تحول مرفق سكك حديد مصر من ملف خدمة بالدرجة الأولى إلى أحد المجالات المهمة لدى شركات القطاع الخاص، لا سيما فى ظل مساعى وزارة النقل لتطوير المرفق، وإسناد مهمة الإدارة والتشغيل للعربات الجديدة لكيانات محترفة، واقتصار دور الهيئة على الرقابة والإشراف على التشغيل.
كان وزير النقل الفريق كامل الوزير، قال إن مشروعات السكة الحديد التى نفذت والجارى العمل على تنفيذها والمخطط لها مستقبلا بمعاونة القطاع الخاص تبلغ 90 مشروعا بتكلفة 225 مليار جنيه.
يذكر أن أهم المشروعات السكة الحديد هى توريد 260 جرارا وإعادة تأهيل 172 جرارا مع شركتى GE وPRL وتوريد 1350 عربة سكة حديد مع «جونز فاجى» المجرية وتوريد 7 قطارات نوم و6 ركاب مع «تالجو».
يضاف إلى ما سبق تطوير نظم الإشارات والبنية الأساسية على خطوط الشبكة الرئيسية، بإجمالى أطوال 1900 كم كمرحلة أولي، وباقى الشبكة كمرحلة ثانية وإنشاء خطوط سكة حديد جديدة (المناشي/ 6 أكتوبر بطول 70 كم، والروبيكي/ العاشر/ بلبيس بطول 50 كم).
قال أيمن أبو هند، الشريك المؤسس ومدير الاستثمار لشركة Advisabl الأمريكية للاستثمار، إن شراكة القطاع الخاص لهيئة السكك الحديدية تعد خطوة استثمارية مهمة.
وأفاد «أبو هند» فى تصريحاته لـ«المال» بأنه يجب اقتصار دور القطاع العام على التنظيم والمتابعة والتشريع فحسب، وترك الإدارة لقطاع الشركات، لافتًا إلى أن القطاع الخاص يتميز عن الحكومى بالتحكم فى تكاليف التشغيل، حيث لديه القدرة الكبيرة على حوكمة المشاريع، وذلك عبر عدة طرق.
وذكر أن الشراكة بين القطاعين إما أن تكون مقابل حصة مالية يتم تقديرها بناءً على المهام المكلفة بها الشركة، أو عن طريق إعطائها حق الانتفاع لفترة 10 سنوات أو أكثر، متابعًا على سبيل المثال مشروع المترو فى لندن كتجربة ناجحة كأقدم نظام مترو فى العالم، ومن أنجح التعاونات التى تمت بين قطاع النقل الحكومى فى لندن وبين الشركات الخاصة.
وقال «أبو هند» إن حساسية قطاع النقل، خاصة السكة الحديد، تجعل الارتفاع الكبير فى تذاكر القطار شبه مستحيل، خاصة أن المرفق ينقل فئة كبيرة من أصحاب الدخول المنخفضة وحال رفع التعريفة ستتراجع الأعداد، ومن ثم سيتكبد المشغل خسائر كبيرة.
وأفاد بأن تداخل شركات القطاع الخاص فى استثمار الأصول الخاصة بقطاع السكك الحديدية، يختلف باختلاف طبيعة تلك الأصول من أراضٍ بجوار خطوط السكة الحديد أو قريبة من الموانئ وورش صيانة وغيرها.
وألمح مدير الاستثمار بشركة Advisabl الأمريكية، إلى أنه بمجرد دخول الشركات الخاصة فى تعاون مع قطاع السكة الحديد سيؤدى ذلك إلى خلق منافسة تسعى إلى تحسين نفسها بشكل دائم.
ونادى بضرورة دخول القطاع الخاص فى إدارة وتمويل مشاريع إنشاء الطرق الكبيرة والمناطق اللوجيستية، وتوسعات الخطوط الحديدية والمترو، مع إتاحة التساهيل اللازمة من قبل الدولة، إضافة إلى ضرورة التحرر فى التفكير وخلق بيئة تنافسية بين الشركات الخاصة، مشيرًا إلى أن التوجه لتحسين الخدمات وإضافة أخرى جديدة، يأتى من التوجه لاستخدام التقنيات الحديثة.
وذكر «أبو هند» أن القطاع الحكومى يمتلك 6 ملايين موظف، وبالتوجه إلى تفعيل الشراكة مع المؤسسات الخاصة سيتم الاستغناء عما يقرب من 2 مليون عامل بالحكومة.
كما أشار إلى أن قرابة الـ%90 من هؤلاء العاملين يتركز وجودهم داخل القاهرة، موضحًا أن ذلك يعد عائقا كبيرا للاستثمار، ومن أسباب فشل العديد من المحاولات الاستثمارية.
ولفت إلى أهمية خلق نظام لا مركزى يعمل على تقليل العمالة بالقاهرة، مع توفير فرص عمل متكافئة فى مختلف المحافظات، ما يساعد على انتشار فرص استثمارية خدمية متنوعة.
من جانبه، قال ياسر عمارة رئيس شركة إيجل للاستشارات المالية، إن وزارة النقل أسست شركة قابضة لاستثمارات السكة الحديد، وتتبعها مجموعة من الكيانات، مشيرًا إلى أن البورصة المصرية درست القوائم المالية لـ30 كياناً يتبع وزارة النقل.
وأكد «عمارة» أن البورصة حددت حوالى 10 شركات من بين الـ30 ليتم قيدها فى بورصة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشيرًا أن بذلك تحقق غرض مساهمة القطاع الخاص مع العام، بطرق غير الطرح الخاص لمستثمر استراتيجي.
وأشاد بأهمية الاستثمار فى قطاع النقل بشكل عام، مشيرًا إلى أنه القطاع الوحيد الذى يمتلك شركات متنوعة الأنشطة وكثيرة ومنها الخدمات اللوجستية.
وتابع إن تعامل هيئة السكة الحديد مع القطاع الخاص سيكون فى شكل شركة مساهمة قابضة تتبع وزارة النقل، وبالتالى الشراكة ليست مالية فقط، بل تدخل فى الإدارة والإشراف.
وأضاف أنه تم تقسيم ممتلكات ومشروعات السكك الحديدية إلى شركات تابعة، حيث إن كلًا منها يمتلك إدارة تخصص معين، على سبيل المثال، «قطاع إشارات المرور، وقطاع المطاعم والكافتريات».
ولفت إلى أنه يرى أن الطرح فى ذاته يحقق سيولة للشركات التابعة، والذى من خلاله تستطيع تحقيق الخطط المستقبلية ونتائج جيدة تعود بالنفع على قطاع النقل بشكل عام.
وأكد أن طرق تعظيم الربح كثيرة، ولا تقتصر على رفع رسوم خدمات النقل، مشيرا إلى أن التطوير من الممكن أن يتم عن طريق خفض التكاليف، خاصة أن هيئة السكة الحديد تعد من القطاعات الاستراتيجية التى تمس جميع المواطنين، وبالتالى لها حساسيتها فى التعامل معها.
من جانبه، قال عمرو حسين الألفي، رئيس قسم الأبحاث بشركة برايم القابضة، إن أنواع الشراكة بين القطاع العام والخاص متعددة، ومن بينها التسهيلات التى يمنحها القطاع الحكومى لاستثمار الشركات الخاصة فى قطاع معين لاستهداف بعد اجتماعى أو اقتصادي.
وأضاف أن هناك شراكة فى إطار منحها حق الإدارة، متابعًا يوجد أنظمة اتفاق تسبق التعاون الرسمي، وتكون بمثابة تجربة لدراسة الجودة قبل الشراكة.
وتابع أن تداخل القطاع الخاص مع هيئة السكة الحديد، قد يكون له أكثر من اتجاه، منها تطوير الخطوط، وأخرى تشمل الإدارة، موضحًا أنه من الممكن أن تتم الإدارة عبر عرض خطوط السكك الحديدية للطرح بشكل جزئي.
وأضاف أنه من الممكن أن تطرح الحكومة أراضى لاستثمارها فى مد خط جديد، ما يفتح الباب للمنافسة الاستثمارية، وهذه الخطوة لرفع كفاءة المرفق وتحسين حالته المادية بالنسبة للعوائد.
وأكد أن القطاع الخاص هو الأنسب فى الإدارة؛ حيث إن طبيعة عمله لا تهدف للخسارة، وبالتالى سيصنع كل الوسائل الممكنة للربح، مع مراعاة حساسية قطاع السكة الحديد كنقل عام.
وتابع أن هناك سبلاً كثيرة للربح بعيدًا عن رفع رسوم القطارات، ومنها الدعاية والتسويق التى يعتمد عليها القطاع الخاص لكسب الأموال سواء إتاحة أعلانات فى المحطات والخطوط أو داخل عربات السكة الحديد.
كما أكد ضرورة تسهيلات الدولة للشركات الخاصة وتوفير الدعم اللازم لدخول المساهمات الاستثمارية فى قطاع النقل بشكل عام والسكة الحديد بشكل خاص.
ولفت «الألفي» إلى أنه يجب أن يقتصر دور الحكومة فى تلك الشراكة على الإشراف والمراقبة فحسب، دون التدخل فى إدارة الشركات الخاصة، إضافة إلى توفير الدعم والتسهيلات اللازمة للتمويل الاستثماري، خاصة أن جميع كيانات القطاع الخاص فلسفتها تقوم على الحفاظ على الأصول وتعظيم عوائدها على مدار الفترات الزمنية المتتالية.
ياسر عمارة: هناك آليات كثيرة للتغلب على الخسارة
حسين الألفى: المرفق يتسم بتنوع مجالاته.. وتحقيق ربح ليس مستحيلًا