دخلت الحكومة اللبنانية في خلاف مع المصرف المركزي بشأن قراره وقف دعم المحروقات الذي استنزف احتياطيات النقد الأجنبي، قائلة إن الأسعار يجب ألا تتغير وإنه لا بد من استمرار الدعم لحين تنفيذ إجراءات لمساعدة الفقراء، بحسب وكالة رويترز.
وفي ظل تعارض موقفي الحكومة والمصرف المركزي، طالب مستوردو النفط بتوضيح، محذرين من نقص شديد في الوقود لعدم كفاية الإمدادات.
إلغاء الدعم يؤذن ببداية مرحلة جديدة في الأزمة المالية التي أفقدت العملة اللبنانية قيمتها
وقد يؤذن إلغاء الدعم ببداية مرحلة جديدة في الأزمة المالية التي أفقدت العملة اللبنانية أكثر من 90% من قيمتها منذ 2019 وأوقعت أكثر من نصف سكان البلاد في براثن الفقر.
ومنذ بداية الأزمة، يستخدم المصرف المركزي احتياطياته الدولارية لتمويل واردات الوقود بأسعار الصرف الرسمية التي تقلُّ كثيرًا عن سعر تداول الدولار في السوق الموازية.
البنك المركزي يدافع عن قراره
ودافع البنك المركزي عن قراره، قائلًا إنه أبلغ الحكومة قبل عام بأنه سيحتاج لتشريع جديد لاستخدام الاحتياطي الإلزامي من العملة، وهي الحصة من الودائع التي يُلزم القانون بالحفاظ عليها.
وقال البنك المركزي “رغم أن مصرف لبنان قد دفع ما يفوق 800 مليون دولار للمحروقات في الشهر المنصرم، وأن فاتورة الأدوية وغيرها من المواد الضرورية قد تضاعفت، فلا تزال كل هذه المواد مفقودة من السوق وتباع بأسعار تفوق قيمتها”.
وتابع أن هذا “يثبت ضرورة الانتقال من دعم السلع، التي يستفيد منها التاجر والمحتكر، إلى دعم المواطن مباشرة، وهو الأمر الذي يحفظ كرامة المواطنين في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد”.
القرار يثير حالة من التوتر والغضب
وأثار القرار حالة من التوتر والغضب مع انتظار قادة السيارات في طوابير لساعات أمام محطات البنزين دون القدرة على الحصول على الوقود في كثير من الأحيان.
وفشلت النخبة الحاكمة في رسم مسار للخروج من الأزمة، وهي الأسوأ منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990 حتى مع نفاد إمدادات الوقود والأدوية.
وأشار مستوردو النفط إلى أنه في حين طالبت الحكومة بضرورة استمرار بيع المنتجات البترولية بأسعار وفق سعر الصرف المدعوم، فإن البنك المركزي لن يفتح خطوط ائتمان لهم حاليًّا إلا بسعر السوق.
وقالوا إن سعر الصرف نفسه يجب أن يُطبق على الشراء والبيع. وقال مارون شماس، من تجمع الشركات المستوردة للنفط “نحن ننتظر منهم تسوية الأمر، وأن يفصحوا عما يريدون فعله”.
وأثار قرار البنك المركزي احتجاجات متفرقة، وإن كانت أسعار الوقود لم تتغير أمس الخميس وأُغلقت العديد من محطات التزود بالوقود.
الحكومة اللبنانية: يجب مواصلة الدعم
وأكدت الحكومة، عقب اجتماع طارئ لها، ضرورة مواصلة الدعم، وأن إجراءات تقنينه يجب ألا تبدأ إلا بعد طرح البطاقات التمويلية المسبوقة الدفع للفقراء، والتي كان البرلمان قد أقرّها في يونيو.
ونادت أيضًا بضرورة عدم تغيير أسعار المنتجات البترولية المكررة.
ولم يوضح بيان الحكومة كيف يمكن تحقيق ذلك إذا كان البنك المركزي سيُوقف توفير الدولار بالسعر المدعوم.
واتهمت الحكومة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بالتحرك بشكل منفرد.
وقال حسين إبراهيم، الذي كان يحتج على قرار سلامة في صيدا “جعلونا نفقد كل شيء في لبنان: فلا وقود ولا كهرباء ولا ماء.. لا شيء. إيجارات المنازل باتت تتكلف الملايين (من الليرة). فإلى أين يمكننا الذهاب من هنا؟!”.
الرئيس ميشال عون يستدعي محافط المركزى اللبنانى
وأفاد مصدر وزاري بأن الرئيس ميشال عون استدعى سلامة إلى القصر الرئاسي لاجتماع رفض خلاله سلامة التراجع عن القرار، قائلًا إن استخدام الاحتياطي الإلزامي يتطلب تشريعًا.
وقال المصدر إن فكرة مشروع القانون نوقشت في اجتماع مجلس الوزراء، وستعمل الحكومة على مسوَّدة لها.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، على تويتر، إن القرار “مخالف للقانون، وكذلك لا يراعي واقع الأزمة المعيشية والاجتماعية العميقة.
وستكون تداعياته خطيرة جدًّا على البلد، وأضراره أكبر بكثير من منافع حماية التوظيفات الإلزامية في مصرف لبنان؛ لأنه يدخل البلد في المجهول الاجتماعي والمعيشي”.
ورفض نواب من الكتلة البرلمانية لجماعة حزب الله الشيعية، تحرك سلامة، قائلين إنه يتعين طرح البطاقات التمويلية قبل اتخاذ أي قرار آخر أو إنهاء الدعم أو خفضه.