«عدم وضوح الاستراتيجية المستقبلية».. بهذه الكلمات يصف محللون ووحدات بحوث ببنوك استثمار التحركات الاستثمارية لشركة أوراسكوم للاستثمار القابضة، فى الفترة الأخيرة، وذلك بعد تحقيقها خسائر حادة العام الماضي.
أظهرت القوائم المالية المجمعة لأوراسكوم تحولها لخسائر بقيمة 425 مليون جنيه خلال 2019، مقابل أرباح بقيمة 865.59 مليون جنيه فى 2018، كما تراجعت الإيرادات التشغيلية إلى 1.16 مليار جنيه، مقابل 1.32 مليار جنيه.
وأوصى محللون بخفض الأوزان النسبية على السهم الذى يتداول على شاشات البورصة حالياً بالقرب من 0.36 جنيه، أى أدنى من قيمته الإسمية البالغة 0.42 جنيه، فى ظل عدم وجود رؤية استراتيجية واضحة للشركة.
وقالت وحدات البحوث إن أوراسكوم سبق وأعلنت عن نيتها للاستثمار بقطاعات مختلفة، مثل الصناعات الزراعية، واللوجستيات، والعقارات، لكنها لم تتخذ أى خطوات ملموسة على أرض الواقع، فضلاً عن أنها لم تحسم مسألة ترحيل أرباح شركة كوريولينك التابعة.
وسجلت أوراسكوم أرباحاً استثنائية فى 2018 نتيجة بيع شركة مينا للكابلات – إحدى كياناتها التابعة- بقيمة 90 مليون دولار إلى شركة المصرية للاتصالات، وهو نفس العام الذى أعلنت فيه أنها تعتزم استثمار نحو 10 مليارات جنيه.
وتوقعت الايضاحات المتممة للقوائم المالية المجمعة لأورسكوم عن عام 2019، أنها تواجه تحديات بسبب فيروس كورونا وتأثيره على عناصر الأصول والالتزامات ونتائج الأنشطة التجارية والاقتصادية والتدفقات النقدية المستقبلية، كما أكدت قدرتها على الاستمرار واتباع جميع الوسائل للحفاظ على عملياتها التشغيلية.
وتعقد أوراسكوم اجتماع الجمعية العامة العادية وغير العادية فى الأول من يونيو المقبل، للنظر فى اعتماد تقرير مجلس الإدارة عن نشاطها فى السنة المالية المنتهية 2019 والميزانية العمومية، وكذلك تعديل بعض المواد من النظام الأساسي.
بداية ترى وحدة أبحاث بنك الاستثمار «فاروس» أن خسائر أوراسكوم العام الماضى تعود فى الأساس إلى تراجع الإيرادات بشكل عام، وارتفاع صافى تكلفة التمويل %89 ونمو خسائر فروق العملة بنسبة %142 مع اضمحلال لأصول طويلة الآجل.
وأوصت «فاروس» بخفض الأوزان النسبية على السهم مع تحديد قيمة عادلة قدرها 0.45 جنيه، موضحة أن النتائج التشغيلية لعام 2019 جاءت ضعيفة لتسجل 1.169 مليار جنيه، بتراجع %11.9 سنويًا، بالمقارنة مع إيرادات 2018 المسجلة عند 1.32 مليار جنيه.
وأوضحت فى ورقة بحثية أن نشاط الكابلات (كابلات ومشغل كابلات الألياف الضوئية تحت سطح البحر) ساهم بالنسبة الأكبر من إجمالى الإيرادات خلال الفترة المذكورة (%63.9) على الرغم من تراجعها فى 2019 بنسبة %6.6 إلى 747.3 مليون جنيه.
ولفتت إلى أن قطاع الخدمات المالية جاء فى المركز الثانى على صعيد الإيرادات ليشكل %20.3 من الإجمالي، رغم تراجعه بنسبة %28.7 إلى 237.4 مليون جنيه فى 2019.
وأشارت إلى أن قطاع أتعاب الإدارة ساهم بنسبة %10.3 من إجمالى الإيرادات، لكنه تراجع بنسبة 6.1% ليسجل 120.2 مليون جنيه فى 2019، أما إيرادات الاستثمار العقارى (فيكتور إنفستمنت هولدينج فى مدينة ساو باولو البرازيلية) فقد ساهمت بالنسبة الأقل من إجمالى الإيرادات %5.2 وتراجعت %6.4 إلى 61.3 مليون جنيه.
وأوضحت أن مجمل الأرباح انخفض بنسبة %26.8 إلى 722.5 مليون جنيه فى 2019، مقابل 987.4 مليون جنيه، وذلك نتيجة تراجع مصادر الإيرادات، ولا تزال الشركة متضررة من عدم تحويل أرباح «كوريولينك» التابعة لها، ولم تتوصل إداراتها لأى اتفاق رسمى مع حكومة كوريا الشمالية.
ولفتت إلى أن الدخل من صافى الاستثمارات وصل إلى 84.1 مليون جنيه فى 2019 (يتضمن حصتها البالغة %30 فى شركة ثروة كابيتال) بينما لم يكن لأوراسكوم أى مصدر للدخل من استثمارات أخرى فى 2018.
وأشارت إلى أن بلتون التابعة لأوراسكوم أعلنت أنها تتوقع إتمام بيع حصتها فى شركة «أورباخ جرايسون» الأمريكية خلال الثلاثة أشهر القادمة، وذلك بعد الحصول على الموافقات الرقابية اللازمة، ما لم تعيق جائحة كورونا الحالية إنهاء الإجراءات.
ورجحت «فاروس» زوال بعض الضغوط بعد الانتهاء صفقة أورباخ جرايسون، ما سيدعم مستويات ربحية بلتون، ويعود بالإيجاب على نتائج الشركة القابضة.
وعلى صعيد أعمال أوراسكوم فى لبنان، قالت «فاروس» إن الحكومة اللبنانية لن تجدد عقدها معها لإدارة شركة «ألفا» الحكومية للمحمول، وذلك ضمن اتجاه الحكومة اللبنانية لاستعادة إدارة شركتين من شركات تشغيل الهاتف المحمول المملوكة للحكومة (شركة ألفا وتديرها أوراسكوم، وشركة تاتش وتديرها مجموعة زين الكويتية).
وأوضحت «فاروس» أن أوراسكوم أدارت شركة «ألفا» منذ عام 2009، وجددت الحكومة اللبنانية عقد الإدارة عدة مرات، وتبلغ رسوم إدارة الشركة 120.2 مليون جنيه، وشكلت %10.3 من إجمالى الإيرادات المسجلة فى 2019.
وترى «فاروس» أن الضغط الحالى على أداء أوراسكوم يرجع لغياب التوجه الاستراتيجى الواضح والمحدد، واحتياجها إلى تنفيذ استثمارات معززة للقيمة بخلاف محفظة الاستثمار الحالية.
وأشارت إلى أن أوراسكوم سبق وأعلنت عن نيتها الاستثمار فى القطاع العقارى والصناعات الزراعية والترفيه واللوجستيات، لكنها لم تتخذ أى خطوات ملموسة على أرض الواقع لتحقيق هذه الأهداف.
وأكدت «فاروس» أنه عند اتخاذ قرار حاسم فى مسألة ترحيل أرباح شركة كوريولينك، أو استمرار توزيع أرباح مالية مقومة باليورو، فمن الممكن إضافة 0.43 جنيه إلى قيمة السهم، ولكن لا توجد محفزات إيجابية تدعم أداء السهم فى الوقت الحالى.
مباشر: زيادة المصروفات وتكلفة التمويل وفروق العملة أدت لخسائر 2019
وأرجعت وحدة أبحاث شركة «مباشر» لتداول الأوراق المالية، تحول أوراسكوم للخسارة خلال 2019 إلى 5 عوامل أساسية، فى مقدمتها انخفاض مجمل الأرباح بنسبة %27 ليصل إلى 722.5 مليون جنيه، مقارنة مع 987.4 مليون جنيه فى 2018.
وأكدت «مباشر» أن انخفاض مجمل الربح يعود فى الأساس إلى تراجع الإيرادات التشغيلية بواقع %12 وكذلك انخفاض الإيرادات الأخرى بنسبة %94.
وقالت إن تكلفة الإيرادات انخفضت أيضًا بنسبة %18 لتصل إلى 458.7 مليون جنيه فى 2019، بالمقارنة مع 561.2 مليون جنيه فى 2018، كما هبط هامش مجمل الربح من %74 فى 2018 إلى %62 خلال العام الماضي.
ويتمثل العامل الثانى لخسائر أوراسكوم للاستثمار بحسب «مباشر»، فى زيادة مصروفات العاملين بنسبة %3 ببلوغها 412.7 مليون جنيه فى 2019، بالمقارنة مع 400.7 مليون جنيه فى 2018.
وقالت «مباشر» إن العامل الثالث يشمل تحقيق زيادة فى خسائر الاضمحلال بنسبة %661 لتبلغ 137.1 مليون جنيه فى 2019، بالمقارنة مع 18 مليون جنيه فى 2018.
ويقصد بالاضمحلال تجاوز القيمة الدفترية للأصل لقيمته الاستردادية، وفى هذه الحالة يسمى الفرق بينهما خسارة الاضمحلال، وهناك مؤشرات تدل على وجود الاضمحلال تتمثل فى حدوث تغييرات ملموسة ذات تأثير سلبى على المنشأة خلال الفترة، أو يتوقع حدوثها فى المستقبل، ويجب الاعتراف بخسارة الاضمحلال فى الأرباح أو الخسائر فى الحال.
وأوضحت «مباشر» أن العامل الرابع فى تحول أوراسكوم للخسارة هو زيادة صافى تكلفة التمويل بواقع %89 لتبلغ 199.7 مليون جنيه فى 2019، بالمقارنة مع 105.7 مليون جنيه خلال العام السابق.
وأشارت الورقة البحثية إلى أن العامل الخامس والأخير يتمثل فى زيادة خسائر فرق العملة بنسبة %142 لتبلغ 78.1 مليون جنيه فى 2019، بالمقارنة مع 32.3 مليون جنيه فى 2018.
وقالت «مباشر» إن الخسائر فى العمليات التشغيلية جاءت رغم ارتفاع حصة أرباح الشركة من الاستثمارات فى الشركات الشقيقة بنسبة %1 والتى بلغت 286.1 مليون جنيه، مقابل 282.7 مليون جنيه فى 2018.
محللون: مصير «كوريولينك» لا يزال غامضاً.. وحصة «ثروة» تدعم الدخل
وتوقع محلل مالى بأحد بنوك الاستثمار بالسوق المحلية، أن تواصل الاستثمارات بباكستان، والإيرادات الناتجة من بلتون التابعة، فى دعم مستويات الإيرادات، بينما تظل كابلات باكستان وثروة كابيتال داعمتان للربحية.
وقال المحلل إن إيردات باكستان وبلتون لا يكفيان لتعويض ضعف ارتفاع سعر صرف الجنيه، ونمو المصروفات على مستوى الشركة القابضة، لكن يظل الأمل معقود على تحويل أرباح شركة «كوريولينك» التى ما زال مصيرها غامضاً بسبب عوامل سياسية.
وتملك أوراسكوم استثمارات تعمل بشكل أساسى فى مصر وباكستان ولبنان وكوريا الشمالية، وغيرها من دول شمال أفريقيا والشرق الأوسط، فى أنشطة مختلفة، وتمتلك أذرعاً فى الاتصالات تتضمن عمليات اتصالات المحمول فى كوريا الشمالية ولبنان.
وتختص شركات الكوابل البحرية بإدارة شبكات الكابلات، كما يتضمن قطاع الخدمات المالية امتلاك حصة حاكمة فى شركة بلتون المالية، وغير حاكمة فى شركة ثروة كابيتال، وتسعى أوراسكوم لتكوين كيان مصرى مالى كبير تمتد أعمالة إقليميا ودولياً، بحسب قوائم الشركة.
وتعد بلتون ذراع أوراسكوم فى قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، وتجرى فى الوقت الحالى مفاوضات لبيع شركة أرباخ جرايسون الأمريكية التابعة لها فى أمريكا، بعد شرائها قبل سنوات، علماً بأن «بلتون» سجلت صافى خسارة بقيمة 91.5 مليون جنيه خلال 2019، مقابل 82.41 مليون جنيه خسائر فى 2018.