يتحدد مستقبل السيارات ذاتية الركوب بحسم مصاعب تشمل الحرب التجارية بجانب ضرورة تحديد مسار التصنيع الذاتي للمكونات مقابل الاعتماد على صفقات الدمج والاستحواذ.
وقال تقرير لموقع سي إن بي سي إن مستقبل السيارات ذاتية القيادة مرهون بوضع حد للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، كما أشارت الى ضرورة التركيز إما على سيارات الركوب أو الشاحنات.
وألقت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، الضوء على وجه مهم للتشابه بين شركات السيارات ذاتية القيادة وشركات السيارات العادية من حيث الإقبال على إبرام صفقات الدمج.
وتشير الصحيفة إلى تزايد هرولة شركات السيارات ذاتية القيادة نحو إبرام صفقات الدمج مع شركات أخرى خلال الفترة الماضية كأنها تبحث عن آخر رفيق متاح في ساحة الديسكو.
ويقول محللون أن نزعة هذه السيارات لإبرام صفقات الدمج تناظر تلك التي اجتاحت شركات تصنيع السيارات العادية خلال السنوات الأولى لظهورها عالميا في مطلع القرن العشرين.
وعلى الرغم من هذا هناك شركات تسير في اتجاه مضاد بتفضيلها تصنيع المكونات بنفسها.
ويقول بول انجراسيا المحرر بمركز ريفز انستتيوت لبحوث وتاريخ السيارات: “السيارات ذاتية القيادة هي المستقبل لكنه يظل من غير المعلوم موعد وطريقة بلوغ هذا الهدف.”
أحدث صفقات الدمج
أبرمت شركة آبل صفقة استحواذ على شركة درايف أ إي Drive.ai الناشئة المختصة بانتاج السيارات ذاتية القيادة. وأبرمت كذلك شركة أوبر صفقة استحواذ على شركة Mighty AI.
وقامت شركة فولكس فاجن من ناحية أخرى بقطع علاقاتها بشركة Aurora الناشئة المدعومة من شركة أمازون استعدادا لإبرام شراكة مع وحدة شركة فورد للسيارات ذاتية القيادة Argo AI.
شراء السيارات أفضل من التصنيع الذاتي
وأقبلت هذه الشركات كذلك على إبرام صفقات الشراكة التي تعفيها من التصنيع الذاتي للسيارات.
وشملت صفقات الشراكة تلك التي أبرمتها وحدة Waymo للسيارات ذاتية القيادة التابعة لشركة ألفابيت، حيث فضلت الأخيرة شراء سيارات من شركة جاجوار لاند روفر وكرايسلر بدلا من تصنيعها بنفسها.
وأبرمت كذلك شركة هوندا صفقة شراكة مع وحدة Cruise للسيارات ذاتية القيادة التابعة لشركة جنرال موتورز. وأعلنت شركة فولفو وأوبر اشتراكهما في تطوير سيارات ذاتية القيادة بعد أن عملتا سويا سابقا لأكثر من 3 سنوات.
الشركات الصغيرة تخرج من السباق
يقول إنجراسيا، إن عدد شركات السيارات تخطى 80 شركة في مطلع القرن العشرين، لكن تزايد الاتجاه نحو الانتاج الشامل والإندماج الرأسي فرض اختفاء الكثير منها لصالح عدد قليل من الشركات التي كانت قادرة وحدها على ضخ استثمارات كافية في المصانع وتوفير الموردين القادرين على المنافسة.
وبحلول عام 1929 أصبحت ثلاثة شركات أمريكية – فورد وجنرال موتورز و كرايسلر- مسؤولة عن انتاج ثلاثة أرباع السيارات الأمريكية بينما تسبب الركود في خروج معظم الشركات المستقلة الباقية من السباق.
صفقات الدمج خلال مطلع القرن العشرين
استحوذت شركة جنرال موتورز على عدد كبير من شركات السيارات الأخرى والموردين خلال السنوات العشر الأولى والثانية مطلع القرن العشرين.
واستحوذت جنرال موتورز خلال تلك الفترة على شركة كاديلاك وBuick ومصنع لإنتاج الرولمان بلي.
وسعت شركة جنرال موتورز للاستفادة من تحالفات العلامات التجارية باستخدامها في بناء سلسلة من خطوط الإنتاج ذات الأسعار المختلفة بغية تجنب التنافس فيما بينها.
وسارت شركات السيارات الأوربية على الدرب نفسه، مما أدى الى نشوء شركة دايملر-بنز الألمانية وإلى تحالف شركة اوستن مع موريس في بريطانيا.
مصاعب التصنيع تفرض نشوء التحالفات
السمة الغالبة على صفقات الدمج خلال 2019 تشير إلى استحواذ شركات التكنولوجيا الكبرى على الشركات الأصغر حجما.
تعكس غلبة هذه السمة تزايد إدراك هذه الشركات لصعوبة تطوير مركبات كاملة دون الاعتماد على شركاء، وفقا لبعض المحللين.
وتكرر وقوع حوادث خطيرة تسببت فيها السيارات ذاتية القيادة من إنتاج شركتي تسلا واوبر، وذلك على الرغم ابتكار تكنولوجيات مساعدة مثل ركن السيارات ذاتيا وإصدار تنبهات للتحذير من النقاط العمياء.
شركات تفضل التصنيع بنفسها
تعتقد الكثير من الخبراء أن شركات تصنيع السيارات ستقرر في نهاية المطاف تطوير السيارات ذاتية القيادة بنفسها دون الاعتماد على موردين في وادي السليكون.
يضرب هؤلاء الخبراء المثل بما فعلته شركة فولكس فاجن من خطط لتصنيع البطاريات بنفسها ضمن رهانها القوي على السيارات الكهربائية.
ويتوقع إيان هنري من شركة اوتو اناليسيس الاستشارية اتجاه شركات السيارات إلى تصنيع المكونات بذاتها وصولا إلى هدف التحكم في السيارات المنتجة بواسطتها لضمان جودتها.
وتابع: “إذا امتلكت سيارة ذاتية القيادة لكنها لا تعمل فإنك ستلقي باللائمة على الشركة المصنعة لأنك لا تعرف الجهة المصنعة للبرمجيات”.
تسلا نموذج لتصنيع المكونات بنفسها
يعد آلان ماسك صاحب شركة تسلا لتصنيع السيارات ذاتية القيادة نموذجا لتفضيل الاعتماد على النفس في التصنيع.
رفضت الشركة لذلك الاعتماد على مجسات وخرائط فائقة الوضوح من إنتاج شركة Lidar برغم استخدامها بواسطة معظم منافسيها.
ولم يقتصر الأمر على هذا، حيث فضلت تسلا تصنيع جسم السيارات بنفسها دون الاعتماد على أي شركة صناعية أخرى.
لكن هذا جاء على حساب انكماش أرباحها، كما تعرضت لمصاعب أعاقت تحقيق مستهدفات الإنتاج بالنسبة لنموذج 3 من سياراتها ذاتية القيادة.
الحرب التجارية تعوق تطوير السيارات ذاتية القيادة
توصل تقرير نشره موقع سي إن بي سي إلى أن التوترات التجارية الجارية حاليا بين الولايات المتحدة والصين تمنع الشركات من تبادل رزم البيانات الجغرافية مما يشكل عقبة مهمة تعيق نمو القطاع وتمنع الشركات من تسيير مركبات خارج بلدانها.
توقعات بانتعاش صفقات الاندماجات والاستحواذات
ويتوقع ميشيل آفري رئيس التسيير الذاتي لدى المنتدى الاقتصادي العالمي تزايد صفقات الاندماجات والاستحواذات وكذلك انتعاش الشراكة بين شركات تصنيع السيارات ذاتية القيادة وشركات التكنولوجيا.
وعلق آفري على صفقة استحواذ شركة آبل العملاقة على شركة Drive.ai الناشئة قائلا: “يحتاج الطرفان لبعضهما البعض، وبما أن السوق ضخم للغاية فإنني أعتقد لذلك بوجود فرص كثيرة متاحة للجميع لتحقيق الفوز”.
سيارات الركوب مقابل الشاحنات
يوجد تنافس بين السيارات ذاتية القيادة المخصصة للركوب أو لنقل البضائع خصوصا في ظل تحقيق الأخيرة مكاسب أكبر، حيث انعدام التركيز على أحدهما يعيق تطوير كلاهما، حسب ما ذكره آفري.
ويؤدي تطوير الشاحنات ذاتية القيادة إلى تقليص تكاليف نقل البضائع.
ويدفع هذا شركة آمازون على سبيل المثال إلى استخدام الشاحنات ذاتية القيادة التي تنتجها شركة امبارك بغرض نقل بضائع عبر الطرق السريعة الرابطة بين الولايات.