تعتزم حكومة بكين إصدار أول عملة سيادية رقمية فى العالم خلال العام المقبل، لغزو ابتكارات التكنولوجيا المالية الجديدة واستخدامها على نطاق واسع فى النظام البنكى، مع التركيز على إنفاق المستهلك وتقليص تكلفة تداول العملات الورقية التقليدية، وتعزيز رقابة صانعى السياسات على المعروض النقدى.
وأعلنت بكين “البنك المركزى الصينى” (PBOC) أنه سيطلق أول عملة مشفرة خاصة بالتعامل داخل البلاد باسم «اليوان الإلكترونى»، لمواجهة العملات الديجيتال المنتشرة حاليًا، مثل البيتكوين، والليبرا المرتقب إصدارها العام القادم من «فيسبوك».
وذكرت وكالة رويترز أن هناك تقريرًا لبنك التسويات الدولية (BIS) صدر هذا الأسبوع، جاء فيه أن %70 من كبرى المصارف المركزية على مستوى العالم قامت هذا العام بدراسة إصدار نسخ مشفرة لعملاتها السيادية، بعد أن أكد باحثو «التسويات الدولية» أن استخدام العملات الديجيتال فى التعاملات الضخمة بين الشركات فى الأسواق المالية سيجعل التسويات بين البنوك والصفقات الأخرى أكثر كفاءة وأمانًا.
وقال مو شانجشون، رئيس معهد بحوث العملات الديجيتال التابع لبنك (PBOC) إن اليوان الإلكترونى المرتقب إصداره ستقوم بتوزيعه البنوك التجارية وشركات التجارة والمدفوعات الإلكترونية العملاقة، مثل «على بابا» و«تينسينت» و«أنت فاينانشيال»، علاوة على أن مستخدمى تطبيق المحافظ المالية على الموبايلات لن يلاحظوا الفرق بين العملة الورقية والأخرى الديجيتال لأنهم يتعاملون بها «أون لاين» فقط.
ويرى مو شانجشون أن تكنولوجيا الدفع الإلكترونى – التى يتم فيها أساسًا المشاركة فى قواعد البيانات من خلال شبكات الكمبيوتر- ستمنح السلطات الرقابية قدرات غير مسبوقة لتتبع ومراقبة التدفقات النقدية للإنفاق الاستهلاكى أون لاين، وستُمثل أيضًا أداة قوية وفعالة ضد التهرب الضريبى وغسيل الأموال والتزوير.
لكن بعض المحللين يحذرون من أن اليوان الديجيتال سيزيد من الأبواب الخلفية التى يعمل من ورائها النظام المالى الصينى، وسيساعد حكومة بكين على تعزيز تدابيرها التى تنفذها للتخلص من ديونها المعدومة، التى تقدر فى التقارير الرسمية بحوالى 2.4 تريليون يوان (341 مليار دولار).
ورغم أن هناك بعض المخاطر من استخدام اليوان الإلكترونى، لكن دعم الرئيس الصينى شى جينبينج للتعامل بالعملات الديجيتال سيجعل بنك الصين المركزى نجم التكنولوجيا المالية، بعد إصدار هذه العملة العام المقبل.
يذكر أن البنك المركزى الصينى شكل فريقًا بحثيًّا فى عام 2014 لاستكشاف إمكانية إطلاق عملة رقمية للبلاد لخفض تكلفة تداول الورقية التقليدية، وتعزيز رقابة صانعى السياسات على المعروض النقدى، ولكنه لم يكشف تفاصيلها، وذلك بعد تصنيف الولايات المتحدة لحكومة بكين بأنها تتلاعب بالعملة لسماحها بتراجع سعر صرفها بشكل حاد أمام الدولار.
وتتهم واشنطن بكين بمحاولة الحصول على ميزة تنافسية بصورة غير عادلة، لأن ضعف اليوان يجعل الصادرات الصينية أقل سعرًا، ما يعزز اقتصادها المتباطئ فى وقت لا يزال فيه أكبر اقتصاديين فى العالم يحاولان إنهاء الحرب التجارية الدائرة بينهما منذ حوالى 17 شهرًا.
من ناحية أخرى، تملك الصين أيضًا -بجانب اليوان- عملة رسمية تقليدية أخرى باسم «الرينمينبى»، ويتم التعامل بها محليًا، كما أنها مقبولة ببعض الدول مثل ميانمار ومنغوليا، لكنها محظورة تجاريًا فى هونج كونج وإقليم ماكاو، وكانت كوريا الشمالية تتعامل فيها لكنها حظرتها منذ عام 2012.