حذرت وكالة الأغذية والزراعة FAW، التابعة لمنظمة الأمم المتحدة من استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية خلال العام الجارى بعد أن قفز مؤشر الفاو الذى يتتبع أسعارها على مستوى العالم إلى حوالى 134 نقطة ليسجل أعلى مستوى منذ أكثر من 10 سنوات حينما بلغ 132 نقطة فى عام 2011.
وترى وكالة الفاو أن ارتفاع أسعار الغذاء المتوقع خلال العام الجارى سيضر كثيرا بالدول النامية والفقيرة التى تعتمد على استيراد معظم المواد الغذائية الرئيسية مثل القمح والأرز ولاسيما أن الأسعار ظلت ترتفع طوال الشهور الأربعة التى سبقت ديسمبر الماض ىبسبب ضعف حصاد الحبوب فى العديد من الدول الكبرى المنتجة لها وتزايد الطلب عليها بالمقارنة بعام الوباء.
وذكرموقع فارم بوليسى نيوز لأبحاث أسواق المنتجات الغذائية الزراعية بولاية تينيسى الأمريكية أن أسعار المواد الغذائية قفزت بأكثر من %28 خلال العام الثانى من الوباء لتسجل أعلى مستوى منذ مايزيد عن عقد وأن الآمال بعودة أسواق أكثر استقرارا هذا العام متواضعة جدا.
وتراجعت أسعار الغذاء العالمية على مؤشر الفاو – الذى يتتبع التغيرات الشهرية فى الأسعار الدولية للسلع الغذائية المتداولة – بشكل طفيف فى ديسمبر الماضى مع انخفاض الأسعار العالمية للزيوت النباتية والسكر بشكل كبير عن المستويات المرتفعة حيث بلغ متوسط مؤشر الفاو لأسعار الغذاء 133.7 نقطة بانخفاض %0.9 عن نوفمبر، لكنه لا يزال مرتفعا بنسبة %23.1 عن ديسمب من عام الوباء ر 2020.
ويتوقع الخبير الاقتصادى عبد الرضا عباسيان بوكالة الفاو أن تنحسر الأسعار المرتفعة فى حالة زيادة إنتاج المحاصيل مثل القح والأرز هذا العام ولكن التكلفة المرتفعة للمدخلات، والوباء العالمى المستمر والظروف المناخية المتزايدة الغموض تقلص التفاؤل بالعودة إلى أسعار ما قبل الجائحة.
أسعار متقلبة ببداية العام
وسجلت الحبوب أسعارا متقلبة فى بداية العام الجارى مع تأثر أسواق البذور الزيتية بالجفاف فى أمريكا الجنوبية والفيضانات فى ماليزيا المشهورة بإنتاج هذه البذور بينما انخفض مؤشر الفاو لأسعار الحبوب فى ديسمبر الماضى بنسبة %0.6 مقارنة بشهر نوفمبر، بسبب انخفاض أسعار تصدير القمح وسط تحسن الإمدادات فى أعقاب حصاد النصف الجنوبى من الكرة الأرضية.
كما زادت أسعار الزيوت النباتية بحوالى %3.3 ولكن الطلب القوى والمخاوف لاستمرار الجفاف فى البرازيل يجعل الأسعار ترتفع هذا العام كما أن المؤشر الفرعى لمنتجات الألبان زادت خلال فى ديسمبر الماضى للشهر الخامس على التوالى.
وكان مؤشر الفاو لمتوسط أسعار الحبوب قفز بأكثر من %27 خلال عام الوباء ليسجل أعلى مستوى سنوى له منذ عام 2012 مع ارتفاع أسعار الذرة %44.1 والقمح %31.3 لكن الأرز انخفض بنسبة %4 لتزايد الإنتاج وانخفضت أيضا أسعار زيت النخيل وزيت عباد الشمس مما يعكس الطلب العالمى الضعيف على الواردات والذى قد يكون مرتبطًا بالمخاوف بشأن تأثير ارتفاع حالات كورونا عير أن أسعار الزيوت النباتية قفزت العام الماضى إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، بزيادة %65.8 عن عام الوباء.
وصعد مؤشر الفاو لأسعار السكر بحوالى %30 خلال عام 2021 ليسجل أعلى مستوى منذ ستة سنوات وبالمقارنة بعام 2020 ولكنه انخفض فى ديسمبر بنسبة %3.1 عن نوفمبر، ليصل إلى أدنى مستوى منذ خمسة شهور، مما يعكس المخاوف من التأثير المحتمل لسلالة أوميكرون المتحورة على الطلب العالمى.
زيادة أسعار اللحوم
وتقدم مؤشر الفاو لأسعار اللحوم خلال العام الماضى بحوالى %12.7 مقارنة بالعام الأول لظهور فيروس كورونا زلكنه استقر نوعا خلال الشهر الماضى بينما كان مؤشر الفاو لأسعار منتجات الألبان هو المؤشر الفرعى الوحيد الذى ارتفع فى ديسمبر ولكن بنسبة منخفضة بلغت %1.8 عن الشهر السابق وخصوصا الأسعار العالمية للزبدة واللبن البودرة بسبب هبوط إنتاج الحليب فى غرب أوروبا وأوقيانوسيا بينما تراجعت أسعار الأجبان بنسبة طفيفة غير أن متوسط مؤشر الفاو لأسعار منتجات الألبان صعد العام الماضى بما يزيد عن %16.9 مقارنة بعام 2020.
وشهدت أسعار العقود الآجلة الأميركية للقمح خلال تعاملات العام الماضى أعلى مستوياتها منذ ثمانية أعوام ونصف العام مدعومة بطلب قوى وهبوط فى الإمدادات العالمية بسبب كورونا الذى تسبب فى قيود متشددة جعلت الموانئ مزدحمة بسفن الشحن وتنتظر تفريغها كما جاء صعود أسعار القمح بعد موجة صفقات فى سوق التصدير أبرزها صفقة ضخمة حجمها 1.3 مليون طن اشترتها السعودية.
وسجلت أسعار الحبوب خلال تعاملات العام الماضى فى بورصة شيكاغو التجارية أعلى مستوى لها منذ يناير 2013 كما صعدت الأسعار فى بورصة باريس يورونكست إلى أعلى مستوى فى 13 عاما ونصف العام مع ضعف حصاد القمح فى الربيع وزيادة رسوم التصدير التى فرضتها روسيا بسبب توقعات بشح نسبى فى الإمدادات هذا الموسم.
ارتفاع الحبوب فى العراق والجزائر
ومن ناحية أخرى أعلنت الجزائر أن الحكومة سترفع أسعار شراء القمح والشعير من المزارعين المحليين للتشجيع على الإنتاج وتحقيق الأمن الغذائى ليصل سعر شراء القمح الصلد إلى 6 آلاف دينار أو 43.08 دولار للقنطار (الذى يساوى 100 كيلوجرام) من 4500 دينار جزائرى، بينما ستزيد سعر شراء القمح اللين من 3500 إلى 5000 دينار وسعر شراء الشعير إلى 3400 دينار للقنطار من 2500 سابقا.
وحذرت حكومة العراق أيضا من عدم الاكتفاء الذاتى لمحصول القمح وغيره من الحبوب، هذا العام بسبب أزمة فى أنتاجه نتيجة خفض المساحات المزروعة إلى 2.5 مليون دونم، والتى تمثل %50 من المساحة المزروعة فى العام الماضى بسبب شح المياه وانخفاض واردات نهر دجلة عبر تركيا بعد أن تقلصت من 31 مليار متر مكعب عام 2019 إلى 11 مليار متر مكعب عام 2020 ومع صعوبات الاستيراد المرافقة للأزمة العالمية الأمر الذى رفع سعر كيس طحين القمح المستورد من 15 دولارًا مطلع العام الحالى الى 36 دولارًا هذا الأسبوع.