كثفت مصر خلال الفترة الماضية تقاربها مع الجانب السودانى فى إطار خطة الدولة لتنفيذ عدد من المشروعات خاصة بقطاع النقل لزيادة التعاون بين البلدين فى السنوات المقبلة.
وتضم قائمة مشروعات النقل الجارى دراستها لتنفيذها مع السودان، خط سكة حديد مشترك بداية من محافظة أسوان وحتى أبو حمد، مرورا بوادى حلفا السودانية، وتم تكليف مكتب استشارات عالمى بإعداد الدراسات اللازمة، إلى جانب دراسة الطريق البرى بين مصر وتشاد مروراً بالسودان والذى ينطلق من محافظات الفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان، ثم يمتد من أسوان وحتى الحدود المصرية مرورا بمفارق توشكى وحتى أرقين عند خط عرض 22 ومنها إلى السودان، لزيادة حركة التجارة مع الدول الأفريقية، ليكون بوابة للتجارة بين البلدين وبين تشاد ودول غرب أفريقيا، وكذلك طريق القاهرة/ السودان / كيب تاون المار فى 9 دول أفريقية.
وفى الصدد استطلعت «المال»، آراء عدد من الخبراء، لمعرفة العائد المتوقع من تنفيذ تلك المشاريع، وطرق تمويلها، فضلا عن أفضل الآليات التى ستكون لاعبا رئيسيا لجذب الكيانات للمشاركة فيها، لاسيما وأن تكلفة التنفيذ من المؤكد أنها ستكون مرتفعة كثيرًا.
وقال مصدر بوزارة النقل، لـ«المال» إن وزارته حصلت فعليا على موافقة مبدئية من 3 مؤسسات من بينهم 2 عربية أخرى دولية، بتوفير قروض تصل قيمتها إلى مليار دولار لتنفيذ مشروعات مشتركة مع الدول الأفريقية فى الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أنه خلال الأيام القليلة المقبلة سيتم الإعلان رسميا عن توقيع اتفاقيات رسمية فى هذا الأمر.
وقال الدكتور عماد نبيل خبير النقل الدولى لـ«المال»، إن فكرة تنفيذ أى مشروعات برية وسكك حديدية بين البلدان هدفها فى الأول سيكون اقتصادياً، مشيرًا إلى أن مصر ومنذ أن تولت رئاسة الإتحاد الافريقي، أعلنت عزمها عن تنفيذ سياسة جديدة مع الاشقاء السودانيين، تستهدف فى الاساس النمو والتكامل واستغلال الموارد المتاحة بالبلدين للنهوض بالشأن الاقتصادى الذى سيعود فى نهاية المطاف بالفائدة على شعب الدولتين.
وأضاف أن الاتحاد الأفريقى على مدار السنوات الماضية بإجراء الكثير من الدراسات والخطط لكنها ظلت «بالأدراج»، إلا أن التحرك المصرى الحالى يثبت عن وجود نية قوية لتنفيذ خطة الربط الاقتصادى مع دول القارة الأفريقية.
عماد نبيل: ضرورة وضع آلية دولية تحفظ حقوق المستثمرين لجذب الكيانات الخاصة
وأوضح أن هناك أكثر من آلية يمكن أن يتم استغلالها للتسريع من تنفيذ المشروعات المعلنة، سواء من خلال قروض مسيرة من الصناديق العربية، لاسيما وأن علاقة مصر بها جيدة، الى جانب اشراك القطاع الخاص.
وقال إن جذب القطاع الخاص لتنفيذ مشروعات بين دولتين، يتطلب عدداً من الضمانات فى البداية، منها وضع حوكمة دولية لآليات التنفيذ تكون سارية دائماً، ولا تتغير بتغير الحكومات وانظمة الحكم، فلابد ان ترتبط بالإطار المؤسسى لكل دولة على حدة.
وقال خبير النقل الدولى إن القطاع الخاص يبحث دائماً على مناخ الاستثمار والبيئة المناسبة لضمان استمرارية المشروع المكلف بتنفيذه، والذى كلفه اللجوء إلى البنوك للحصول على التمويل اللازم لإنهائه وفقا للاشتراطات المحدد بالعقود، ومن ثم فإن ذلك يتطلب وضع اتفاقية دولية بين السودان ومصر، تكون حاكمة ومحددة المعالم حتى تطمئن شركات القطاع الخاص على أموالها.
وذكر نبيل أن الدول الأفريقية بحاجة إلى مشروعات مشتركة مع مصر، وذلك لاستغلال ما لديها من خيرات لم تُستغل بعد، خاصة وأنها تعانى من تدنى مستوى المعيشة، مشيًرًا إلى أن أمام مصر ودول القارة الإفريقية فرصة ذهبية لاستغلال الموارد المتاحة حالياً، والحصول على دعم ومعاونة فنية من الدول الكبرى، والتى تُقدر مكانة مصر وحجمها الاقتصادى والسياسى بالمنطقة العربية.
من جانبه، قال شريف ياسين، خبير النقل والبنية الأساسية، إن أحد المعوقات التى تواجه مشروع الربط السككى من السودان، يتمثل فى طول زمن الرحلة فى الوقت الحالى على خطوط الشبكة الحديدية المصرية الذي يتراوح بين «15-18» ساعة من الإسكندرية إلى أسوان، وستزيد حال وصول الخط إلى السودان، وهو أمر يصعب على الركاب تحمله.
ولفت إلى أن الأمر يتطلب تنفيذ خط سكة حديد جديد بنظام الديزل بسرعة 200 ك/ ساعة من الإسكندرية لأسوان، ثم يتم مده إلى السودان، موضحاً أن تقليل زمن الرحلة من شأنه جذب عدد أكبر من الركاب، وعملاء نقل البضائع من القطاع الخاص.
ولفت إلى إمكانية تحديد حجم الركاب والبضائع المتوقع نقلها من خلال المشروع بعد تنفيذه، بحساب حجم المتداول من بضائع فى الموانئ الجافة، وبين المحافظات، وحساب حركة الطيران بين مصر والسودان، موضحا أن النقل بالسكة الحديد عليه إقبال نظرا لانخفاض تكلفته، وجودة الخدمة إذا تم تنفيذها وفقا لمواصفات فنية وهندسية دقيقة.
واعلن وزير النقل كامل الوزير مؤخرا أن هناك توجيها واضحا وصريحا من الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس الجمهورية، بتلبية مطالب الأشقاء السودانيين خاصة فى قطاع النقل، مؤكدًا أن مشروع الربط السككي، سيرى النور قريبا، خاصة بعد تصديق الرئيس على كافة الاعتمادات المالية المطلوبة للتنفيذ على أرض الواقع.
ومشروع السكة الحديد المشترك تم الاستقرار على تقسيمه إلى 3 مراحل، الأولى من مدينة أسوان وحتى جنوب وادى حلفا، وجار تحديد المرحلة الثانية والثالثة بشكل دقيق نظرا لارتفاع التكلفة، فضلا عن طبيعة السكة الحديد بالسودان والتى تختلف فى طول المسار عن الموجود حاليا فى مصر.
من جانبه قال الدكتور حسن مهدى، أستاذ النقل بكلية الهندسة جامعة عين شمس،إن مشروع الربط السككى بين مصر والسودان، تم الكشف عنه خلال السنوات الماضية أكثر من مرة، ولكن لم يتم تنفيذه لأمور عدة، إلا أن الطرح هذه المرة مختلف لوجود بعد استراتيجى من جانب القيادة السياسية.
وذكر أن المشروع حيوى كونه يربط بلدين تجمعهما منذ القدم على علاقات قوية، إضافة إلى أنه سيحقق نقلة نوعية فى حجم التبادل التجارى والاستثمار بين مصر والقارة الأفريقية بالكامل.
وطالب بعمل دراسة فنية دقيقة لتحديد المسار الأمثل للمشروع، ومعرفة حجم التمويل المطلوب، والتكلفة التى يتحملها كل طرف، مشيرًا إلى ضرورة الاستفادة من مؤسسات التمويل الدولية المهتمة بتنمية أفريقيا، عبر مطالبتها بتوفير جزء من التكاليف من خلال منح لا ترد.
أستاذ بجامعة عين شمس: تنفيذه سيساهم فى خفض التكلفة بنسبة 45%
وأوضح أن مصر فى الوقت الحالى تعتمد على استيراد كميات كبيرة من اللحوم الحية من الدول الأفريقية ومنها السودان، وتنفيذ مشروع سكة حديد سيساهم فى خفض تكاليف النقل، التى تمثل فى الوقت الحالى 45% من قيمة المنتج.
وذكر أن هناك بعض المعوقات التى ستواجه المشروع، مثله أى مشروع نقل يهدف إلى ربط دولتين، ومنها اختلاف مسارات القطارات، لكن هناك الكثير من الحلول الهندسية التى ستتغلب على هذه المعوقات فى التنفيذ.