في كل عام، تدمر الكوارث الطبيعية في مختلف أنحاء العالم أصولا تقدر قيمتها بمئات المليارات من الدولارات، وفي كثير من الحالات، لا يتم التأمين إلا على جزء صغير من الخسارة.
وفي حين تقلصت الفجوة التأمينية في البلدان الصناعية في السنوات الأخيرة، فإنها تظل دون تغيير في البلدان النامية والناشئة المعرضة بشكل خاص للكوارث، ففي أعقاب العديد من أحداث الخسارة الناجمة عن العواصف والفيضانات والانهيارات الأرضية وغيرها من الكوارث، يتحمل الناس والشركات المتضررة العبء الكامل تقريبا من الخسائر بأنفسهم، وهم يعتمدون في كثير من الأحيان على الإعانات والتبرعات من بلدانهم أو من الخارج.
فعلى سبيل المثال، وحسب “ميونخ ري” بلغت الخسائر العالمية من جراء الكوارث الطبيعية270 مليار دولار في عام 2022، وحوالي 55% منها لم يتم التأمين عليها.
والجراف التالي يبين رحلة الخسائر العالمية إثر الكوارث الطبيعية في 20 سنة، وفق بيانات “ستاتيستا”:
الكوارث الطبيعية وتغير المناخ
ومن جهته قال وليد سيد مصطفى، خبير التأمين الاستشاري، إن شركات التأمين يجب أن يكون لديها معرفة متعمقة بالمخاطر وكيفية تطورها حتى تتمكن من تقييم المخاطر الشديدة وتطوير حلول تأمينية جديدة.
وأضاف مصطفى أن غالبية نتائج الأبحاث تشير إلى أن الكوارث الطبيعية المرتبطة بالطقس تتأثر بالفعل بتغير المناخ، وأن هذا التأثير من المرجح أن يصبح أقوى في المستقبل، كما تؤثر التقلبات المناخية الطبيعية قصيرة ومتوسطة الأجل بشكل كبير على وضع المخاطر.
وذكر أن تقييم الاتجاهات والمخاطر الناجمة عن المخاطر الطبيعية، يتطلب التحقيق في الخلفية العلمية وتحليل كميات كبيرة من البيانات (تحليلات البيانات) وتطوير نماذج مخاطر عالية الدقة.
عقود من البحث في الكوارث الطبيعية
وبيّن أحمد إبراهيم، خبير التأمين الاستشاري، الاتجاه الصاعد في الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية سواء كانت إجمالية أو مؤمنة إنما ظهر لأول مرة في سبعينيات القرن الماضي، وسارعت شركات إعادة التأمين إلى تحديد الحاجة الأكبر إلى الخبرة في هذا المجال، ومنذ ذلك الحين، كان علماؤها وخبراء التأمين من ذوي الخبرة يعملون على تحليل وتقييم الطيف الكامل من المخاطر الطبيعية، بدءا من الأعاصير والعواصف الرعدية الشديدة والفيضانات إلى الزلازل والانفجارات البركانية.
وأوضح إبراهيم أن تحليلات المخاطر تعكس الحالة الحالية للمعرفة العلمية لنماذج المخاطر، ومجموعة تغطيات المخاطر الطبيعية لعملاء التأمين وتطوير حلول التأمين المبتكرة.
وأضاف أن تغير المناخ يفرض خسائر متزايدة، بينما تهيمن على أرقام الكوارث الطبيعية لعام 2022 أحداث أكثر شدة أو تحدث بشكل متكرر، وفقا لأحدث نتائج الأبحاث، لذلك، يجب إعطاء الأولوية للوقاية والحماية المالية، على سبيل المثال، في شكل تأمين.
تظل غالبية خسائر الكوارث الطبيعية غير مؤمنة
وكر محمد الغطريفي، وسيط التأمين، إلى أن نحو ربع خسائر الكوارث الطبيعية غير مؤمن عليها منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، حتى في البلدان الصناعية المتقدمة للغاية، واليوم ما يزال الرقم المتوسط لا يتجاوز النصف.
وأضاف الغطريفي أن الوضع على حاله في البلدان الناشئة والنامية لعقود من الزمان، فما زال الجزء المؤمن عليه أقل كثيرا من 10% وفي كثير من الحالات يكون صفرا تقريبا، ومع ذلك فإن الاستخدام الأوسع للتأمين، وخاصة في البلدان النامية، من شأنه أن يساعد الناس على التعامل بشكل أفضل مع الخسائر المالية التي تعقب الكوارث الطبيعية ومساعدتهم على استئناف حياتهم اليومية في أسرع وقت ممكن.
وأوضح أن شركات إعادة التأمين العالمية تقدم مساهمات مهمة في هذا المجال وتعمل على تطوير حلول تأمينية مبتكرة، بعضها بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية والشركاء في القطاع العام والمنظمات فوق الوطنية، بينما تساعد شركات التأمين على تجنب الخسائر من خلال تقييم المخاطر بدقة.