تعهّدت الدول الغنية بتقديم 260 مليون دولار على الأقل لبدء عمل صندوق مصمم لمساعدة الدول الضعيفة على مواجهة تغير المناخ و ظاهرة الاحتباس الحراري، بحسب وكالة بلومبرج.
واتفقت نحو 200 دولة على تفاصيل إدارة الصندوق، مما يمثل انفراجة كبيرة مع انطلاق مفاوضات المناخ الدولية في دبي.
واعتمد المندوبون في قمة “كوب 28” اليوم الخميس، إطار عمل قدمه البنك الدولي لإدارة ما يسمى “صندوق الخسائر والأضرار” بشكل مؤقت على الأقل. وقالت الإمارات العربية المتحدة، الدولة المضيفة لدورة العام الجاري، إنها ستساهم بمبلغ 100 مليون دولار، إلى جانب 100 مليون دولار أخرى من ألمانيا، فيما تعهّدت المملكة المتحدة بمبلغ 40 مليون جنيه إسترليني (50 مليون دولار)، واليابان بمبلغ 10 ملايين دولار.
مواجهة تغير المناخ
وقال جون كيري، المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لشئون المناخ إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ستعمل مع الكونجرس لتقديم 17.5 مليون دولار. وتضمن المساهمات المعلنة الحد الأدنى المطلوب لبدء عمليات البرنامج، وهو 200 مليون دولار، مما يمهد الطريق لبدء صرف الأموال في أوائل العام المقبل.
و أكد سايمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ التي تدير الاجتماعات السنوية لمؤتمر الأطراف “كوب 28″، أنه قبل اعتماد إطار العمل رسمياً: “هناك فرصة للخروج من هنا بقرار تاريخي حقاً”، إن التوصل إلى اتفاق بشأن صندوق الخسائر والأضرار في وقت مبكر “سيرسل إشارة قوية إلى جميع المشاركين في غرف التفاوض”.
واتفق المندوبون كذلك على جدول أعمال المفاوضات لمدة أسبوعين، و تعد خطة الخسائر والأضرار واحدة من ثلاث نتائج رئيسية يعمل مؤتمر “كوب 28” على تحقيقها، و هناك العديد من التحديات الشائكة المقبلة، تشمل كيفية رد فعل الدول على التحذيرات الواقعية بشأن الوتيرة غير الكافية للجهود المبذولة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتي من المرجح أن تؤدي إلى نشوب خلاف حول ما يجب على الدول الالتزام به جماعيا إزاء الوقود الأحفوري في عالم يزداد احترارا.
مخاطر وعواقب وخيمة
ووجه قادة المؤتمر ومندوبو الدول اليوم الخميس، تحذيرات واقعية بشأن مخاطر التقاعس عن العمل.
وقالت جينيفر مورغان، مبعوثة ألمانيا للمناخ في مؤتمر صحفي: “من الواضح أننا لسنا على المسار الصحيح”. وأضافت أن العالم يواجه عواقب “لا يمكن تصورها.. إذا لم نقم بتسريع عملنا وتوسيع نطاقه”.
ويسعى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى إلى الحصول على تعهدات ملموسة، بما في ذلك الحد من استخدام الوقود الأحفوري، وزيادة استخدام الطاقة المتجددة بواقع ثلاث مرات، ومضاعفة كفاءة استخدام الطاقة، وكانت العبارات المتعلقة بالوقود الأحفوري والتي يمكن أن ترد في الاتفاق النهائي، مصدرا رئيسيا للتوتر، مع تردد بعض الدول الغنية بالنفط في تبني التزام بالتخلص التدريجي منه تماما.
مسائل عالقة
ودعا “ستيل” إلى اتباع نهج ثابت لا يتزعزع. وقال: “إذا لم نشِر إلى توجه نحو الانتهاء من عصر الوقود الأحفوري كما نعرفه، فإننا نكون نبشّر بنهايتنا.. ونختار بذلك أن ندفع الثمن حياة الناس”.
لقد استغرق الأمر نحو عام للتوصل إلى تفاصيل الصندوق، الذي قررت الدول تأسيسه خلال نهاية قمة “كوب 27” في مصر. تفاوض ممثلون من نحو عشرين دولة بشأن التفاصيل على مدى أشهر، بما في ذلك القرار المثير للجدل بإنشائه ليكون الصندوق بمثابة وسيط مالي يستضيفه البنك الدولي على أساس مؤقت مدته أربع سنوات.
ولا تزال هناك مسائل رئيسية معلقة بشأن صندوق الخسائر والأضرار ذاته، بما في ذلك مصدر التمويل وحجمه، و ترى الاقتصادات الناشئة أن البلدان التي بدأت بالتصنيع أولاً هي التي يجب أن تقدم مساهمات كبيرة، نظرا لأنها مسئولة عن الكثير من انبعاثات الغازات الدفيئة المتراكمة في الغلاف الجوي.
وقالت “مورغان” ممثلة ألمانيا، إن الدول “التي تمتلك القدرة بشكل خاص”، مثل الصين والمملكة العربية السعودية، يجب أن تدعم الصندوق أيضا، وأضافت: “ستكون هذه لفتة كريمة وإشارة أيضا إلى كيفية تحمّل هذه الدول مسئولياتها تجاه الدول الأكثر ضعفا بشكل جدي”.
تجديد موارد الصندوق كل 4 سنوات
ويضع النص الذي تمت الموافقة عليه اليوم الخميس، خطة لتجديد موارد الصندوق كل أربع سنوات، عبر مساهمات تأتي من “مجموعة واسعة من المصادر”، بما في ذلك المنح والقروض الميسرة، لكنها لا تصل إلى حد المطالبة بالمساهمات، بل تكتفي فقط بحثّ البلدان على تقديم الدعم “على أساس طوعي”، ودعوة الدول المتقدمة “لأخذ زمام المبادرة” لتوفير الأموال الأساسية.
وسعت الولايات المتحدة لضمان أن النص الإطاري يجعل المساهمات طوعية، وشدد “كيري” على أن الولايات المتحدة تمول بالفعل عمليات الإغاثة في حالات الكوارث من خلال قنوات أخرى.
وقال” كيري” للصحفيين أمس: “من المهم ألا يمثل الصندوق أي تعبير عن المسئولية” أو “أي نوع من المتطلبات القانونية الجديدة”، “نعتقد أن هذا الصندوق – بالطريقة التي تم تصميمه بها – سوف يلبي احتياجات البلدان الضعيفة”، و”يمكن تأسيسه بسرعة ولكن بخطى واثقة”.