حث جاى بلاتين الأمين العام لغرفة الملاحة الدولية، هيئة قناة السويس على تقديم المزيد من التسهيلات لعملية تغيير الأطقم البحرية بالسفن العابرة فى ظل استمرار تداعيات وباء كوفيد-19 (كورونا) على القطاع البحرى فى الفترة الماضية، والأزمات التى خيمت على القطاع مؤخرا ومنها نشوب الحرب الروسية الأوكرانية.
وفى نهاية فبراير الماضى، دعت أربع هيئات ومنظمات تابعة للأمم المتحدة (UN) إلى استمرار التعاون العالمى إنهاء أزمة البحارة التى تركت أكثر من 400 ألف منهم عالقين فى البحر منذ بدء جائحة كورونا.
واستطلعت «المال» أهم التسهيلات المطلوب توفيرها للأطقم البحرية خلال الفترة الحالية، لاسيما فى ظل تداعيات أزمة كورونا التى ظلت لفترة تصل إلى عاملين، مرورا بالوضع الحالى وتأثيرات الحرب الروسية الأوكرانية.
وقالت مصادر مطلعة،إنه طوال فترة تداعيات كورونا اتخذت هيئة قناة السويس عدة إجراءات للمساعدة فى تغيير ونقل الأطقم البحرية، إذ منحت %50 تخفيضا فى القيمة الإيجارية لوحداتها البحرية ومنها اللنشات لنقل الأطقم البحرية المطلوبة للسفن العابرة فى ساعات العمل الرسمية وغير الرسمية.
وأوضحت أنه تم إخطار غرف الملاحة بمحافظتى بورسعيد والسويس بذلك الإجراء، بجانب أن دور الهيئة ينحصر فى نقل تلك الأطقم حتى أرصفة الموانيء فقط وأى إجراءات لاحقة تخص الخروج من الموانئ والحصول على تأشيرات تعد من صميم عمل التوكيلات الملاحية والأجهزة المعنية فقط.
وأضافت أنه تم احتساب رسوم عبور سفن الركاب الناقلة للأطقم البحرية، كسفن فارغة وليست محملة بالركاب، والتى تقل رسومها عن السفن المحملة بنحو%15 وذلك لمواجهة تداعيات الجائحة.
مدير «أركاس إيجيبت»: أزمة نزاع دول البحر الأسود ضاعفت التحديات.. ومطلوب أجهزة حديثة فى موانيء بورسعيد لتحليلات «كوفيد-19»
فى سياق متصل، قال الدكتور أحمد خليل، مدير ملاحة توكيل “أركاس إيجيبت”، إن الأزمة الروسية زدات من التحديات التى تواجه البحارة خاصة وأنه لا يمكن للتوكيلات الملاحية التعامل مع تلك الأزمة بوصفها عالمية، ومع إغلاق الطيران فى مناطق الحرب، يبقى البحارة الأوكرانيون على المراكب، وفى حالة تقنين أوضاعهم وتجديد جوازات سفرهم وبقائهم فى مصر يمثل تكاليف باهظة، مضيفا أن أمر البحارة الأوكرانيين فى تلك الحالة مع مكاتب تشغيل البحارة وملاك السفن فقط.
وعن دور قناة السويس أكد أن هيئة قناة السويس ليس لها دور مباشر فى تغيير البحارة ولكنها تقدم دعما غير مسبوق على حد وصفه من خلال إيجار لنشات لعمل المسحات للأطقم البحرية فى أماكن الانتظار السويس أو بورسعيد مع تسهيل صعود الأطقم الطبية والتعامل بكل مرونة فى ظل أزمة كورونا.
وتابع:”مع بداية أزمة كورونا و توقف الطيران، أثر ذلك بشكل سلبى على عمليات تغيير الأطقم البحرية، التى ظلت على المراكب لفترات طويلة بعد انتهاء عقودهم ، بينما مع عودة الطيران وفتح الموانئ فى يوليو 2020، وبعد إقرار نظام الـ “PCR “ استطاع توكيل “أركاس” وقتها بعمل تعيين نحو 515 بحريا خلال أسبوعين لنحو 45 مركبا تابعة للخط الملاحى ميرسك”.
وأضاف أنه تم التشاور مع الغرف الملاحية بالسويس وبورسعيد وإدارات الحجر الصحى للتعامل مع تلك التداعيات وبالفعل تمت الاستجابة لزيادة أجهزة الـ«PCR» وتقليل فترة استخراج النتائج بينما لايزال التأخير فى عمل المسحات ببورسعيد والذى بدوره يعطل المراكب عن العبور مما يتطلب الإسراع فى إجراءات عمل المسحات للأطقم البحرية أسوة بالمرونة التى تشهدها الإجراءات فى السويس إذ يتم عمل المسحات فى منطقة الانتظار بالسويس وتظهر النتائج قبل الانتهاء من عبور القناة.
وأوضح «خليل» أن توقف الطيران فى بعض الدول بسبب تحورات فيروس كورونا كان يمثل تحديا جديدا لعملية تغيير الأطقم، ولكن سرعان ما عادت الأمور إلى طبيعتها ، لافتا إلى أنه فى المجمل استطاعت مصر التعامل مع فيروس كورونا وتحوراته بشكل جيد.
وطالب باستخدام «Rapid test» وهو تحليل سريع للدم بدلا من عمل مسحة “PCR” مما يصب فى سرعة تغيير الأطقم والبحارة ولا يعطل المركب عن جدول إبحارها، وبالتالى كفاءة سلاسل الإمداد، موضحا أن بعض الحالات تكون نتائجها خاطئة والسلطات ترفض إعادة عمل المسحة فى مدة لا تقل عن 12 يوما مما يكون له مردود سلبى للغاية على حركة المراكب .
وأشار إلى أن تفعيل استخدام الاختبارات الحديثة للفيروس، يزيد من دخل الدولة ويؤكد تلك النتائج وبالتالى لا يهدر الوقت والتكاليف، مما يمنح الموانيء المصرية صورة ذهنية إيجابية عن المرونة فى مواجهة تلك المشكلات
منى نور الدين: الأزمات العالمية أظهرت تعرض البحارة لمشكلات إنسانية.. والقطاع بحاجة إلى «المدربين والمؤهلين للمنافسة» فى سوق العمل
من ناحيتها، قالت الدكتورة منى نور الدين أستاذ جغرافية النقل بجامعة الأزهر إن الأزمات التى مر بها العالم بداية من جائحة كورونا، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية حاليًا أبرزت الاهتمام بقضية البحارة وما تعرضت له من قيود على مدار العامين الماضيين ، بسبب تمديد الخدمة للطواقم البحرية على السفن وإعادتهم إلى أوطانهم بعد مدة طويلة.
وأضافت أنه على الرغم من اتجاه قطاع النقل البحرى نحو الرقمنة والابتكار فى سلاسل الإمداد وشبكات التوزيع العالمية والنقل واللوجستيات والجهود الخاصة فى استخدام وثائق التجارة الإلكترونية واستخدام السفن ذاتية الحركة فإنه لايزال بحاجة إلى البحارة المدربين والمؤهلين للمنافسة فى سوق العمل وذلك على الرغم من قلة عددهم فى السنوات الأخيرة وأصبح هناك نقص حاد فى أعداد البحارة على مستوى العالم.
وتراوح عدد البحارة العالقين ما بين 25 إلى 26 ألفا بسبب الجائحة، ومعظمهم من الفلبين والهند وإندونيسيا وشمال أوروبا مثل روسيا وأوكرانيا ، كما بلغ عدد البحارة الحاصلين على اللقاح حوالى %20.
وترى “نورالدين” أنه من الضرورى إعادة التسويق الجغرافى للبحارة على مستوى دول العالم وعدم اقتصارها على دول معينة ويجب العمل على التدريب المستمر فى العمل البحرى وتوفير أطقم بحرية متميزة قادرة على التنافس فى سوق النقل البحرى العالمى.
وقالت إن قطاع الشحن يعانى بالفعل من تناقص الأطقم البحرية بسبب فيروس كورونا، وقدرت دراسة للمجلس البحرى البلطيقى والدولى أن 1.89 مليون بحار يعملون على ما يزيد على 74 ألف سفينة فى الأسطول التجارى العالمى، وأن هذا العدد معرض للتناقص إن لم تتخذ إجراءات عاجلة فى زيادة عدد البحارة والأطقم البحرية.
ولفتت إلى أن الأزمات العالمية، أظهرت ما تعرض له البحارة من أزمات إنسانية وتقطع السبل والعجز عن النزول إلى أوطانهم مما أدى إلى ضرورة الاهتمام بالبحارة ودورهم الفعال فى حركة التجارة الدولية، ووصفهم بأنهم عمال أساسيون فى الخطوط الأمامية بالنسبة للنقل البحرى وسلاسل التوريد العالمية وخدمات الشحن البحرى، بالإضافة إلى تعظيم دورهم فى السلامة والأمن البحريين.
ووفقا للغرفة الدولية للنقل البحرى يقدر عدد البحارة العاملين على متن السفن التجارية الدولية فى جميع أنحاء العالم 1.6 مليون بحار ومعظمهم من البلدان النامية ، وتستأثر خمسة دول بأكبر عدد من البحارة وهى الصين والفلبين وإندونيسيا والاتحاد الروسى وأوكرانيا.
وقال القبطان عمرو قطايا العضو المنتدب لشركة “لاندمارك” للاستشارات والخدمات البحرية إن التيسيرات التى تقدم للأطقم البحرية تتم من خلال التوكيلات الملاحية التى تقوم بتأجير اللنشات، موضحا أن التسهيلات لابد أن تقدمها الموانئ من خلال توفير أماكن عزل وإجراء الإجراءات الاحترازية.
ويرى أن تلك التيسيرات تتم من خلال تعاون السلطات مثل الحجر الصحى، وليس قناة السويس، مثل تعاون سلطة الموانئ والجوازات والحجر الصحى لمساعدة البحارة على التنقل والتغيير.
وأوضح أن اشتعال حرب روسيا وأوكرانيا له تأثيرات كبيرة على البحارة والسفن بشكل عام، لاسيما وأن البحر الأسود أصبح منطقة حرب، ومن ثم فإن السفن وجميع العاملين بها يقع عليهم جزء كبير من الأزمة.