منذ أيام، خرج رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنامين نيتنياهو، معلقًا على تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن على شاشة “CNN”، التي قال الأخير بها “إن بلاده ستتوقف عن دعم إسرائيل، إذا شنّت اجتياحًا واسع النطاق برفح جنوبي قطاع غزة”، بينما صرح نيتنياهو عن سعادته بـ”عيد الاستقلال الإسرائيلي” قائلًا في إشارة إلى كلام جو: “إذا كان علينا أن نقف وحدنا فسوف نفعل، كما كان منّا منذ 74 عامًا”.
ما ذكره نيتنياهو لم يكن إلا ذكرى النكبة التي حلّت بالسكان الأصليين للأرض المحتلة من جراء ما لحقهم من المليشيات المسلحة بعد قتل وتهجير عشرات الآلاف من قراهم وبيوتهم واستيلاء اليهود عليها فور انتهاء الانتداب البريطاني وإجلاء آخر جندي إنجليزي عن فلسطين في 14 مايو/أيار 1948، وأُعلنت إسرائيل كدولة.
“عيد الاستقلال الوطني الإسرائيلي”.. ذكرى النكبة الأولى التي وقعت بالشعب الفلسطيني منذ 74 عامًا، في مايو/أيار 1948، وتوسعت الدولة الغاصبة على أنقاض البلد الأصلي لتستولي على 77% من الأراضي، بما في ذلك الجزء الأكبر من القدس، بينما فرّ أكثر من نصف السكان الأصليين أو طردوا، وسيطرت الأردن ومصر على بقية المساحات التي حددها القرار 181 للدولة العربية، حسب بيانات الأمم المتحدة(1).
أما النكبة الثانية، فقد كانت بعد حرب يونيو/حزيران 1967 التي هزم فيها الصهاينة 3 دول عربية، واحتلوا الضفة الغربية وغزة، فسقطت فلسطين كلها في براثن الاحتلال الإسرائيلي، أما بعد حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 فُتحت الطريق لتسوية الصراع، ونجحت المقاومة في خلق أول سلطة وطنية على أرض فلسطين، بينما كان قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة، قبل النكبة الأولى، قد أعطى اليهود 55% من مساحة فلسطين، والعرب الفلسطينيين 44%، وتدويل القدس، وفق ما ذكره الباحثان عبد السلام عبد الله وبن عامر تونسي في دراستهما "الدولة الفلسطينية من منظور القانون الدولي".
اليوم كالبارحة.. استمرار المأساة في فلسطين
منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي عمليات عسكرية واسعة النطاق على قطاع غزة، أسفرت عن مقتل 21,600 فلسطيني، ثلثهم من الأطفال، وتدمير 60% من المنازل، وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، في ظل حصار مشدد مستمر منذ 16 عامًا، أدى إلى انقطاع جميع الإمدادات الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه والكهرباء والوقود والأدوية.
وفي أعقاب "طوفان الأقصى"، شددت سلطات الاحتلال الإسرائيلي فرض القيود على حرية التنقل في الضفة الغربية المحتلة، مما زاد من تعميق نظام الفصل العنصري ضد الفلسطينيين، عبر إجراءات تضمنت سياسات التمييز والحرمان والتهجير القسري.
وفي غزة وحدها، نزح قسرًا 1.9 مليون فلسطيني من أصل 2.2، بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل، في الوقت الذي شهدت فيه الضفة الغربية تصاعدًا في عنف المستوطنين المدعومين من حكومة الاحتلال.
فقد منحت حكومة بنيامين نتنياهو مسئوليات أمنية واسعة لسياسيين معروفين بتحريضهم على الكراهية العنصرية ودعواتهم لضم الأراضي الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين قسرًا، ففي فبراير/شباط 2023، تولى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش مسئوليات واسعة في إدارة الضفة الغربية المحتلة، بينما أنشأ وزير الأمن إيتامار بن غفير "حرسًا وطنيًا" من المتطوعين.
كما دعمت وزارة الدفاع الإسرائيلية إخلاء 54 تجمعًا سكانيًا في جنوب الضفة الغربية المحتلة و43 تجمعًا آخر في شمالها عقب الهجمات القادمة من غزة ولبنان.
وقديمًا، شهدت فلسطين منذ النكبة الأولى أكبر عمليات تطهير عرقية شهدها القرن الماضي، حيث شُرد ما يربو عن 957 ألف فلسطيني قسرًا بغوغائية العصابات الصهيونية إلى الضفة الغربية وغزة والدول العربية المجاورة، من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون بالدولة التاريخية عام 1948، حسب دراسة "شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية".
بينما سيطرت المليشيات الصهيونية على أكثر من 85% من مساحة البلد البالغ حوالي 27 ألف كم2 ومواردها (774 قرية ومدينة ودُمرت 531 منها بالكامل) وارتكبت عصابات الاحتلال أكثر من 70 مجزرة بحق الفلسطينيين، لا تصنف سوى أنها جرائم إبادة جماعية، وفق الدراسة التي أعدتها لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بالتعاون مع المركز الأيرلندي لحقوق الإنسان.
هل فلسطين بمعزل عن القانون الدولي في الماضي والحاضر؟
ولم تنته النكبة الفلسطينية عام 1948، بل تبعها نكبات أخرى، مرورًا بنكسة عام 1967 التي شردت نحو 200 ألف فلسطيني نحو الأردن، وصولًا إلى "صفقة القرن"، التي تصفي قضية اللاجئين وتنكر عليهم حق العودة وتقرير المصير.
فحق "تقرير المصير" مكفول بمبادئ القانون الدولي والاتفاقيات والمعاهدات الدولية، إضافة إلى قرارات هيئة الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، حسبما فندته دراسة رحيمة لدغش وسليمة لدغش.
واستعانت الدراسة المعنونة بـ"ضمانات القانون الدولي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره" بما جاء بالمادة 13 من أن لكل إنسان الحق في العودة إلى بلاده، واتفاقية جنيف الرابعة وقرار الجمعية رقم (194–د) الصادر في 11 ديسمبر/كانون الأول 1948 بالفقرة (11) التي تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم.
هذا بالإضافة إلى وجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب، وفقًا لمبادئ القانون الدولي والإنصاف، أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسئولة.
ولم يختلف الحاضر عن الماضي، فبعد "طوفان الأقصى"، أظهرت التحقيقات الميدانية التي أجرتها منظمة العفو الدولية أن 9 غارات جوية إسرائيلية أدت إلى مقتل 229 شخصًا، مؤكدةً انتهاك سلطات الاحتلال للقانون الدولي الإنساني عبر شن هجمات عشوائية لا تميز بين المدنيين والأهداف العسكرية، بل استهدفت مواقع مدنية بالكامل.
وزاد عنف المستوطنين بشكل ملحوظ بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث قتل المستوطنون 18 فلسطينيًا وأصابوا 367 آخرين، وفقًا لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية، الذي وثّق هدم 1,128 مبنى دون مبرر وتهجير 2,249 فلسطينيًا في الضفة الغربية، بينما استمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في بناء المستوطنات رغم عدم قانونيتها وفقًا للقانون الدولي.
وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية منعت الأسرى الفلسطينيين من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم، بموجب أوامر طوارئ تم تمديدها حتى نهاية العام الماضي.
على مرّ العصور.. الاحتلال لم ينتهِ
ففي 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استهدفت غارة جوية إسرائيلية مجمع كنيسة القديس برفريوس بغزة، حيث كان مئات النازحين يحتمون بها، مما أدى إلى مقتل 18 مدنيًا.
وفي غزة، أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي "أمر إخلاء" جماعي لسكان الشمال، البالغ عددهم 1.1 مليون نسمة، ثم تكررت الأوامر لاحقًا في الجنوب، ما أدى إلى نزوح 1.9 مليون شخص قسرًا بحلول أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وحتى نهاية العام الماضي، كان الاحتلال الإسرائيلي قد دمّر 65 ألف منزل، مما أدى إلى نزوح 1.9 مليون فلسطيني، فضلًا عن تدمير 76 مرفقًا صحيًا و370 مدرسة و115 مسجدًا و3 كنائس، وفقًا لمكتب تنسيق الشئون الإنسانية.
كما اضطر 23 مستشفى من أصل 36 في غزة إلى الإغلاق بسبب الدمار وانقطاع الكهرباء، بينما أبلغت منظمة الصحة العالمية عن مقتل 600 مريض وعامل صحي نتيجة استهداف المرافق الطبية، وتدمير 76 سيارة إسعاف.
وقديمًا، كانت قوات الاحتلال الإسرائيلية خلال إعادة احتلالها لمدينتي نابلس وجنين في أغسطس/آب 2002 قد قتلت ما يزيد عن 150 فلسطيني معظمهم من المدنيين بينهم نساء وأطفال وكبار سن، وأثناء اجتياح قوات الاحتلال لمدينة نابلس بمنطقة البلدة القديمة هُدمت البيوت على رؤوس ساكنيها، وهو ما يعد انتهاكًا لأحكام القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات ذات الصلة، كما قررته دراسة "الشعب الفلسطيني وحق تقرير المصير على ضوء قواعد القانون الدولي" للباحثين مناد إشراق والعمري حكيم.
كما أكدت على ذلك دراسة كيران لمياء "انتهاك إسرائيل لقواعد القانون الدولي في فلسطين"، مستندة إلى ما جاء في المادة 51 من البروتوكول الأول الإضافي لعام 1977 "عدم جواز أن يكون السكان المدنيون محلًا للهجوم وتحظر أعمال العنف أو التهديد الرامية إلى بعث الذعر بين السكان المدنيين، على أن يتمتعوا بالحماية العامة".
واستمرت قوات الاحتلال في عمليات استهداف المدنيين في مناطق عديدة في الأراضي الفلسطينية وارتكاب المجازر، كحادث حي الدرج في 22 يوليو/حزيران 2002 الذي أسفر عن قتل 16 شخصًا، وحادث حي الشيخ عجلين في غزة في 28 أغسطس/آب 2002 الذي نتج عنه 4 من القتلى، وحادث حي الشجاعية الزيتون في 23 سبتمبر/أيلول 2002 الذي أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وحادث مخيم رفح في 17 أكتوبر/تشرين الأول 2002، وحادث مخيم البريخ في 6 ديسمبر/تشرين الثاني 2002 الذي أسفر عن مقتل 17 فلسطينيًا، وغير ذلك من المجازر، وفق بيانات التقرير السنوي الثامن لـ"حالة حقوق المواطن الفلسطيني خلال عام 2002".
"طوفان الأقصى" كشف حجاب العالم المتخاذل
وحسب ملحق "انتهاكات القانون الدولي في فلسطين وفي الأراضي المحتلة الأخرى من قبل إسرائيل والمسائل القانونية الدولية الأخرى المتعلقة بقضية فلسطين"، فمنذ حصار غزة 2006، وما تخلّله من حروب ومواجهات، لم يتوقف الاحتلال عن انتهاكه للقانون الدولي الإنساني.
ووصف الملحق الصادر عن المنظمة القانونية الاستشارية الآسيوية - الإفريقية في دورتها السادسة والخمسين 2017، ممارسات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، بأنه "اختراق واضح لاتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها، وميثاق الأمم المتحدة، وإعلان سان بطرسربغ في عام 1868 لحظر القذائف المتفجرة، وقانون الاحتلال الحربي، واتفاقية لاهاي في 1907 الهادفة إلى وضع قيود على استخدام الأسلحة في النزاعات، وبروتوكول جنيف بشأن حظر استعمال الغازات السامة في عام 1925 واتفاقية منع استخدام الأسلحة الكيماوية، واتفاقية أوسلو لمنع استخدام بعض الأسلحة، وغيرها".
وفي ظل الحرب الدائرة منذ بدء "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 باتت الوحشية أكثر فجاجة.
ففي شمال غزة، لم يعد مستشفيا الأهلي والشفاء يعملان إلا بنسبة 5% من طاقتهما، بينما بلغ معدل إشغال الأسرّة 310%، وفقًا لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، بينما استُهدف مستشفى الأمل في خان يونس بطائرة مسيّرة إسرائيلية أسفر عن مقتل صبي يبلغ من العمر 13 عامًا، في 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وكانت الهيئة العامة للكنيست قد صادقت في 15 فبراير/شباط 2023، على تعديل قانون المواطنة والدخول، مما سهل سحب الجنسية والإقامة الدائمة من الفلسطينيين، وهو ما قد يحوّل البعض إلى "عديمي الجنسية".
كما وسّع إقرار تعديل قانون الجمعيات التعاونية -مؤخرًا- صلاحيات لجان القبول في 437 بلدة يهودية، مما منحها الحق في استبعاد الفلسطينيين تحت ذريعة "عدم الملاءمة الاجتماعية"، بحسب منظمة "عدالة".
استهداف المدنيين.. حل سريع للقضاء على القضية
ومن الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي في حربه الأخيرة مع المقاومة الفلسطينية، يركز على الأهداف المدنية، بينما الحصار المفروض على غزة في حد ذاته، وما فيه من تشديدات، إنما هو انتهاك للمادة 16 من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين بوقت الحرب، والمادة المشتركة الثالثة من اتفاقيات جنيف الأربع، التي تنص على أن من لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية يُعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، فضلًا عن المادتين 48 و52/2 من البروتوكول الإضافي الأول، وضرورة التمييز في الأوقات كلها بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، وعدم توجيه الهجمات إلا إلى الأهداف العسكرية فحسب.
وتأتي انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين العزل في غزة وفقًا للمادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والمعنية بالأفعال الموجهة ضد الأشخاص أو الممتلكات المحمية بموجب اتفاقيات جنيف، بما في ذلك القتل العمد والتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية وإلحاق الأذى الجسدي الخطر وتعمد إحداث معاناة شديدة وتوجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى، كما حدث في 17 أكتوبر 2023 عند استهداف المستشفى المعمداني، في مجزرة فاضحة حاول ال التنصل منها، بينما يشكل استهداف أفراد الخدمات الطبية والأنشطة والوحدات الطبية، تحديدا، اختراقًا للمواد 12 و15 و16 من البروتوكول الإضافي الأول.
قبل عملية "طوفان الأقصى"، وتحديدًا في أبريل/نيسان 2023، اعتدت قوات الاحتلال الإسرائيلي على مصلين في المسجد الأقصى، حيث اعتقلت 450 فلسطينيًا في ساحة الجامع، قبل إطلاق سراحهم حفاةً بعد ضربهم وتعذيبهم.
وبعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية 2,200 فلسطيني في الضفة الغربية، وفقًا لنادي الأسير الفلسطيني، بينما ظل 3,291 شخصًا رهن الاعتقال الإداري دون محاكمة، بينهم 661 من غزة، بحسب مركز "هموكيد" لحقوق الإنسان.
تهجير قسري وقانون دولي متغافل
بعد السابع من أكتوبر الماضي، تتخذ إسرائيل تدابير ضد المدنيين الفلسطينيين لا تندرج إلا تحت سمفونية الإبادة الجماعية المهووسة بها، مثل قطع الإمدادات الأساسية من كهرباء وماء ووقود، ومنع التزود بالغذاء وفرض حصار شامل، ومحاولة فرض التهجير القسري على أكثر من 2.5 مليون فلسطيني، في اختراق واضح للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تنص على عدم جواز معاقبة أي شخص محمي على جريمة لم يرتكبها، وحظر العقوبات الجامعية.
ولم يكن التهجير القسري بجديد على الفلسطينيين المنكوبين، في ظل تخاذل القانون الدولي الإنساني، ولكن الهجوم نال هذه المرة العاملين بمنظمات الإغاثة، حيث راح ضحية هجمات إسرائيل نحو 72 شخصًا من عمال وكالة (الأونروا) خلال أقل من شهر، وهو أكبر عدد من عمال الإغاثة الذين قتلوا من جراء صراع في مثل هذا الوقت الوجيز بتاريخ الأمم المتحدة"، حسب دراسة غسان الكحلوت ومنى هداية "إسرائيل والقانون الدولي الإنساني: البحث عن إجابات في ظل حرب وحشية وقانون مهمّش".
ووفق بيان المفوض العام لوكالة الأونروا، فإن ممارسات إسرائيل أفضت إلى منع وصول المساعدات الغذائية، في ظل أساليب الحرب التي تحظر استخدام التجويع وأسلوب الحصار المشدد، بينما يشكل الأطفال 47% من سكان القطاع، حسب "يونيسيف"(2).
فما يحدث في غزة لا يمكن تصنيفها بمعزل عن كونها جريمة إبادة جماعية (صورتها كاميرات الوكالات الإعلامية المحلية والعالمية، واسُتهدف الصحافيون بينما يقومون بواجبهم)، وفقًا للمادة 6 من نظام روما الأساسي(3).
في الحقيقة، لم تتغول إسرائيل إلا بمساندة أمريكية، ودعم عالمي بادٍ، كيلا تلحق بالدول تهمة "معادة السامية"، بينما انتهت البلدان العربية إلى أن التطبيع أصبح "فرض عين" عليها، حتى يحفظ حكامها عروشهم من الزوال، وبذلك لن يستطيع الفلسطينيون تحرير أرضهم ونيل حقوقهم التي كفلها لهم القانون الدولي الإنساني والمعاهدات والبروتوكولات إلا بأنفسهم، في ظل تخاذل العالم.
وبين 13 و16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استخدمت المدفعية الإسرائيلية الفوسفور الأبيض لقصف بلدة "الضهيرة" في جنوب لبنان، مما أسفر عن مقتل نحو 120 شخصًا، و7 صحفيين، من بينهم عصام عبد الله من وكالة رويترز.
كما استُهدف الصحافيون والعاملون في مجال الإعلام، حيث أفادت لجنة حماية الصحفيين بمقتل أكثر من 70 صحفيًا، من بينهم المخرج السينمائي رشدي السراج، الذي قُتل في غارة جوية على منزله في 22 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.