رجّح تقرير لوكالة بلومبرج اتجاه مصر لتخفيض أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال الأشهر الستة الماضية، مشددًا على أن مصر لم تعد تخشى هروب الاستثمارات الأجنبية بدعمٍ من تراجع معدلات التضخم والاستقرار الحالي في العملة.
ومن المتوقع، حسب التقرير، قيام لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المصري بخفض السعر الاسترشادي لإيداعات الليلة الواحدة غدًا الخميس بنحو 100 نقطة إلى 14.75% استنادًا إلى آراء 12 محللًا سألتهم الوكالة. ويرى اثنان آخران أن البنك سيثبّت أسعار الاقتراض.
أدنى تراجع للتضخم
وبفضل تراجع معدلات التضخم لتصل إلى أدنى مستوياتها خلال السنوات الأربع الماضية، ستظل مصر قادرة على اجتذاب مستثمري الدخل الثابت وتمكينهم من تحقيق أكبر المكاسب في الأسواق الناشئة، بينما تتسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين في تقليص مكاسبهم عالميًّا.
وتقول رضوى السويفي، رئيس البحوث لدى شركة فاروس القابضة: “جميع المؤشرات الاقتصادية ترجّح خفض الفائدة. ورغم هذا لن يكون قرار البنك المركزي بمواصلة مفاجئًا لنا.”
تيسير السياسة النقدية خيار متاح لمصر
يتمتع الجنيه المصري باستقرار يتزامن مع انتعاش أسعار الفائدة، مما يجعل مصر جاذبة لمستثمري السندات الباحثين عن عوائد أكبر.
ويرى حسن أبو باشا، محلل الاقتصاد الكلي لدى المجموعة المالية هيرمس، أن مصر تملك حرية تيسير سياستها النقدية؛ لأن تكاليف الاقتراض المقدّرة بعد حساب التضخم تعد الأعلى حاليًّا، مقارنة بغيرها من دول الأسواق الناشئة.
وتابع: “يوجد هامش لخفض أسعار الفائدة دون إلحاق أضرار بتنافسية المضاربات في الأصول الاستثمارية أو التأثير فيها”.
واستبعد أبو باشا، الذي كان مصيبًا في توقعاته بشأن الفائدة طيلة العامين الماضيين، أن يؤدي خفض الفائدة إلى مستوى 300 نقطة أساس خلال العام الحالي إلى تقليص جاذبية مصر في أعين المستثمرين، بالنظر إلى قصة الإصلاح الإيجابية وجهود تخفيض التضخم.
خفض الفائدة يصب في صالح القطاع الخاص
وترى بلومبرج أن خفض الفائدة سيصبّ في صالح شركات القطاع الخاص التي عانت طيلة السنوات القليلة الماضية صعود تكاليف الاقتراض.
ويجيء هذا بينما تشير أحدث الإحصائيات إلى ارتفاع معدلات الفقر في البلاد مرتين، مقارنة بمطلع القرن الحالي، لتشكل نسبة الثلث من عدد السكان المقدَّر بنحو 100 مليون نسمة.
إشارات إيجابية من بيانات التضخم
اتخذ البنك المركزي قرارًا بتثبيت الفائدة في يوليو الماضي تحسبًا لصعود معدلات التضخم في أعقاب قرارات صدرت مؤخرًا برفع أسعار الوقود والكهرباء. وقدمت بيانات التضخم التي صدرت الشهر الحالي إشارات إيجابية، حيث كشفت تباطؤ المعدل السنوي للتضخم ليصل إلى 8.7% في يوليو نزولًا من 9.4% في يونيو.
وقالت السويفي إن خفض أسعار الفاكهة والخضراوات في مصر يشير إلى أن التضخم المسجَّل في أغسطس يتجه كذلك للتراجع إلى ما دون 10% خلال الفترة المتبقية من العام الحالي عندما ينحسر تأثير ارتفاع الأسعار خلال العام الماضي.
وأشارت السويفي إلى أن قرار بنك الاحتياط الفيدرالي، الذي صدر في يوليو الماضي، بخفض أسعار الفائدة للمرة الأولى خلال عقد كامل، يدعم كذلك خفض الفائدة في مصر.
وقال أبو باشا: “ترجح جميع المؤشرات خفض الفائدة بنحو 100 نقطة أساس خلال الأسبوع الحالي، حتى في ظل التقلبات العالمية الحالية”.