أُخطرت النيابة العامة، مساء أمس الثلاثاء، الموافق السابع من شهر مارس الحالي، بوقوع حادث اصطدام قطار الركاب رقم ٥٥٧/ ٣٠٢٧ بمحطة قليوب المحطة، والذي كان قادمًا من محطة “شبرا” إلى محطة “منوف”؛ مما أسفر عن وفاة أربعة، وإصابة ثلاثة وعشرين من الركاب، وتلفيات بالجرار والعربة الأولى من القطار، فأمر النائب العام بتشكيل فريق موسَّع للتحقيق في الواقعة، والذي انتقل على الفور إلى موقع الحادث؛ لمعاينته،
فوقف على تصور لوقوع الحادث هو اصطدام القطار بحاجز خرساني بالمحطة يقع نهاية القضبان الحديدية التي كان يسير عليها القطار،
إذ كان يتعيّن توقفه لحين مغادرة قطار آخر متوقف بالقضبان المجاور له ليحوَّل مساره إليه ويستكمل مسيره، لكنه تجاوز “سيمافورين” على الرصيف الواقع على يساره قبل نقطة الاصطدام بالحاجز كانا مغلقين ومضيئين باللون الأحمر، مما يعني ضرورة التوقف، ولكن القطار تجاوزهما في سرعة زائدة واصطدم بالحاجز،
فتُوفي أربعة من الركاب كانوا متواجدين بين الجرار والعربة الأولى من القطار، وأصيب ثلاثة وعشرون آخرون داخل العربة،
كما تحفظت النيابة العامة بموقع الحادث على تسجيلات جهاز المكابح والتحكم الآلي في مسير القطار “ATC” لفحصها.
وانتقلت النيابة العامة لمناظرة جثامين المتوفين الأربعة، وسؤال ثمانية من المصابين والذين تواترت شهاداتهم على سير القطار بسرعة زائدة خاصة خلال ظهور قطار بجواره عقب تجاوزه محطة قطار “شبرا”، إذ هُيِّئ لبعضهم تسابقهما.
وسألت النيابة العامة مسئول مراجعة تنفيذ لائحة سلامة تشغيل السكة الحديد، فقرر أنه بفحصه لوحة التشغيل الخاصة بالقطارات بمحطة قليوب لاحظ أن سائق القطار تغافل عن الإشارات الضوئية “للسيمافورين” المشار إليهما والخاصين بتهدئة سرعة القطار وتوقفه قبل نقطة الحادث، وفصله جهاز المكابح والتحكم الآلي في القطار “ATC” وتجاوزه بالسرعة الحد المسموح به، مما حال دون تمكنه من إيقاف القطار وأدى لاصطدامه بالحاجز الخرساني،
وأنه كان يتعين عليه التوقف بمحطة قليوب والانتظار لحين مغادرة القطار الذي كان متوقفًا بالقضبان الموازية ليحوَّل مساره إليه ويسلك مسارًا طبيعيًّا إلى مدينة منوف، وأحال مسئولية وقوع الحادث إلى سائق القطار والخطأ الذي صدر منه.
كما سألت النيابة العامة محصل تذاكر القطار فقرر أنه لاحظ قبل الدخول إلى المحطة محل الحادث زيادة سرعة القطار عن المعتاد عليه، مما أدى لتجاوز سائق القطار سيمافور المحطة واصطدامه بالحاجز الخرساني،
وأيد مسئول مراجعة تنفيذ لائحة سلامة تشغيل السكة الحديدية فيما كان يتعين على السائق فعله، وأنه المتسبب في الحادث بخطأه.
وسألت النيابة العامة كذلك كلًّا من مراقب برج محطة قطار قليوب، وملاحظ التحويلة والقائم بأعمال ناظر المحطة، وفني حركة البرج، ومراقب فني آخر؛ والذين أجمعوا على قيادة سائق القطار بسرعة تُجاوز السرعة المقررة قانونًا أثناء إقباله على المحطة محل الحادث مما أسفر عن وقوعه،
وأوضح فني حركة البرج أن القطار اعتاد من قبل التوقف بالمحطة لحين مغادرة قطار آخر لتحويل مساره من بعد ذلك لاستكمال رحلته، ولكن السائق تلك المرة قد تجاوز “السيمافور” رغم إضاءته باللون الأحمر مما يوجب توقفه فوقع الحادث بناء على ذلك.
وقد استجوبت النيابة العامة مساعد القطار فقرر أن جهاز “ATC” قد فصله السائق لعطل فيه لحين وصوله لمحطة قطار قليوب باعتبارها المحطة الأولى المقرر لهم التوقف فيها خلال رحلتهم، وطلب الدعم لإصلاحه،
مؤكدًا أن سائق القطار كان يسير بسرعة أزيد من المقررة قانونًا والتي قاربت ثمانين كيلو مترًا في الساعة، مما أدى لتجاوز القطار “السيمافور” المشار إليه والاصطدام بالحاجز الخرساني،
كما أكد أنه قد نبَّه السائق أكثر من مرة بتجاوزه السرعة المقررة قانونًا، ولكنه لم يمتثل لتنبيهه.
واستجوبت النيابة العامة سائق القطار، فقرر أنه أثناء توقفه بمحطة شبرا الخيمة فَصَل جهاز “ATC” بالقطار لعطل أصابه كي يتمكن من السير به، حتى يستدعي أحد لصيانته بمحطة قليوب محل الحادث،
وأحال سبب عدم توقفه قبل دخول تلك المحطة إلى ضعف حالة مكابح القطار والتي حاول استخدامها لإيقافه دون جدوى، فاصطدم لذلك بالحاجز الخرساني، مُقرًّا بإمكانية تفادي وقوع الحادث إذا ما كان يسير بسرعة أقل مما كان عليها.
وعلى ذلك أمرت النيابة العامة بحبس سائق القطار أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات، وحجز مساعده وباقي موظفي السكة الحديدية لحين ورود تحريات الشرطة.
وقد انتدبت النيابة العامة لجنة من المختصين قانونًا للانتقال لمكان الحادث لفحص القطار وبيان مدى صلاحيته وصلاحية أجهزة التشغيل والسلامة الخاصة به،
ومعاينة محل الواقعة بيانًا لأسباب وكيفية وصول القطار إلى الحاجز الخرساني واصطدامه به ومن ثَمَّ وقوع الحادث، وتحديد المسؤول عنه ومدى اتباع سائر الموظفين والمسئولين بالسكة الحديدية للتعليمات واللوائح المنظمة للتشغيل من عدمه، وبيان أوجه المخالفات المنسوبة إليهم وسندها، إنْ وُجدت.
وجارٍ استكمال التحقيقات بسؤال سائر المسؤولين بالهيئة القومية لسكك حديد مصر، وفحص الهواتف المحمولة الخاصة بسائق القطار وسائر الموظفين المتحفظ عليها بمعرفة الإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات؛ للوقوف على ما قد تحويه من أدلة رقمية تفيد في كشف الحقيقة، فضلًا عن فحص سجلات المحادثات المجراة بينهم يوم الحادث.