«بايدن».. وثنائيات المشاركة فى عملية السلام

«بايدن».. وثنائيات المشاركة فى عملية السلام
شريف عطية

شريف عطية

6:51 ص, الخميس, 12 نوفمبر 20

بمجرد إعلان نتائج فرز الأصوات بفوز المرشح الرئاسى الأميركى «جو بايدن»، لم تهدر إسرائيل الوقت فى نصب شباكها الصهيونية لمحاصرته واستقطابه، إذ فيما أقر «بنيامين نتنياهو» بأن الرئيس «ترامب» المنتهية ولايته يناير المقبل.. «قدم الكثير لإسرائيل»، سرعان ما وصف على التو الرئيس الآتى للبيت الأبيض بـ«الرجل العظيم»، وهو الذى لا يخفى «التباهى بصهيونيته»، أما الرئيس الإسرائيلى «رفلين» فقد وجه الشكر لـ«ترامب» على «الشراكة فى تعزيز أمن إسرائيل، قبل أن يتوجه على الفور إلى دعوة «بايدن» لزيارة «القدس» (تحديداً).. ربما لتأكيد عدم نكوص واشنطن عن سابق اعتراف «ترامب» بها عاصمة لإسرائيل، التى تبدو قلقة بدورها أن يكون «بايدن» امتداداً لسياسة «أوباما» فى تبنيهما الاتفاق على «حل الدولتين»، بعد السقوط المرجح لصفقة القرن من ناحية، وفى ضوء مخاوفها من جانب آخر إزاء ضغوط «بايدن» فى اتجاه مفاوضات فلسطينية- إسرائيلية حول «الدولة الفلسطينية».. التى تتطلع رئاستها من جانب ثالث للعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة للعودة إلى العمل باتفاقيات سبق لها أن جمدتها مع إدارة «ترامب»، ذلك فى الوقت الذى تسابقهما الحكومة الإسرائيلية للاستفادة من الأشهر الثلاثة المتبقية من عهد «ترامب».. جنباً إلى جنب مع الاستفادة من السنوات الأربع التالية فى عهد «بايدن»، بهدف استقطابه، إلا أن السباق لن يقتصر فحسب على ثنائية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية، إنما سوف يتداخل فى مضمارها بالضرورة – منظور الأمن الإقليمى- كمفهوم أميركي يتطلب توسيع المشاركة.. بحيث ينضم إليها الملف الإيراني، سبيل «بايدن» المستهدف للعودة ببلاده، سواء إلى تحالفاتها الدولية من خلال منظومة +5 1، كذلك نحو دعم علاقات الولايات المتحدة بدول الإقليم، عبر الجيران، من فلسطين (حركة حماس.. إلخ) إلى العراق (ملاحقة داعش.. إلخ) إلى لبنان (التفاوض مع إسرائيل حول ترسيم الحدود المائية.. إلخ) إلى سوريا (تناظر القوات الموالية لكل من موسكو وطهران.. إلخ) وليس آخراً بإنهاء الحرب اليمنية لصالح الحوثيين فى أرجح الأحوال، وما إلى ذلك من مواقف أميركية متوقعة لتوظيف وتطويع الملف الإيرانى لصالحها، وعلى النحو الذى سبق لأوباما أن اقترحه على العرب 2016 باقتسام النفوذ مع إيران، بعد عام من توقيعه الاتفاق النووى معها يوليو 2015، والذى قام «ترامب» بتجميده، أضف لما سبق من توسيع مجال المشاركة فى ثنائية السلام الفلسطينية- الإسرائيلية.. حماس «بايدن»، ونائبته «كاميلا».. بشأن التطبيقات الديمقراطية.. ومسائل حقوق الإنسان، الأمر الذى من المتوقع أن تنصاع لنواهيه كل من الرياض وطهران على سبيل المثال، كما قد يؤدى من جانب ثالث للضغط على حكومة «أردوغان» فى تركيا، سواء بالنسبة لتعاملها مع مواطنيها أو جيرانها، إلا أن ذلك لا يعنى عدم وجود بصيص للأمل قد تمنحه إدارة «بايدن» للإخوان المسلمين.. للخروج من حالة التضييق التى تعانيها منذ العام 2013 فى مصر وسائر دول المنطقة، ذلك فى إطار مواصلة الاستعمال الأميركى التاريخى لجماعات الإسلام السياسى (المعتدلة).. وللضغط نحو تطويع الأنظمة المحلية، بسيان، بحيث قد يسعى «بايدن» فى هذا السياق إلى محاولة دعم اصطفافات إقليمية إلى جانب سياسته الشرق أوسطية التى تمثل المسألة الفلسطينية قضيتها المركزية (إيقاف بناء المستوطنات وضم الأراضى إلى حل الدولتين)، لربما تدعم مركزه كوسيط فعال لتسويات عربية- إسرائيلية.. يحول إقرارها دون تعاظم النفوذ الروسى والصينى فى المنطقة على النحو المشهود فى السنوات الأخيرة، إلا من تمرد الدولة العبرية على مفاهيم التسوية للإدارة الديمقراطية السابقة 2009 – 2017، قبل تصدير «ترامب» لصفقة القرن، التى يخطط «بايدن»- بحسبه- لاتباع نهج أكثر اعتدالاً منها تجاه النزاع فى الشرق الأوسط مقارنة بسلفه، فيما أبدت السلطة الفلسطينية استعدادها لاستئناف مفاوضات السلام التى توسطت فيها واشنطن مع إسرائيل، لكن فقط – بحسبها – من النقطة التى توقفت عندها فى عام 2016 تحت إدارة «باراك أوباما»، ذلك فى الوقت الذى يتزايد فيه قلق إسرائيل من احتمال استئناف الضغوط الدولية (والأميركية) عليها لتقديم تنازلات للفلسطينيين، فإن لم تفعل، فسيؤدى ذلك إلى توتر الأوضاع بين الدول العربية وإسرائيل.. التى ينبغى لها- بحسب مصادر الجيش الإسرائيلى- الترحيب بتدخل «بايدن» فى إعادة التنسيق مع الفلسطينيين تلافياً للأضرار اللاحقة بمصالح الطرفين، كما كان من المثير من جانب آخر تأكيد قادة الأجهزة الأمنية فى إسرائيل.. أنهم لا يرون فى خسارة «ترامب» الانتخابات، نهاية للمصالح المشتركة بين البلدين، وإذ رغم القلق من ارتداد «بايدن» إلى العمل بالاتفاق النووى مع إيران.. فإن ذلك لا يعد توجهاً سلبياً بالضرورة حال يضمن «لجم برنامجها الصاروخي»، ولمحاولات التموضع الأميركى فى المنطقة مجدداً.

خلاصة القول، إن فوز «بايدن» يمهد الطريق لوقف المقاطعة بين كل من السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة وإسرائيل، والعودة من ثم إلى توسيع المشاركة فى ثنايات عملية السلام.