السلام الديمقراطى فى الشرق الأوسط

السلام الديمقراطى فى الشرق الأوسط
شريف عطية

شريف عطية

6:35 ص, الخميس, 4 مارس 21

السلام الديمقراطى فى الشرق الأوسط قد لا يكون الشرق الأوسط، كما يتوقع مراقبون، على رأس قائمة الاهتمامات للحزب الديمقراطى الحاكم فى الولايات المتحدة 2021ذلك بالمقارنة بالأهمية التى يوليها للتنافس مع كل من روسيا والصين، “كعدوتين”، وكما بالنسبة لإعادة الاستقرار للعلاقات مع أوروبا، إلا أن مسرح العمليات فى الشرق الأوسط يبقى مع ذلك زاخرًا بملفات عويصة تتعدى بُعدها الإقليمى إلى التأثير على القضايا الدولية، بحيث لا ينبغى للحزب الديمقراطى ألا يضعها فى جادّة الاعتبار وهو بصدد استئناف مباشرة السياسة الخارجية الأميركية للسنوات المقبلة، ربما حتى عشية ثلاثينيات القرن الحالى، خاصة أن المنطقة كانت ولا تزال تمثل إحدى ركائز الحزب.. واجتهاداته الإستراتيجية طوال القرن المنصرم منذ ثلاثينياته وأربعينياته، “روزفلت”- “ترومان”، وعلى امتداد تحصيله لفترات رئاسية استغرقت نحو غالبية القرن الأخير إلا قليلًا عن نظيره- الحزب الجمهورى- اتسمت سياساته الشرق أوسطية خلالها بالاحترافية السياسية، منذ بداية تفعيله ما يسمى “الصهيونية الأميركية” (مؤتمر بلتيمور 1942) حول المسألة الفلسطينية، وكما فى إطار مناهضته الاتحاد السوفيتى، وفى التسابق معه بشأن الأجدر بينهما على استقطاب والاعتراف بإسرائيل 1948 مرورًا بعقد الستينيات “كيندي”- “جونسون”، حيث تم إبرام التحالف الإستراتيجى- لأول مرة- مع الدولة العبرية، قبل إعطائها من الأخير الضوء الأخضر بالحرب على مصر 1967إلى أن شهد النصف الثانى من السبعينيات- “كارتر”- عزل مصر عن الصراع العربى مع إسرائيل (كامب ديفيد) 1978، إيذانًا بانضمام كل من الأردن والفلسطينيين إلى عملية التسوية السياسية منتصف التسعينيات- “كلينتون”- الذى أخفق حتى نهاية القرن، وعلى غراره “أوباما” فى 2010عن ضم سوريا إليها، فما كان من الأخير خلال عهده2009 – 2017 إلا محاولة تطبيق سياساته نحو تغيير وجه الأنظمة العربية للشرق الأوسط (تجريب التحالف عبر تركيا مع الاستخدام السياسى للإسلام “المعتدل”- تأييد انتفاضات “الربيع العربى”- محاولة لجم سياسة الاستيطان الإسرائيلية لكن دون جدوى- مطالبة العرب بـ”اقتسام النفوذ” مع إيران 2016.. إلخ)، ذلك قبل أربع سنوات من وصول نائبه السابق “بايدن” إلى سدة الرئاسة 2021 فيما يعتبره المراقبون بمثابة “ولاية ثالثة” لسياسات “أوباما”، إلا أن “بايدن” من خلال رسائل الهجوم الأولية الأميركية فى المناطق الملتهبة فى الشرق الأوسط، يبدو عازمًا على التخلى عن نهج سلفه الديمقراطى “القيادة من الخلف”.. والتقدم من ثم نحو مواجهة الأحداث فى المنطقة دفاعًا عما يراه أخطارًا تهدد المصالح الأميركية، سواء فى العراق وسوريا، مع إيران، أو بالنسبة إلى ليبيا.. إلخ، ما يعكس بوادر انخراط أميركى أكبر فى المنطقة عن ذى قبل، ما يجوز معه التوقع عن عزم الديمقراطيين استئناف محاولاتهم الوكالة بالدفاع عن المنطقة، فى إطار التنافس مع القوى الكبرى، سواء من خلال تحديث المطالبة بمشروعهم فى مطلع الخمسينيات لبناء قيادة شرق أوسطية MEC رفضته مصر آنئذ، أو من خلال تكوين form معدل للمشروع الأميركى للشرق الأوسط “الموسع”، الساعين منذ عقد ونيّف لتحقيقه بأشكال مختلفة حتى الآن، سواء باستخدام سياسة العصا والجزرة عند معالجتهم مسائل حقوق الإنسان للضغط وابتزاز كل من خصوم أميركا أو حلفائها فى المنطقة بسيان، كما فى السعى إلى فض قنوات التحالف بين اليمين الشعبوى الأميركى ونظيره الإسرائيلى، وبما يقطع عن الأخير تكرار محاولات التمرد السابقة على الرئاسة الديمقراطية الأميركية، كما إلى حجب فرص ترشيح “ترامب” مجددًا للرئاسة 2024، الأمر الذى قد يتوازى مع استئناف الجهود بشأن تسوية المسألة الفلسطينية واستعادة ديناميكيتها، على أساس “حل الدولتين”، ما يمهد لعهد جديد من التطبيع الأميركى مع الفلسطينيين، إلى جانب الحيلولة دون تبنّى تركيا أو إيران للقضية الفلسطينية تحت ذرائع إقليمية برجماتية، كذلك من المهم إزاء ما سبق أن تسعى المنظومة العربية للمشاركة عند بحث الديمقراطيين الانتشار النووى فى المنطقة، سواء عبر التفاوض مع إيران، كما للمطالبة بالتفتيش النووى على إسرائيل، إذ عندئذ وليس قبله يمكن للسلام الأميركى أن يكون عادلًا ونزيهًا فى شرق أوسط غير قلِق أو متوتر، ينعم من خلاله بالسلام الديمقراطى