تقول بنوك استثمار إن بعض شركات القطاع الاستهلاكى مرجح أن تحقق أرباحًا رغم الأوضاع الراهنة من تداعيات انتشار فيروس كورونا، بينما تتضرر أخرى مع تراجع أهميتها بقائمة المستهلكين، فيما يُعد طول فترة الأزمة حال حدوثه مُهدداً للجميع.
مع ظهور بوادر أزمة فيروس كورونا، وما تبعها من إجراءات وتدابير حكومية لمكافحة تفشى عدوى المرض، أصاب المستهلكين حالة من الذُعر تم ترجمتها فى نوبة شره شرائى للأطعمة، والمواد الغذائية، فى ظل مخاوف شح المعروض، الأمر الذى أثر على شركات القطاع الاستهلاكى، فى ظل إعادة ترتيب المستهلكين لأولويات الإنفاق.
ترى بنوك الاستثمار أن شركات المنتجات الغذائية الأساسية هى المستفيد الأول فى القطاع الاستهلاكى من الأزمة الراهنة، باستثناء تلك المُنتجة للأغذية الخفيفة بينما تتأثر سلبا شركات السيارات، ومواد التشييد والبناء، والإلكترونيات، والغزل والنسيج.
قالت بحوث بنك استثمار هيرميس: «بناء على افتراضات متحفظة فإنه من المتوقع نمو الإيرادات لشركات دومتى، وعبور لاند، وجهينة، وإيديتا فى 2020، بمتوسط %23 فى ظل اتجاه المستهلكين للتخزين، وقفزة استهلاكية محتملة، مع تخصيص جزء أكبر من الدخل للإنفاق على الأغذية، مع انخفاض الإنفاق على الأوجه الأخرى نتيجة بقاء المواطنين فى منازلهم».
رجح أن تحقق الشركات الأربع نموا فى الأرباح بنسبة %11 العام الحالى، نتيجة عدة عوامل أبرزها غياب ضغوط التكلفة، مع انخفاض أسعار مدخلات الإنتاج، وتحسن وضع العملة المحلية، وتراجع أسعار الفائدة، وبشكل خاص «جهينة، ودومتى».
تابع: «رغم أن أسعار أسهم 4 شركات المذكورة عند مستويات جاذبة، إلا أن سهم جهينة هو الأفضل، لأنه الأكثر قابلية للاستثمار، مع ارتفاع معدلات السيولة، وأن الشركة تطرح منتجات أساسية، أبرزها اللبن الذى يمثل %50 من النشاط».
يرى أنه حتى حال تأثر الأعمال التشغيلية فإن تراجع أسعار الفائدة سيقود جهينة نحو تحقيق نموا بالربحية، بينما قد يتعرض قطاع العصير لتداعيات سلبية فى ظل المنافسة.
لفت إلى أن مصدر القلق الأساسى لجهينة، خسارة حصتها السوقية فى اللبن، والزبادى لصالح شركة المراعى، إلا أنه يتوقع تراجع هذه المخاوف على المدى القصير، مع استفادة الشركات من اتجاه المستهلكين لتخزين السلع الأساسية.
فى المقابل توقع «هيرميس» تأثر شركات الأغذية الخفيفة، لافتا إلى أن من سينعكس عليه ذلك هم إيديتا، ودومتى فيما يتعلق بمنتج «دومتى ساندويتش»، نتيجة حظر التجول، وتعليق الدراسة.
ذكر أنه مع افتراض رفع التدابير الحالية بحلول الصيف، ستكون هناك قدرة للتعامل مع التداعيات وإدارتها، فيما سيظهر الأثر الكبير فى الربع الثانى من 2020، نتيجة الضعف الموسمى فى شهر رمضان.
تابع: «الربع الرابع سيكون الأقوى لإيديتا، ومرجح أن تعوض دومتى الضعف المحتمل لمنتجها «ساندوتش» لتحويلها بعض خطوط الإنتاج لتصنيع الخبز وإن كان ذلك بهوامش أقل».
طرح بنك الاستثمار عدة مخاطر تحيط بالشركات الأربع، شملت عدة عوامل هي:
-1 ارتفاع أسعار اللبن البودرة (مادة خام) فى الربع الأخير من 2019، يناير 2020، قبل أن تعاود التصحيح منذ بدأت الشركات فى توفير مخزون لفترة بين 3 و6 أشهر.
-2 تأثير رمضان الذى يعد موسما شرائيا للمنتجات الغذائية، باستثناء الأغذية الخفيفة، نتيجة الاتجاه للتخزين الذى اتخذه المستهلك نهاية مارس، وأبريل.
-3 تأثر قطاع الضيافة (المتضرر الأكبر جهينة، ودومتي)، على خلفية غلق المطاعم، وتراجع القطاع السياحى.
-4 اضطرابات الإمدادات، لا سيما أن غالبية المواد الخام مستوردة، والمحلية تعتمد على مدخلات مستوردة كعلف الماشية.
-5 المنافسة غير العقلانية فى منتجات العصائر والأجبان، ومخاطر تراجع الجنيه المصرى.
أشار بنك الاستثمار إلى أن أسهم قطاع الأغذية تأثرت بقوة العام الماضى، بمتوسط انخفاض %29 ووسط توصيات بالشراء لها جميعا، قدر السعر المستهدف لسهم دومتى عند 8.5 جنيه، وجهينة عند 10.5 جنيه، وعبورلاند عند 9 جنيهات، وإيديتا عند 15 جنيها.
قال بنك استثمار فاروس، إن انتشار فيروس كورونا تسبب فى توقف إنفاق المستهلك على شراء السلع الكمالية-غير الضرورية- ما يؤدى إلى معاناة لشركات السيارات، والغزل والنسيج، والإلكترونات من ضعف كبير فى الطلب، مع ترشيد المواطنين لنفقاتهم وتوجيهها لمصادر أخرى بعيدًا عن شراء هذا النوع من السلع.
تابع: “يأتى هذا فى ظل تقليل عدد ساعات العمل فى المعارض ومراكز الصيانة، ما ساهم فى تقليل فرص الشراء، وغلق مصانع تصنيع السيارات عالميا، ومتوقع أن يعرقل هذا الأمر أوامر شراء العربات الجديدة وقطع الغيار، فى ظل حالة استمرار إجراءات الإغلاق الحالية بين الدول لمدة أطول”.
فى قطاع الغزل والنسيج، قال فاروس فى تقرير بحثى، إن الطلب المحلى على منتجات القطاع سيتأثر بالحظر الصحى المفروض على جميع منافذ البيع بالتجزئة، فى حين أن طلبيات التصدير إما ستُؤجل أو تُلغى نتيجة ضعف مستويات الطلب العالمى، إضافة إلى ذلك، ستواجه واردات المواد الخام التى تعتمد على النفط مخاطر التأجيل نتيجة العقبات التى تواجهها عمليات التصنيع فى العالم، وفقا لبنك الاستثمار.
على صعيد الإلكترونيات، أشار بنك الاستثمار إلى أن الحظر الصحى وإرشادات التباعد الاجتماعى أثرت فى توجهات المستهلكين وسلوكهم الشرائى مما أدى إلى تباطؤ معدلات الطلب نسبيًا، فضلا عن أنه سيترتب عليه إغلاق المصانع عالميًا، أو تقليل أو تأخير دورة إنتاج قطع الغيار الإلكترونية ودورة إصدار طرازات جديدة من الهواتف الذكية.
تقول أمنية الحمامى، محلل القطاع الاستهلاكى فى قسم البحوث ببنك استثمار النعيم، إن القطاع الاستهلاكى ينقسم إلى شقين الأول أساسى كالأغذية، والأدوية، والآخر ما ينتمى للكماليات كالسيارات، والملابس، والمنسوجات.
أشارت إلى أن الشركات المُصنعة للأغذية الأساسية والضرورية، كالجبن، والألبان، والزيوت، والسلع الاستراتيجية، مرجح أن تحقق استفادة كبيرة من الأوضاع الحالية تنعكس على ربحيتها، فى ظل حالة الذعر التى أصابت المستهلكين، وما ترتب عليها من اتجاه نحو الشراء، موضحة أن أبرز هذه الشركات هى جهينة، وعبور لاند، ودومتى.
لفتت إلى أن شركات الدواجن، والمطاحن، والسكر تحقق منافع من الظروف الراهنة، ومخاوف المستهلكين من حدوث شح بالمعروض الغذائى فى الأسواق.
أضافت أن شركات الأدوية أبرزالمستفيدين، لا سيما تلك التى تفى منتجاتها بأهداف المرحلة، مثل الشركات المنتجة للكحول، والمواد المًطهرة، والكمامات، والقفازات البلاستيكية، ومخفضات الحرارة، والتى تطرح مستحضرات ترتبط بتعزيز المناعة، كالفيتامينات.
تقول إن الشركات المُنتجة للكماليات سيكون تأثير الأزمة عليها سلبيا للغاية، ومنها منتجى الملابس، والسجاد، والسيارات.
أرجعت ذلك إلى اتجاه المستهلك بجميع فئاته للإنفاق على الضروريات، والسلع الأساسية، ليتراجع الإقبال على الكماليات، حتى مع توافر فوائض فى الأموال نتيجة حالة الترقب المستقبلية وعدم وضوح السيناريوهات التى ستنتهى عليها الأزمة.
توضح أمنية الحمامى أن مُصنعى الأغذية الخفيفة سيطالهم الضرر نظرا لاعتمادهم فى تصريف النسبة الأكبر من منتجاتهم على الموظفين، والطلبة بالمدارس والجامعات.
تابعت: «الشرقية للدخان كذلك ستكون من المتضررين مع غلق الكافيهات واعتمادها فى جزء من إيرادها على المعسل بجميع أنواعه».
تشير التداعيات سواء سلبية أو إيجابية إلى أن النتائج المالية للشركات فى الربع الأول من العام، مرجح أن تتطور فى الربع الثانى، وأنه إذا امتدت فترة الأزمة لأكثر من ذلك فإن التداعيات غير واضحة، مع عدم وجود توقعات لموعد انتهاء أزمة كورونا الراهنة.
لفتت فى الوقت نفسه إلى أنه حال انتهاء الأزمة الحالية بنهاية أبريل فإن التحسن الذى سيحدث سيظهر فى بداية 2021، إذا كان نشاط الشركة أساسيا، بينما القطاعات غير الأساسية يستغرق الأمر فترة أكبر.
تابعت: بشكل عام رغم صدور حزمة قرارات الفترة الأخيرة التى من شأنها دعم الشركات بشكل جيد، وأبرزها قرار البنك المركزى بخفض أسعار الفائدة %3 وخفض أسعار الغاز للصناعات، وأسعار المنتجات البترولية، نتيجة تراجعات البترول عالميا، والانعكاسات الإيجابية لهذا على تكاليف النقل والتوزيع، إلا أنه إذا طالت فترة التوقف الجزئى الناتجة عن أوضاع كورونا ستتأثر جميع الشركات سلبا .
حذرت من أن قدرة غالبية الشركات على تحمل الأوضاع الراهنة لن تتجاوز الربع الثانى، وإذا طالت الفترة عن ذلك سيتضرر الجميع حتى الشركات المُستفيدة حاليا.