كشفت المجموعة المالية «هيرميس» فى تقرير بحثى حديث عن توقعاتها للآثار الناجمة عن تفشى فيروس «كورونا» على القطاعات الاقتصادية المختلفة لبلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ورصدت القطاعات الأكثر عرضة للمخاطر وأبرزها شركات الطيران والفنادق، كما شرحت وضعية القطاع البنكى وشركات الأغذية والأدوية.
وأضافت – فى التقرير الذى تنفرد «المال» بنشر معلومات منه- أن أهم الضغوط التى قد تتعرض لها مصر تتعلق بتدفقات الاستثمارات الأجنبية و إيرادات السياحة، التى قد تؤدى إلى ظهور تأثيرات سلبية على الجنيه و الأرصدة الأجنبية.
وأشار التقرير إلى أنه على صعيد الاقتصاد المصرى، فإن حركة الجنيه أمام الدولار ستتأثر سلبًا بابتعاد الأجانب عن الأصول مرتفعة المخاطر، بالإضافة إلى تأثر السياحة ممثلة فى قطاع الفنادق ومن ثم ارتفاع عجز الحساب الجارى.
وأشار إلى أن استفادة مصر من انخفاض أسعار النفط ستكمن فى تحقيق وفورات كبيرة فى الحساب الجارى، فى حين ستواجه البنوك المركزية الخليجية أعباء جديدة ستؤدى إلى انخفاض الإنفاق الحكومى جراء تراجع النفط، متوقعة تأثر القطاع البنكى الخليجى عبر انخفاض ربحيته بنسبة 3 – 8 %.
وأوضحت أن السعودية ستتأثر سلبًا بالقيود المفروضة على العمرة، عبر انخفاض أعمال شركات الخطوط الجوية السعودية، وخدمات الطعام والتموين.
وقالت إن الذهب دائما ما اعتبر الوعاء الاستثمارى الآمن، لكن فى الوقت الحالى فإن “اليوريا” تمثل وجهة أمنة جدا للاستثمار.
الحيازات الأجنبية تستحوذ على 13% من الديون المحلية المصرية
وتابع تقرير هيرميس أن إجمالى الحيازات الأجنبية من الديون المحلية بلغ 25 مليار دولار حتى منتصف فبراير الماضى أو ما يعادل 12 إلى %13 من إجمالى الديون المحلية والتى كانت الدافع الرئيسى لارتفاع قيمة الجنيه أمام الدولار بحوالى %15 خلال الـ 14 شهرا الماضية.
ولكن مع ابتعاد المستثمرين الدوليين عن الأصول عالية المخاطر، فإن انسحاب تدفقاتهم خلال الأيام القليلة الماضية ربما يقلص بعض المكاسب التى حققها الجنيه.
السيولة الدولارية تدعم سياسة «المركزى» فى الحفاظ على أسعار الفائدة
وقالت «هيرميس» إن البنك المركزى المصرى يملك احتياطى أجنبى مريح عند 45 مليار دولار وهو يكفى لتغطية 7 شهور من الواردات ويملك أيضا 5 مليارات دولار غير مدرجة فى الاحتياطى وهذا يعنى أن لديه 50 مليارا.
وأوضحت أن القطاع البنكى يحظى أيضا بمستوى قوى من السيولة الدولارية بلغت نحو 4 مليارات دولار حتى نهاية فبراير الماضى مما سيجعل البنك المركزى يحافظ على سياسته النقدية ويثبت أسعار الفائدة خلال الاجتماع أو الاجتماعين القادمين وسط تزايد المخاطر الاقتصادية بسبب تفاقم فيروس كورونا.
وحول السياحة التى تشكل مخاطر حاليا، أشارت “هيرميس” إلى أن إيرادات القطاع العام الماضى بلغت حوالى 12.5 مليار دولار مقابل عجز فى الحساب الجارى بحوالى 8 مليارات، و قالت إنه فى العام الحالى كانت تتوقع أن تبلغ إيرادات السياحة نحو 15 مليار دولار، مع ارتفاع العجز إلى 10 مليارات.
و تابعت أن أى هبوط ملحوظ فى قطاع السياحة بسبب كورونا سيؤدى إلى اتساع العجز فى الحساب الجارى.
هبوط النفط ومكاسب الحساب الجاري
وأوضحت “هيرميس” أن انخفاض أسعار البترول من العوامل الإيجابية العامة لمصر التى تحولت بدرجة ضعيفة إلى مصدر للطاقة، مشيرة إلى أن كل انخفاض بقيمة 10 دولارات لبرميل البترول يؤدى إلى وفورات بحوالى 250 مليون دولار فى عجز الحساب الجارى، متابعة أن إيرادات قناة السويس ستتأثر سلبا بسبب هبوط أسعار البترول وتباطؤ حركة التجارة العالمية.
انخفاض برميل النفط 10 دولارات يوفر 250 مليونا للحساب الجارى
وأدى انتشار فيروس كورونا فى منطقة الخليج إلى انخفاض أسعار البترول بصورة حادة خلال الشهرين الماضيين مسجلاً أدنى مستوى له منذ عام 2017 و لا سيما فى قطر والسعودية و الكويت وإلى هبوط السياح فى الإمارات حيث تشكل السياحة %60 من إيراداتها وكذلك المغرب وتوقف حركة العمرة فى السعودية.
الرعاية الصحية الأكثر دفاعية
وأكد التقرير أن القطاعات التى تمثل أفضل مكان للاختباء من تداعيات انتشار الوباء هى شركات خدمات الرعاية الصحية والأدوية والمرافق والاتصالات وشركات مبيعات التجزئة بينما الأسهم المرتبطة بشركات السياحة والطيران هى التى ستتكبد أكبر الخسائر مع حظر دول عديدة السفر منها وإليها لمنع انتشار العدوى.
وهبطت حركة السياحة فى إمارة دبى القادمة من الهند وبريطانيا والسعودية التى يبلغ نسبة زوارها منها أكثر من %33 بسبب “كورونا” بينما السياح الصينيون يشكلون %5 فقط من إجمالى السياحة فى الإمارة حيث توقفت رحلات شركات الطيران الإماراتية ومنها شركة الاتحاد إلى الصين التى أوقفت منح تأشيراتهم السياحية لمعظم الدول.
وحددت “هيرميس” فى تقريرها مجموعة من الأسهم الدفاعية فى الوقت الحالى وهى القاهرة للاستثمار فى مصر، و”هيومن سوفت” فى الكويت من قطاع التعليم، بالإضافة إلى أسهم العقارات المصرية، و أيضا سهم البنك التجارى الدولى.
وفى قطاع الرعاية الصحية، حددت “هيرميس” أسهم شركة المواساة الطبية السعودية و شركة التشخيص المتكاملة المصرية، أما عن الاتصالات فاختارت سهم شركة زين من الكويت، و بالمرافق جاءت شركة تبريد الإماراتية.
الأسهم الأكثر عرضة للتأثر السلبى
وحددت “هيرمس” مجموعة من الأسهم التى تُعد أكثر عرضة للخطر جراء تفشى فيروس كورونا، وهى شركة جزيرة الكويتية، وكاترينج السعودية، والعربية للطيران الإماراتية، بالإضافة إلى أسهم بنوك الخليج خاصة السعودية ودبى.
وضمت القائمة سهم أوراسكوم للتنمية مصر وسهم شركة “DXBE” الإماراتية، مع سهم شركة سابك السعودية فى مجال المواد الخام.
مستقبل آمن للبنوك المصرية
وقالت “هيرميس” إن البنوك المصرية لديها أفضل مستقبل فى منطقة الشرق الأوسط و شمال أفريقيا، مشيرة إلى أنه فى أسوأ الظروف فإن لديها جزءا غير قليل من محافظها بالدولار مثل البنك التجارى الدولى الذى تمثل القروض الدولارية نحو %40 من إجمالى محفظة القروض، متابعة أنه ليس من المتوقع تأثرها بسبب خفض الفائدة الأمريكية.
الذهب واليوريا هما الملاذ
وذكرت “هيرميس” أن الذهب دائما ما اعتبر الوعاء الاستثمارى الآمن، لكن فى الوقت الحالى رأت أن “اليوريا” تمثل وجهة آمنة جدا للاستثمار، فى ظل أن الصين هى المصدر الأكبر لها – إذ استحوذت على 10% من السوق العالمية فى 2019- ومن ثم فإن العرض سيتأثر خلال الفترة المقبلة خاصة أن إيران بدأت فى التأثر أيضًا.
وأوصت “هيرميس” بالاستثمار فى أسهم الشركات التى ترتبط باليوريا مثل “سافكو” فى السعودية و “أبو قير” فى مصر.
المخزون يحمى «الغذائية» والمطورون فى أمان
أما عن مجال الأغذية فقالت «هيرميس» إن أسهم «إيديتا» و«دومتى» من مصر، و سدافكو من السعودية هم الأفضل من وجهة نظرها مضيفة أن من المستبعد تأثرهم على المدى القصير فى ظل أن تلك الشركات لديها مخزون يكفى أكثر من 3 أشهر، كما أشارت إلى أنه ربما تتأثر الشركات فى حال تفاقم الأمر فيما يتعلق بالتعبئة و المواد الخام.
وتوقعت تأثيرًا محدودًا لانتشار فيروس كورونا على المطورين العقاريين فى جميع أنحاء المنطقة، أما فى مصر فاستبعدت وجود أى تأثيرات على الشركات والمطورين، خاصة فى ظل انطلاق مشروعات جديدة وأن الغالبية العظمى من الطلب يحركها المصريون.
نشاط الطيران فى خطر
وعن القطاعات الأكثر خطورة حال استمر تفشى فيروس كورونا، جاء قطاع الطيران، إذ أكدت «هيرمس»، أن الخطوط الجوية والشركات المرتبطة بالسفر – هناك شركتان مقيدتان فقط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهم “العربية للطيران الإماراتية” و”الجزيرة الكويتية” – ستشهد انخفاضًا فى أعداد المسافرين وفى العائدات المحتملة وذلك حال أدى انخفاض الطلب إلى عمليات خصم كبيرة.
وأضافت أن قطاع الطيران سيتأثر فى كل الأحوال بشكل سلبى نتيجة انتشار “كورونا” سواء تم إلغاء الرحلات أم لا، مرجعة ذلك إلى توقعها بحدوث تباطؤ عالمى فى حركة الطيران، لافتة إلى أن استئناف حركة السفر العادية سيستغرق بعض الوقت.
و لفتت “هيرميس” إلى أنه من المرجح أن تؤثر القيود المفروضة على العمرة وغيرها من القيود على السياحة، فضلًا عن تعطل السفر لأغراض تجارية، سلبًا على شركات الطيران السعودية وأبرزها “سيرا” وكذلك الخدمات الأرضية وخدمات توفير الطعام التابعة للخطوط الجوية السعودية.
زيادة فى المعاملات للمنصات الإليكترونية
وتوقعت أن شركات التجزئة السعودية مثل “ إكسترا، والحُكير، الجارير، ساكو” معرضة لمخاطر سلسلة التوريد، حال طال أمد انتشار الفيروس، موضحة أن بعض الشركات تقوم بجرد مخزونها تحسبًا لنقص محتمل فى الإمدادات المستقبلية، لافتة إلى أن الشركات التى تمتلك منصات بيع إلكترونية مثل “إكسترا” ربما تشهد زيادة فى المعاملات، وذلك إذا سعى العملاء إلى تجنب الأماكن العامة.
نقص الخامات قد يؤثر على شركات الأدوية
وعن المنتجات الدوائية، أشارت “هيرمس” إلى أن شركات تصنيع الأدوية مثل “إيبيكو” المصرية و “سيبماكو” السعودية و نظيرتها الخاصة بالتوزيع مثل “ابن سينا المصرية” لديها بعض المخاطر، حال وحود نقص فى الخامات والمكونات، لافتة إلى أن شركات التصنيع تحتفظ بمخزون من المكونات يكفى 3 أشهر فى المتوسط.
مكاسب طفيفة لمنتجى مواد التصدير «البتروكيماويات والألمونيوم»
وأوضحت أن منتجى المواد الموجهة للتصدير مثل (البتروكيماويات، والألمونيوم) فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تأثروا بشكل مباشر من خلال جانب التسعير والهامش، فضلًا عن انخفاض أسعار النفط، والهبوط الكبير فى الطلب من الصين (التى تُعَد من بين أكبر مستوردى المواد الكيميائية على مستوى العالم)، كان لها تأثير سلبى على التسعير.
وتابعت أن تكاليف المواد الأولية انخفضت بشكل أكبر من أسعار المنتجات، موضحة أنه إذا ما استمر هذا الوضع فإن المكاسب من المرجح أن تشهد بعض الانتعاش فى الربع الثانى من العام الحالى مقارنة مع الربع الأول، لكنها لاتزال مكاسب طفيفة على الأرجح.
وتوقعت أن تكون شركة “بترو رابغ” السعودية من بين أكثر الأسهم تأثرًا بالسلب إذ من المرجح أن تتعرض مصفاتها لضربة كبيرة بسبب الانخفاض الكبير فى الطلب على المنتجات المكررة.
البنوك المركزية الخليجية تواجه ضغوطات جديدة
وعلى صعيد البنوك المركزية الخليجية، أشارت «هيرمس» إلى أن قرار مجلس الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى الطارئ بخفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس أثر بشكل مباشر على توقعات الربحية لمعظم بنوك مجلس التعاون الخليجى فى عام 2020، متوقعة انخفاض الأرباح فيها بنسبة 3 إلى %8.
وبعيدًا عن أسعار الفائدة، أشارت “هيرمس” إلى أن بنوك دول مجلس التعاون الخليجى سوف تضطر إلى التعامل مع ملف انخفاض أسعار النفط، وهو ما يؤدى إلى إحكام السيولة المحلية، مما قد يضيف المزيد من الضغوط على الأعباء النقدية والمالية، فضلًا عن تأثير خفض أسعار الفائدة وانخفاض الإنفاق الحكومى.
وأكدت أنه لا يزال إنفاق القطاع العام هو المحرك الرئيسى للنشاط الاقتصادى العام فى منطقة مجلس التعاون الخليجى، إذ سيكون اقتصاد الإمارات العربية المتحدة، خاصة دبى، أكثر حساسية إزاء التأثير المطول لفيروس كورونا، نظرًا لوضع الإمارات العربية المتحدة باعتبارها مركزًا إقليميًا للتجارة والنقل والسياحة.
توقعات بانخفاض معدلات إشغال الفنادق المصرية والإماراتية
أما عن قطاع الضيافة والفنادق، فأوضحت “هيرميس” أن انخفاض النشاط السياحى، مع فرض عدد من دول المنطقة قيودا على السفر، سيؤثر على صناعة الفنادق سلبا، خاصة وأن الربع الأول هو عادة ربع قوى للنشاط السياحى فى مصر والإمارات العربية المتحدة.
وتوقعت “هيرمس” معدل إشغال أقل لجميع فئات الفنادق، لافتة إلى أن حجم الخسارة سيعتمد على مدى سرعة عودة نشاط السفر المعتاد إلى حالته الطبيعية، بالإضافة إلى أنه مع حلول شهر رمضان فى الربع الثانى، فإنها لا تتوقع ارتفاع إيرادات الفنادق إلا فى الربع الأخير من 2020.
ولفتت إلى أن أوراسكوم للتنمية مصر ستكون الأشد تأثرًا بين شركات الفنادق، مشيرة إلى أن مجموعة طلعت مصطفى ستتأثر سلبًا أيضا؛ رغم أن السهم يتداول عن أقل من قيمته العادلة.
وتوقعت انخفاضاً حاداً فى عدد الزيارات والرحلات التى تنظمها شركة “DXBE “ الإماراتية، وهو ما سيؤدى لانخفاض عدد السائحين فى البلاد، مع تضاؤل رغبة السكان فى الذهاب إلى الأماكن المزدحمة.
وألمحت إلى أن نشاط الفنادق فى دبى وأبوظبى، سيتأثر سلبًا بسبب انخفاض معدلات الإشغال، متوقعة تأثر عمليات شركتى «إعمار» و«الدار» سلبًا.
أرامكو فى أمان بدعم الأرباح المضمونة
وعلى صعيد قطاع الزيوت والبترول، رجحت «هيرميس» أن تواجه أرامكو السعودية مخاطر سلبية من انخفاض أسعار النفط، مشيرة إلى أن الأرباح المضمونة لمدة 5 سنوات ربما تسهم فى تفوق سهم الشركة على أداء القطاع فى حالة حدوث مزيد من الانخفاض فى أسعار النفط.
وتابعت أنه من غير المتوقع أن تشهد “دانة غاز” الإماراتية أى تأثير ذو أهمية على عملياتها فى مجال الغاز فى مصر ومعهد الطاقة فى قطر.
وأشارت إلى أن “أديس” -المصرية والمدرجة فى بورصة لندن- لديها تراكم ضخم يوفر رؤية واضحة للتدفق النقدى للسنوات المقبلة، موضحة أنه إذا ظلت أسعار النفط منخفضة، فقد يحدث تباطؤ فى عقود الحفر الجديدة، وهو ما قد يؤثر على قدرة الشركة على نشر منصاتها.
تباطؤ الطلب قد يؤثر سلبًا على السويدى إليكتريك
أما على صعيد صناعة الحديد، فقالت «هيرميس» إن الطلب على الصلب يتميز بأنه محلى فى جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن ثم فإن صناعة الحديد لن تتأثر سلبًا إلا فى حالة انتشار واسع النطاق للفيروس فى أسواق المنطقة.
وعن شركات الشحن أكدت «هيرميس» أن دبى العالمية هى الشركة الأكثر تعرضًا للخطر، مستبعدة أن يبتعد سعر السهم عن ياته الراهنة، فى حين أن التباطؤ العالمى المتوقع قد يؤدى إلى انخفاض معدلات الاستخدام لشركة القابضة المتكاملة المصرية.
ولفتت «هيرميس» إلى أن شركة السويدى إليكتريك رغم تقييمها المنخفض فإنها قد تتأثر بانخفاض الطلب على الكابلات إذا تباطأ الطلب المحلى والإقليمى لفترة طويلة.