تتجه السندات الإيطالية لتحقيق أكبر مكاسب لها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات هذا الشهر، وهو يترك المحللين يتساءلون إلى متى يمكن أن يستمر الارتفاع، بحسب وكالة بلومبرج.
لقد أصبحت ديون البلاد رائجة بفعل المراهنات على أنَّ الركود في منطقة اليورو سوف يُبطئ وتيرة رفع البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة. وقد أدى ذلك إلى انخفاض العائد على السندات لأجل 10 سنوات بأكثر من نقطة مئوية من أعلى مستوى في تسع سنوات في سبتمبر، وخفّض العلاوات على ألمانيا – وهي مقياس للمخاطر في المنطقة – إلى أقصى حد منذ عام 2020.
أداء السندات الإيطالية
ومع ذلك؛ فإنَّ الكثير من مكاسب سوق السندات حتى الآن كانت مدفوعة بابتعاد المتداولين عن الرهانات القصيرة الأجل، بدلاً من إضافة مراكز جديدة طويلة الأجل. وتراجعت المراكز البارزة في العقود الآجلة للسندات الإيطالية لأجل 10 سنوات بنسبة 20% في الأشهر الأخيرة، وهو نوع الانخفاض الذي تمت مشاهدته آخر مرة بعد أن ضربت الجائحة لأول مرة في أوائل عام 2020.
ما تزال هناك قائمة كبيرة من المخاطر، بدءاً من احتمال قيام حكومة ائتلافية يمينية بالإخفاق في إدارة الميزانية، وصولاً إلى بدء مبيعات السندات لدى البنك المركزي الأوروبي، وهو ما دفع بالاستراتيجيين في “سيتي غروب” و”سوسيتيه جنرال” إلى المراهنة على الارتفاع.
علاوةً على ذلك؛ قالت أناليسا بيازا، محللة أبحاث الدخل الثابت في “إم إف إس إنفستمنت مانجمنت”: “هل سيستمر الأمر في العام المقبل؟ لا”، مضيفة أنَّ المخاطر تشمل المزيد من الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي أو ارتكاب “خطأ في السياسة” من قبل الحكومة الجديدة.
وتقع الأولى (السياسة النقدية) في قلب الجدل الدائر في الأسواق العالمية، إذ يراقب المتداولون أي إشارات تدل على أنَّ التضييق النقدي العالمي بلغ ذروته، إذ أثار مسؤولو البنك المركزي الأوروبي تراجعاً متجدداً في الديون الإيطالية يوم الجمعة بالقول إنَّه قد يكون من السابق لأوانه تقليص زيادات أسعار الفائدة، أما النقطة الثانية؛ فهي مشكلة دائمة تجعل مستثمري السندات الإيطاليين على أهبة الاستعداد.
وتجددت مخاوف المستثمرين من جديد بفوز الزعيمة الشعبوية اليمينية جوجا ميلوني في انتخابات هذا العام بعد فترة من الهدوء مع وجود الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في دفة القيادة.
الخلافات المحلية
حتى الآن، اتخذت “ميلوني” موقفاً معتدلاً بشأن القضية الأكثر أهمية بالنسبة لمستثمري السندات؛ وهي احتواء الإنفاق، لكن هناك مخاوف متزايدة بين المسؤولين الإيطاليين من أنَّ الخلافات المحلية مع نائبها ومنافسها الشعبوي، ماتيو سالفيني، قد تعرض التزامها بضبط النفس المالي حتى استقرار الإدارة للخطر.
في الوقت الحالي؛ فإنَّ العلاوة التي يطلبها المستثمرون للاحتفاظ بديون إيطاليا بدلاً من ملاذ ألمانيا تعد أقل من 200 نقطة أساس، وهي أقل بكثير من منطقة الخطر للبلاد التي تبدأ عند 250-300 نقطة أساس. في حين يرى كل من “سيتي غروب” و”سوسيتيه جنرال” و”كوميرز بنك” أنَّها ستعود إلى هذا المستوى في الأشهر المقبلة.
أما بالنسبة للمحلل الاستراتيجي المتخصص بالدخل الثابت في “سيتي غروب”، أمان بانسال؛ فإنَّ الخطر يكمن في أنَّ البنك المركزي الأوروبي سوف يتابع رفع سعر الفائدة مرة أخرى الشهر المقبل مع تحول يترافق مع البدء في إنهاء حيازاته من السندات. وقال مسؤولو البنك المركزي الأوروبي إنَّهم يخططون لمناقشة ما يسمى بالتشديد الكمي في اجتماعهم في 15 ديسمبر، مع دفع بعضهم للبدء في أوائل عام 2023.
حوافز شراء السندات
كانت السندات الإيطالية أحد المستفيدين الرئيسيين من حوافز شراء السندات من البنك المركزي الأوروبي، والخطوات اللاحقة للحد من التداعيات الناجمة عن تشديد الأوضاع المالية. وشمل ذلك إعادة استثمار مرنة للسندات ذات الأجل، لكنَّ “سيتي غروب” تتوقَّع فقط استخدام الإجراء بشكل ضئيل في العام المقبل.
في حين يعتقد بعضهم أنَّ ما يسمى بسوق “أذون الخزانة متعددة السنوات” (BTP) ستتعرض أيضاً لضربة في أوائل العام المقبل عندما يكون من المرجح أن تبدأ الحكومات الأوروبية فورة اقتراض، مع عدم وجود دعم مشتريات من البنك المركزي الأوروبي هذه المرة.
قال فلافيو كاربينزانو، مدير الاستثمار في “كابيتال غروب” ، التي تمتلك أصولاً تحت إدارتها تزيد عن تريليوني دولار، ولديها مركز منخفض في السندات الإيطالية: “سيكون هناك الكثير من المعروض، ولن يكون هناك مشترٍ طبيعي مثلما كان في الماضي، وسيؤدي ذلك إلى الكثير من عدم اليقين بشأن من سيشتري أذونات الخزانة المتعددة السنوات. إنَّها ديناميكيات العرض والطلب”.
هذا الأسبوع
سينصب تركيز المستثمرين على منطقة اليورو، وأرقام التضخم الألمانية لشهر نوفمبر، والتي من المتوقَّع أن تتباطأ أو تظل ثابتة. وبالنسبة للسندات الحكومية في المملكة المتحدة؛ قد تحظى بيانات بنك إنجلترا بشأن المشتريات الأجنبية لشهر أكتوبر ببعض الاهتمام.
تتحدث رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد عن منطقة اليورو قبل وبعد أرقام التضخم، كما يتحدث زملاؤها لويس دي غويندوس، ويواكيم نيجل. ومن المقرر أن يتحدث كل من كاثرين مان وهو بيل من بنك إنجلترا.
من المقرر بيع السندات من ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وإسبانيا والاتحاد الأوروبي، بما في ذلك سندات إيطالية جديدة لأجل خمس سنوات، والتي سيتم بيعها مقابل استحقاق أقصر للديون التقليدية وسعر الفائدة العائم. في حين تبيع المملكة المتحدة سندات لأجل 30 عاماً.