المناطق حيث تجاوزت معدلات اشغال الفنادق بمحافظات البحر الأحمر 95%، فضلاً عن وجود تحسن نسبى فى منطقتى الأقصر وأسوان.
ودعا اللواء عبدالرحيم حسان وزارة السياحة إلى ضرورة الاهتمام بالترويج للسياحة الوافدة من الدول العربية خاصة أنها تراجعت بشكل حاد خلال فترة ما بعد الثورة.