أكد وسام فتوح، الأمين العام لاتحاد المصارف العربية، أن مهام البنوك المركزية في ظل تطورات التكنولوجيا وتداخلها في الخدمات المالية ستتوسّع، وقد تزداد ضغوط الرقابة، والضغوط السياسية، وستحتاج الاستقلالية في وضع السياسة النقدية إلى مزيد من التحصينات وتواصل مستمر وشفاف، وإلى حوار بين الأجهزة التنظيمية المتمرّسة والأجهزة التنظيمية التي بدأت مؤخّرا في التعامل مع التكنولوجيا المالية.
وأشار – خلال كلمته بمؤتمر “التحوّل الرقمي في المصارف، ومستقبل الوساطة المالية” الذي نظمه اتحاد المصارف بشرم الشيخ – إلى أن التطورات المتلاحقة تحتم على القائمين على البنوك، البحث في الأثر التحويلي للذكاء الإصطناعي.
وأيضا إلى استشراف ما سيكون عليه دور محافظ البنك المركزي بعد عقود من الزمن.
والنظر في ماذا سيحدث عند تحويل ملايين الوظائف إلى التشغيل الآلي، وهل بوسع التكنولوجيا المالية، رصد التغيّرات في العلاقات الاقتصادية وتقييم مخاطرها.
وهل يمكن للأجهزة الإلكترونية أن تتولى مهمة إعداد السياسة النقدية.
وأوضح فتوح، أن مفاجآت الصيرفة الرقمية تتسارع مع ظهور شركة “فيسبوك” الدولية المحدودة، بعدما حصلت على حقّ تقديم الخدمات الأساسية مثل التحويلات المالية الإلكترونية.
ومكّنت “فيسبوك” مستخدميها من إرسال الأموال إلى بعضهم البعض في تطبيق “ماسنجر”.
وأضاف: تشير الدلائل إلى أنّ شركات التكنولوجيا الكبرى تعمل على منافسة البنوك وتقديم نفسها كوسطاء ماليين يحلون محل البنوك التقليدية.
الأمر الذي يبشّر ويمهّد بتحويل المؤسسات المالية لشيء من الماضي بتوفير البنية البديلة للبنوك عبر “أمازون” و”جوجل” أو “فيسبوك”.
وهو ما يشير إلى أنّ زمن توفير الخدمات المالية عبر البنوك يوشك على النهاية .
البنوك قلقة من التحول التكنولوجي
وقال وسام فتوح: إنه من المعتقد أن تكون حصّة شركات التكنولوجيا عملاقة لدرجة أنّ معظم البنوك قلقة من هذا التحوّل.
حيث يتوقّع أن تصبح الخدمات المالية جذابة لشركات التكنولوجيا، وتصبح قادرة على انتزاع وظيفة البنوك تدريجياً.
وأشار إلى تطورت خدمات موقع “باي بال” تدريجياً حتى أصبح بنكاً إلكترونياً.
كما نوه إلى أن شركات مثل “جوجل” و “أمازون” و”فيسبوك” وشركات التكنولوجيا سيكون بإمكانها الطلب من البنوك المركزية.
وأيضا الحصول على رخص لإنشاء خدمات مالية أفضل من خدمات البنوك الحالية.
وأوضح أن الشركة الصينية العملاقة للتجارة الإلكترونية “علي بابا” عبر ذراعها المالية المتخصصة بالمدفوعات عبر الإنترنت بطلب الحصول على ترخيص للمعاملات الإلكترونية في بريطانيا.
وذلك في سعي منها لتوسيع نشاطها المالي عالمياً إنطلاقاً من أوروبا.
دراسة: واحد من ثلاث عملاء للبنوك مستعد للتحول لشركات التكنولوجيا
في السياق ذاته عرض فتوح، دراسة أجريت على 18 بلدًا خلال عام 2018 أظهرت أن واحدا من ثلاثة عملاء للبنوك وشركات التأمين العالمي مستعد لتغيير حساباته البنكية إلى “جوجل” و”أمازون” و “فيسبوك”.
وأشار إلى أنه ما يزيد قلق البنوك اليوم هو إعداد تشريعات تُعزّز المنافسة تحت اسم “المصرفية المفتوحة”.
وذلك عن طريق إجبار البنوك على السماح لطرف ثالث مثل أمازون أو غيرها للوصول إلى بيانات العملاء.
تطور دور الذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية
وتابع: في المستقبل القريب قد يتمكن العملاء من الحصول على إجابات لاستفساراتهم البسيطة مباشرة عبر خدمة الدردشة مع منصّة الذكاء الاصطناعي.
كما أن مفهوم الفروع المصرفية الكبيرة التي يعمل بها عدد كبير من الموظفين سيختفي ليحل محلّه الفروع المتنقلة “موبايل برانش”.
والتي يمكن استدعائها لتقديم خدمات للموظفين في شركة ما أو في تجمّع سكني معيّن.
وأوضح أن رحلة العميل داخل البنك،ستبدأ من عند روبوت الذكاء الاصطناعي الذي سيستقبل العملاء في كل فروع البنك.
ويقدّم لهم المساعدة والمعلومات حول المنتجات والخدمات المصرفية.
إضافة إلى إطلاعهم على مختلف الحلول المصرفية المبتكرة المقدّمة من البنك عبر إجراء محادثة معهم باللغة العربية.
مهنة الصراف البنكي قد تختفي
أكد الأمين العام لاتحاد المصارف أن هناك الكثير من المهن في البنوك قد تختفي في المستقبل القريب وبينها مهنة الصراف “التيللر”.
حيث من المتوقع أن يقل عدد الموظفين في القطاع المصرفي بشكل عام، لا سيّما فروع البنك التي ستعتمد على الخدمات الرقمية.
وذكر أنّ نسبة الوظائف التي تتطلّب مهارات الذكاء الاصطناعي شهدت زيادة تقارب خمسة أضعاف على الصعيد العالمي منذ 2013.
ومن المتوقع – بحسب خبراء في الموارد البشرية وتكنولوجيا المعلومات – أن تدار العديد من الوظائف والخدمات في منطقة الشرق الأوسط بالاستعانة بالذكاء الإصطناعي.
والذي سيعمل، وفقاً لشركة “غارتنر” للأبحاث، على إنشاء 2.3 مليون وظيفة.
بينما سيقضي على 1.8 مليون فقط، وبحلول العام 2022 سيعتمد واحد من كل خمسة موظفين في الغالب على الذكاء الاصطناعي للقيام بعمله.