حصلت “المال” على ملامح أكثر تفصيلا بشأن الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا المالية التى أعدها البنك المركزى بالتعاون مع مكتب إرنست آند يونج، وأعلن عن بعض تفاصيلها فى وقت سابق، وتستهدف تحويل مصر لمركز مهم على المستوى العربى والأفريقى فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية وتشجيع الابتكار.
تتناول “الوثيقة” التى أعدها البنك المركزى المصرى محاور الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا المالية، والوقت المستهدف لتطبيق المبادرات التى تتم فى إطارها، بجانب الدور الذى قام به البنك المركزى للتجهيز للاستراتيجية حتى الآن، التى تأتى ضمن خطة مصر للتنمية المستدامة 2030.
قال المركزى إنه تم عمل بحث أولى عن 10 مجموعات من المستهلكين بالقاهرة ومناطق أخرى، بجانب لقاءات مع 30 من الجهات الفاعلة فى منظومة التكنولوجيا المالية فى مصر، لمعرفة متطلبات السوق وتطلعات أصحاب المصلحة، والتواصل مع الفئات غير المدمجة ماليًا والشركات الصغيرة والمتوسطة فى مختلف المناطق، بجانب ذلك درس البنك المركزى التجربة فى 8 أسواق دولية هى “البرازيل، والمملكة المتحدة، وكينيا، والهند، والصين، والفلبين، وسنغافورة”.
مرت استراتيجية التكنولوجيا المالية بثلاثة محاور أساسية لإعدادها هى تقييم النظام الحالى للتكنولوجيا المالية ومعرفة أبرز معوقاته فى مصر ثم تطوير محاور الاستراتيجية، وأخيرًا وضع خارطة طريق لتنفيذها، موضحًا أن المنهجية تقوم على 5 محاور أساسية هى الطلب والتمويل والتشريعات والموهبة والحوكمة.
أوضح البنك المركزى أن مصر لديها فرص قوية فى تحقيق الاستراتيجية استنادًا إلى عدد من المحفزات، وتضم 26% من عدد سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنحو 100 مليون نسمة، كما أن 44% من السكان يستخدمون شبكة المعلومات الدولية “الإنترنت” و93% لديهم هواتف ذكية، بينما مازالت نسبة غير المتعاملين مع القطاع المالى مرتفعة وتصل إلى 67%، لافتًا إلى أن الجامعات تضم 3.1 مليون طالب ويوجد فى مصر 18 مسرعة وحاضنة أعمال تهتم بالتكنولوجيا المالية وتقنية المعلومات.
بدأ تطبيقها يونيو الماضى و32 مبادرة تنتهى صيف 2021
أشار إلى أن الاستراتيجية بدأ تنفيذها فى النصف الثانى من العام الماضى، بإطلاق العديد من المبادرات، وتستهدف حتى نهاية النصف الأول من 2021، وتنفيذ 32 مبادرة دون ذكر تفاصيل عن هذه المبادرات، وكانت “المال” قد انفردت العام الماضى، بالكشف عن تولى مكتب إرنست آند يونج، إعداد الاستراتيجية الوطنية للتكنولوجيا المالية، المستهدف تنفيذها خلال 3 أعوام.
قال أيمن حسين، وكيل محافظ البنك المركزى لنظم الدفع، إن الاستراتيجية تعد حلقة الوصل بين رؤية البنك المركزى ورؤية مصر 2030 من ناحية، واحتياجات وتطلعات السوق المصرية من ناحية أخرى، وأن الاعتماد على تطبيقات التكنولوجيا المالية يحقق العديد من الفوائد، وتوفر تلك التطبيقات خدمات مالية تلبى احتياجات العملاء بأسعار تنافسية كما تساهم فى خفض تكاليف المؤسسات المالية، وتعظيم عوائدها والحد من المخاطر التى تتعرض لها.
تفاصيل 5 محاور المكونة للاستراتيجية
أوضح البنك المركزى أن محور الطلب فى مصر مدفوع باحتياجات المستهلكين الأفراد، والشركات الصغيرة والمتوسطة، والشركات والمؤسسات المالية، واستعدادهم لتبنى التكنولوجيا المالية، لا سيما أن مصر أكبر سوق بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يستحوذ على 26% من السكان، إلى جانب موقعها الجغرافى المتميز، مؤكدة أن مصر تمتلك فرص قوية للنمو لتصبح ذات ريادة فيما يتعلق بالتكنولوجيا المالية على مستوى المنطقة، عن طريق معالجة الأمية المالية وتعزيز لمعرفة والثقة فى الخدمات المالية .
كشف عن أنه يوفر الحوافز الكافية للشركات الناشئة فى مجال التكنولوجيا المالية، لتصبح قادرة على العمل مع القطاعين العام والخاص لتقديم حلولها والوصول للسوق.
على مستوى محور التمويل فإنه يركز على كيفية وصول الشركات لرأس المال خلال جميع مراحل دورة العمل والاستثمار فى البنية التحتية للتكنولوجيا المالية، لا سيما أن التوفير متاح، وتوفر الصناديق المحلية 1.5 مليار جنيه بينما الشهية للاستثمار وعدم قوة التنظيم يحدان من قدرة الشركات على الوصول لهذا التمويل.
شدد المركزى على أن إطلاق إمكانات التمويل يتطلب المزيد من الوضوح بشأن البيئة القانونية، مشيرة إلى إعلان البنك المركزى صندوق جديد بقيمة مليار جنيه لتمويل الابتكار، لا سيما فى التكنولوجيا المالية وكانت “المال” انفردت بالكشف عن عزم البنك المركزى زيادة رأس مال الصندوق لما يتراوح بين 350-500 مليون دولار خلال 5 أعوام من بدء العمل .
على صعيد محور التنظيم والتشريعات يركز على بيئة تنظيمية شاملة تتضمن Sandbox يضع ضوابط مختبر التكنولوجيا المالية والقوانين الخاصة بترخيص التكنولوجيا المالية، وتشجيع الحلول المشجعة لذلك، وقال المركزى إن ذلك يظهر فى قواعد تحويل الأموال من خلال الهاتف المحمول، من المقرر إصدارها قريبًا وسعيه لميكنة مبادىء أعرف عميلك E-KYC وزيادة الحدود، وإتاحة الإقراض والادخار لتعزيز الإنفاق الرقمى.
تطرقت الوثيقة إلى وجود عقبات تنظيمية ما زالت تواجه قطاع التكنولوجيا المالية، من أهمها عدم وجود إطار موحد لمنح التراخيص اللازمة للشركات الناشئة، لذلك دشن البنك المركزى وحدة التكنولوجيا المالية والابتكار لمعالجة المسائل التنظيمية والإدارية، وتيسير عملية تحديث هذه التشريعات وتوسيع نطاق توقيع مذكرات التفاهم مع الجهات الدولية لتمكين العمل المشترك وتبادل المعرفة.
بينما المحور الخامس الموهبة يركز على توافر المواهب وتطوير الخطط والبيئة المواتية لجذب واستبقاء المواهب المحلية والدولية، قال البنك المركزى إنه يوجد ما يمكن تسميته بخزان مواهب فى مصر بالجامعات، ويبلغ عدد الطلبة 3.1 مليون طالب، ويوجد 11 حاضنة أعمال، و8 مسرعات و12 صندوقًا للاستثمار مختلفة القطاعات، ما يعد أدوات تمكين لدعم ريادة الأعمال فى مصر .
خطوات تنفيذية لتنمية المواهب ومحفزات للحفاظ عليها داخل مصر
أشار البنك المركزى إلى أنه ضرورى تطوير مناهج مناسبة تجمع بين التكنولوجيا والأعمال لتزويد الشباب المصرى بمهارات جاهزة للمستقبل، من خلال الشراكات بين العمل الأكاديمى والقطاع الخاص ومراكز التدريب، مشددًا على أن هذا الأمر ليس كافيًا لأن تنمية المواهب قد يخلق موجة هجرة للخارج للبحث عن فرص لتأسيس الشركات، لذلك يعمل المركزى مع الجهات المعنية لتوفير الحوافز المالية وغير المالية لاستبقاء المواهب داخل مصر وجذب مواهب من الخارج للعمل فى بيئة مناسبة .
تطرق إلى تدشين مركز التكنولوجيا المالية لتعزيز وصول هؤلاء الشباب إلى الدعم القانونى والمحاسبى ومعرفة البيئة التنظيمية للشركات الناشئة .
المحور الرابع يركز على التعاون الفعال بين أطراف المنظومة ودعم القطاعين العام والخاص لتحقيق النمو المستدام، وقال المركزى إن حوكمة قطاعات التكنولوجيا المالية من أهم المحاور فحاليًا تخضع هذه الشركات لأكثر من جهة، منها البنك المركزى وهيئة الرقابة المالية، وجهاز تنظيم الاتصالات، ووحدة مكافحة غسيل الأموال، ولا يوجد جهة واحدة يتعامل معها أصحاب هذه الشركات.
لأجل ذلك ذكر المركزى أنه أنشأ “FinTechHub” ليكون بمثابة جهة موحدة يتعامل معها قطاع التكنولوجيا المالية، لضمان أعلى درجات الكفاءة عند تنفيذ الاسترايتجية، بجانب دور المجلس القومى للمدفوعات .
نوه إلى أن الاستراتيجية تستهدف تنفيذ تطلعات وطنية لتصبح مصر مركزا للتكنولوجيا الوطنية، يدعم رؤية مصر 2030، من خلال تحديث قطاع الخدمات المالية، وتعزيز الاستثمار الأجنبى المباشر، ومهارات القوى العاملة والتدريب، بجانب أهداف البنك المركزى الاستفادة من التكنولوجيا المالية لإدارة التطور التنظيمى، وتعزيز الشمول المالى، وتحسين وصول الشركات الصغيرة والمتوسطة للخدمات المصرفية والتمويل، ودعم الانتقال إلى الاقتصاد الرقمى وغير النقدى .
كما تسعى لتحقيق تطلعات السوق من خلال تحويل المؤسسات المالية لتكون أكثر رقمية، وتعزيز استقرار النظام المالى المحلى لتعميق التعاون مع شركات التكنولوجيا المالية، لبناء الحلول للتحديات الاجتماعية والمالية التى تؤثر على المجتمعات المحلية، بجان تطلعات المستهلكين للحصول على حلول مبتكرة ومقنعة لتلبية احتياجاتهم .
الخطوات المنفذة منذ يونيو الماضي
لفت البنك المركزى إلى أن الخطوات التنفيذية التى تم اتخاذها إلى الآن منها إنشاء صندوق تمويل الابتكارات بقيمة مليار جنيه، وإعطاء الأولوية لشركات التكنولوجيا المالية، والعمل على تحديث قواعد الدفع عبر الهاتف المحمول، وإطلاق “Sand Box” الخاص بالشركات الناشئة، وبدء الفوج الأول لمختبر التكنولوجيا المالية بشأن ميكنة مبادئ أعرف عميلك E-KYC، وإطلاق بوابة التكنولوجيا المالية كمنصة افتراضية تضم الفاعلين فى القطاع، وإنشاء وحدة داخل البنك المركزى للتكنولوجيا المالية وتوقيع عدد من مذكرات التعاون الدولية والترويج للاستراتيجية فى المحافل الدولية .
ذكر أن كل جنيه يستثمره فى التكنولوجيا المالية يحقق مساهمة بقيمة 1.6 جنيه فى الناتج المحلى، بينما كل وظيفة يتم توفيرها فى قطاع التكنولوجيا المالية تعزز 5.6 وظيفة أخرى بشكل غير مباشر .
260 مليار دولار تقديرات إيرادات التكنولوجيا المالية عالميًا خلال 2025
قال إن التكنولوجيا المالية خلال الأعوام الماضية أصبحت قوة رئيسية فى القطاعات المالية، وتحويل الأموال على مستوى العالم، بظهور العديد من التطبيقات والابتكارات التجارية الجديدة، حتى وصل إجمالى ما تم استثماره فى 5 أعوام الماضية 160 مليار دولار وفقا للتقديرات، بينما ومن المقرر أن تصل الإيرادات من القطاع إلى 260 مليار دولار فى 2025 .