بصدور هذا العدد، نكون قد أصبحنا على مشارف العام الثالث من عمر جريدة المال، عامان مرا سريعاً، سبقهما مثلهما من التخطيط والتحضير، نجحنا على مدار هذه السنوات الأربع، في تجاوز مرحلة عنق الزجاجة، ونأمل أن نكون قد فزنا أيضاً بثقة من نستهدفهم من قراء.
في غضون ثمانية أسابيع، سينتقل فريق المال إلى مقر جديد، يتناسب مع تحديات المرحلة الجديدة التى نمر بها، في ظل متغيرات أشمل تواجه المجتمع بأكمله.
نحن في عام الحسم، العديد من القرارات الصعبة يجب أن تتخذ، بعضها تم اتخاذه بالفعل كتعديل المادة 76 من الدستور، كي تسمح باختيار رئيس الجمهورية عبر الاقتراع الحر المباشر، وبعضها لم يتخذ حتى الآن، مثل الخطوات التالية لذلك التعديل على مستوى استكمال اجراءات الاصلاح السياسي والمنتظر أن تتسارع- أو هكذا نأمل-، في أعقاب اجراء الانتخابات الرئاسية.
ثم أن بعض القرارات التي اتخذت وأعلن عنها بالفعل، قد باتت على محك اختبار جديتها، أو بعبارة أوضح مدى جدى الحكومة في تنفيذها، في حدود التوقيتات التي أعلنت عنها، مثل قرارها بخصخصة شركة تأمين وبنك الإسكندرية قبل نهاية العام الجارى.
هناك أيضاً معركة الحكومة في مواجهة قوى البيروقراطية، وقدرتها على الخوض في قضية ترشيد الدعم وقصره على مستحقيه، وعلى حل معادلة تشجيع الاستثمار مع الحفاظ في نفس الوقت على معدلات تضخم منخفضة.
كذلك ملف فك أسر قطاع الإعلام مما يكبله من قيود، ومنح الفرصة للقطاع الخاص لتملك وإدارة وسائل الإعلام المختلفة، بما في ذلك القنوات الأرضية، وتخفيف الهيمنة الحكومية على هذا القطاع، والتى لا تتيح شروطاً عادلة للتنافسية.
أكثر من ذلك، تبدو حالة التفاؤل المسيطرة حالياً على دوائر الأعمال سلاحاً ذا حدين، فهي من ناحية، قد تدفع بالقطاع الخاص إلى أقصى مدى تدريجياً، مع تطابق ما يجرى في الواقع، مع النوايا والخطط المعلنة من جانب الحكومة، ولكنها في المقابل، قد تؤدى إلى حالة إحباط عكسية- بنفس درجة التفاؤل الحالية-، في حالة ما عجزت الحكومة لأي سبب من الأسباب على تغذية روح التفاؤل هذه، بإجراءات عملية مستمرة تحسن أجواء الاستثمار.
وفي جميع الأحوال، ومع كل هذه القضايا وغيرها، نحن نعد أنفسنا كي نكون حاضرين على الساحة، ننتقد ما قد يتراءى لنا من قرارات معيقة للإصلاح، نطرح الحلول، نقدم البدائل، نسعى لتفعيل الحوار بين الأطراف المختلفة، لا نخشى الاتهامات سواء جاءت من وزير أو غفير، ما دمنا على قناعة بموقفنا، نعترف بالخطأ بمجرد أن يتكشف لنا الصواب، ونصر على الصواب، ما لم يقنعنا أحد بأننا على الخطأ قابضين.