تعرّضت صادرات السلع الأساسية من أوكرانيا، أحد أهم مورّدي الحبوب في العالم، إلى حالة من الفوضى بعد أن أجبر الغزو الروسي لأوكرانيا الموانئ والسكك الحديدية على البدء في الإغلاق.
وقال مكتب الرئاسة الأوكرانية، إنَّ الموانئ مغلقة، في حين ذكر أحد أكبر مستخدمي السكك الحديدية أنَّ الحكومة أوقفت حركة النقل.
وصرّح أشخاص مطلعون على الأمر في وقت سابق أنَّ الموانئ الأوكرانية ما زالت تقوم بتحميل وتفريغ البضائع من السفن الراسية بالفعل، لكنَّ التجار لم يعد بإمكانهم حجز السفن لنقل البضائع من موانئ البلاد وإليها.
تبعات الغزو الروسي لأوكرانيا
حازت التربة الخصبة والغنية في أوكرانيا على لقب “سلة غذاء أوروبا”، إذ تعد البلاد ثاني أكبر مورّد عالمي للحبوب، فضلاً عن أنَّها مُصدّر رئيسي لزيت عباد الشمس، كما أنَّها مُنتِج إقليمي مهم لمكورات خام الحديد والصلب، إضافة إلى أنَّ جميع السلع التي تنتجها أوكرانيا تقريباً عبارة عن سلع ضخمة تتطلب بنية تحتية للقطارات والموانئ.
وسيُسمح للسفن التي تم تحميلها بالمغادرة، لكن تلك التي تنتظر الرسو لن تتمكّن من ذلك، بحسب ما قال أحد الأشخاص المطلعين على الأمر. وتوقّفت أربع سفن على الأقل كانت تُبحر إلى موانئ في أوكرانيا قبل أن تصل إلى وجهاتها، وكانت على بعد أميال من البلاد، وفقاً لبيانات تتبع الناقلات التي جمعتها “بلومبرغ”.
وستتأثر تجارة الحبوب العالمية بسبب الأزمة الراهنة؛ فقد حددت مصر، أكبر مستورد للقمح، موعداً لتقديم مناقصة شراء يوم الخميس، لكنَّها مددت الموعد النهائي لتقديم الطلبات بعد أن تلقَّت عرضاً واحداً فقط. يميل القمح الروسي والأوكراني إلى الظهور بشكل بارز في المناقصات المصرية.
وقال شخص مطلع على الأمر، إنَّ سفينة واحدة على الأقل كانت تحمل القمح بميناء في أوكرانيا لصالح الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر، لكنَّها توقفت، وعاد الطاقم إلى الفندق مرة أخرى.
وأضاف عامل بمنجم خام الحديد الأوكراني “فيريكسبو”، إنَّ الحكومة علّقت النقل بالسكك الحديدية في المقاطعة، وهذا يعني أنَّه حتى لو أُعيد فتح الموانئ؛ فإنَّ الشحنات ستتوقف بمجرد نفاد مخزونات الميناء، وقالت شركة الصلب العملاقة “أرسيلور ميتال” ، إنَّها أبطأت الإنتاج في مصنعها إلى “الحد الأدنى التقني”، وستوقف الإنتاج من مناجم الحديد الخام تحت الأرض.
البنوك تفرض قيودا على نقل السلع الأساسية
من ناحية أخرى؛ فرضت البنوك قيوداً على تمويل نقل السلع الأساسية داخل أوكرانيا، فقد انسحب بعض السكان تماماً، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر، وقال الأشخاص الذين رفضوا الإفصاح عن أسمائهم لحساسية الأمر، إنَّ تجار الحبوب كانوا يكافحون من أجل الحصول على تمويل للمكاييل المخزّنة في صناديق في جميع أنحاء البلاد.
وأضاف الأشخاص أنَّ بعض البنوك الأوروبية بدأت أيضاً في تقييد التعرض لتجارة السلع الأساسية في روسيا وأوكرانيا قبل الغزو تحسباً لعقوبات محتملة.
وارتفعت أسعار الزراعة بالفعل، فقد زادت أسعار أسواق القمح والذرة عن الحد الأقصى المسموح به في بورصة شيكاغو، وقفزت العقود الآجلة للمحصولين بأكثر من 5%، في حين ارتفعت أسعار القمح في باريس بنسبة 16% إلى مستوى قياسي جديد.
وقالت وكالة النقل البحري والنهري الفيدرالية الروسية في بيان عبر البريد الإلكتروني، إنَّ الموانئ الروسية على البحر الأسود وأماكن أخرى تعمل بشكل طبيعي، لكنَّ الشحن في بحر آزوف متوقف.
وشنّت روسيا هجوماً على أوكرانيا بالصواريخ والمدفعية في وقت مبكر، اليوم الخميس، وقال حرس الحدود الأوكراني، إنَّ روسيا قصفت خمس مناطق؛ فقد تحركت طوابير الدبابات الروسية إلى البلاد، وأضافت وزارة الداخلية الأوكرانية أنَّ العاصمة كييف تعرّضت للهجوم، وحثّت المواطنين على الذهاب إلى الملاجئ.
وأكدت موسكو أنَّها تستهدف المنشآت العسكرية في جميع أنحاء البلاد، كما ارتفعت أسعار النفط، والمحاصيل، والمعادن، والطاقة الأوروبية، وتعهد الغرب بفرض مزيد من العقوبات على روسيا.
وتنتشر الموانئ الأوكرانية على طول بحر آزوف المتصل بالبحر الأسود بمضيق يمتد بين روسيا وشبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في عام 2014، وعلى ساحل البحر الأسود إلى الغرب، وتتعامل الموانئ الجنوبية الغربية مثل: أوديسا، وبيفديني، وميكولايف، وچورنومورکس، مع ما يقرب من 80% من صادرات الحبوب الأوكرانية، وفقاً شركة الأبحاث “أوكرأغروكونسلت”.