الدولة الوطنية.. والانعتاق من الوصاية الأجنبية

الدولة الوطنية.. والانعتاق من الوصاية الأجنبية
شريف عطية

شريف عطية

7:37 ص, الخميس, 5 ديسمبر 19

يجاهد العراقيون، شأنهم شأن شعوب عربية أخرى، للانعتاق لكل من الوصاية الأميركية (ومن فى معيتها) والوصاية الإيرانية (ومن يحذو حذوها)، اللتين تجسمان تباعاً على مقدراتهم، بأقله منذ غزو العراق 2003، فى نفس الوقت الذى تتنازع فيه كل من واشنطن وطهران على مركز الصدارة فى المشهد العراقى- بخاصة- الذى يموج بالمظاهرات منذ أكتوبر 2019، تساقط خلالها آلاف القتلى والجرحي، بالتوازى مع إحراق القنصيلة الإيرانية فى النجف- مرتين- قبل أيام من إطلاق نحو خمسة صواريخ على قاعدة عسكرية فى الأنبار مطلع ديسمبر، بها قوات أميركية، ذلك فيما تدين واشنطن القمع الدموى للمظاهرات من جانب السلطات العراقية، التى تستقبل فى بغداد مسئولين من الحرس الثورى الإيرانى (سليماني) ومن حزب الله اللبنانى (كوثرانى) للبحث عمن يخلف رئيس الحكومة (المهدي) المستقيل تحت ضغط من بعض مطالب المحتجين، التى تلقى الدعم من المراجع العليا للشيعة (السيستانى) ومن قوى وأحزاب سنية وكردية، بينما ينضم للمظاهرات يوماً بعد آخر فئات شعبية مختلفة مناهضة للنظام السياسى السائد منذ 2003 فى العراق، «جمجمة العرب»، كما ينسب للفاروق «عمر» وصفه، قبل أن يصبح منذ إعادة تجديد وحداته السياسية مطلع عشرينيات القرن الماضي.. ضحية دائمة لكل من تعاقب ديكتاتورييه، وطائفياته إلى الوصايات الخارجية عليه، حتى غزو أراضيه فى 2003 ، إيذانا من ثم إلى بسط المقترح الغربى الأميركى بشأن مشروع الشرق الأوسط «الموسع»، باستخدام سياسة «الفوضى الخلاقة» التى أفرزت الموجة الأولى للربيع العربى 2011، قبل محاولة استئناف موجته الثانية فى الآونة الأخيرة- لا تزال- إلا أن الشعوب العربية التى أسقطته قبل نحو عشر سنوات، إذ ينتفض بعضها مجدداً، ليس للحيلولة دون تكراره فحسب، بل أيضاً لمعالجة كل من جذوره وتوابعه بسيان، فى إطار من صراع الإرادات بين الشارع (الثورى) وقوى السلطة، لإسقاط لحظة ما بعد تاريخ الغزو المشئوم فى 2003، وفقاً لما ينادى به المحتجون من محافظات العراق المنتفضة، بالتزامن مع إصرار اللبنانيين على رفض إعادة صيغ قديمة من الطائفية السياسية أو التبعية الأجنبية، تبقى على الفساد فى بلد «الفكر السياسى التوافقى العربى»، رافضين مع العراقيين «جمجمة العرب» لكل من الأوصياء العروبيين والإقليميين والدوليين على حد سواء، وللسعى من ثم إلى إسقاط أعوانهم من النخبة الطائفية سيما على سطح الحياة السياسية للبلدين، بغية تصويب نظمهما الحاكمة، ما يعد إصلاحًا للمنظومة العربية فى مجملها، ذلك فى توقيت قد يبدو مناسباً للحراك الشعبى العربي، إذ تعانى الوصاية الخارجية على مقدراتهم- فى المقابل- من مشاكل وصراعات داخلية متصاعدة.. لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ما يسهم فى تأكيد الوجه الوطنى الاستقلالى للحراكات الثورية العربية، وهى فرصة قد لا تتاح إلا لمامًا كل مائة عام أو نحوها، للانعتاق مما حصلت عليه فى السابق الوصايات الخارجية، وما سببته إلى حد كبير من شيوع الفساد والنهب وتفاقم البطالة إلى فشل المؤسسات، سواء فى صناعته أو التغطية عليه، ما يضعف من عضد وتقدم الدولة الوطنية العربية.