قال المهندس محمد بن يوسف العيدروس، رئيس الوفد السعودي في لجنة التراث العالمي، إن كل القطاعات الثقافية في المملكة نجحت في استقبال الحدث العالمي لفعاليات الدورة الـ45 الموسعة للجنة التراث العالمي، التابعة لمنظمة اليونيسكو، والتي عُقدت بالرياض.
وأشار العيدروس، في مقابلة مع “المال” إلى أن الدورة الـ45 للجنة جاءت في ظل دعم غير محدود تحظى به القطاعات الثقافية من قِبل الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، والأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء.
وأوضح أن هذا الدعم يعكس الزخم المتصاعد الذي حققته خطة التحول الثقافي المنبثقة عن “رؤية السعودية 2030″، والتي دعت إلى تعزيز التنوع الثقافي والتنمية الاجتماعية والثقافية، من خلال الاستثمار في القطاعات الثقافية والعلمية والسياحية.
تعاون وتنسيق ومواءمة
وأكد العيدروس أن الحدث شهد تعاونًا وتنسيقًا ومواءمة بين الوفد السعودي والوفد المصري والوفود العربية الشقيقة حيال القرارات المطروحة وملفات الترشيح، وقد انعكس ذلك على ظهور الدول العربية بصورة مشرّفة كدول داعمة للحفاظ على التراث العالمي؛ كونها تتمتع بوجود الكثير من الأصول الثقافية والتاريخية والأثرية والتراثية.
وثمّن “العيدروس” جهود منظمة اليونسكو، وكل المراكز الدولية للإسهام في حماية وصون التراث الطبيعي والثقافي في أرجاء العالم، وإطلاق الممكّنات التنموية للتربية والثقافة والعلوم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وقال إن هذه الدورة تعد استثنائية بامتياز فهي أهم تجمع ثقافي عالمي تُعتمد فيه المواقع التي تسجل في قائمة التراث العالمي في اليونسكو، وتفتخر المملكة باستضافتها لهذه الدورة التي تم التحضير لها في فترة قياسية وبجاهزية عالية.
وكشف رئيس الوفد السعودي في لجنة التراث العالمي أن هذه الدورة تعدّ هي الأولى التي تنعقد حضوريًّا بعد فترة انقطاع لسنوات طويلة، الأمر الذي جعل عدد ملفات الترشيح المقدمة 50 ملفًّا، وهو رقم قياسي على مستوى الدورات السابقة.
وتابع: “هذا بالإضافة للأعمال والملفات الأخرى التي نوقشت في هذه الدورة، ولذا تم تمديد فترة هذا الاجتماع لتكون 15 يومًا بدلًا عن 10 أيام، ونجحت المملكة نجاحًا باهرًا في اعداد وتنظيم هذا الاجتماع العالمي في فترة قياسية، مما أبهر الحضور والوفود المشارِكة، وأظهر مدى استعداد المملكة لاستضافة كبرى الفعاليات والمؤتمرات العالمية وبكل جدارة اقتدار ونتطلع لاستضافة إكسبو 2030”.
ولفت إلى أن الوفد السعودي قام بالترحيب بالوفود المشارِكة ومناقشة سبل تقديم الدعم لملفاتهم والتنسيق مع الدول الأعضاء والجهات الاستشارية وأمانة لجنة التراث العالمي بشأنها للوصول إلى صيغ توافقية ملائمة من النواحي الفنية بهدف الوصول إلى الهدف الأسمى وهو المحافظة على التراث الثقافي العالمي وحمايته وعرضه بأفضل الوسائل الممكنة مع الالتزام بالمعايير العالمية المتبعة في هذا المجال.
وأوضح أن عدد المشاركين، خلال دورة هذا العام، بلغ 195 من الدول الأعضاء والجهات الاستشارية والمنظمات غير الربحية ذات العلاقة واليونسكو مثلها أكثر 3000 ممثل ومشارك ومراقب،
وقد رحّبت بهم حكومة المملكة العربية السعودية ومؤسساتها الداعمة، حيث أتيحت لنا الفرصة لمشاركة ثراء الثقافة والضيافة والتراث السعودي مع العالم.
ولفت العيدروس إلى أن استضافة الدورة الخامسة والأربعين الموسعة للجنة التراث العالمي التابعة لليونسكو تُظهر الزخم المستمر لخطة التحول الثقافي في المملكة العربية السعودية لرؤية 2030، والتي تدعو إلى التنوع الاقتصادي، وتشجع التنمية الاجتماعية والثقافية.
وأضاف “العيدروس”: “عقد مثل هذا الحدث الكبير تضمن التنسيق العالمي بشأن المحافظة على التراث العالمي، وخصصت اللجنة المنظمة مكان رئيسي للمؤتمرات بمساحة 4450 مترًا مربعًا يتسع لـ4000 مشارك- أكبر مكان خال من الأعمدة في المملكة ومساحة إضافية تشمل ثلاث قاعات ومواقع للمعارض لاستقبال أكثر من 37 فعالية جانبية ومعرضاً على مدار الأسبوعين وأكثر من 60 برنامجًا ثقافيًّا وجولات إرشادية لتزويد الضيوف بتجارب فريدة في التراث والثقافة والتقاليد والاحتفالات السعودية”.
أهم نتائج الدورة
قال “العيدروس” أن أهمية هذه الدورة تكمن في أننا أكدنا مجددًا التزام المملكة ببناء وتسهيل المزيد من المنصات الدولية للتعاون المفتوح والابتكار والحوار بين المختصين في هذا المجال.
وأوضح أن المملكة قدمت مشروع قرار إلى لجنة التراث العالمي يقترح تتشكيل مجموعة عمل مفتوحة تضم كل من يرغب من الدول التي اعتمدت اتفاقية 1972 ويهدف القرار إلى قيام هذه المجموعة بدراسة التوازن في قائمة التراث العالمي لإعطاء أولوية للدول التي ليس لديها مواقع أو الأقل تمثيلا على القائمة.
وذكر أنه تم اعتماد مقترح المملكة بالإجماع والتوصية بأن يشكل فريق العمل المفتوح برئاسة السعودية بما يرشحها لقيادته بغض النظر عن استمرارها أو عدمه كعضو في لجنة التراث العالمي.
وأشار العيدروس إلى أن هذا الحدث كان له وقع على المستوى الإقليمي، حيث أظهر اهتمام الدول العربية بالتراث العالمي وتعاونها مع المجموعات الأخرى على مستوى قارات العالم للحفاظ على الموروث العالمي للأجيال القادمة.
وقال إن اللجنة تضمنت مشاركة وفد المملكة العربية السعودية، ووفد سلطنة عمان، ووفد دولة قطر، ووفد جمهورية مصر العربية،
وقد تفاعلت هذه الوفود باحترافية عالية وتنسيق وتعاون مع باقي الوفود حيال دعم الملفات و الوصول إلى توافقات بشأن المواضيع المطروحة للنقاش، مما رفع مستوى الوجود و التأثير العربي على القرارات مما أكسب المجموعة العربية التقدير و الشكر على الجهود المبذولة و التي ساعدت في نجاح الاجتماع.
مواقع عربية ضمن قائمة التراث العالمي
قال العيدروس إن هذه الدورة أزاحت الستار عن العديد من المواقع الجديدة بالوطن العربي الذي يعد موطنًا للتراث الغني والتنوع الثقافي ووجهة تتضمن العديد من المواقع التراثية المؤهلة للتسجيل في قائمة التراث العالمي، التي تمثل حضارات عريقة دلت عليها الاكتشافات الأثرية الحديثة، فهي تضم 93 موقعًا للتراث العالمي لليونسكو.
وأشار إلى أن المملكة حققت كسبًا كبيرًا، خلال هذه الدورة من خلال قيام اللجنة بإدراج “محمية عروق بني معارض”، والتي تقع على الحافة الجنوبية الغربية للرّبع الخالي، وتضم عددًا من التشكيلات الأرضية والمواطن الفطرية الطبيعية لقائمة التراث العالمي، وتمثل أول موقع تراث عالمي طبيعي في المملكة يسجل على قائمة التراث العالمي.
وأضاف: “نهنئ الأشقاء في دولة فلسطين بالإنجاز التاريخي بتسجيل موقع (تل السلطان) الفلسطيني في قائمة للتراث العالمي وقد جرت عملية تسجيله بسلاسة وبالإجماع، والتهاني أيضًا موصولة للأشقاء في تونس بإدراج موقع “جزيرة جربة” ضمن قائمة التراث العالمي، وأن نهنئ أنفسنا في المملكة بتسجيل “محمية عروق بني معارض” ضمن قائمة التراث العالمي لتنضم لستة مواقع سعودية موجودة سابقًا في قوائم لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو”.
ملخص لأهم نتائج الدورة
أدرجت اللجنة في دروتها لهذا العام 47 موقعًا جديدًا في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، ووافقت على توسيع مساحة 5 مواقع،
حيث تحظى هذه المواقع بأعلى درجات الحماية المخصصة للتراث العالمي، ويمكنها أيضًا الاستفادة من فرص جديدة للمساعدة التقنية والمالية التي تقدمها اليونسكو، ويرتفع بذلك العدد الإجمالي للعناصر المدرَجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى 1199 عنصرًا من 168 بلدًا.
ونظرت لجنة التراث العالمي في حالة صون 263 موقعًا من المواقع المدرَجة أصلًا في قائمة التراث العالمي.
وشارك في أعمال هذه الدورة للجنة التراث العالمي التي عُقدت في الرياض ممثلون عن الدول الـ195 الأطراف في اتفاقية التراث العالمي،
وكذلك ممثلون عن 300 منظمة تقريبًا من منظمات المجتمع المدني، وقد فكر هؤلاء الممثلون في كيفية التصدي للصعوبات العالمية الكبيرة التي يواجها التراث من اضطرابات مناخية أو تنمية حضرية أو ضغط ديموغرافي أو نزاعات مسلحة أو سياحة جماعية.
وعرضت اليونسكو أيضًا دراسات وحلولًا مبتكرة من أجل الصون والإدارة وإذكاء وعي الجمهور، مثل مشروع “الغوص في ثنايا التراث”، الذي سوف يتيح لعموم الجمهور من هنا وحتى عام 2025 استكشاف مواقع التراث العالمي عبر الإنترنت.
وخُصّص تمويل دولي بقيمة إجمالية تبلغ 336000 دولار لـ6 مواقع للتراث العالمي تقع في كوت ديفوار وغانا ومصر وهايتي وجزر مارشال وسري لانكا، بغية دعم قيام مشاريع محلية للصون؛ وقد استفاد أكثر من 30 موقعًا من مثل هذه المساعدات المالية خلال عامي 2022 و2023 التي زاد مجموعها عن مليون دولار.