تناقش العديد من الدول إجراءات للتعايش مع فيروس كورونا المستجد «كوفيد19»، بعد حظر استمر عدة أشهر شهدت على إثره تراجعا حادآ فى اقتصاداتها، بالإضافة لإعلان الحكومة المصرية التفكير فى عودة الحياة تدريجياً لطبيعتها فى شهر يونيو المقبل، ما ينعش رئة وقلب لارتباطه الكبير بجميع القطاعات الاقتصادية.
وأكد عدد من قيادات القطاع أن التعايش مع الفيروس يحمى الاقتصاد من التراجع العنيف الذى يمكن ألا نستطيع تحمل تبعاته، موضحين أن عودة العمل بالشركات والمصانع بكامل طاقتها تدريجياً يمثل انفراجة كبيرة لشركات التأمين خاصة مع عودة الطلب على التأمين، وكذا الوثائق الجديدة التى لها علاقة بالتعايش مع الوباء.
السيد: حسم التغطيات والاستثناءات لتفادى الصدامات مع العميل ووحدات الإعادة
قال خالد السيد، العضو المنتدب لشركة APEX لوساطة إعادة التأمين، إن القطاع سيشهد انفراجة فى حالة إعلان الحكومة رسميا التعايش مع فيروس كورونا، والعودة التدريجية للحياة، وذلك من خلال زيادة الطلب على التأمين بصورة عامة، وعلى بعض الوثائق بصفة خاصة.
وأشار إلى أن فتح باب التراخيص للسيارات سيفتح الباب للتأمين الإجبارى وبالتبعية التكميلى، بالإضافة إلى أن الشركات والمصانع ستخلق طلباً على «الهندسى» و«الحريق».
وأضاف أن التخوف من فقد الأعمال بعد عودة المصانع والشركات للعمل يزيد من طلب المؤسسات على وثيقة توقف الأعمال، لافتا إلى أن شركة ميونخ رى العالمية لإعادة التأمين قامت منذ عام 2018 بعرض تغطيات متخصصة مرتبطة بتوقف الأعمال، وهذه الوثائق متخصصة فى تغطية توقف الأعمال بسبب الأوبئة وليس الخسائر المادية، وتم تقديم هذا المنتج من خلال شراكة مع «ميتابيوتا» وهى إحدى الشركات المتخصصة فى محاكاة أثر الأوبئة وسرعة وكيفية انتشارها، وتشترط هذه التغطية انتشار الوباء بدرجة معينة من حيث عدد الإصابات والسرعة.
وشدد على ضرورة اتباع الأسس والمعايير الفنية السليمة ومراعاة الاشتراطات الخاصة بصلاحية عقد إعادة التأمين، مثل التزام شركة التأمين بعمل تقرير المعاينة وتقدير الأضرار خلال المدة المطلوبة من شركات الإعادة العالمية، حيث إن الاتجاه المتشدد من جانب معيدى التأمين أصبح واقعاً ملموساً بالنسبة لتنفيذ اشتراطات عقد إعادة التأمين.
وتوقع السيد أن يرتفع الطلب على وثيقة “Cyber risk” عقب التعايش مع كورونا، والتى كان لا يوجد عليها طلب كبير خاصة من القطاعات المالية التى لها اتصال بقواعد البيانات الخاصة بالعملاء لاحتمالية حدوث اختراق إلكترونى للشركة، وتوقف العمل جراء تعرض قاعدة المعلومات الخاصة بها للقرصنة والتى ينتج عنها خسائر مادية كبيرة، بخلاف تأثر سمعتها بالسلب.
وتابع: وثيقة تأمين المخاطر الإلكترونية هامة فى فترة التعايش عقب كورونا، لأن هناك بعض المؤسسات ستستمر فى اتخاذ إجراءاتها المشددة لمواجهة الفيروس إذا كانت طبيعتها تسمح بالعمل من المنزل، لافتا إلى أن القدرة على الاحتيال الإلكترونى تكون أكبر على الأجهزة الإلكترونية المنزلية، بخلاف الأنظمة التكنولوجية الموجودة بالبنوك والشركات المؤمنة بشكل أعلى.
وطالب أن تكون وثائق “cyber insurance “ إجبارية على المؤسسات المالية وكذلك التى لها علاقة ببيانات العملاء المالية، مثل شركات السياحة والطيران والفنادق والاتصالات، خاصة أن التحول الرقمى يتزايد، و رغم من أنه يدفع العالم إلى الأمام إلا أن فرص الاحتيال الإلكترونى سوف تزيد بالتوازى.
وأوضح أن شركات وساطة الإعادة لها دور كبير فى دعم هذه الانتعاشة، وذلك عبر التركيز على المنتجات التى سيزيد الطلب عليها مثل التأمين على الوباء فى الطبى من شركات إعادة التأمين العالمية التى توفرها، خاصة أن العملاء فى السوق المحلية سوف يطالبون بالتأمين ضد الوباء بشكل عام وليس كورونا تحديداً، ولو بقسط إضافى أو من خلال ملحق خاص.
وشدد السيد على ضرورة انتباه شركات التأمين لارشادات واشتراطات شركات الإعادة العالمية مثل تطبيق “Premium Payment warranty “، والتى يتعين فيها سداد الشركة المؤمنة لقسط التأمين خلال مدة محددة لمعيدى التأمين لضمان سريان التغطية الموضحة فى وثيقة التأمين، أو بوليصة التجديد .
وأكد أن دور شركات الوساطة فى الإعادة عقب التعايش مع كورونا سيكون حيوى للغاية، خاصة مع تنبه شركات التأمين المحلية لحسم تغطيات وثائقها والشروط المستثناة وإلغاء المنطقة الرمادية من أية عقود، حتى لا يصطدم العميل بعدم وجود تغطية، أو تتفاجأ شركة التأمين بشكوى غير معتادة من العميل، واتهامها بالتنصل من التزاماتها.
وأضاف أن شركته سوف تلقى الضوء على أهمية وثيقة “Trade credit insurance” الخاصة بالتأمين على المبيعات الآجلة، والتى توجد خصيصا لتأمين الائتمان التجارى للمستثمر أو المستورد والمصدر، لحمايتهم من الإعسار أو الإفلاس.
ولفت إلى وجود وثيقة تأمين الأحداث المعروفة بالـ«event insurance» التى تعد فى غاية الأهمية لحماية استثمارات بمبالغ ضخمة فى حالة إلغاء الحدث، مثل بطولة ويمبلدون للتنس والتى حصل منظموها على تعويضات قيمتها 114 مليون يورو نظير إلغاء البطولة بسبب وباء سارس فى عام 2003.
من ناحيته قال وليد فارس، رئيس قطاع الاكتتاب بشركة طوكيو مارين جينرال تكافل مصر، إن مرآة الاقتصاد، ويتأثر بشكل مباشر بالصعود أو بالهبوط، ولذا فإن التعايش مع كورونا وعودة الحياة التدريجية ينعش التجارة العالمية، مما يؤثر على التأمين البحرى بالإيجاب ويرفع من أقساطه، نافياً توقفه خلال الفترة الماضية، لكنه شهد ركوداً مؤقتاً.
وأكد زيادة الطلب على التأمين خاصة لمنتجات الطبى والحياة والحوادث الشخصية بشكل ملحوظ خلال فترة التعايش مع كورونا، كونه يقلل المخاطر والشعور بالخوف لدى العملاء.
وأشار إلى أن التعايش سيعود بالايجاب على قطاع التأمين، خاصة الوثائق التى شهدت ركوداً، مثل الهندسى والحريق والبحرى.
ولفت إلى زيادة الطلب على وثائق التأمين الهندسى التى تغطى المشروعات المختلفة، بالإضافة إلى طلب التغطيات التأمينية الخاصة بتوقف المشروعات.
وتابع: شركات التأمين بفرع التأمينات الهندسية تشترط إخطارها فى حالة التوقف لأى سبب، والحصول على موافقتها.
وتوقع لجوء المستثمرين لطلب ملاحق فى «الهندسى» نظراً للتخوف من الخسائر، مؤكدآ أنه سيكون هناك بحث عن التأمين بصورة أكبر من ذى قبل لارتفاع الشعور بالخطر.
وأكد أن التأمين على السيارات سيزدهر خلال الفترة المقبلة، خاصة بعد السماح بعودة التراخيص بوحدات المرور، ما يزيد الطلب على التأمين التكميلى على السيارات مما يوفر بدوره سيولة للشركات، فضلآ عن زيادة الطلب على شراء السيارات خوفا من ارتفاع أسعارها والتأمين عليها ضد المخاطر المحتمل مواجهتها فى الظروف الطبيعية .
وأشار إلى أن شركات التأمين ستعتمد فى الفترة المقبلة بشكل أكبر على التحول الرقمى للتسهيل على العميل عند إبرام الوثيقة، وتوفير الحماية بأقصى سرعة، متوقعاً نشاط الهاكرز أو المعروفين بإسم المحتالين إلكترونيا، والذين لديهم القدرة على القرصنة.
وشدد على ضرورة أن توجه شركات التأمين عملاءها إلى وثيقة تأمين المخاطر الإلكترونية «Cyber risk»، خاصة بعد انتشار التجارة عبر الإنترنت، وازدهارها فى السنوات الأخيرة، ما يزيد من فرص تعرض الشركات والمؤسسات للاختراق أو الاحتيال.
بدوره قال محمد الدكرورى، رئيس الشئون الفنية والعمليات بشركة أروب للتأمينات العامة، إنه فى حال إعلان الحكومة التعايش الرسمى مع فيروس كورونا فستعود السيارات للانتعاش وينتعش التأمين بنوعيه الإجبارى والتكميلى بالاضافة الى البحرى لإستيراد الشحنات الغذائية
ولفت إلى أن رجوع عدد الساعات العمل لطبيعتها بمختلف المؤسسات الإقتصادية سوف يرفع من معدلات الإنتاج وبالتالى تعود بالإيجاب على قطاع التامين ككل.
وأشار إلى أن توقف الأعمال بالمشروعات ينتج عنه خسائر كبيرة، ولكن بعد رجوع هذه المشروعات للعمل والتأقلم مرة أخرى سوف يتم اللجوء لشركات التأمين خوفاً من المخاطر المحتملة.
وأكد أن الكثير من المواطنين يدركون الخطر بمعناه الحقيقى فى مختلف نواحى الحياة، ويدفعهم ذلك للتأمين الطبى و”الحوادث الشخصية” لامتصاص الشعور بالخطر.
وأوضح أن شركات التأمين فى المرحلة المقبلة ستنتبه لكل التفاصيل المدرجة بتقرير خبير المعاينة وتقدير الأضرار وإلزام العميل بتنفيذها بالكامل كشرط لإبرام وثيقة التأمين، وذلك لأنها سوف تراعى تطبيق جميع الأسس الفنية بشكل مشدد أكثر من أى وقت مضى، حتى توازن بين الخطر الذى قبلت تحمله والتعويض الذى تعهدت بصرفه فور تحقق الخطر .
ولفت إلى أن وثيقة توقف العمل المعروفة بالـ”Business interruption” لابد أن يعاد النظر فيها من جانب كل شركات التأمين، خاصة أن هناك بعض العملاء كانوا يضعون لها مبالغ بسيطة لتوقف الأعمال دون ذكر الأرباح التى حصدتها.
وأكد أن الفترة المقبلة ستشهد تغير الأمور بالنسبة لشركات التأمين، ناصحاً بأن تلزم العميل الذى ستصدر الوثيقة بإعادة تقييم القيم التأمينية وبالتالى الأرباح لتسعير وثيقة توقف الأعمال بما يتماشى مع الأرباح المحققة بالشركات والفنادق والمصانع وغيرها من طالبى هذه النوعية من الوثائق.
وأشار إلى أن الوعى التأمينى سيزداد بصورة كبيرة رغم تأثر السيولة لدى الأفراد، إلا أنه بعودة الحياة لطبيعتها سيكون التأمين أولوية لهم وليس رفاهية.
وأشار إلى أن الاتحاد المصرى للتأمين يبحث حالياً الشروط والقواعد الحاكمة لاستخدام التوقيع الإلكترونى لأهميته، وإرساله للهيئة العامة للرقابة المالية للموافقة عليه، مشيدآ بدور الهيئة فى جميع الإجراءات التى اتخذتها لصالح العميل، مثل تأجيل سداد الأقساط، علاوة على حرصها على سرعة صرف التعويضات للقطاع الصناعى، وهو مايحفز هذا القطاع للاستمرار فى التأمين، والبحث عن مختلف التغطيات الهامة الأخرى التى لم يتطرق لها الغالبية من قبل.