تسببت القاعدة الدستورية التي من خلالها سيتم تنظيم وشكل العملية الانتخابية المقبلة في ليبيا، في ظهور خلافات حادة بين الليبيين .
وتهدد هذه الخلافات مصير الانتخابات التي لم يتبق عليها سوى أقل من 6 أشهر، وبات موقفها غامضاً ومجهولاً، وربما تدفع نحو تأجيلها حال استمرت حالة الاستقطاب، بحسب محللين وخبراء ليبيين.
خلافات حادة بين الليبيين
وقال فرج الدالي، المحلل السياسي في تصريح لوكالة أنباء (شينخوا)، إن “الاستقطاب بين الفرقاء السياسيين متوقع ومقبول في بيئة سياسية مضطربة، لكن ينبغي أن يؤدي الحوار والخلاف في نهاية المطاف، إلى نقطة اتفاق وليس نسف خارطة الطريق التي شكلت برعاية أممية بغاية الصعوبة”.
وأضاف الدالي “القاعدة الدستورية يجب أن تنتهي بتوافق مقبول، ويجب على أعضاء ملتقى الحوار عدم البحث عن سند دستوري مثالي، لأنها في النهاية ليست مشروع دستور، هي فقط وثيقة تشكل إطار قانوني منظم للانتخابات المقبلة، التي ستؤدي إلى انتقال ليبيا من الحالة الانتقالية إلى الدائمة عبر انتخاب برلمان ورئيس للدولة”.
وتابع “يمكن تأجيل بقية الأمور والمخاوف والخلافات حتى اعتماد مشروع الدستور، حينها ستكون الفرصة والتوقيت مناسبين لأي نقاشات عميقة”.
واختتمت أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي التي استمرت ليومين (عن بعد) الخميس الماضي، لبحث مقترح القاعدة الدستورية المنظمة لعملية الانتخابات المقبلة.
وقدمت اللجنة القانونية بملتقى الحوار السياسي الشهر الماضي، مقترحاً للقاعدة الدستورية لطرحه على أعضاء الملتقى الـ 75 والتصويت عليه.
فشل التصويت على المقترح
لكن وعلى مدى يومين فشل أعضاء متلقى الحوار في التصويت على المقترح، ما دعا الأمم المتحدة إلى التحضير في عقد اجتماع مباشر لأعضاء الملتقى بعد ثلاثة أسابيع.
أبو بكر محمود الأستاذ الجامعي، يرى أن الفشل في التوصل إلى توافق في جلسة الخميس، أجبر الأمم المتحدة إلى التحضير لعقد اجتماع مباشر وليس افتراضي لملتقى الحوار.
وأوضح الأستاذ الجامعي لـ(شينخوا) وجهة نظره “خلال البيان الختامي لبعثة الأمم المتحدة، أظهرت كلمة المبعوث الأممي استياء وغضب من حالة الخلاف التي سادت بين الفرقاء.
وهدد المبعوث يان كوبيش السياسيين بضرورة حسم الخلاف حول القاعدة الدستورية، وأن المجتمع الدولي سوف يعاقب كل من يعرقل الانتخابات”.
وأشار الأستاذ الجامعي في كليات القانون، إلى أن المجتمع الدولي “لن يسمح لأي طرف سياسي في ليبيا بتأجيل الانتخابات، بل سيدفع بأي طريقة ممكنة لإقامتها في موعدها، لأن بديلها العودة للحرب والانقسام الذي أنهك ليبيا لعشر سنوات”.
وقال يان كوبيش، المبعوث الدولي إلى ليبيا في كلمته في ختام الاجتماع الأخير، إنه لا يمكن تأخير الاستحقاق المؤدي للانتخابات.
وأضاف “الشعب الليبي لا يستطيع تحمل المزيد من التأخير، وإن عرقلة المسار السياسي للإبقاء على الوضع الراهن ليست خيارا ولا يمكن استمراره”.
كما طالب المبعوث الأممي بتجنب توسيع النقاش بين الفرقاء حول الأزمة الليبية، وطالب بتركيز الجهود حول تمرير القاعدة الدستورية لإجراء الانتخابات دون إبطاء.
خطورة تأجيل الانتخابات
كما ذكر بخطورة تعطيل الحوار ومحاولة إفشال الانتخابات، ملوحاً بالعقوبات التي حددها مجلس الأمن الدولي بشأن أي شخصية أو كيان سياسي يهدف إلى التشويش وعرقلة الانتخابات المقبلة.
ويدور الخلاف الأكبر بين الفرقاء الليبيين حول آلية اختيار رئيس الدولة، حيث تنقسم الآراء بين انتخابه من الشعب مباشرة، أو تعيينه من قبل البرلمان، كما تسبب شكل وحجم الصلاحيات الممنوحة رئيس البلاد أيضا خلافاً كبيراً حولها.
ويعتقد فرج التكبالي، المحلل السياسي، أن الخلاف بشأن انتخاب أو تعيين رئيس البلاد، أكبر وأهم عائق بشأن تمرير القاعدة الدستورية.
وأكد التكبالي أن “حساسية وأهمية الوضع في ليبيا تعكس اهتمام الفرقاء بهذا الأمر، حيث إن كل طرف على يقين بأن انتخاب الرئيس مباشرة، سوف ينهي أحلام وطموحات العديد من المتصدرين للمشهد السياسي، وبالتالي فإنه وضماناً لبقاء الكيانات السياسية بعينها، فإن اختيار الرئيس من البرلمان بدلا من انتخابه، يمثل ضمانة لاستمرار مشروعهم في السلطة”.
وأردف “الليبيون وبمختلف أطيافهم ومن خلال استطلاعات الرأي وبالرغم من محدوديتها، يفضلون اختيار رئيسهم، لأنهم لا يثقون بنواب يقوموا بتعيين رئيس دولة محدد الصلاحيات أو يخضع للمحاصصة، التي ستجعله منزوعا من أدوات تمكنه من اتخاذ قرارات مصيرية بمعزل عن تدخل المتداخلين الأجانب في الملف الليبي”.
وختم المحلل السياسي “لا ننسى أن هناك أطرافا أيضاً وعبر هذا الاستقطاب وإثارة الخلاف، تهدف إلى تأجيل الانتخابات بأي طريقة ممكنة (…)، ربما تنجح خاصة وأن العملية السياسية في ليبيا برمتها هشة ويمكن لها الانهيار في أي لحظة”.
وبموجب خارطة الطريق التي رعتها الأمم المتحدة، فإن أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي الـ 75 يقع على عاتقهم اختيار سلطة تنفيذية جديدة (حكومة ومجلس رئاسي)، وهو ما تم خلال اجتماع بجنيف في الـ 5 من شهر فبراير الماضي.
وستقود الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، البلاد حتى إجراء الانتخابات.
وتنتهي خارطة الطريق بمجرد إجراء عملية الانتخابات العامة (الرئاسية والبرلمانية) في الـ 24 من ديسمبر القادم.
وعانت ليبيا من فوضى أمنية وصراع على السلطة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي في العام 2011.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.