طغت على جلسات – مؤتمر صناعة النقل العربى بين النظرية والتطبيق – 3 ملفات شائكة وهى : مشاكل وتحديات بناء السفن البحرية، والمشروعات الجديدة لاسيما قطاع الهيدروجين الأخضر وأساليب التحول للاعتماد على الطاقة النظيفة، واخيرا منظومة التشريعات التى تلعب دورا كبيرا فى الملفين السابقين، وتحد من التكامل والربط بين موانئ الدول العربية بعضها البعض.
وشارك فى المؤتمر اللاعبون الكبار فى السوق الملاحي، ورؤساء هيئات الموانئ وعدد من الخبراء والوزراء السابقين، تتخلله عدد من ورش العمل حيث عقدت ورشة بعنوان «الأسطول البحرى المصرى والعربي» تلاها أخرى متخصصة فى الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر، وورشة ثالثة تناولت التمويل فى صناعة النقل.
يأتى انعقاد المؤتمر الذى حصلت «المال» الرعاية الإعلامية لجلساته، خلال وقت تشهد فى أنشطة المجال البحري، تطورا كبيرا واهتماما من قبل الدولة، ودخول رؤوس أموال ضخمة لتطوير المحطات البحرية، وتدشين العديد من المشروعات الجديدة.
فى البداية، أكد ايلى زخور رئيس الاتحاد العام للغرف الملاحة، أن صناعة النقل البحرى العربي، تواجه تحديات كبيرة رغم تميزها بالموقع الجغرافى وسيطرتها على أهم المضايق والبحار الرئيسية عالميا، ومنابع النفط والغاز.
وأوضح أن أغلبية السفن العربية قديمة وغير مجهزة، ومساهمتها لا تتجاوز %5 فقط من حجم التجارة العالمية، منتقدا بعض الموانئ العربية غير المؤهلة لاستقبال السفن العملاقة، وفقدانها تقديم الخدمات من شحن وتفريغ.
من جانبه، طالب إسماعيل عبدالغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، الاعتماد على التكنولوجيا فى الفترة المقلبة للقدرة على مواجهة التحديات التى تعانى منها جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية.
على التوازي، أكد الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، على أنه سيتم الإعلان خلال مؤتمر المناخ الذى سيقام فى نوفمبر القادم عن تفاصيل تحول المجرى الملاحى المصرى إلى ممر مائى مطابق للمعايير الدولية للحد من انبعاثات اكسيد الكربون، فضلا عن الاعلان لحزمة من الحوافز، سيتم منحها للسفن صديقة البيئة.
وأشار إلى أن قناة السويس تعمل على دعم تدفق حركة السفن وسلاسل الإمداد، وذلك ظهر بوضوح فى مشروع القناة الجديدة التى ساهمت فى دعم التجارة العالمية، وتقليص زمن العبور وتحقيق أعلى معدلات الأمان لكافة أنواع الحاملات المائية.
من جانبه أشار محمد متولى سليمان رئيس شركه الملاحه الوطنيه، أن حجم منقول البضائع عبر أسطول السفن المحلية، منخفض للغاية فى ظل تحديات كبيرة توجه ذلك النشاط محليا وعربيا.
وذكر أنه وفقا لأحدث الاحصائيات الصادرة عن المؤسسات المعتمدة، فإن التقسيم النوعى للأسطول العربى ينحصر فى نقل %7 من حجم الصب الجاف المستهلك لتلك الدول، و%11 للصب السائل، و2 لقطاع الحاويات، و%2 لناقلات الغاز التجارة العالمية.
وأوضح «سلمان» أن أهم المعوقات التى تواجه الأسطول الوطنى تتمثل فى انخفاض استثمارات معظم الدول العربية فى مجال النقل البحري، وتقادم حالات السفن، وصعوبة الحصول على تمويل لبناء وشراء ناقلات جديدة.
وذكر أنه من بين التحديات ايضا، عدم مرونة التشريعات الحاكمة لقواعد تسجيل السفن ورفع العلم، وافتقاد القطاع لبعض الحوافز الضريبية المتعلقة بتملك وتشغيل السفن، علاوة على عدم مواكبة التقنيات التى تستخدمها الترسانات المتخصصة فى البناء والإصلاح للتوجه العالمي.
وتابع: الافتقاد لإحصاءات عن أحجام التجارة الخارجية الدقيقة بالأطنان أحد الصعوبات أمام الكيانات الراغبة فى الاستثمار بهذا النشاط، ومن ثم صعوبة تحديد أحجام الناقلات المطلوبة.
واقترح رئيس شركه الملاحه الوطنيه، تغير تغير قطاع قطاع البنوك لنظرة مجال الاستثمار فى تملك وتشغيل السفن، وإتاحة مصادر تمويل غير تقليدية، إلى جانب الدخول الترسانات المصرية فى شركات مع نظيرتها العالمية، للاستفادة منها فى اكتساب خبرات وتوطين صناعة جديدة.
من جانبه أكد أحمد العقاد رئيس شركة ماهونى للملاحة، أن الأسطول الوطنى سجل وفقا لآخر إحصائيات 36 سفينة فقط منها 13 سفينة جواله و23 سفينة ركاب و”رورو”، وسفينتين حاويات، والباقى يعمل فى نشاط البضائع العامة.
وأضاف أن هذا الانخفاض يرجع إلى عدة اسباب، فى صدارتها تقادم التشريعات المنظمة لذلك النشاط والتى لم تتغير منذ 32 سنة، بالإضافة صعوبة الحصول على التمويل من القطاع المصرفي.
وذكر «العقاد» أن عدد من التجارب على رأسها اليونان، ارتفعت بها أعداد السفن لتسجل 3000 ناقلة نتيجة التسهيلات الممنوحة للمستثمرين فى هذا النشاط.
بدوره أشار اللواء محمد طلعت رئيس شركة القاهرة للعبارات، إلى أن الاستثمار فى بناء وانشاء الحاملات المائية، يعد معقد نظرا لتقلبات السوق العالمية وفترات استيراد رأس المال الطويلة، فضلا عن فقدان الثقة بسبب التغيرات التكنولوجية واللوائح الجديدة التى تجعل توقيت الاستثمار فى السفن أمرا بالغ الصعوبة، مع ارتفاع نسبة المخاطرة.
وأضاف خلال كلمته بالمؤتمر، إلى أن التشريعات الحاكمة فى مصر فى حاجة إلى مرونة أكبر سواء فى دخول المستثمرين للقطاع أو التخارج.
وأشار رئيس شركة القاهرة للعبارات، أنه خلال الفترة المقبلة سيتم الاعتماد بشكل أكبر على الحاملات العاملة بالغاز الطبيعي، والأمونيا والهيدروجين الاخضر، ومن ثم فإنه يجب أن تكون البنية التحتية للتزويد بالوقود فى الموانيء مدعومة بشبكات مكثفة من خطوط الأنابيب الناقلة لهذه النوعية من الوقود.
وأوضح «طلعت» أنه خلال العشر سنوات الماضية، شهدت معدلات نقل الركاب بالبحر الأحمر تراجعا مستمرا عاما تلو الآخر، حيث كان خلال 2012 يصل حجم الركاب على الخط الملاحى «الغردقة – ضبا» مايقرب من 600 ألف،وانخفض عام 2020 ليسجل 42 ألف راكب فقط، متوقعا أن يعاود الارتفاع العام الجارى ليسجل 92.6 ألف راكب.
وذكر أن هناك عدد من التحديات كانت سببا فى تراجع معدلات نقل الركاب عن طريق البحر، ومنها عمليات إحلال المواطنين السعوديين مكان العمالة الوافدة فى وظائف القطاع الخاص، وفرض رسوم على إقامة أسر المغتربين، بالاضافة إلى بطء سفر ووصول الركاب للموانئ المصرية، إلى جانب سيطرة الوكلاء السياحيين على عملية بيع التذاكر، وصعوبة حصول شركات الملاحة البحرية على رخصة سياحية.
وطالب «طلعت» بمراجعة وتوحيد المدفوعات المالية لعناصر المجتمع المينائي، وتشمل جميع العمليات والخدمات المقدم للركاب وإيضاح إجمالى تكاليف السفر، حتى يتمكن من تحديد موقفه واختيار الوسيلة المناسبة.
كما طالب بضرورة السير فى إجراءات تصديق الدولة العربية السماح بدخول السيارات الحاصلة على رخص مصرية، على غرار مبدأ المعاملة بالمثل.
كما طالب باستخدام النقل البحرى الساحلى كوسيلة بديلة أو مكملة لشبكة الطرق السريعة، للربط بين الدول العربية وتفعيل المنظومة الآلية والإدارة الالكترونية الذكية لكافة الأعمال بالموانئ، بما يضمن توثيق قاعدة بيانات دقيقة تضم التقارير البحرية، والفنية والإدارية والمالية لضمان جودة العمل وتحسين الأداء بشكل مستمر فيما بعد.
ومن ناحيته كشف اللواء بحرى رضا إسماعيل رئيس قطاع النقل البحري، أنه يتم حاليا تعديل التشريعات الخاصة بنشاط تملك وتشغيل السفن، بالتعاون مع هيئة السلامة البحرية، متوقعا صدورها خلال الفتره القليله المقبله.
وأوضح «اسماعيل» أنه يتم مراجعة الأوضاع الخاصة بـ الترسانات البحرية المصرية، وتم البدء بالفعل فى تقييم «السويس» بالتعاون مع هيئة قناة السويس، ليتم تطويرها مع مستثمر استراتيجي، وخلق ظهير ضخم لها بمنطقة ميناء بور توفيق تزامنا مع تطوير الميناء.
من جهته أشار اللواء محمد السماحى نائب رئيس هيئة السلامة البحرية، أن الهيئة تعد السلطة المصرية فى نشاط السفن وتقوم بأعمال تسجيل كافة بيانات الناقلات التى ترفع علم الدولة، فضلا عن أنها تقوم بإجراء المعاينات والتفتيشات، وإصدار الشهادات القانونية، وشروط العمل والتدريب الخاصة بها.
وأضاف «السماحي» إلى أنه تم الانتهاء من تعديل البنية التشريعية والقانونية المتعلقة بكافة إجراءات تسجيل السفن تحت العلم المصري، وتطبيق منظومة الشباك الواحد للقطاع أسوة بما هو مطبق مع سياحة اليخوت.
وفى السياق نفسه كشف الدكتور عطوة حسن مستشار رئيس الهيئة، أنه يتم بالتنسيق مع هيئة البترول، تأسيس محطتين لتموين السفن شمال وجنوب القناة بحلول عام 2025.
على صعيد متصل، اقترح الدكتور شريف هدارة وزير البترول الأسبق، إنشاء شركة عربية لتموين السفن الخضراء، مشيرا إلى أن الدول الكبرى مثل «سنغافورة» و«هولندا» أقاموا ممر ملاحى أخضر، وذلك ليس صعبا على الدولة المصرية تنفذه.
أضاف خلال الجلسة النقاشية التى عقدت بعنوان – الطاقة النظيفة والاقتصاد الأخضر – على هامش مؤتمر منظومة النقل بين النظرية والتطبيق، أن الإنتقال إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر يتطلب أن يكون هناك تدريج بجانب تعدد أنواع الطاقة، وعدم الاعتماد على مصدر واحد.
وأوضح أن مزيج الطاقة المستخدم فى العالم متوازن، حيث أن استهلاك الدول ينقسم إلى %35 ما بين البترول والفحم لكل منهما، و%10 للطاقة النووية لمواجهة أى أزمات محتملة.
وأوضح أن دول العالم اصحبت تنوع مصادر الطاقة تجنبا للأزمات العالمية، لافتا إلى أن ذلك حدث فى الوقت الحالى بسبب الغاز الروسي.
أشار «هدارة» إلى أن إنشاء شركة عربية أسوة بنموذج السوميد، والتى تستهدف التكامل بين الدول العربية وليس التنافس واستغلال المزايا التى تتمتع بها الدول العربية من طاقة شمسية، وطرق ملاحية عديدة بين آسيا وأوروبا.
من جانبه قال الدكتور أسامة كمال وزير النقل الأسبق، أن النقل البحرى يستهلك %10 من إجمالى الطاقة المنتجة فى العالم، فى نفس الوقت ينقل نحو %90 من بضائع الدول، ومن يصنف على أنه أكفأ وسيلة نقل للتجارة.
إلى ذلك قال اللواء محمد برايا نائب رئيس الهيئة الاقتصادية لقناة السويس، إن الهيئة نجحت فى توقيع عدد من مذكرات التعاون مع كيانات دولية متعددة، وهذه الاتفاقيات سيتم بلورتها فى عقود تنفيذ سيتم إبرامها فى مؤتمر المناخ الذى سيقام فى نوفمبر المقبل.
وذكر أن التكامل ما بين المناطق الصناعية والموانئ التابعة أعطى المنطقة الاقتصادية ميزة تنافسية جعلتها واحدة من أهم الوجهات العالمية ومركزاً إقليمياً لصناعات الوقود الأخضر، فضلاً عن الموقع الجغرافى المميز، والبنية التحتية وشبكة المرافق التى تتمتع بها منطقتى السخنة وشرق بورسعيد الصناعية.
وقال الدكتور محمد الصاوى خبير الطاقة،أن خلايا الهيدروجين الأخضر أصبحت المحور الأساسى للتطور التكنولوجي، مشيرا إلى أن شركة توشيبا العالمية أكملت تنفيذ مشروع فى المجال عن طريق تحليل المياه باستخدام الكهرباء المولدة من الشمس والرياح، موضحا أن بدائل الوقود الحالية تتراوح بين الغاز والأمونيا والميثانول والوقود العضوى والهيدروجين.
وقال «الصاوي» إنه فى حالة استغلال الحكومة المصرية مزايا الطاقة المتجددة من شمس ورياح، ستحقق طفرة كبيرة فى إنتاج الهيدروجين.
ومن ناحيته قال الدكتور عطوة حسن مستشار رئيس هيئة قناة السويس، أن الهيئة تعمل وفق المواثيق الدولية والاتفاقيات المرتبطة بالطاقة، مشيرا إلى أن «المجرى الملاحي» يستعد لإطلاق محطتين تموين سفن بشمال وجنوب القناة بحلول عام 2025 بالتنسيق مع هيئة العامة للبترول،مطالبا بضرورة إنشاء مجلس استشارى يضم خبراء البترول للوقوف على تحديات التوسع فى الطاقة الجديدة والمتجددة.
فى سياق متصل، ناقشت جلسة صناعة النقل العربى المصرى والموانئ البحرية، المشاكل والتحديات التى تواجهها المحطات البحرية بالدول العربية، وجاء فى صدارتها صعوبة منافسة شركات الأسواق المحلية نظيرتها العالمية، لاسيما وأن – الأخيرة – تحصل على مزايا فى كافة عقودها ومن تتمكن من تقديم خدمات بأسعار أقل وجودة أعلى من – الأولى -، بحسب حديث اللواء إبراهيم لواء بحرى إبراهيم يوسف مستشار وزير النقل الأسبق ورئيس هيئة ميناءى دمياط والإسكندرية، ورئيس الجلسة.
أوضح أن طبيعة الاجراءات الجمركية فى المنافذ البحرية العربية معقدة بشكل كبير، فضلا عن أن هناك قوانين لبعض الدول خاصة المتعلقة بأنشطة النقل البحرى لم تتغير منذ 30 عاما، إلى جانب ارتفاع قييم الرسوم والضرائب التى يتم تحصيلها من الشركات المحلية لكل دولة، وعدم وجود بنك معلومات دقيق لكميات المتداول من بضائع بين موانئ الدول العربية.
وذكر أنه لابد من تفعيل منظومة النقل متعدد الوسائط حال الرغبة فى زيادة التبادل التجارى بين الدول العربية، إلى جانب عن تفعيل منظومة النقل عبر السكك الحديدية باعتبارها من الوسائل منخفضة التكلفة.