تبدو الهند مرشحة بجانب دول ناشئة أخرى للاستفادة من التباطؤ الاقتصادي في الصين ، بحسب قادة أعمال حضروا قمة البريكس المنعقدة الأسبوع الجاري في جنوب أفريقيا، وفقا لوكالة بلومبرج.
وأضاف هؤلاء القادة أنهم لا يتوقعون أن تكون هناك تداعيات كبيرة للتباطؤ في الصين، بل إن المتاعب الاقتصادية التي تواجه البلاد قد تنعكس إيجاباً على دول ناشئة أخرى، على رأسها الهند.
وتتفق وجهات نظره هؤلاء مع آراء الخبراء الاستراتيجيين في مجموعة “جولدمان ساكس”، والذين يقولون إن التأثير غير المباشر لضعف أرباح الشركات الصينية وأسعار الأسهم على الأسهم في البلدان الأخرى، تراجع “بشكل كبير” على مدى الأعوام الثلاثة الماضية.
التباطؤ الاقتصادي في الصين
“يمثل ذلك فرصة كبيرة للدول الأخرى، وخصوصاً الهند”، وفق ما قاله أونكار كانوار، رئيس مجلس أعمال مجموعة “بريكس” ورئيس شركة صناعة الإطارات الهندية “أبولو تايرز” وأضاف: “نفذّت الهند إصلاحات، وهناك توقعات بالمزيد منها.. وبشكل عام، نحن مستعدون جيداً للترحيب بأولئك الذين يرغبون في إقامة أعمال في الهند”.
أحدث التباطؤ الذي غلب عليه تراجع قطاع العقارات وارتفاع ديون الحكومات المحلية وأزمة البطالة بين الشباب، صدمة في الأسواق المالية، أخذ معها المستثمرون يقيمون مدى تأثر أسواق السلع بهذه الظروف التي تعني تراجعاً في الطلب من ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
من الولايات المتحدة إلى نيوزيلندا، أطلق مسؤولون تحذيرات بهذا الشأن، مع تعرض منتجي المعادن الرئيسيين مثل البرازيل وأستراليا وجنوب أفريقيا لضغوط. وسيؤثر الطلب الضعيف على الإلكترونيات على الاقتصادات التي تعتمد على تجارة هذه السلع، مثل كوريا الجنوبية وتايوان، في حين أن شركات أخرى، بدءاً من شركة “نايكي” ووصولاً إلى شركة “كاتربيلر”، تلقّت أرباحها صفعة بالفعل من التباطؤ الحاصل في الصين.
لاعب مهيمن
تظل الصين اللاعب المهيمن في مجموعة “بريكس” التي تضم أيضاً البرازيل وروسيا والهند وجنوب أفريقيا، إذ يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي أكثر من ضعف حجم الأعضاء الآخرين مجتمعين. ورغم الأزمة الحالية التي يشهدها الاقتصاد الصيني، فإنه لا يزال واحداً من أفضل الاقتصادات أداءً، حيث يتوقع صندوق النقد الدولي أن ينمو بنسبة 5.2% خلال 2023.
يعد معدّل النمو هذا أقل من 5.9% المتوقع للهند، لكنه أعلى بشكل كبير من معدّل النمو المتوقّع لكل من البرازيل وروسيا وجنوب أفريقيا، إذ يُتوقع أن ينمو اقتصاد كل منها بأقل من 1%.
قال الرئيس الصيني شي جين بينغ في كلمة ألقاها نيابة عنه وزير التجارة وانغ وينتاو في القمة: “إن الاقتصاد الصيني يتمتع بمرونة كبيرة وإمكانات هائلة وحيوية مهمة.. إن الأساسيات التي تدعم نمو الصين على المدى الطويل سوف تظل دون تغيير، وستستمر سفينة الاقتصاد الصيني العملاقة في شق الأمواج والإبحار إلى الأمام”.
حذّر بعض المحللين من أن شي ليست لديه خيارات جيدة لعكس المسار الذي يسلكه الاقتصاد، وأن بلاده يمكن أن تنجرف باتجاه نمط النمو الياباني بعد عقود من التوسع المفرط. وهذا قد يكون سيئاً بالنسبة إلى الدول الأخرى التي تعتمد على الصادرات إلى الصين.
دعم الأسواق المحلية
في الوقت الذي انطلقت فيه اجتماعات مجموعة “بريكس”، ظهرت إشارات إلى أن الصين تتجه لأن تكون أكثر حزماً في دعم أسواقها المحلية بما يمكن أن ينعكس سلباً على دول أخرى. أنهت أسهم الأسواق الناشئة سلسلة خسائر استمرت تسعة أيام، وارتفعت العملات، بما في ذلك الراند الجنوب أفريقي، والريال البرازيلي، والروبية الهندية.
قال سيرغي كاترين، رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية، الذي لعب دوراً في تعزيز العلاقات التجارية بين بلاده والصين، إن الصين “تنمو منذ فترة طويلة، وما تشهده اليوم هو نوع من التشبّع.. لا أعتقد أن الوضع محرج”.
من جهته، يرى جاي شروف، الرئيس التنفيذي لشركة الكيماويات الزراعية الهندية “يو بي إل” ، أن تغيّر المناخ ونقص التمويل للزراعة المستدامة، يمثلان تهديدات أكبر من الانكماش الاقتصادي في الصين. وقال: “مع نمو الاقتصادات، ينفق الناس المزيد على الغذاء، ومن غير المرجح أن يخفضوا إنفاقهم فجأة.. هذا يعزل أعمالنا في الأوقات الصعبة كالتي نعيشها الآن”.
يتوقع سيم تشابالا، الرئيس التنفيذي لمجموعة “ستاندرد بنك جروب” ، أكبر بنك في أفريقيا والمملوك بنسبة 20% للبنك الصناعي والتجاري الصيني، أن تؤدي التحولات في اقتصاد الصين إلى صدمة في سلاسل التوريد العالمية.
وأضاف: “من الواضح أن الاقتصاد الصيني يتغير ويركز بشكل متزايد على الاستهلاك، وبدرجة أقل على الاستثمار.. هذه فرصة لجلب التصنيع ونهاية سلاسل القيمة إلى أفريقيا”، لأن إنتاجها في الصين يصبح أكثر تكلفة.
الرئيس الصيني كان صرّح بذلك عندما تعهد باستيراد المزيد من “المنتجات عالية الجودة” من جنوب أفريقيا، بعد محادثات مع رئيسها سيريل رامافوزا.