قال الدكتور علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية، ورئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي إن الاقتصاد الرقمي يشكل نحو 22% من حجم الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية ونحو 30% في الصين، كما تزيد أو تقل النسبة بعض الشيء في دول الاتحاد الأوروبي.
وتابع: “نجتمع اليوم بالنظرة العالمية للاقتصاد الرقمي باعتباره أحد المحركات الأكثر فاعلية للابتكار والنمو، وكذلك في توليد تأثير مضاعف في سلاسل القيمة في قطاعات مختلفة، حيث على سبيل المثال نجح الاقتصاد الرقمي في الصين في توفير حوالي 200 مليون وظيفة عام 2018 وفقاً للبيانات الرسمية.”
وأكد الخوري خلال كلمته بفعاليات مؤتمر “مستقبل تكنولوجيات الخدمات المالية على تزايد أهمية الاقتصاد الرقمي وسبل توظيفه لاجتياز أزمة كوفيد 19.
وأشار الخوري إلى أن مساهمة الاقتصاد الرقمي تشكل نحو 12 تريليون دولار بما يمثل نسبة 15.5% من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ومن المتوقع أن ترتفع مساهمته لأكثر من النصف خلال عام 2023، مدفوعًا بالتحولات الرقمية في المؤسسات والمنتجات والخدمات.
حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في المنطقة 12%
وتابع: “بانتقال الحديث لمنطقتنا العربية نجد أن دراستنا تشير إلى أن حجم مساهمة الاقتصاد الرقمي في المنطقة يسجل متوسطا قدره 12%، مقارنة بمتوسط عالمي بلغ 16%، وهو ما يعني وجود فرص كبيرة لزيادة هذه النسبة، وتحسين الظروف الاقتصادية المتردية الحالية في المنطقة العربية”
وقال إن دراستنا أشارت أيضًا إلى أنه في حالة وجود استراتيجيات دقيقة وشاملة فإن حجم الفرص الكامنة من الممكن أن يصل إلى 3 تريليون دولار يمكن تحقيقها في وقت قصير لا يتجاوز 10 سنوات.”
وتابع حديثه قائلًا: “إن جائحة كورونا جاءت على حين غرة وقلبت الخطط رأسًا على عقب، فوفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي الأخير الصادر في أكتوبر الجاري، بلغ إجمالي الخسائر والنفقات العالمية خلال التسعة أشهر الأولى من 2020 ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار وهو ما يمثل 12% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.”
وأوضح مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أن استمرار انتشار كوفيد 19 بات يجبر البلدان على اتباع نهج أكثر تباطؤ مع رجوع البعض إلى إجراءات الإغلاق الجزئية، وهو ما يعني أن الاقتصاد العالمي لا يزال عرضة لمزيد من العقبات.
واستطرد حديثه قائلًا: “مع ارتفاع معدلات البطالة بشكل كبير، وفي ظل الأزمات التي خلقتها أزمة كوفيد 19، فلا يوجد حل واضح ومباشر للخروج من هذه الأوقات الغامضة، ومع ذلك وبناء على الدراسات والبحوث والممارسات الدولية، هناك اتجاهات استراتيجية يمكنها المساهمة في تحقيق أهداف الانتعاش الاقتصادي والنمو”.
الدول التي تستثمر بالتكنولوجيا تمكنت من تحقيق إنتاجية أفضل
ويرى أن البلدان التي تستثمر بشكل كبير في التكنولوجيا والرقمنة تمكنت من الحفاظ على مستويات إنتاجية أفضل، ونتفق جميعًا أن الخدمات الرقمية لعبت دورًا محوريا أثناء الجائحة ساهم بشكل كبير في ضمان استمرارية بعض القطاعات، منها التعليم والتجارة الإلكترونية والقطاعات الخدمية الأخرى.”
وأشار إلى أن تأثير التكنولوجيا الرقمية يكمن في قدرتها على إنتاج ثلاثة أضعاف القيمة الاستثمارية في قطاع خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
5 توصيات لراسمي السياسات
وقدم “الخوري” 5 توصيات رئيسية لراسمي السياسات باعتبارها محاور يمكن تنفيذها على المدى القصير للخروج من الأزمة الراهنة المتعلقة بفيروس كورونا؛ وهي:
1- التركيز على الاستثمارات التكنولوجية
الحاجة إلى مزيد من التركيز على الاستثمارات التكنولوجية الهادفة لتسريع التحول الرقمي وتطوير حلول اجتماعية واقتصادية مبتكرة ضمن إطار شامل لبناء مقومات المجتمع والاقتصاد الرقمي.
2- الاهتمام بالشرائح السكانية والقطاعات المهمشة
يتعين على الحكومات أن تولي اهتمامًا خاصًا للشرائح السكانية والقطاعات المهمشة من خلال اعتماد نماذج تنموية اجتماعية واقتصادية أكثر شمولا واستدامة، حيث يجب تصميم هذه النماذج برؤية ملهمة لتحقيق الغايات وتحمل المسؤولية على مستوى الأفراد والمؤسسات.
3- إحداث تأثير على الأرض
حاجة السياسات والاستراتيجيات وخطط العمل إلى ضرورة إحداث تأثير على الأرض وقدرات يمكن معها تنفيذ التحولات الاستراتيجية المحورية، بجانب الوسائل المتنوعة للتصدي والتعافي من التداعيات الناتجة عن جائحة كورونا.
التركيز على تحقيق مكاسب انتاجية وعوائد استثمارية
تحتاج الحكومات إلى مراعاة عاملين مهمين في مبادراتها الأول هو التركيز على تحقيق أعلى نسبة مكاسب انتاجية وعوائد استثمارية، هذا بالإضافة إلى العامل الثاني وهو أهمية استيعاب العاطلين عن العمل من خلال خلق المزيد من فرص العمل.
وتطرق “الخوري” إلى النقطة الخامسة والأخيرة والتي تتعلق بالاستثمار في الأفراد؛ موضحًا أن هذا المصطلح معروف جيدًا كموضوع إداري وتنظيمي، لكن من الضروري تناوله على المستوى الحكومي، حيث يتحقق ذلك من خلال تأمين الضروريات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والإسكان والإثراء الثقافي ونشر الطاقة الإيجابية في النظام الاجتماعي، خاصة أن جائحة كوفيد 19 تسببت في حالة عالمية من القلق والإرهاق النفسي، كما أدت إلى مواقف وسلوكيات سلبية لدى شرائح كبيرة من السكان تجاه الاحتياطات والإجراءات الصحية.
وأكد “الخوري” في ختام كلمته أنه بلا شك؛ يحتاج النجاح في مثل هذه الأوقات الدقيقة والمضطربة إلى مهارة التفكير خارج الصندوق، وهي مهارة تحتاجها الدول لبناء منظومة مرنة وسريعة الاستجابة للمتغيرات.