يقترح البيروقراطيون في الصين، ممن يدرسون توقُّعات الطاقة المستقبلية، إنهاء حظر امتد لعامين تقريباً على الفحم من أستراليا تزامناً مع هدوء التوترات، وظهور مخاوف حيال تراجع الإمدادات عند بدء العقوبات التي يقودها الغرب على الطاقة الروسية.
إلغاء حظر الفحم من أستراليا
الاقتراح، الذي سيُقدّم إلى كبار القادة، يوصي باستئناف الواردات الأسترالية إلى بكين، وفقاً لأشخاص مطلعين على الخطة. طُرح هذا الاقتراح بسبب الخوف من تسبب القيود الأوروبية على الطاقة الروسية في اشتداد المنافسة على الفحم من موردي بكين الرئيسيين، مثل إندونيسيا.
كما يدرس المسؤولون تعزيز إمدادات الوقود لتجنّب تكرار انقطاع التيار الكهربائي الذي حدث العام الماضي، لا سيما قبيل انعقاد مؤتمر رئيسي للحزب الحاكم، على حد قول الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم بسبب خصوصية الأمر.
استعادة العلاقات
قال وانغ وينبين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في مؤتمر صحفي دوري في بكين، الخميس، رداً على سؤال حول إمكانية إنهاء الحظر: “تحظى أستراليا بفرصة لتقديم بادرة إيجابية، وتأمين الظروف المواتية لتنمية العلاقات التجارية الصينية-الأسترالية بشكل سليم وثابت”.
لكنَّ اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، وهي جهة التخطيط الاقتصادي الكبرى والمشرفة على سياسة الطاقة في الصين، لم ترد فوراً على طلبات التعليق. ولم ترد وزارة التجارة كذلك على سؤال حول رفع قيود الاستيراد.
عادة ما كانت الصين مستهلكة رئيسية للفحم الأسترالي، لكنَّها طبقت حظراً غير رسمي في أواخر عام 2020 نتيجة لتصاعد العداوة بين كانبرا وبكين، بسبب قرار منع “هواوي تكنولوجيز” من بناء شبكة الجيل الخامس. قاد رئيس الوزراء سكوت موريسون بعد ذلك دعوات لإجراء تحقيق مستقل في أصول نشأة فيروس كورونا.
ضغوط متزايدة
فُرضت قيود سابقة على سلسلة من الواردات الأسترالية بدءاً من الفحم إلى النبيذ حتى اللحم البقري والكركند. لكنَّ الصين تضرّرت بشكل خاص من خسارة الفحم الأسترالي نظراً لمعاناتها من أزمات الطاقة العام الماضي جراء نقص الوقود الوارد من ثاني أكبر مُصدِّر في العالم.
التقى وزير الخارجية الأسترالي بيني وونغ ونظيره الصيني وانغ يي، الجمعة، لإجراء أول محادثات منذ 2019 بين كبار الدبلوماسيين رفيعي المستوى من البلدين. قال وانغ في بيان إنَّ الصين مستعدة للعمل على إعادة العلاقات إلى الطريق الصحيح.
تأتي خطط بكين كذلك رداً على قرارات مستهلكي الفحم، ومنها الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع واليابان، بحظر الواردات الروسية في أقرب وقت هذا العام. تُلقي هذه التحركات المزيد من الضغوط على عاتق الأسواق العالمية، في ظل انتعاش الطلب على الوقود الأحفوري الملوث للبيئة، وشح الإمدادات في أنحاء متفرقة من قطاع الطاقة. برغم عدم تبني بكين للعقوبات؛ لكنَّ الحظر سيفاقم المنافسة بين الصين والمشترين الآخرين لكل كميات الفحم المتاحة، بما في ذلك الشحنات من إندونيسيا التي تعتبر أكبر مورد لها، وفقاً للمسؤولين.
تأمين الواردات
من شأن إلغاء الحظر المفروض على الشحنات الأسترالية منح الصين المزيد من المرونة عند شراء الوقود لمحطات الكهرباء أو الفحم المعدني (الكوك) لتصنيع الصلب. تعدّ أستراليا ثاني أكبر مورد في العالم، بعد إندونيسيا، إذ تستحوذ على قرابة 30% من إجمالي صادرات الفحم.
ارتفع فحم نيوكاسل المعياري في آسيا إلى مستوى قياسي، الشهر الماضي، وسط منافسة شديدة على عدد قليل من الشحنات المتاحة. انقلبت موجة الحر القاسية إلى موجة قاتلة عبر مساحات شاسعة من الصين بعدما حدّ المسؤولون من الكهرباء المتوفرة للمصانع بهدف تخفيف الضغط على الشبكة والتصدي لأزمات نقص الكهرباء.
وتهدف الصين إلى تأمين الواردات لتكديس المخزون والتأكد من عدم اضطرار المقاطعات إلى فرض قيود على إمدادات الكهرباء التي أعاقت بعض الصناعات العام الماضي. توسّع الدولة أيضاً نطاق الإنتاج المحلي مع إنتاج المناجم المحلية، الذي وصل إلى ما يزيد عن 4 مليارات طن العام الماضي.