تقلصت قوة اليسار الإسرائيلي، الذي كان يحكم إسرائيل لعقود طويلة منذ تأسيسها عام 1948 لصالح أحزاب اليمين خلال العشرين عاما الماضية، ليشكل فقط نسبة صغيرة من البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المكون من 120 مقعدا.
الجمهور الإسرائيلي يفضل اليمين
وستعكس الانتخابات الإسرائيلية المقبلة المقررة في 23 مارس عملية مستمرة منذ عقود تضاءلت فيها الكتلة اليسارية تدريجيا، بحسب محللين إسرائيليين.
ويرى المحللون أنه من المتوقع أن يستمر اليسار الإسرائيلي بالتراجع خلال الانتخابات المقبلة مع ميل الجمهور الإسرائيلي بشكل متزايد للتصويت إلى اليمين.
ويقود رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود إسرائيل منذ عقد، وبالنسبة لكثير من جيل الشباب الذين يصوتون للمرة الأولى فأنهم لم يعرفوا رئيس وزراء غيره.
وخلال فترة ولايته، وصف نتنياهو وأنصاره أي من خصومه بأنهم “يسار”، و”ضعفاء”، وتمكن من خلق رابط بين الكلمتين، بحيث تصبح الضعف صفة متصلة بكل أحزاب اليسار الإسرائيلي.
وتركت سنوات من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني كلا من الطرفين في حالة بعيدة جدا عن السلام، والذي كان يمثل الأجندة الرئيسية للأحزاب اليسارية في إسرائيل.
التركيبة السكانية
وقال المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية ألون ليئال، لوكالة أنباء ((شينخوا)) “هناك عدد قليل من العناصر التي تؤدي إلى هذه العملية، أهمها وبشكل أساسي التركيبة السكانية، حيث أن غالبية الجمهور الإسرائيلي اتجهت إلى اليمين”.
وأضاف لينال “ينظر لهذا أيضا بأنه نجاح تسويقي لنتنياهو مصحوبا بتطورات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وأظهرت العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت مؤخرا أن حزب العمل سيحصل على ستة مقاعد، وحزب ميرتس سيحصل على أربع مقاعد فقط في الانتخابات المقبلة.
وعندما تولى نتنياهو منصبه كرئيس للوزراء في عام 2009 كانت إسرائيل تتعافى من سنوات من الصراع العنيف مع الفلسطينيين، الذي أودى بحياة عدد كبير من الجانبين، الأمر الذي دفع الكثير من الإسرائيليين إلى موقف أكثر تشددا فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
أحداث قتلت اليسار
وقال أستاذ العلوم السياسية والحوكمة في جامعة حيفا عيران فيجودا غادوت ل((شينخوا)) “لقد قتلت هذه الأحداث اليسار، ولم تسمح له بإعادة استرجاع توازنه منذ ذلك الحين”.
وأضاف “ما دام الصراع قائما، وما دام الجمهور الإسرائيلي ينظر إلى البلاد على أنها مهددة فأن الجمهور سيستمر في الميل إلى اليمين”.
وفي السنوات الأخيرة، تم تهميش الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، لكن التهديدات الإضافية من حزب الله في لبنان وإيران أثرت أيضا على الرأي العام، وكان نتنياهو في طليعة معركة إسرائيل العلنية ضد إيران منذ عقود.
وقال فيجودا غادوت “الأجندة اليسارية لا يمكنها التغلب على مخاوف الجمهور حتى في عام 2021 تهيمن المخاوف الأمنية على جدول أعمال الانتخابات”.
اتهامات بالفساد
وعلى غرار الانتخابات السابقة، سيكون هذا الاقتراع أيضا حول نتنياهو وإرثه السياسي إلى حد كبير، حيث شاب حكمه في السنوات فضيحة بلغت ذروتها في محاكمة فساد بدأت منذ ما يقرب من عام.
وينفي نتنياهو ارتكابه أي جريمة أو خطأ، لكن خصومه وكثير منهم من اليمين يريدون الإطاحة به.
وكثير من الإسرائيليين لا يؤمنون بالحوار مع الفلسطينيين، وانعدام الثقة المتبادل بين الجانبين يعني أن المفاوضات لن تحدث في المستقبل القريب.
في الماضي كان الإسرائيليون ينقسمون تقليديا إلى يسار ويمين، وفضل اليسار منح الفلسطينيين الأراضي في الضفة الغربية (يهودا والسامرة)، التي تسيطر عليها إسرائيل حاليا مقابل وقف العنف بين الجانبين.
بينما كان اليمين تقليديا ضد أي تنازلات إقليمية، قائلا إن الأرض التي يطمح أن يقيم الفلسطينيون دولتهم المستقبلية عليها هي أرض يهودية تاريخية ولا ينبغي التفريط بها أبدا.
وصرح ليئال بأنه “يجب أن تكون توقعات اليسار واقعية، وأن يعمل كجماعة ضغط في المجال السياسي وليس كقوة وليس كجزء من تحالف أو في عملية صنع القرار”.
دعوات حل النزاع مع الفلسطينيين
ولدى نتنياهو واليمين عدد قليل من المعارضين عندما يتعلق الأمر بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وأظهرت اتفاقات إبراهام التي أبرمتها إسرائيل مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان لليسار الإسرائيلي أن الدعوات لحل النزاع مع الفلسطينيين لم تكن فعالة.
ويعكس الواقع الجيوسياسي الجديد أيضا تغييرا في الطريقة التي ينظر بها اللاعبون في المنطقة إلى الوضع، ومع ذلك فأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني لم يختف وسيحتاج إلى حل في نهاية الأمر.
وقال ليئال “هذا الصوت الذي يدعو إلى حل للصراع لا يزال بحاجة لأن يسمع حتى لو كان ضعيفا”.
يشار إلى أن هذه المادة نقلا عن وكالة شينخوا الصينية بموجب اتفاق لتبادل المحتوى مع جريدة المال.