واجه معيدو التأمين بالخارج – ولا يزالوا – موجة عاصفة من الخسائر طوال العام الماضى بسبب ضخامة فاتورة تعويضات جائحة كورونا، مما ينذر بموجة أشد من التشدد خلال العام المقبل فى ضوء ماتم سداده عن عامى 2020 و2021 وقد يصل الأمر إلى حد تغير خريطة الأسواق التى ستتواجد بها الإعادة بكثافة عن غيرها ارتباطا بالتسعير الفنى الكفء وحجم الأعمال.
واتفق خبراء إعادة التأمين بالسوق على أن التشدد أمر واقع لامحالة وسوف يزداد الأمر سوءا فى حالة استمرار التداعيات السلبية لوباء كورونا خلال العام الجارى، بالإضافة إلى انخفاض الأعمال وتردى الأسعار فى فروع التأمين المهمة مثل الحريق والهندسى مطالبين بإعادة النظر فى الأسعار وعدم التهاون فى منح تغطيات إلا بمقابل عادل وكذا تحقيق ربحية فنية بمحافظ التأمين حتى تستطيع جذب معيدى التأمين ذوى التصنيف الأول.
السيد : الاتجاه للاتفاقيات اللانسبية يؤثر على التدفقات النقدية للشركات
وقال خالد السيد العضو المنتدب لشركة “APEX” – مصر لوساطة إعادة التأمين إن شكل اتفاقيات الإعادة خلال الأعوام المقبلة سيتغير بصورة كبيرة خاصة بعد تكبد معيدى التأمين خسائر ضخمة بسبب سدادهم للتعويضات المرتبطة بتفشى فيروس كورونا بكل الأسواق التى يعملون بها، علاوة على إدراكهم للانخفاض فى متوسط أسعار التأمين فى بعض أسواق المنطقة الأمر الذى سوف يجعل الاتفاقيات النسبية غير جاذبة لمعيدى التأمين.
وأشار إلى أنه فى حالة اتجاه معيدى التأمين إلى التحول إلى الاتفاقيات اللانسبية فإن ذلك سوف يؤثر على التدفقات النقدية لشركات التأمين حيث إن أقساط هذه الاتفاقيات يتم دفعها مقدما فى بداية الاتفاقية وقد يكتفى معيدو التأمين بإلغاء إتفاقيات الفائض وقصر الاتفاقيات على الحصة النسبية والمعروفة بالـ” Quota share “ وذلك فى حالة عدم وجود تحسن فى الأسعار على المدى القريب أو المتوسط.
وأضاف أنه فى حالة الاتفاقيات النسبية يعطى معيدو التأمين بالخارج فرصة لشركات التأمين لكى تورد حصتها من الأقساط كل ربع سنة للحصول على فرصة تحصيل أقساطها من حملة الوثائق كى تستطيع السداد.
ولفت إلى أن معيدى التأمين لايتجهون حاليا إلى التشدد فى الشروط والاستثناءات فيما عدا الاستثناءات الخاصة بالأوبئة ولكن فى التدخل فى وضع أسعار تأمين عادلة تتناسب مع مستوى الخطر المقبول، بالإضافة إلى رفع نسب التحملات عند تحقق الحادث واستحقاق العميل للتعويض.
وتابع إن السوق السعودية على سبيل المثال تعطى أسعار تنافسية فى معظم فروع التأمين لكن فى المقابل تطبق تحملات مرتفعة جدا على حملة الوثائق الأمر الذى أدى إلى وجود تحسن كبير فى إدارة الخطر واتخاذ الإجراءات المناسبة لتقليل ومنع الخطر مما أدى بدوره إلى تحسن معدلات الخسارة لشركات التأمين وبالتالى شركات إعادة الـتأمين بالنسبة لمحفظة عمليات هذه السوق.
وأوضح أن جائحة “كورونا” تسببت فى خسائر كبيرة لشركات إعادة التأمين سواء للإصابات بالفيروس أو توقف الأعمال وإلغاء تأمين الأحداث والأخطار وخسائر التعثر لتأمين الائتمان، فضلا عن خسائر الأخطاروالكوارث الطبيعية لذا ستشهد الاتفاقيات الخاصة بالسنوات المقبلة منعطف خطير إذا كانت الزيادات فى أسعار الإعادة غير كافية لتغطية الخسائر.
وأشار إلى أن معيدى التأمين من المتوقع فى اتفاقات العام بعد المقبل أن ترتدى ثوب التشدد إذا استمر الوباء وتداعياته.
دكرورى: عدم كفاية الزيادات سيؤدى للإخفاق فى تغطية تكلفة رأس المال
من جانبه، يرى محمد الدكرورى رئيس قطاع العمليات والشئون الفنية فى شركة «أروب» للتأمينات العامة أن شكل إتفاقيات إعادة التأمين سيشهد تغيرات جذرية خلال السنوات المقبلة بعد تصاعد خسائر الشركات العالمية بعد كورونا وكافة التأمينات المرتبطة بتغطية الوباء الأخطار الطبيعية.
وأضاف أن الخسائر تدفع معيدى التأمين إلى رفع الأسعار لتغطية تكلفة رأس المال ولتغطية التعويضات المستمر دفعها لضمان التزامه أمام شركات التأمين من مختلف الأسواق المتفق معها.
وأشار إلى أن استثناء الوباء من كافة وثائق الممتلكات وتغطيته بموجب ملاحق إضافية رفع تكلفة التأمين لأن العميل يقوم بدفع القسط بالوثيقة الأساسية وفى حالة رغبته فى الحصول على حماية من الوباء يقوم بدفع قيمة مالية إضافية وذلك لأنه أصبح شبه مؤكد وليس احتمالا.
وأوضح أن الغالبية العظمى من التأمينات بفرع الحريق والذى رفع فيه معيدو التأمين التحملات أكثر من السنوات السابقة بالإضافة إلى الهندسى ذو التسعير المتواضع للغاية لذا تشدد معيدوالتأمين فيه.
وتوقع أن تشهد اتفاقيات إعادة التأمين الأساسية تحديد للسقف أى حدود للتغطية والباقى يكون اختياريا فى حالة استمرار الوضع بهذه الصورة لكن حتى الآن التوجهات غير واضحة.
ولفت إلى اتفاقيات إعادة التأمين الاختيارى سيشوبها التشدد وزيادة فى القيود خاصة من أسواق إعادة التأمين الأوروبية والتى تكبدت السواد الأعظم من فاتورة التعويضات خلال العام الماضى كله.
وشكك فى مرور اتفاقيات إعادة التأمين العالمية بمرونة كسابق عهدها وكذلك شركات التأمين مع عملائها لم يعد يجوز لها التهاون فى منح أسعار منخفضة أو أخطار مجانية علاوة على أن أسواق الإعادة الإقليمية بالمنطقة أصبحت متشددة أيضا مثل السعودية وعمان ودبى.
واعتبر لجوء كافة شركات الإعادة إلى مايعرف بإعادة الإعادة «Retrocession» التى يتحمل فيها معيدو التأمين أخطارا عدة كبيرة وتقوم بإسناد جزء منها إلى شركة إعادة أخرى من أجل تخفيف الضغط عليها خاصة عند دفع التعويض للعميل حال حدوث الخطر ولتغطية الاكتتاب لأكبر عدد من الأسواق والحصول على أكبر قدر من الأعمال.
وأكد أنه سيعاد النظر فى كافة الأخطار التى يغطيها التأمين من حيث الأسعار والتحملات لأن كل شركة لها سياستها وغير بعيدة عن السوق ومايجرى فيها.
الديب: تراجع حجم أعمال السوق يؤثر سلبا على الطاقة الاستيعابية
وبدوره، قال الدكتور على الديب أستاذ التأمين بكلية التجارة جامعة القاهرة إن اتفاقيات إعادة التأمين بعد جائحة “كورونا” ستختلف تماما عما قبلها لعدة أسباب أبرزها التعويضات التى وصلت تقريبا 100 مليار دولار خلال العام الماضى كله بخلاف المتوقع دفعه العام الجارى أيضا.
وأضاف أن معيدى التأمين سيفقدون حجم أعمال كبير بسبب توقف الأعمال جراء الإغلاقات المستمرة فى مختلف الدول والركود فى دول أخرى وتأثر النقل البحرى والجوى.
وأشار إلى أن السوق المصرية حتما ستواجه التشدد لأن ثلث العمليات التى كانت تقوم بها السوق كانت تسند إلى الشركة المصرية لإعادة التأمين والتى كانت تتفهم طبيعة السوق المحلية وحاليا أصبحت غير موجودة، علاوة على تأخر استخدام السوق فى التحول الرقمى مقارنة بأسواق أخرى بالرغم من الاجتهادات الكبيرة ومحاولات اللحاق بالركب من غالبية شركات التأمين، فضلا عن تواضع الأسعار المقدمة للعميل فى أهم أنواع التأمين.
وأوضح أن شركات إعادة التأمين بدأت تركز على حجم الأعمال الذى سيتم الحصول عليه من السوق وترهن ذلك بمدى الطاقة الاستيعابية الممنوحة له وحجم الأقساط التى سيتم سدادها لمعيدى التأمين سواء مقدما أو فى مواعيدها بشكل ربع سنوى.
ولفت إلى أن استثناء الأوبئة سيرفع تكلفة التأمين على العميل خاصة وأنه سيطالب بتغطيته بعد أن أصبح أمر واقع ولن تقوم شركة التأمين بمنحه بالمجان، علاوة على أنها مطالبة بإعادة النظر فى أسعار التأمين المقدمة، فضلا عن معالجة نقص الكوادر والكفاءات الإدارية التى تنصب خبراتها على إدارة الأزمات من خلال رفع مستوى التدريب الذى يتلقاه الكوادر، وكذا ابتكار منتجات جديدة تجذب شرائح أخرى حتى تهدأ حرب الأسعار على نفس الكعكة.
وأشار إلى أن التشدد من جانب شركات الإعادة يمكن أن يقابل بشروط جزائية وذلك عند تردى الوضع الاقتصادى عالميا وتجد الإعادة نفسها على المحك ولاتحصل من شركات التأمين بالأسواق المتعاقد معها على الحصص المتفق عليها مما يهددها بخسائر كبيرة وعدم القدرة على تغطية تكلفة رأس المال والوفاء بالتزاماتها وتحقيق الربحية.