ضاعفت الحرب الروسية – الأوكرانية، من اضطرابات سلاسل التوريد التى كانت لا تزال تتعافى بصورة هشة من تداعيات جائحة كورونا، مما أسفر عن استمرار حالة الارتباك فى عمليات الشحن البحرى، نتيجة لعدد من الأمور، منها زيادة أسعار البترول، وتراجع الطلب على البضائع، مسببة حالة من الركود فى حجم التجارة.
فى رصد سريع أجرته «المال» مع عدد من الشركات الشحن للتعرف على تداعيات الحرب منذ اندلاعها نهاية فبراير الماضى، بعد أن استهلكت تدابير الجائحة وتداعياتها القدرات المالية لعدد كبير من شركات الشحن فى عام 2020.
أشار ممثلو عدد من الخطوط الملاحية، إلى أن الحرب أثرت بشكل كبير على حركة التجارة، نتيجة ارتفاع تكاليف كافة المنتجات والسلع الأساسية، فضلًا عن الزيادة الكبيرة فى نقل تلك المنتجات منذ اندلاعها وحتى الآن، ومن ثم تراجع الأعمال بنسبة تصل إلى 50%، لكن التخوف الأكبر أصبح من استمرار حالة التضخم الحالية إلى فترة طويلة.
ولفت ممثلو شركات الشحن، إلى أن استمرار الاضطرابات العالمية، سواء الحرب القائمة حاليًّا، أو القرارات الاقتصادية الأمريكية المتعلقة بأسعار الفائدة، سيكون لها عواقب وخيمة، خاصة على قطاع النقل البحرى بكافة أنشطته.
فى نفس الوقت، الذى تعانى منه الشركات واقتصاديات بعض البلدان، استفادة هيئة قناة السويس من الحرب بفضل قفزة ناقلات النفط العابرة بأكثر من %60، بحسب بيان صادر رئيس هيئة القناة أسامة نهاية يوليو الماضى.
وبحسب بيان الهيئة، فإن إيرادات قناة السويس زادت فى يوليو %32.4 مقارنةً بنفس الشهر من العام الماضى، كما شهدت القناة أكبر حمولة صافية شهرية قدرها 125 مليون طن، وأعلى معدل عبور شهرى فى تاريخ القناة بعدد 2103 سفينة.
ويعد مجرى قناة السويس الملاحى المصرى، هو أقصر طرق الشحن بين أوروبا وآسيا، وتمثل إيراداتها أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة للاقتصاد.
فى البداية، قال شريف البندراوي مدير مكتب توكيل الخليج بالإسكندرية، مدير مكتب توكيل الخليج بالإسكندرية، إن حجم التجارة الدولية شهد مؤخرًا انكماشًا صاحبه ارتفاع فى أسعار نوالين الشحن بشكل متزايد جراء الحرب الروسية.
وأوضح أن بعض البضائع المستوردة شهدت تراجعًا وعلى رأسها القمح من أوكرانيا، وبعض الصادرات الزراعية المتجهة إلى روسيا، والتى بدأت العودة للعمل بشكل طبيعى مؤخرًا، مشيرًا إلى أن حجم أعمال الوكالة تراجعت نسبة تقترب من الـ%50 نتيجة تراجع سفن الصب المحملة بالقمح.
وِأشار إلى أن نتيجة للتغيرات فى مناطق التجارة بسبب الحرب، ظهرت بدائل مختلف أمام المستوردين والمصدرين، وضرورة تنويع الأسواق تحسبًا لأى أزمات جديدة.
فى سياق متصل، قال الدكتور عمرو السمدونى، رئيس مجلس إدارة شركة فينيكس فريت لخدمات الشحن، وسكرتير شعبة النقل الدولى واللوجستيات بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن الحرب ضاعفت الضغوط على سلاسل التوريد العالمية، خاصة أنها كان لم تتعاف بشكل كبير من جائحة كورونا.
ولفت إلى أن شركات الشحن أصبحت تجد صعوبة فى حجز مساحات لشحن البضائع الواردة والصادرة على متن السفن، بالتوازى تقوم الخطوط الملاحية بإجراء تحريك مستمر لأسعار النقل.
وقال إن تجاوز أسعار الوقود حاجز 100 دولار للبرميل، والذى يمثل نحو %60 من تكلفة الرحلة البحرية، أدى إلى زيادة أسعار الشحن بنسبة 5 – %10 إضافية، ويتوقع أن تكون هناك زيادة أخرى فى الفترة المقبلة.
شهدت أسعار الشحن البحرى زيادة فى مطلع يونيو الجارى بمقدار 1500 دولار فى سعر الحاوية سواء 20 قدمًا أو 40 قدمًا، وهناك توقع أن تشهد أسعار تكاليف نولون الشحن والتفريغ ارتفاعات جديدة بنسبة تصل إلى %30 خلال الفترة المقبلة.
وأوضح عمرو السمدونى، أن الشحن البحرى فى مصر لا يملك حلًّا مجديًا للأزمة حتى الآن، لعدم وجود خطوط شحن وطنية، إذ أصبح الاعتماد على الخطوط الملاحية والتحالفات العالمية، لافتًا إلى أن شركات الشحن والخدمات اللوجستية الصغيرة بحاجة لتقديم خدمات متكاملة لعملائها لكسر حالة الاحتكار التى تسيطر عليها الخطوط.
ومن جانبه، قال عبدالرحمن الجمال، المدير التنفيذى لشركة MED لوجيستكس، إن العالم حاليًّا يشهد حالة من الركود وتراجع الطلب على شحن البضائع، وخاصة الدول الناشئة بشكل خاص.
وأوضح أن الحرب الروسية تستأثر بنسبة %60 من حالة الركود الحالية، بجانب عوامل أخرى ارتفع التضخم، والقرارات الأمريكية الاقتصادية، التى قفزت تداعياتها لقلب الدول النامية.
وأِشار «الجمال» إلى أن شركته متخصصة فى الشحن البحرى والنقل والتخليص، وتتعامل مع مصانع الورق الخاص بالطباعة والتغليف، موضحًا أن ذلك القطاع شهد ازدهارًا داخل مصر بعد قطع روسيا الغاز عن أوروبا، وبالتالى توقف عدد من المصانع بدول أوروبا توفيرًا للطاقة.
من جانبه، قال محمد مدحت، مدير فرع الوكالة الملاحية استشر، إن الوكالة تعمل مع أكبر شركات الشحن فى العالم لمساعدة السفن على العمل بالموانئ المصرية، وتوفر كافة التوريدات للسفن العابرة من قطع الغيار، وتغير الأطقم البحرية.
وأِشار إلى أنه فى بداية الأزمة الروسية أحدث ارتباكًا فى تغيير البحارة وتنقلاتهم، خاصة أن %50 من إجمالى البحارة ما بين روسى وأوكرانى، بينما الموقف الحالى انتقالات البحارة الروس والأوكران استعادت طبيعتها مع سهولة تنقلهم إلى دول أخرى بعيدًا عن مناطق الحرب.