يتوقع عدد من مسئولى شركات التخصيم العاملة بالسوق المحلية أن يشهد النشاط نوعًا من التعافى الحقيقى خلال العام الجاري، بدعم هدوء التأثيرات السلبية التى فرضتها جائحة «كورونا» على الأوضاع المحلية، إلى جانب توجه الجهات الرقابية بفتح قنوات تمويلية جديدة أمام النشاط مؤخرًا.
يُذكر أن الهيئة العامة للرقابة المالية أتاحت لشركات التخصيم تمويل شركات السمسرة فى عمليات «الشراء الهامشى – المارجن» فى البورصة المصرية مؤخرًا.
والتخصيم هو عبارة عن وسيلة للحصول على تمويل قصير الأجل تقوم من خلالها إحدى الشركات ببيع ديونها المستحقة «فاتورة- شيكات» لصالح المخصم «شركة التخصيم» مقابل الحصول على أمواله بشكل فوري، ويختلف عن القرض البنكى فى عدة عوامل من بينها أنه يشمل 3 أطراف.
ويرى المسئولون أن أهم مميزات التخصيم تتمثل فى دورته قصيرة الأجل بإتاحة التمويل بشكل سريع مقارنة بباقى أنشطة التمويل الأخرى، موضحين أن أزمة فيروس كورونا كانت قد أصابت النشاط بالهدوء خلال العام الماضى نتيجة الأثر السلبى لكل الأنشطة الاقتصادية بتلك الفترة والذى أدى إلى توقف عدد منها.
ولفتوا إلى أن كل التوجهات الحكومية الخاصة بتقليل التعامل مع الكاش والسعى الجاد للتحول للرقمنة، هذا إلى جانب التوجه للإلزام بالتعامل بالفاتورة الضريبية ووضع حدود للسحب والإيداع من المفترض أن تصب فى مصلحة النشاط خلال الفترات المقبلة.
بداية، توقع جمال محرم، رئيس اتحاد التخصيم بالهيئة العامة للرقابة المالية، أن يسترد نشاط التخصيم عافيته خلال العام الجارى مقارنة مع 2020، بدعم حالة الاستقرار التى تشهدها البلاد مقارنة بفترات الجائحة الأولى.
وقال إن نشاط التخصيم كان من ضمن الأنشطة التى تضررت بشكل كبير خلال العام الجاري، وذلك نتيجة توقف كافة المعاملات التجارية لفترات وصلت لشهور خلال موجات الفيروس الأولى بعام 2020.
وأشار محرم إلى أن كل العاملين بالسوق المحلية وأصحاب الأعمال استفادوا خلال العام الماضى من مبادرات التمويل المنخفضة التى طرحها البنك المركزى خلال تلك الفترة، فيما على جانب آخر فإن بعض الأعمال توقفت بشكل كبير وبالتالى تضررت أنشطة التمويل.
وأوضح أن بوادر التحسن خلال العام الجارى بدأت بتضاعف عدد الشركات التى حصلت على رخص تخصيم جديدة من الهيئة العامة للرقابة المالية، لافتًا إلى أن عدد الشركات بالفترة الحالية وصل 23 شركة مقارنة بحوالى 10 شركات خلال 2019.
النشاط حقق ارتفاعا بنسبة %6.6 خلال 2020 بقيمة 11.3 مليار جنيه
وتوقع أن يشهد نشاط التخصيم نموًا بنهاية العام الجارى بنسبة %20 مقارنة مع %6.6 خلال العام الماضي، مع زيادة أيضًا عدد الشركات الحاصلة على رخصة جديدة بدعم فتح قنوات تمويلية جديدة كتمويل الشراء الهامشي.
وتجدر الإشارة إلى أنهُ تم خلال العام الماضى انتخاب أول مجلس إدارة للاتحاد المصرى للتخصيم، وكان النشاط قد واصل الارتفاع خلال العام الماضى، محققًا معدل نمو سنوى قدره %6.6 إذ بلغت قيمة الأوراق المخصمة 11.3 مليار جنيه، مقارنة بنحو 10.6 مليار جنيه خلال 2019.
وأوضح أن الفرصة التى أتاحتها الهيئة العامة للرقابة المالية أمام شركات التخصيم مؤخرًا بتمويل شركات السمسرة فى عمليات الشراء الهامشي، ستفيد النشاط بشكل واضح، مشيرًا إلى أنهُ حتى الوقت الحالى لم تتضح آثارها فى ظل استمرار الشركات فى دراسة الوضع.
ولفت جمال محرم إلى أن تلك القناة الجديدة ستزيد من حاجة شركات التخصيم للحصول على تمويلات أكبر من البنوك لإعادة ضخها لصالح تلك الشركات.
وأشار إلى أنه على الرغم من النمو المتوقع بالنشاط إلى أن هناك تحديات أخرى تواجه المجال تتمثل فى ضعف معرفة القطاع الخاص بأهمية أداة التخصيم، ما يُحتم وجود دورات تدربية لدعم أهمية النشاط والتعريف به.
وتابع: التحدى الآخر أمام الشركات يتمثل فى البعد عن التوجه الرقمي، لافتًا إلى أن شركات التخصيم يجب عليها دعم العمليات الرقمية لديها خلال الفترات المقبلة بدعم التوجه الحكومى الكبير فى تلك الجزئية.
علاء جودة: هدوء تأثيرات «كورونا» السلبية وزيادة التطعيم سيدفع السوق للرواج بالشهور المقبلة
من جانبه، قال علاء جودة العضو المنتدب بشركة «آى بى آى للتخصيم»، إن التوقعات تشير بأن يشهد النشاط الاقتصادى ككل تحسن كبير خلال النصف الثانى من العام الجاري، بدعم زيادة عمليات التطعيم ضد الفيروس وهدوء التأثيرات السلبية للجائحة بشكل عام.
وأشار إلى أن حالة الهدوء تلك ستؤدى إلى استفادة كل الأنشطة العاملة بالسوق المحلية ومن ضمنها نشاط التخصيم مقارنة بالفترات الأولى من العام الجاري.
ولفت جودة إلى أن فترة الإغلاق التى شهدتها السوق المحلية خلال العام الماضى وتحديدًا فى الفترة منذ مارس وحتى يونيو الماضيين أثرت على كل المعاملات التجارية بشكل واضح وبالتالى تأثر نشاط التخصيم.
وأشار إلى أن توجه الهيئة العامة مؤخرًا بالسماح لشركات التخصيم بتمويل عمليات الشراء الهامشى فى البورصة المصرية سيُدعم أداء نشاط التخصيم ككل فى السوق المحلية وخاصة فى ظل التوقع بتحسن أداء سوق الأسهم المحلية خلال الفترات المقبلة.
فيما توقع أن تكون الاستفادة الأولية لصالح شركات التخصيم الكبيرة أو العاملة فى السوق منذ فترة وذلك بحكم ملاءتها المالية المرتفعة.
وأوضح علاء جودة أنهُ تم تأسيس شركة «آى بى آى للتخصيم» مؤخرًا منذ بداية العام الجاري، موضحًا أنهُ سيتم خلال يوليو المقبل الإفصاح عن المستهدفات الحقيقية للشركة.
وفى سياق متصل، قال طارق عفت، رئيس مجلس الإدارة بشركة «كاتليست للتأجير التمولي»، إن العجلة الاقتصادية بدأت فى الدوران مجددًا منذ بداية العام الجاري، مقارنة بفترات توقف كبيرة خلال العام الماضي.
وتوقع أن يكون نشاط التخصيم أحد أكبر المستفدين من حالة الرواج تلك، خاصة فى ظل التوجه الرقابى بدعم النشاط وفتح قنوات تمويلية جديدة أمام الشركات العاملة به.
وقال إن كل التحركات متجهة نحو نشاط التخصيم خلال الفترات المقبلة، ما يؤكد أن التخصيم سيكون أحد أكبر الأنشطة التمويلية مستقبلاً ليُضاهى نشاط التأجير التمويلى على سبيل المثال.
ورجح انتهاء الأثر السلبى الذى أصاب النشاط خلال الفترات الماضية نتيجة ضغوط الجائحة، وبداية تحقيق معدلات نمو مرتفعة.
ولفت إلى أن «كاتليست» حصلت على رخصة التخصيم مؤخرًا ومن المفترض أن يتم تفعيل النشاط خلال النصف الثانى من العام الجاري، مشيرًا إلى أن المحفظة المبدئية للشركة تصل إلى 6 ملايين دولار كمستهدف أولى خلال العام الجارى مع مستهدفات بالتركيز على قطاع الأغذية وكل الأنشطة المرتبطة بهِ.
وأوضح أن خضوع نشاط التخصيم لرقابة الهيئة العامة للرقابة المالية ووجود اتحاد ممثل لهُ زاد من مصداقية النشاط ودعم وضعه بالسوق المحلية.
فيما على صعيد القنوات الجديدة المتاحة للتمويل أمام شركات التخصيم، أوضح أن المجال مفتوح أمام الشركات بتمويل كل الأنشطة العاملة، مشيدًا بقرار الهيئة مؤخرًا الخاص للسماح للشركات بتمويل الشراء الهامشي.
وقال محمد نادر، العضو المنتدب بشركة «أرشر للتأجير التمويلي» إن النشاط الاقتصادى عامة يمر بالفترة الحالية بمرحلة تحويلية تلزم وجود أوجه مختلفة للتمويل.
ولفت إلى أن مجال التخصيم قد يُعد واحدًا من أدوات التمويل المستهدفة من قِبل أصحاب الأعمال خلال الفترات المقبلة بدعم حالة التغير التى يشهدها النشاط التجاري.
وأوضح أن كل التغيرات التى يمر بها النشاط الاقتصادى وما يتبعها من جهود حكومية تشهدها الساحة المحلية خلال الفترة الحالية ستكون أحد دعائم النمو لنشاط التخصيم فى وقت ما.
وفسر نادر بأن التوجهات الخاصة بتقليل التعامل مع الكاش والاعتماد على التعاملات الرقمية، ستؤدى إلى زيادة عدد الشيكات على سبيل المثال وبالتالى ستكون القابلية لتخصيمها أكبر وهو ما سيؤدى إلى زيادة حجم الأوراق المخصمة ومن ثم رواج النشاط.
وأضاف أن قرار الحكومة المصرية، متمثلة فى البنك المركزي، أيضًا بوضع حدود قصوى للسحب والإيداع ستكون أحد العوامل المؤثرة إيجابيًا على نشاط التخصيم خلال الفترة المقبلة، إذ ستدفع أصحاب الأعمال والمصنعين للبحث على طرق تمويلية أخرى أسرع سيكون التخصيم أحدها.
محمد نادر: التحول التجارى والقرارات الحكومية بالتوجه للرقمنة وإقرار الفاتورة الضريبية أهم الدعائم
وأشار إلى أن التوجه الحكومى الخاص بفرض الفاتورة الضريبية على كل التعاملات التجارية سيدعم نشاط التخصيم أيضًا، لافتًا إلى أن شركات التخصيم لابد أن تتعامل بشكل منظم خاضع للقوانين، وبالتالى فإن التعاملات غير الخاضعة للفاتورة الضريبية ستمثل عبئا عليها.
واستكمل: التوجه الحكومى الإلزامى لكل الموردين والتجار بالتعامل بالفاتورة الضريبية سيُزيد من فرص المنافسة للتمويل بشكل منظم.
ولفت إلى أن أهم مميزات نشاط التخصيم مقارنة بباقى الأنشطة التمويلية الأخرى تتمثل فى سرعة الوتيرة الخاصة بها، موضحًا أن العميل يمكنهُ الحصول على قيمة التمويل للأصل المخصم فى صورة سريعة مقارنة بأى من المجالات التمويلية الأخرى.
وتابع: أن الظروف الحالية الخاصة بجائحة «كورونا» أدت إلى زيادة الحاجة لوجود كاش بشكل سريع لمساعدة الشركات على تمويل احتياجاتها اللازمة لسير العمل، مستشهدًا بمثال أنهُ إذا باعت شركة ما معدات بقيمة 3 ملايين جنيه لأحد العملاء عادة ما يكون سداد تلك القيمة للمشترى على فترات زمنية قد تصل إلى شهور، وبالتالى فإن الاحتياج للدفع النقدى سيدفع بالبائع للتوجه لأحد كيانات التخصيم للحصول على قيمة الشيك البالغ 3 ملايين جنيه على أن تتولى الأخيرة تحصيلها من العميل على فترات وذلك مقابل فائدة محددة.
وقال إن أحد أبرز مميزات التخصيم الأخرى أنهُ يدخل لتمويل التعاملات الخارجية فى الصادرات والواردات وذلك لدفع مستحقات العملاء بشكل أسرع ونقدى مقابل قيام شركة التخصيم بالتحصيل على فترات زمنية متفق عليها مقابل نسبة فائدة أيضًا.
وبشكل عام وفيما يتعلق بحجم النمو المتوقع للنشاط خلال 2021، قال إنهُ من الصعب التوقع بحجم ونسب النمو، ولكن على الأقل ستكون أفضل من 2020 بشكل محدود وخاصة فى ظل استمرار التأثير السلبى الذى فرضتهُ الجائحة على كافة الأنشطة المحلية والخارجية.
ولفت إلى أن «أرشر للتأجير التمويلي»، تعتزم إضافة نشاط التخصيم بنهاية العام المقبل 2022 من خلال التقدم للهيئة العامة للرقابة المالية للحصول على الرخصة.
وأشار إلى أن الهدف من إضافة النشاط يتمثل فى أن شركة «التأجير التمويلي» تتعامل عادة مع شريحة الشركات المتوسطة وصغيرة الحجم، وبالتالى ستكون هذه الشريحة أكثر قربًا للتعامل بنشاط التخصيم أيضًا.
وعلى صعيد آخر، قال شريف العتر، المحلل المالى بقطاع الخدمات المالية غير المصرفية بشركة «برايم القابضة للاستثمارات المالية»، إن أحد أهم مميزات نشاط التخصيم أنهُ يسهم فى دعم عمليات السيولة على المدى القصير.
ولفت إلى أن حجم النمو الذى حققه النشاط خلال العام الماضى جاء أقل من التوقعات، متوقعًا أن يبدأ النشاط فى التعافى خلال العام الجاري.
وأشار العتر إلى أن النشاط يُعد فى بداية ظهورهُ وبالتالى أمامه فرص كبيرة للنمو، موضحًا أن الجهات الرقابية يمكنها استغلال النشاط فى توجيهات مماثلة للقناة التى تم فتحها مؤخرًا بتمويل المارجن.
وتوقع المحلل المالى لدى «برايم»، أن تظهر خلال الفترات المقبلة حالات توجه الكيانات العاملة لدمج أنشطتها للتأجير التمويل والتخصيم فى كيان واحد على غرار ما فعلته المجموعة المالية «هيرمس» وذلك رغبة من الشركات فى توسيع أحجام الأنشطة وقاعدة العملاء. وأوضح أن وجود اتحاد للتخصيم قد يكون هو نقطة الانطلاق للنشاط خلال الفترات المقبلة، والقنوات الجديدة هتفيد الشاط بشكل كبير.