وجّهت لجنة من المشرّعين في برلمان المملكة المتحدة ضربة لجهود بنك إنجلترا الساعية إلى إطلاق عملة رقمية، وقالت إنّ مسؤولي البنك لم يقدموا سبباً مقنعاً يفيد بأن هذه العملة ضرورية.
وأثارت لجنة الشؤون الاقتصادية في مجلس اللوردات، التي تضم في عضويتها حاكم بنك إنجلترا السابق ميرفين كينغ، مخاوف من احتمال أن يهدد المشروع استقرار النظام المصرفي، ويورّط البنك المركزي في سجال وجدال حول الخصوصية.
وفي بيان صدر الخميس، قال اللورد مايكل فورسيث، لورد دراملين ورئيس اللجنة: “إنّ إصدار عملة رقمية تابعة للبنك المركزي للمملكة المتحدة سوف تترتب عليه تبعات كبيرة على الأُسَر والشركات والنظام النقدي، ويبدو أن هذه الفكرة تنطوي على مخاطر كبيرة مقابل عائد لا يُذكر”.
ضربة لجهود إطلاق عملة رقمية
وتمثل هذه النتائج ضربة لأنصار ما يسمى بالعملات الرقمية للبنوك المركزية، أو “CBDC”، التي توفر للمستهلكين والشركات شكلاً من النقود آمناً مثل العملة الورقية، يمكن استخدامه في التعاملات على شبكة الإنترنت.
وأصبح مسؤولو بنك إنجلترا، وفي مقدمهم جون كانليف نائب محافظ البنك، يدافعون صراحة عن الحاجة إلى إصدار عملة رقمية للبنك المركزي، ويلاحظون أن الانخفاض الحادّ في استخدام النقود الورقية يضع هذه النقود تحت سيطرة الشركات الخاصة التي لا تتمتع بالضمان الحكومي الصريح الذي تتميز به أوراق النقد والعملات المعدنية.
تقرير اللوردات الذي حمل عنوان “العملات الرقمية للبنوك المركزية.. حل يسعى إلى مشكلة”، يردد أصداء عديد من المخاوف التي أثارها نقاد المبادرات العالمية للنقود الرقمية.
يلاحظ التقرير أن العملة الرقمية للبنك المركزي قد تتيح للدولة قدرة أكبر على مراقبة اختيارات الناس في الإنفاق، وقد تسبب اضطراباً في النظام المصرفي إذا غيَّر المستهلكون ودائعهم التقليدية وانتقلوا إلى العملة الرقمية المدعومة من البنك المركزي.
أمام نمو العملات المشفرة، ومن بينها “بتكوين”، يدرس بنك إنجلترا وبنوك مركزية أخرى طرح شكل من النقود الرقمية خاص بها، بهدف تعبيد الطريق أمام عمل المدفوعات عبر الإنترنت وتحقيق أمان النقود في شكلها الرقمي، وتحديث أوراق البنكنوت لتتواكب مع القرن الحادي والعشرين.
جذب غاسلي الأموال
مسؤولو بنك إنجلترا أنفسهم أظهروا حذراً إزاء تبنّي هذا المشروع، مع تحذير محافظ البنك أندرو بيلي في يونيو الماضي من أن النقود الرقمية تنطوي على خطر جذب “غاسلي الأموال ومعتادي الجرائم الإلكترونية”.
وتحدث كانليف نائب المحافظ مطولاً حول أساليب إدارة المشكلات الحرجة والخطرة التي تطرحها العملات الرقمية للبنوك المركزية، فيما قال اللوردات إنّ المخاطر المحتملة الأخرى تشمل “زيادة قوة البنك المركزي دون مراجعة دقيقة كافية”، علاوة على “تكوين نقطة مركزية للفشل تصبح هدفاً للدول المعادية أو الأعمال الإجرامية”.
وتحقق بنوك مركزية أخرى، مثل البنك المركزي الأوروبي، وبنك الشعب الصيني، تقدماً في مشاريعها الخاصة لإصدار عملات رقمية.
أقر البنك المركزي الأوروبي في أحد تقاريره الرئيسية حول الموضوع بأن إخفاء الهويات –وهو إحدى الخصائص الرئيسية في المدفوعات النقدية– “قد نضطر إلى استثنائه” في تعاملات اليورو الرقمي، من أجل منع بعض مخاطر الأنشطة غير المشروعة.