ناقشت الجلسة الثانية والأخيرة بالقمة السنوية الأولى للاستثمار فى الرعاية الصحية تحت عنوان “الرعاية الصحية.. قطاعًا يزخم بالفرص” أمس أزمات زيادة التكلفة على شركات الدواء العاملة فى السوق المحلية فى ظل خضوع منتجاتها للتسعيرة الجبرية من جانب هيئة الدواء المصرية، وبحث سبل توفير دولار من خلال الصادرات، إلى جانب الحديث عن فرص الاستثمار فى القطاع الدوائى ومدى اهتمام المستثمر بالربحية مقارنة بالبعد المجتمعي .
وأدار الجلسة أشرف الخطيب، نائب رئيس الجمعية المصرية لخبراء الاستثمار، وضمت 4 متحدثين هم وائل زيادة الشريك والمدير التنفيذى بشركة “زيلا كابيتال” و عمر عبد الجواد الشريك المؤسس والعضو المنتدب المشارك فى “ابن سينا فارما” و الدكتور أشرف الخولى العضو المنتدب بالشركة القابضة للأدوية وخالد سمير عضو مجلس الإدارة بشركة “إيلفيت كابيتال”.
وبدأ الحديث وائل زيادة، الشريك والمدير التنفيذى بشركة “زيلا كابيتال” قائلا إن التحدى الرئيسى لأى سوق فى مجال الاستحواذات هو وجود سعرين لعملة الدولة، موضحًا أن قطاع الأدوية فى احتياج دائم إلى تدبير العملة الصعبة بغرض استيراد المواد الخام اللازمة للإنتاج من الأسواق الخارجية.
ولفت إلى أن خضوع مصنعى الدواء للتسعيرة الجبرية تعتبر واحدة من أبرز التحديات بالقطاع خلال الوقت الحالي، وعلى الرغم من ذلك قال إن القطاع يشهد تطورا كبيرا وفرصا واعدة للاستثمار نظرا لكبر حجم السوق وارتفاع إنفاق الأسرة المصرية على الدواء وغير ذلك من عوامل الجذب والنمو.
وعن فرص الاستثمار فى القطاع، أوضح “زيادة” أن معظم المستثمرين يبحثون عن الشركات التى لديها قدرة مرنة على التسعير بعيداً عن التسعيرات الجبرية المقررة من جانب هيئة الدواء المصرية، إذ تتجه الأنظار إلى الشركات التى لديها القدرة على تسعير منتجاتها بشكل خاص.
وتابع إن هناك توجه آخر من جانب المستثمرين بشراء مستحضرات طبية محددة، موضحًا أن القطاع الدوائى يعتبر ممثلا فى البورصة المصرية بشكل كبير من حيث عدد الشركات وليس من حيث حجم التداول، لافتًا إلى أن معظم تلك الكيانات كان قد تم قيدها منذ فترة التسعينات بدعم من المميزات الضريبية آنذاك.
وقال إن عددا قليلا من بين تلك الشركات المقيدة تتهم بنمو حجم أعمالها واهتمامها بعوامل الحوكمة، لافتًا إلى أن شركة ابن سينا للأدوية من الشركات القليلة التى نجحت فى الوصول لمستوى جيد من التطور بغرض تلبية مطالب المستثمرين عبر فتح مجالات للتمويل.
فيما تحدث الدكتور أشرف الخولى العضو المنتدب بالشركة القابضة للأدوية، عن صناعة توطين الدواء فى السوق المحلية وتوفير المادة الفعالة للدواء، موضحًا أن أهمية تلك العملية ظهرت جليا خلال الأزمة العالمية الأخيرة فى ظل ارتفاع أسعار الاستيراد.
ونوه بأن مصر بدأت عملية التوطين منذ فترة الستينات ولكن لم يتم الوصول إلى نتائج ملموسة فى هذا الصدد من ذلك الحين، معتبرًا أن المضادات الحيوية هى الأكبر استيرادًا من الخارج إلى جانب بعض المواد الفعالة الأخرى الخاصة بالأمراض المزمنة.
وأضاف أن %20 من المصريين لديهم أمراض مزمنة مثبتة بالفحوصات، وقال إن السوق المحلية تضم حوالى 170 مصنعا تعمل بشكل فعلي، فضلاً عن 30 مصنعا مرتقبا، وعلى الرغم من ذلك فإنها لاتمثل سوى %10 من السوق العالمية.
ولفت “الخولي” إلى أن السعى لتوطين صناعة وتوفير المواد الخام محليًا يُحتم أن يتم النظر للتصدير أولاً لتحقيق عامل التوازن فى التكلفة وإلا سيتم الإنتاج بتكاليف مرتفعة أعلى من تكاليف الاستيراد.
وأضاف أن الكثير من الجهات المصرية تعمل بشكل جاد خلال الوقت الحالى على توطين صناعة المواد الخام محليًا، وهو بمثابة توجه عام فى العديد من الدول الأخرى، واعتبر أن الأزمات الأخيرة فى سلاسل الإمداد كشفت عن حجم الأزمة الحقيقة حين حدث نقص فى بعض المواد الخام من الأسواق وتهدد وضع الصناعة حينها.
وأوضح أن الأدوية البيولوجية هى مستقبل صناعة الدواء، لافتًا إلى أنها تعالج أمراض جديدة وهناك شركة أو اثنتين تعمل بهذا المجال على الصعيد المحلى.
وكشف أن التوجه للتصدير يعتبر منفذا جديدا للشركات للتغلب على أزمات زيادة التكاليف، موضحًا أن التوجه للسوق الخليجية يتطلب التوافق مع المواصفات الخاصة به هناك، وهذا سيتطلب تكاليف لتطوير المصانع القائمة محليًا.
وقال عمر عبد الجواد الشريك المؤسس والعضو المنتدب المشارك فى شركة “ابن سينا فارما” إن إجراءات الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها الدولة تزامن معها زيادة فى أسعار الأدوية والخدمات الصحية.
وأكد أن صناعة الدواء مرتبطة بشكل كبير بسعر الدولار، وهو ما يمثل تحديا كبيرا للعاملين بالصناعة، فى ظل الخضوع للتسعير الجبرى.
وأضاف أن زيادة التكاليف بضغط من ارتفاع سعر الدولار، لا يؤثر على المُصنع فقط وإنما على الكيانات العاملة بمجال التوزيع والصيدليات.
وشدد على ضرورة تدخل الدولة لإعادة تسعير الدواء ليتماشى جزئيا مع سعر التكلفة، واعتبر أن عام 2022 كان قاسيا على العاملين بالقطاع، متمنيا أن يكون العام الجديد أفضل من سابقه.
وتابع إن الشركات العاملة بقطاع صناعة الأدوية فى السوق المحلية لديها فرص كبيرة للتصدير بالقارة الأفريقية ودول الخليج.
ولفت إلى أن مصر تعتبر من أكبر الدول فى تصنيع الدواء وتغطى حوالى %80 من الاستهلاك المحلى ذاتيًا، موضحًا أن بعض الدول المجاورة ومن بينها السعودية تعتبر كيانات مستوردة.
وأشار إلى أن الشركات المحلية من الممكن أن تستغل تلك الفجوة للتصدير، لافتًا إلى أن حوالى %70 من استيراد القارة الأفريقية يأتى من الهند.
ونوه بأن زيادة التكلفة تعتبر من أبرز التحديات التى تواجه مصنعى الدواء فى السوق المحلية، فى ظل خضوع المصنعين للتسعير الجبرى المقرر من جانب هيئة الدواء المصرية.
وأشار إلى أن دول الخليج وأفريقيا يستوردون الدواء ومن ثم لدى مصر فرصة قوية للدخول كمنافس فى الصناعة لتقود الشرق الأوسط وأفريقيا فى هذا المجال.
فيما اتفق خالد سمير عضو مجلس الإدارة بشركة “إيلفيت كابيتال” مع سابقيه على ضرورة أن تحل الدولة المصرية أزمة التسعير لشركات الدواء على المدى القصير.
وأضاف أنه على المدى الطويل يتعين على الدولة أن توضح أولويات استثماراتها بالقطاع الصحي، مشيرا إلى أن العمل بصناعة الدواء فى السوق المحلية ينقصه ثقافة فكر الفريق والعمل الجماعى.