في مثل ذلك اليوم، سنة 2004، وقعت هزة أرضية بمحافظة مازاندران الإيرانية، أدى إلى مقتل 45 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين، في زلزال بلغت قوته 6.2 درجات على مقياس ريختر، وأسفر عن تدمير 80 قرية.
وعادة ما تنهار المنشآت كآثار مباشرة للزلازل، بينما تؤدي الاهتزازات الأرضية إلى انهيار المباني كذلك، لا سيما تلك التي لم تُصمم وفقًا لمعايير هندسية مقاومة، إضافة إلى كونها بمناطق جبلية أو ذات تربة رخوة، وقد تحدث أيضًا انهيارات صخرية من المنحدرات والجبال، وغير ذلك ذلك من الخسائر.
فهل للتأمين دور في الحد من مخاطر الكوارث الطبيعية؟
بناءً على سجلات الاتحاد المصري للتأمين، فإن “وثائق تأمين الممتلكات” تغطي الزلازل ضمن ملحق تغطية الأخطار الطبيعية. وعادة ما تُعتبر جميع الزلازل التي تقع خلال فترة 72 ساعة حادثًا واحدًا من وجهة نظر الاحتفاظ وإعادة التأمين. من ناحية أخرى، فإن “وثائق التأمين الهندسي” تغطي الزلازل ضمن مجموعة من الأخطار الطبيعية بموجب ملاحق تضاف للوثائق الأصلية.
التأمين.. تخفيف للمخاطر
أوضح الاتحاد المصري للتأمين في إحدى دورياته المنشورة، أن شروط مجمع تأمين البضائع (أ) و (ب) تغطي الزلازل ضمن تغطية البراكين أو الهزات الأرضية أو الصواعق، كما أنها مغطاة بموجب شروط مجمعة تأمين اليخوت وشروط مجمعة تأمين السفن.
وأوضحت دورية الاتحاد أيضًا أن نماذج الزلازل توفر معلومات حول المخاطر المهمة التي يمكن استخدامها لإدارة الطوارئ وعمليات الإغاثة والإنقاذ في حالات الكوارث، للمساعدة في تخفيف المخاطر وقرارات نقل المخاطر، حيث احتمالية تجاوز الاهتزازات الأرضية لمقدار معين في فترة زمنية محددة، ويمكن إنتاجها على المستويات المحلية والوطنية والإقليمية، مثل خريطة مخاطر الزلازل التي تغطي أوروبا، ويمكن التمييز بينها من حيث احتمالية الحدوث والفاصل الزمني لعودتها مرة أخرى.
وبيّنت أن تلك الخرائط ذات استخدامات متعددة، ففي تركيا، مثلًا، تقسم الخريطة الوطنية لمخاطر الزلازل البلاد إلى 5 مناطق خطر وتستخدم كأساس لتحديد أقساط التأمين الإلزامي ضد الزلازل للوثائق التي تقدمها المجمعة التركية للتأمين ضد أخطار الكوارث الطبيعية.
كما ذكرت نشرة الاتحاد أيضًا أن نماذج الزلازل تحسب احتمالية الخسارة من خلال الجمع بين مؤشرات، مثل الكثافة وإمكانية انحلال التربة، مع اعتبار الجغرافيا وقابلية تعرض الأصول للخطر، بينما يمكن تصميم نماذج الكارثة لتوفير تقديرات احتمالية أو حتمية التعرض، ويمكن للنماذج الاحتمالية تقدير مدى الكوارث المحتملة والخسائر المقابلة لها، وتأخذ النماذج الحتمية النمذجة القائمة على السيناريو في الاعتبار حدثًا واحدًا وتقدر الخسائر المحتملة لحدوثه.
تأمين “الكوارث”.. لا بد من تطور مستمر
وقالت منال قراح بدراستها “دراسة مقارنة بين عقد تأمين الحريق وعقد تأمين الكوارث الطبيعية”، إن نشاط التأمين نشأ قديمًا مع تطور الإنسان، ويعد وسيلة للحماية من الأخطار، بتأثيرات إيجابية في الكثير من المجالات الاقتصادية، ويساهم في تمويل الاستثمارات.
وأكدت أن قطاع التأمين لا بد أن يبقى في تطور مستمر، خاصة بالسوق العالمية، التي تسودها المنافسة بين الشركات الكبرى، ما يشير إلى واقع تطبيق تغطيات الحريق والكوارث الطبيعية ذات الأهمية في السوق.
ولاطلاع على الدراسة كاملة من هنا:
على الدول أخذ بكل ما جديد
وقال عبودي تيتي بدراسته “تأمين الكوارث الطبيعية في الجزائر واقع وأفاق -دراسة ميدانية بالشركة الجزائرية للتأمين وإعادة التأمين-“، إن التطور الذي تشهده الدول مع ازدهار العمران وتشييد الأبراج السكنية والمصانع العملاقة، يمثل خوفًا من الآثار الجسيمة التي تتركها الكوارث الطبيعية حال وقوعها، من تدمير للمنشآت وخسائر الأرواح البشرية.
وبيّنت الدراسة أن تطور الإنسان إنما يعني محاولة منه للتخفيف من آثار الكوارث، ومن ثم بدأت الدول بالأخذ بكل ما جديد في مجال الحماية، بالقيام بتحديد مختلف الأخطار التي تواجهها، ثم تحليلها وقياس احتمال حدوثها، وإعداد خطط لمواجهة تلك الأخطار، ومنها “الكوارث الطبيعية”، بتسخير كافة الإمكانيات البشرية والمادية وفق خطط إستراتيجية مدروسة، حماية للأرواح البشرية من جهة، واقتصادها وصناعتها من ناحية أخرى.
وأوضحت أن التأمين من بين السياسات التي أخذت بها كبريات الدول، للتخفيف من آثار الكوارث والتقليل من حدتها، كتقنية هامة وأداة فعالة لإدارة الخطر بصفة عامة، فيحوّل للشركات، بعدما كانت الدول مسئولة عن تعويض الخسائر من أموال خزينتها العمومية.
وأكدت أن التأمين يضمن إبرام الشركات المتخصصة مختلف العقود ضد الكوارث الطبيعية مع العملاء، لتغطية كافة الأخطار التي يواجهونها، مقابل أقساط، ويعوّضون حال تحقق الخسائر.
وكشفت أن أقساط التأمين المتراكمة لدى الشركات تشكل مصدرًا هامًا لتكوين رؤوس أموال لا يستهان بها، لتبرز بذلك أهمية التغطيات بمختلف اقتصادات دول العالم، لمساهمتها في الناتج الداخلي عبر استغلالها في أوجه استثمار تحقق الازدهار، إضافة إلى حماية وسائل الإنتاج.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة:
الدول النامية لا تغطي سوى 3% الخسائر
وجاء بدراسة “اقتصاديات التأمين ضد الكوارث الطبيعية: أعباء إضافية تنأى بها شركات التأمين العربية” لعبد الرحيم الفارس وعيد أحمد أبو بكر، إن معظم دول العالم تتعرض لأنواع مختلفة من الكوارث الطبيعة، مثل الزالزل والسيول والأعاصير والبراكين، وربما تكررت على فترات غير منتظمة، بشدة تدميرية كبيرة.
وأشار إلى ضخامة حجم الخسائر على مستوى العالم وضعف الوعي العام لدى المواطنين في إعداد مسبق لمواجهة الكوارث الطبيعية، فقد بلغت خسائرها حوالي 194 مليار دولار في 2010، مثلًا، وتدل إحصائيات الـ40 سنة الماضية أن الدول العربية شهدت أعدادًا قليلة منها، مقارنة بمناطق تكبدت تكاليف باهظة ومعدل تكرارها لديهم مرتفع.
وكشفت أن معدل خسارة الدول النامية نتيجة الكوارث الطبيعية إنما يقدر بنحو 7.1% للفترة من 1977 حتى 2001، بينما لا يغطي التأمين بالدول النامية سوى نسبة 3% فقط من الخسائر الاقتصادية المتوقعة، في حين تصل تلك النسبة إلى 45% في المتقدم من البلدان.
ويمكن الاطلاع على الدراسة كاملة:
ختامًا، غدت إلزامية التأمين حقًا للدولة والمجتمع في الحفاظ على أركانه، وقد يضيع التعويض على العميل، عند عدم احترامه للتشريع والتنظيم المعمول بهما في مجال البناء وممارسة الأنشطة الصناعية والتجارية، ولذلك فإن تلك التغطيات تمتاز بخصوصيات مرتبطة بالخطر والقسط وتقدير الأضرار والتعويض.