تناول مؤتمر البحر الأحمر للنقل البحرى واللوجستيات، فى يومه الثانى، عدة ملفات وقضايا نجاح للمنظومة، فى ظل جائحة كوفيد 19، جاء على رأسها دور التعليم فى تأهيل كوادر متخصصة، والارتقاء بسلاسل الإمداد واللوجستيات المارة بالبحر الأحمر، إلى جانب التحول الرقمى ومستقبل الطاقة.
وأجمع عدد من رؤساء شركات التكنولوجيا والاتصالات على أن دخول تقنيات إنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعى فى مجال النقل البحرى، سوف يسهم فى تسهيل حركة الملاحة البحرية، علاوة على تسهيل عملية الاتصال بين السفن والموانئ البحرية، ما ينعكس بدوره على خفض التكاليف، ويخلق حالة من التنافسية.
بن محمد: %98 من الملاحة تعتمد على الأقمار الصناعية
وأشار رؤساء الشركات إلى أن التطور التكنولوجى المتبع يجب أن إدارته بحذر من خلال العمل على تجهيز السفن بوسائل حماية كافية، تجنبًا لأى هجمات أو أعمال قرصنة محتملة ربما تتسبب فى شلل حركة السفن أثناء عبورها للممرات البحرية، معتبرين أن الأقمار الصناعية هى الوسيلة الأسرع للاتصال عبر المياه، وسط توقعات بإنتاج أول سفينة تجارية يتم التحكم فيها عن بُعد خلال العشر سنوات المقبلة.
أكد حسام رضا، الرئيس التنفيذى لشركة أيقن للتكنولوجيا الرقمية، أهمية تكنولوجيا المعلومات فى تطوير منظومة النقل البحرى، مشددًا على ضرورة وضع موازنة مخصصة لتطوير البرمجيات المخصصة لها لما لها من دور كبير فى تأمين حركة السفن إلكترونيًا.
وقال “رضا”، إن البحر الأحمر يعد شريانًا ملاحيًا للتجارة العالمية، خاصة أنه يشهد مرور نسبة تتراوح من %13 إلى %15 من حركة التجارة العالمية، مؤكدًا أن التكنولوجيا ستلعب دورًا كبيرًا خلال السنوات المقبلة فى رفع درجة التنافسية فى موانئ البحر الأحمر، من خلال المعدات والموارد البشرية والاستفادة من المنظومة المتكاملة التى يتم وضعها.
ولفت إلى دور تكنولوجيا المعلومات فى سرعة تبادل نقل المعلومات بين السفن والموانئ، فضلًا عن تسهيل عمليات الشحن والتفريغ.
وقال وائل بن محمد، نائب الرئيس التنفيذى لشركة عرب سات للأقمار الصناعية، إن دور الأقمار الصناعية فى حركة الملاحة فى حركة الملاحة يتمثل فى تحديد المواقع، مضيفًا أن %98 من حركة الملاحة البحرية تعتمد على الأقمار الصناعية، وتقدم عرب سات خدمات اتصالات للسفن، من خلال الأقمار الصناعية لرصد تحركاته داخل المياه الإقليمية.
وأكد “بن محمد” أن جائحة كورونا خلقت حاجة إلى وجود خدمة إنترنت فائق السرعة مع تطبيق إجراءات العزل المنزلى، معتبرًا أن الملاحة البحرية فى الماضى كانت تستخدم الأقمار الصناعية فى تحديد المواقع وتحديد خط سير السفن فقط لا غير، موضحًا أن التطور الذى حدث فى الفترة الراهنة جعل هناك إمكانية لإجراء اتصالات صوتية مع الأبراج وشبكات الملاحة الإلكترونية.
ولفت محمد الغمرى، عميد البحوث التطبيقية بالأكاديمية البحرية، رئيس شركة إيجيبت سات للأقمار الصناعية، إلى أن معظم الشركات العاملة فى مجال استكشاف حقول البترول والغاز تستخدم صور الأقمار الصناعية، عوضًا عن الكاميرات الأرضية، مبينًا أنه لا يمكن الاستغناء تمامًا عن اتصالات الأقمار الصناعية فى تتبع حركة الملاحة البحرية على متن السفن، نظرًا لأنها تغطى أعالى البحار والمحيطات حول العالم بشكل مركزى.
وأكد أن الأقمار الصناعية لا تستخدم فقط فى حركة الملاحة، بل إنها تستخدم داخل المنازل بغرض استقبال البث التلفزيونى، منوهًا بأن السوق المصرية يشهد حاليًا ثورة طفرة فى صناعة الأقمار الصناعية، وعلى رأسها تطوير منظومة توجيه إلكترونى لإرسال إشارات بث الأقمار فى زمن قياسى لا يتجاوز الـ 10 ثوانٍ.
وأوضح أن الأقمار الصناعية ساعدت حركة الملاحة البحرية على سرعة إيصال المعلومات وتيسير حركة الاتصالات، ومن ثم تغطية أكبر مساحة ممكنة.
والتقط “الغمرى” طرف الحديث مرة أخرى، ليؤكد أنه كلما ارتفع معدل انتشار خدمات الاتصالات داخل الدولة بنسبة %10 أدى ذلك إلى زيادة الناتج المحلى بنسبة 1 إلى %2 موضحًا أن تطور تكنولوجيا الاتصالات باتت عاملًا محفزًا على تطوير جميع القطاعات، سواء صناعية ولوجيستية أو قطاع النقل.
وأكد أن قطاع الاتصالات لم يعد يعتمد على نقل المعلومة من مكان لآخر فقط، بل أصبحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعى تشكل جزءًا كبيرًا للغاية من الخدمات المرتبطة بقطاع الاتصالات، مثل منظومة القيادة الذاتية للسيارة التى تعمل من خلال الاتصال المباشر بمنظومة من البرامج الذكية التى تستخدم تكنولوجيا مثل ليدارس Lidars.
وأشار إلى أنه لا يمكن استخدام الإنترنت أو إجراء اتصال بواسطة الأقمار تحت الماء، بسبب ضعف الترددات، موضحًا أن الغواصات على سبيل المثال، والتى تعتبر من وسائل النقل تستخدم الموجات فوق الصوتية لإجراء الاتصالات أو لحساب المسافات التى توجد بينها وبين الأجسام المعادية مثل الطوربيدات.
وتابع قائلًا: لحماية السفن من أخطار القرصنة تم تصميم سفن تدار من خلال جهاز تحكم عن بعد Remote Control ، إضافة إلى وجود مصطلح فى قطاع النقل البحرى يُسمى بغرفة التحكم غير المأهولة Unmanned Engine room إلى جانب أن عملية قيادة السفن تعتمد على تقنية تعرف بـ Unmanned Bridge من أجل حماية السفن من أعمال السطو المسلح والخطف، ومنع أى عناصر مجهولة الهوية من التحكم بمسارها.
من جانبه، قال طارق زغلول، المدير التنفيذى لشركة (CMA- CGM) فى مصر والسودان، إن هناك حاجة لامتلاك أسطول من الحاويات، للاستفادة من التغيرات التى حدث مؤخرًا، ومنها ارتفاع فى أسعار الشحن.
وتابع أنه منذ 4 سنوات نعمل فى مجال الذكاء الاصطناعى، ونهتم بتحليل البيانات والمعلومات المختلفة فى القطاع، مشيرًا إلى أن الإقبال على التجارة الإلكترونية زاد كثيرًا فى أعقاب جائحة كورونا، وبالتالى فإن وجود الذكاء الاصطناعى أصبح مهمًا للغاية.
وذكر أن زيادة حجم الطلب على السلع من أمريكا، جعل الخطوط الملاحية تسحب فوارغ الحاويات من أسواق محددة لصالح أسواق أخرى، ما أدى إلى ارتفاعات فى أسعار النولون البحرى.
وحول تأثر سلاسل الإمداد بجائحة كورونا، أكد أن مصر لديها اتفاقيات دولية مع العديد من الدول لا بد من استغلالها وتشجيع التصدير إليها والاهتمام بالصناعية الوسيطة داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، إلى جانب التركيز على دور رجال الأعمال.
فى سياق متصل، قال كريم عبد العظيم، رئيس قطاع الخدمات اللوجستية لشركة جوميا مصر، إن معدلات زيادة الطلبات على السلع الاستهلاكية ارتفع بنسبة %18 خلال جائحة كورونا، مشيرًا إلى أن مصر ونيجيريا وجنوب من أقوى الدول الأفريقية على مستوى النضوج اللوجستى فى مجال التجارة الإلكترونى.
وأضاف “عبدالعظيم” فى كلمته، أن %80 من مبيعات التجارة الإلكترونية معتمدة على اللوجستيات.
وأكد أن التجارة الإلكترونية تسهم فى تحقيق الذاتى الإقليمى، وفى زيادة معدلات الصناعة وجذب الاستثمار ورؤوس الأموال وتطوير المصانع وتطوير التجارة البينية فى دول أفريقيا.
وكشف أن حجم التجارة الإلكترونية فى 2020 بلغ 5 تريليونات دولار، إذ قامت جويا بتنفيذ 5.3 مليون شحنة فى فبراير الماضى خلال إجازات البلاك فراى داى لعدد 50 ألف بائع.
فى نفس الوقت، كشف محمود ناجى، معاون وزير البترول لنقل وتوزيع المنتجات البترولية، أن مصر شهدت طفرة فى قطاع البترول بدءًا من 2013.
وأشار إلى أن مصر مرتبطة بشراكات مع عدد كبير من الدول الخليجية فى تكرير البترول، وهو ما يؤدى إلى تقليل ساعات التخزين فى قناة السويس وميناء السخنة، مشددًا على أهمية تحقيق التكامل بين الدول العربية فى هذا القطاع للتأمين من أى مخاطر، مثل الهجمات والقرصنة والحفاظ على المخزون الاستراتيجى وعدم الإضرار أو التأثير على مصالح العملاء لأن التعاقدات ذات تكلفة عالية.
من جانبه، قال الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى، إننا نأمل فى امتلاك أسطول بحرى مصرى وعربى متكامل، على غرار ما يحدث من مشروعات قومية تنفذ فى مصر حاليًا، لافتا إلى أن التعليم بالكليات البحرية يجب أن يكون على أرقى مستوى ومعتمد دوليًا، ليتواكب مع التطورات العالمية.
وأكد أن الأكاديمية تهدف إلى الحفاظ على المعايير الدولية، مثل الأمن والسلامة، حتى يتمكن خريجوها من المنافسة فى سوق العمل الدولية، لافتًا إلى أن الأكاديمية حصلت على اعتماد من شركة ميرسك العالمية، إضافة إلى التعاون الدولى مع مختلف الجهات.
وأشار إلى أن الأكاديمية تركز على المستقبل والحصول على تجربة غنية والاعتماد على التعليم المبتكر، فضلًا عن زيادة المعرفة لدى الطلاب وحداثة المعامل، مشيرًا إلى أن الأكاديمية بها أكثر من 1400 عضو فى هيئة التدريس.
وأكد أنها تعد بمثابة بيت خبرة للدول العربية، ومسئولة عن أمور كثيرة فى الجامعة بمجالات تخصصها، مثل التعليم والتدريب والاستشارات والبحث العلمى.
وأشار إلى أن الأكاديمية مختلفة عن جامعات كثيرة، إذ إنها مهتمة بالبرامج الدولية، وتوقع بروتوكولات وشراكات وتعطى للطلاب منحًا دراسية فى الخارج، كما حصلت على اعتماد دولى فى الهندسة، وفى شهر نوفمبر حصلت على أكبر اعتماد فى إدارة الأعمال، كما حصلت النقل الدولى واللوجستيات على اعتماد من ألمانيا فى الدورة الأولى.
من جانبه، قال الدكتور أشرف حيدر، رئيس جامعة الجلالة، إن الجامعة تعد من الجيل الرابع لتخريج طلاب قادرين على العمل بأعلى المستويات العلمية والتأهيلية فى كل القطاعات المختلفة، ومنها البترول والهندس وتكنولوجيا العلوم الأساسية والطب والنانو تكنولوجى.
وأضاف «حيدر»، أن الجامعة تدرس 60 برنامجًا فى 16 مجالًا، وبها 16 كلية و74 تخصصًا علميًا، معربًا عن تمنيه بانتشار هذا النوع من التعليم فى كل الجامعات، مشددًا على أن الجامعة تستهدف أن تكون العملية التعليمية مميزة.
ولفت إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى، وجه بتحقيق تعليم يؤثر ويؤدى إلى أن يكون خريج الجامعات المصرية بكل أنواعها أو المؤسسات التعليمية العريقة قادرين على المنافسة فى السوق العالمية.
ولفت «حيدر»، إلى أن جامعة الجلالة لديها خطة استراتيجية متكاملة، وتم وضع قواعد راسخة مصحوبة الأهداف والتحديات التى سيتم العمل عليها فى السنوات المقبلة.
وذكر أن «الجلالة» عقدت شراكات مع عدد من الجامعات الدولية المرموقة على غرار جامعة هيروشيما وأريزونا ستيت، كما تهتم بالبعد الثقافى والعنصر الثقافى، وهناك عدة شراكات مع أمديست والاتحاد الأوروبى، وصندوق العلوم والتنمية التكنولوجية، وdaad واتحاد الجامعات الأفريقية واتحاد الجامعات العربية، وjica والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى.
وأكد رئيس جامعة الجلالة، أنه بعد عامين من الآن ستكون الجلالة منفذ إشعاع علمى وفكرى، إذ بها قاعة مؤتمرات كبرى تستوعب أكثر من 1000 شخص، منوها بأن الجامعة ستكون القلب النابض للمدينة الجلالة، خاصة أنها ستحظى بأهمية كبيرة فى صناعة الرخام والنحت.
وتابع أن الجامعة تستهدف زيادة الشراكات مع المؤسسات التعليمية الكبرى، أبرزها عقد شراكة مع الهيئة العربية للتصنيع للتعاون والتدريب وربط الصناعة بالعمل الأكاديمى.
وفى سياق آخر، أكد أنه سيتم افتتاح مستشفى الجلالة الجامعى خلال العام المقبل بقدرة 577 سريرًا، بالتعاون مع جميع المؤسسات المعنية للخروج بأعلى مستوى، وتقديم أفضل الخدمات الصحية.
وقال رئيس الجامعة، إن موقع هضبة الجلالة استراتيجى، ويجعلها على اتصال بكل اتجاهات الشمال والجنوب والشرق والغرب فى البلاد، وهو ما يسهل الوصول إليها، مشيرًا إلى أن المدينة متكاملة؛ إذ تحتوى على فندق كبير ومستشفى لتقديم الخدمات الصحية على أعلى مستوى وسياحة علاجية، ولها علاقة مباشرة باللوجستيات وقناة السويس، وموانئ السخنة وأكبر محطة تحلية فى مصر.
على صعيد آخر، قال اللواء عمرو إسماعيل، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للموانئ البرية والجافة، أن القطاع يشهد تطويرًا كبيرًا، وأصبح ميناء السلوم -بعد أعمال التطوير التى نفذت مؤخرًا بتكلفة استثمارية تخطت 2.5 مليار جنيه- يضاهى الموانئ العالمية.
وذكر أن القطاع شهد منافسة قوية فى الفترة الأخيرة، خاصة بعد جائحة كورونا وزيادة الضغط على النقل البحرى المصرية، موضحًا أنه كلما زادت فترة انتظار السفن ارتفعت قيمة الغرامات التى يدفعها المصدرون.
وأكد أن الباب مفتوح أمام القطاع الخاص والشركات الجادة، للتقديم بعروض لإدارة وتشغيل عدد من الموانئ الجافة التى سيتم طرحها قريبًا.
وتابع أنه تم تخصيص أراضٍ لـ 8 موانئ جافة، و5 مناطق لوجستية، فى مناطق «6 أكتوبر، والعاشر من رمضان، وسوهاج، وبنى سويف، وطور سيناء، إضافة إلى دمياط».