نسفت كوريا الشمالية يوم الثلاثاء مكتبا أقيم لتحسين العلاقات مع كوريا الجنوبية فيما وصفته بأنه ”انفجار رائع“ بعد أن هددت باتخاذ إجراءات إذا مضت الجماعات المنشقة قدما في حملتها لإرسال منشورات دعائية إلى أراضيها، بحسب رويترز.
وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن مكتب الاتصال الذي يقع في مدينة كايسونج داخل حدود كوريا الشمالية، والمغلق منذ يناير بسبب تفشي كورونا، ”تم تدميره بالكامل“.
وأظهر تسجيل فيديو من كاميرات مراقبة واستطلاع بالأبيض والأسود نشرته وزارة الدفاع الكورية الجنوبية انفجارا ضخما بدا أنه هدم بناية مؤلفة من أربعة طوابق. كما بدا أن الانفجار تسبب أيضا في انهيار جزئي لبناية أخرى مجاورة مؤلفة من 15 طابقا كانت تستخدم كمقر إقامة لمسؤولين من كوريا الجنوبية عملوا في مكتب الاتصال.
وكان المكتب بمثابة سفارة للدولتين، المتعاديتين منذ فترة طويلة، ويمثل تدميره انتكاسة كبرى لجهود رئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن لجذب الشمال صوب مسار التعاون.
وعقد مجلس الأمن الوطني في كوريا الجنوبية اجتماعا طارئا يوم الثلاثاء وقال إن سول سترد بصرامة إذا استمرت بيونجيانج في تصعيد التوتر.
وقال كيم يو جيون نائب مدير مجلس الأمن الوطني في إفادة صحفية إن تدمير المكتب ”خيب توقعات كل من يأملون في تطوير العلاقات بين الكوريتين وتحقيق السلام الدائم في شبه الجزيرة“ الكورية.
وأضاف ”نقولها بوضوح.. الشمال مسؤول بالكامل عن كل التبعات“.
وبدا أيضا أن تفجير المكتب ضربة أخرى لآمال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في إقناع كوريا الشمالية بالتخلي عن أسلحتها النووية والانفتاح على العالم.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية إن الولايات المتحدة تؤيد تماما جهود سول المتصلة بالعلاقات بين الكوريتين وتحث بيونجيانج على ”الامتناع عن (أي) إجراءات أخرى غير مثمرة“.
وكانت كوريا الشمالية قد حذرت الولايات المتحدة من التعليق على شؤون الكوريتين إذا أرادت إجراء انتخابات نوفمبر في هدوء.
وأثار ذلك مخاوف من أن تستأنف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية.
وكان ترامب اعتبر تجميد تلك التجارب ثمرة لاجتماعاته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون رغم أن هذه الاجتماعات التي عقدت في عامي 2018 و2019 لم تحقق نتائج.
ولا تزال حالة الحرب قائمة بين الكوريتين إذ انتهى الصراع العسكري الذي دار بين عامي 1950 و1953 بهدنة وليس بمعاهدة. وأصيبت محادثات بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية مع الولايات المتحدة بالجمود منذ فترة.
وتصاعدت التوترات على مدى الأيام الماضية مع تهديد بيونجيانج بقطع العلاقات بين الكوريتين واتخاذ إجراءات انتقامية بسبب المنشورات التي تحمل رسائل تنتقد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون بما في ذلك انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال سوه هو نائب وزير الوحدة في كوريا الجنوبية والذي كان يشارك في رئاسة مكتب الاتصال للصحفيين إن الهدم خطوة ”غير مسبوقة في العلاقات بين الكوريتين“ وإنه ”تصرف غير معقول ما كان يجب أن يحدث“.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية إن نسف المكتب تم لإجبار ”حثالة البشر ومن يؤوون حثالة البشر على دفع ثمن باهظ لجرائمهم“.
وتشير كوريا الشمالية للمنشقين بأنهم ”حثالة البشر“.
وقال مصدر عسكري من كوريا الجنوبية لرويترز إن مؤشرات على تدمير وشيك لمكتب الاتصال كانت بادية في وقت سابق من اليوم وإن مسؤولين عسكريين من بلاده شاهدوا صور استطلاع مباشر للبناية وهي تنسف.
وتأسس مكتب الاتصال بين الكوريتين، وهو منشأة دبلوماسية فريدة من نوعها، عام 2018 في إطار سلسلة من المشروعات التي كانت تهدف لتخفيف التوتر بين البلدين.
وتأسس المبنى في البداية ليستخدم كمكاتب لإدارة عمليات مجمع كايسونج الصناعي، وهو مشروع مشترك بين الكوريتين توقف العمل فيه في 2016 إثر خلافات بشأن البرامج النووية والصاروخية لكوريا الشمالية.
وأنفقت كوريا الجنوبية 9.78 مليار وون (8.6 مليون دولار) على الأقل لتجديد المبنى في 2018.
وقالت كوريا الجنوبية وقت إغلاق المكتب في يناير كانون الثاني إنه كان لديها 58 موظفا يعملون هناك.
ويوم السبت، قالت كيم يو جونغ، شقيقة كيم وهي مسؤولة كبيرة في حزب العمال الحاكم، إنها أمرت الإدارة المسؤولة عن شؤون العلاقات بين الكوريتين الاستعداد ”كي ننفذ بحسم الاجراء المقبل“ وإنه ”لن يمضي وقت طويل قبل أن نرى مشهدا مأساويا لمكتب الاتصال المشترك بين الشمال والجنوب عديم الجدوى وهو ينهار بالكامل“.
وعبرت روسيا اليوم الثلاثاء عن قلقها حيال الموقف في شبه الجزيرة الكورية ودعت الطرفين لضبط النفس لكنها لم تعلن خططا حتى الآن لإجراء اتصالات دبلوماسية رفيعة المستوى.
وقال تشاو ليجيان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية يوم الثلاثاء خلال إفادة صحفية يومية في بكين إن بلاده تأمل في تحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية وسط تصاعد حدة التوتر بين البلدين.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، نقلت وسائل إعلام حكومية في كوريا الشمالية عن الجيش قوله إنه يدرس ”خطة عمل“ لإعادة دخول المناطق التي أخليت من السلاح بموجب اتفاقية بين الكوريتين و ”تحويل الخط الأمامي إلى حصن“.
ووجهت وزارة الدفاع في سول نداء إلى بيونجيانج للالتزام باتفاق 2018 الذي نص على وقف كل ”الأعمال العدائية“ وتفكيك عدد من المنشآت في المنطقة منزوعة السلاح شديدة التحصين بين البلدين.
ودأبت عدة جماعات يقودها منشقون على إرسال منشورات ومواد غذائية وورقة نقدية من فئة الدولار وأجهزة راديو صغيرة وشرائح تخزين بيانات تحتوي على أعمال درامية وأخبار من كوريا الجنوبية، عادة عن طريق بالونات عبر الحدود شديدة التحصين أو في زجاجات عبر النهر.