استمرت الولايات المتحدة في فرض القيود السياسية على هواوي بما فيها حظر وعقوبات لإبعاد ((هواوي)) عن السوق العالمي للجيل الـ5 (5G) وإجبار حلفائها على فعل الشيء ذاته.
و شهدت ((هواوي)) تعرض أعمالها الخاصة بالـ5G في العديد من الأسواق الأوروبية للتخريب في الأشهر الأخيرة، رغم تواجد الشركة المستمر في أنحاء القارة.
القيود السياسية على هواوي
قررت بريطانيا إزالة جميع معدات ((هواوي)) من شبكاتها الخاصة بالـ5G بحلول عام 2027. في 30 نوفمبر، أكدت الحكومة البريطانية على ضرورة عدم قيام شركات الاتصالات البريطانية بتركيب معدات جديدة خاصة بالـ5G من إنتاج ((هواوي)) بعد سبتمبر 2021.
وذكر فرع ((هواوي)) في بريطانيا في بيان إن هذا القرار “لا يخدم المصالح الفضلى لأحد لأنه سينقل بريطانيا إلى المسار الرقمي البطيء ويعرض خطة التطوير الحكومية للخطر”.
في أكتوبر، قالت السويد إنه يجب إزالة جميع معدات ((هواوي)) و((زد تي إي))، وهي شركة صينية أخرى، من بحلول عام 2025، وهو قرار طعنت فيه ((هواوي)) ونقضته الآن جزئيا محكمة إدارية.
ولفت أبراهام ليو، الممثل الرئيسي لشركة ((هواوي)) لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي، إلى أن فرض حظر على ((هواوي)) من شأنه أن يحد بشكل كبير من طموحات أوروبا في مجال الـ5G، ما قد يتسبب في انتكاسات متعددة السنوات ويسمح للولايات المتحدة بتحديد ماهية التكنولوجيا المتاحة ومن يمكنه استخدامها، ولن تحقق أوروبا استقلالها الإستراتيجي.
“إن القيام بذلك قد يؤثر سلبا على الشركات المحلية ويتسبب في تخلف أوروبا عن أسواق آسيا أو أمريكا الشمالية من الناحية التكنولوجية، وذلك من حيث الفرص الجديدة الناتجة عن الابتكار في تكنولوجيا الـ5G، حسبما قال ليون لاولسا نائب الرئيس التنفيذي لكلية إدارة الأعمال (ESCP) في حديثه لوكالة أنباء ((شينخوا))
أوروبا لن تستبعد ((هواوي))
أشار لاولسا إلى أنه لم تحذو جميع الدول الأوروبية نفس الحذو عندما طلبت منهم الولايات المتحدة طرد ((هواوي)).
كما أظهرت بيانات جمعتها ((شينخوا)) أن ((هواوي)) لا تزال لها حضور قوي في سوق الـ5G الأوروبية.
في إسبانيا، وهي واحدة من أوائل الدول في أوروبا التي امتلكت خدمات الـ5G التجارية، تغطي شبكة الـ5G التابعة لمجموعة الاتصالات البريطانية ((فودافون)) الآن 21 مدينة كبرى، 16 منها بالتعاون مع محطات ((هواوي)) الرئيسية.
وفي شهر سبتمبر، أعلنت شركة ((أورانج)) الفرنسية لتشغيل شبكات الهاتف المحمول عن طرح خدمات الـ5G التجارية في خمس مدن كبرى، تستخدم في ثلاث منها معدات هواوي.
وفي ألمانيا، عملت ثلاث شركات اتصالات رئيسية – ((دويتشه تليكوم)) و((فودافون)) و((تليفونيكا)) – بنشاط للترويج لشبكات الـ5G في السنوات الأخيرة، باستخدام عدد كبير من معدات ((هواوي)).
وقالت شركة ((تيلينور))، أكبر مشغل للهواتف المحمولة في النرويج، إنها ستواصل العمل مع ((هواوي)) من أجل شبكات الـ5G الخاصة بها وإن الشركة الصينية ستشارك بشكل كامل في هذه العملية.
كما أن فنلندا، التي فتحت إحدى أكبر شبكات الـ5G في أوروبا في ديسمبر الماضي، لم تبد أي نية لحظر ((هواوي)).
وفي أوروبا الشرقية، أنشأت شركة ((فيفاكوم)) البلغارية خدمات الـ5G في 27 مدينة في شهر سبتمبر، حيث كانت شبكاتها اللاسلكية مقدمة من جانب ((هواوي)).
هواوي لا زالت متواجدة في أوروبا
ويتجاوز تعاون صربيا مع ((هواوي)) شبكات الـ5G.
وقالت رئيسة الوزراء آنا برنابيتش إن بلادها ستعمل مع ((هواوي)) على إدخال الذكاء الاصطناعي ورقمنة التعليم وإدخال المدن الذكية في جميع أنحاء البلاد، عندما فتحت ((هواوي)) مركزا للابتكارات والتطوير في بلغراد في 14 سبتمبر.
وذكر ديفيد هابر، الاقتصادي الفرنسي بجامعة حيفا الإسرائيلية، أن “أوروبا تحاول إيجاد حل وسط”، مضيفا “إنها لا تريد استعداء أمريكا، لكنها تريد الاحتفاظ باستقلاليتها فيما يتعلق بالقرارات الاقتصادية. إنها لن تستبعد ((هواوي))، ولكنها تحاول بعناية اختيار بعض المعدات وتجنب البعض الآخر”.
الالتزام بالتحول الرقمي في أوروبا
في فرنسا، تعمل ((هواوي)) الآن مع اثنين من مشغلي الاتصالات الفرنسيين لبناء شبكات الـ5G. وقال شي وي ليانغ، رئيس فرع ((هواوي)) بفرنسا، لـ((شينخوا)) “نحن مستعدون لمرافقتهم لإطلاق خدمات الـ5G بناء على جداولهم الزمنية”.
“نعتقد أن الـ5G سيضفي حيوية جديدة على الاقتصاد والمجتمع الفرنسي، ونحن على استعداد للمساهمة في النظام البيئي المحلي من خلال استخدام تقنياتنا الرائدة والتعاون مع شركائنا”، حسبما ذكر شي.
في شهر أكتوبر، افتتحت ((هواوي)) مركزا جديدا للبحث والتطوير في باريس، وهو السادس في فرنسا. وقال شي “فرنسا هي شريكنا على المدى الطويل. نسعى دائما إلى تحقيق شعار “في فرنسا، من أجل فرنسا”.
وفي بولندا، ساهمت ((هواوي)) في معدل الاختراق العالي للإنترنت عبر الهاتف المحمول في البلاد، وأثناء هذه العملية خلقت أكثر من 3 آلاف وظيفة راقية، وفقا لما ذكره توني باو الرئيس التنفيذي لفرع ((هواوي)) في بولندا.
وأظهر تقرير صدر عن (أكسفورد إيكونوميكس) مؤخرا أن ((هواوي)) ساهمت بمبلغ 16.4 مليار يورو (19.9 مليار دولار أمريكي) في الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا ودعمت 224300 وظيفة في عام 2019. كما حققت الشركة 6.6 مليار يورو من الإيرادات الضريبية للسلطات الأوروبية في نفس العام.
وبالنسبة إلى لاولسا، تهدف ((هواوي))، شأنها شأن ((شنايدر)) و (سيمنز) في الصين منذ سنوات، إلى تحويل نفسها من شركة صينية في أوروبا إلى شركة محلية، باستخدام الكفاءات والموارد المحلية.
وقال إن “((هواوي)) تستخدم مساهمتها الكبيرة في الاقتصاد الوطني والأوروبي كدعامة لدورها، مسندة في ذلك إلى أن الجانبين سيفوزان من خلال السماح للشركة بالبقاء في أوروبا”.
“لا لاستخدام الأمن كلعبة سياسية”
فيما يتعلق بالمخاوف الأمنية لبعض الدول، أخبرت ((هواوي)) ((شينخوا)) أن الاتهامات الأمريكية لا أساس لها وأن ((هواوي)) تقبل أي شكل من أشكال تقييم تكنولوجيا أمن الشبكات والتحقق منها، دون أن يقتصر ذلك على الأجهزة أو البرامج أو حتى الكشف عن رمز المصدر.
وفي وقت سابق من هذا العام، افتتحت ((هواوي)) مركز شفافية للأمن السيبراني في بروكسل لعرض ممارساتها الشاملة للأمن السيبراني.
وذكر باو، الرئيس التنفيذي لفرع ((هواوي)) في بولندا، أن “((هواوي)) خضعت لأشد الاختبارات صرامة للأمن السيبراني في صناعة تكنولوجيا المعلومات.
وقد انتهت منظمات مثل ((BSI)) في ألمانيا و((SERTIT)) في النرويج و((CCN)) في إسبانيا من إعداد تقييم مستقل وأصدرت شهادات لمنتجاتنا.
وبالإضافة إلى ذلك، خضعت أجهزة ((هواوي)) للاختبار على مستوى المصدر من قبل مركز تقييم الأمن السيبراني في المملكة المتحدة لمدة 10 سنوات متتالية.
وتوضح تقاريرهم أن ((هواوي)) ليس لديها باب خلفي”.
وقال رئيس فرع ((هواوي)) بفرنسا إن منتجات ((هواوي)) حصلت على أكثر من 270 شهادة خاصة بالأمن الإلكتروني وحماية خصوصية المستخدم صادرة عن أطراف ثالثة مستقلة وموثوقة.
وفي فرنسا، بناء على إرشادات الوكالة الوطنية الفرنسية للأمن السيبراني، أطلقت ((هواوي)) حملة كاملة من الاختبارات على منتجاتها الخاصة بالـ5G، بالتعاون مع ((Thales-Cesti))، المتخصصة في التقييم الأمني.
وذكر شي أن “النتيجة مرضية للغاية، حيث تظهر أن منتجات الـ5G الخاصة بـ((هواوي)) تتمتع بنظام أمن جيد للغاية. سنواصل التعاون مع الوكالة الوطنية الفرنسية للأمن السيبراني من أجل تلبية جميع فحوص الأمن اللازمة”.
وقال كبير ممثلي ((هواوي)) لدى مؤسسات الاتحاد الأوروبي “نؤمن بأن الأمن في غاية الأهمية بحيث لا يمكن استخدامه كلعبة سياسية”.
وكتب أبراهام ليو على تويتر يقول “لقد امتثلنا لتشريعات الاتحاد الأوروبي على مدار العشرين عاما الماضية، واستطعنا من خلاله نيل ثقة الشركاء والحكومات على حد سواء لبناء أجزاء كبيرة من الشبكة، دون حدوث خرق أمني كبير واحد”، مضيفا ” ونحن نتطلع إلى القيام بذلك باستمرار”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.