عززت الصين جهود دعم اليوان في الوقت الذي تنزلق فيه العملة نحو أضعف مستوى لها منذ الأزمة المالية في عام 2008، الأمر الذي رفع تكلفة المراهنة على اليوان في سوق المشتقات.
أعلن بنك الشعب الصيني اليوم الاثنين أنه سيفرض احتياطي مخاطر بنسبة 20% على مبيعات البنوك الآجلة من العملات الأجنبية للعملاء. منذ أغسطس الماضي، سعى البنك المركزي لوضع حدّ لخسائر اليوان من خلال تحديد السعر المرجعي اليومي للعملة، فضلاً عن وضع متطلبات للبنوك بتخصيص المزيد من احتياطيات العملات الأجنبية.
جهود دعم اليوان
تسارعت وتيرة هبوط اليوان في الوقت الذي يزداد التباين بين نهج التيسير الذي يتبعه بنك الشعب الصيني من ناحية، والزيادات المتشدّدة التي يفرضها “الاحتياطي الفيدرالي” من جهة أخرى.
وتعكس هذه المقاومة ما تقوم به اليابان، حيث يسعى كلاهما للحدّ من الضرر الناجم عن ضعف عملتيهما، في ظل المخاطر التي قد تؤدي إلى مزيد من التدفقات الرأسمالية إلى الخارج وتدفع المنطقة إلى الانحدار.
قال بيكيان ليو، الخبير الاقتصادي في “ناتويست ماركتس” (NatWest Markets): “من خلال فرض متطلبات احتياطي المخاطر، فإن بنك الشعب الصيني يهدف إلى إبطاء وتيرة الاستهلاك، لكنه من غير المرجّح أن يغيّر مجريات الأحداث. ضعف العملة يتماشى مع معظم العملات الرئيسية والقوة الواسعة للدولار”.
انخفض اليوان المحلي 0.4% ليصل إلى 7.15 للدولار عند الساعة 5:39 مساءً بالوقت المحلي، ليتكبّد بذلك خسارة تزيد عن 11% منذ بداية العام. وإذا انخفض إلى ما بعد 7.18 مقابل الدولار، فسيكون ذلك أضعف مستوى له منذ أوائل عام 2008.
تكلفة باهظة للمتداولين
متطلبات احتياطي المخاطر الإضافية هذه ستكلف المتداولين شراء العملات الأجنبية من خلال العقود الآجلة أو الخيارات، وهي خطوة قد تحدّ من رهانات اليوان الهابطة.
ورفع البنك المركزي احتياطيات المخاطر للتداول الآجل للعملات الأجنبية من صفر إلى 20% في عام 2015، قبل أن يخفضها بعد ذلك بعامين ويرفعها مرة أخرى في 2018. كان البنك قد خفض الاحتياطيات في عام 2020 بعد تراجع اليوان.
كذلك حدّد بنك الشعب الصيني سعر تثبيت اليوان بأضعف من 7 للدولار اليوم الاثنين للمرة الأولى منذ عام 2020، وهو ما يعتبره ليو إشارة واضحة على أن البنك لا ينوي الدفاع عن أي مستويات يوان بعينها. ويُسمح لليوان بالتحرك بمقدار 2% حول السعر الاسترشادي اليومي، حيث بلغ مستوى أقرب إلى النهاية الضعيفة لنطاق التداول المسموح به.
كان ليو غوكيانغ، نائب محافظ بنك الشعب الصيني قد صرح في وقت سابق من الشهر الجاري، بأن البنك المركزي لن يسمح بتغيير اتجاه سعر الصرف “المعقول والمتوازن والمستقر أساساً” مع تحذير المتداولين من الرهان على مستوى معين لليوان.
أدوات الدفاع
قال جينغيانغ تشين، محلل الصرف الأجنبي في “إتش إس بي سي هولدينغز” (HSBC Holdings Plc)، إن بنك الشعب الصيني يمتلك المزيد من أدوات السياسة التي يمكن استخدامها للدفاع عن العملة.
قال تشين في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرج”: “لم نشهد الكثير من علامات التدخل الهادف”، مضيفاً: “إذا رأينا انخفاضاً سريعا في اليوان الموزون بالتجارة، فقد نشهد مزيداً من التدخل المباشر أو خفضاً آخر لنسبة احتياطي النقد الأجنبي”.
قد يدفع ضعف اليوان بنك الشعب الصيني لتأجيل أي تخفيف إضافي للسياسة النقدية حتى وقت لاحق من العام الجاري. بعد التخفيض المفاجئ لسعر الفائدة الرئيسي في أغسطس الماضي، أوقف البنك نهج التخفيف مؤقتاً هذا الشهر، حيث رفع “الاحتياطي الفيدرالي” الأميركي أسعار الفائدة.
وتشير تقديرات “بلومبرج إيكونوميكس” إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيشدّد السياسة خلال بقية عامي 2022 و2023، وسيحافظ بنك الشعب الصيني على موقف التيسير خلال الفترة نفسها، مخفضاً سعر فائدته لأجل عام إلى 2.45% بحلول نهاية 2023.