قال اللواء محمود توفيق وزير الداخلية ، إن التحديات الأمنية تتعاظم في ظل محيط إقليمي مضطرب، وعالم يموج بالصراعات والمتغيرات، وحرصت الإستراتيجية الأمنية على التعامل الفعال مع معطيات هذا الواقع من خلال ترتيب الأولويات وتقييم المخاطر والارتكاز على أسس علمية في التخطيط والمبادأة، لتحقيق الاستباق الأمني في مواجهة ما يهدد أمن المجتمع واستقراره.
وجاء في نص كلمة وزير الداخلية خلال احتفالية عيد الشرطة الـ 72، المقامة داخل مقر أكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي:
“بسم الله الرحمن الرحيم
الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية
بالغ التقدير والإعتزاز لتشريفكم احتفال هيئة الشرطة بالذكرى الثانية والسبعين لمعركة الإسماعيلية المجيدة التي نستعيد فيها مشاهد يوم خالد في ضمير الأمة المصرية حين وقف رجال الشرطة ليخوضوا واحدة من أشرف المعارك ترسيخاً لتلاحمهم وتكاتفهم وأبناء الشعب المصرى ليسطر التاريخ كيف كانت تضحيات الشرطة تعبيراً عن عطاء وطنى صادق ممتد عبر العصور إلى اليوم مؤمنًا وواعيًا بأهدافه”.
وتابع: “تجسد مراحل النضال الوطني مسيرة شعب عريق يدافع كعهده عن رفعة بلاده تلك المسيرة التى واصلتموها سيادة الرئيس وبذلتم ومازلتم الجهد والعزم لمواجهة التحديات وإعادة البناء لتحيا مصر عزيزة كريمة صامدة فى مواجهة المؤامرات والأطماع فكانت ثقة الشعب واختياره”.
وأضاف: “تتعاظم التحديات الأمنية فى ظل محيط إقليمي مضطرب، وعالم يموج بالصراعات والمتغيرات وقد حرصت الإستراتيجية الأمنية على التعامل الفعال مع معطيات هذا الواقع من خلال ترتيب الأولويات وتقييم المخاطر والإرتكاز على أسس علمية فى التخطيط والمبادأة لتحقيق الاستباق الأمني في مواجهة ما يهدد أمن المجتمع واستقراره.
وأكد: “لقد حققت وزارة الداخلية إلى جانب رفقاء الدرب بقواتنا المسلحة نجاحات مؤكدة فى مواجهة الإرهاب وتقويض نشاطه وتفكيك هياكله وتجفيف منابع تمويله إلا أنه يظل خطرا قائماً يستوجب إستمرار اليقظة الأمنية فى ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية إستغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة لإعادة التمركز وتكوين بؤر جديدة تتخذها منطلقاً للتمدد وإستعادة قدراتها كما تنشط تلك التنظيمات فى إستغلال مواقع التواصل الإجتماعى لإستقطاب الشباب وتدريبه إفتراضياً ودفعه للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات بلاده”.
وتابع: كما تسعى جماعة الإخوان الإرهابية لإحياء نشاطها عبر توظيف لجانها الإعلامية لترويج الشائعات، وتكريس الإحباط والتحريض على العنف لزعزعة الإستقرار والسلام المجتمعي، فضلاً عن إتخاذها لبعض العناصر التى قد تختلف معها فكريا كواجهة لتحقيق أهدافها المؤثمة تحت شعار إختلاف الفكر ووحدة الهدف”.
واستكمل: “هنا تواصل أجهزة الوزارة بالضربات الأمنية الإستباقية والحاسمة، وبمساندة شعبية دحرها لتلك المخططات ومنع إمتداد أنشطتها إلى داخل البلاد وقطع خطوط إمدادها وتمويلها والتى تتم بأساليب غير نمطية لمحاولة تفادى الرصد الأمنى حيث نجحت الجهود الأمنية خلال العام الماضى فى إجهاض 129 محاولة لتكوين بؤر إرهابية وإتخاذ الإجراءات القانونية تجاه عدد من الكيانات التجارية تقدر قيمتها السوقية بــ 3,6 مليار جنية لتورطها فى تقديم الدعم المالى لتنظيم الإخوان الإرهابى كما تحرص الوزارة على تكثيف برامج التوعية بأساليب حروب الجيلين الرابع والخامس وتفنيد الأكاذيب وتبصير الرأى العام بالحقائق.
وأضاف: تتكامل جهود أجهزة الوزارة لمواجهة كافة صور الجريمة المنظمة وفى مقدمتها جرائم المخدرات وتعكس كميات الضبط غير المسبوقة والتى قاربت قيمتها 9 مليارات جنيه، تصاعداً ملحوظاً فى حركتها إنعكاساً للإضطرابات الأمنية بالمنطقة حيث إتخذت العصابات الإجرامية أنماطاً جديدة فى نشاطها ترتكز على محاولات تهريب المواد الخام ومكونات تصنيع المخدرات التخليقية لسهولة إخفائها والإرتفاع الكبير لقيمتها التسويقية وتضطلع أجهزة المعلومات والمكافحة بالوزارة بالتصدى لتلك الجرائم وضبط عناصرها والتنسيق الفاعل مع القوات المسلحة لمنع تسربها للبلاد أو اتخاذها معبراً إلى دول أخرى.
وتطرق إلى أنه نشطت عصابات تهريب المهاجرين على المستوى الإقليمى إستغلالاً لتراجع قدرة بعض الدول على تحقيق سيطرة كاملة بمناطقها الحدودية،
وفى هذا الإطار نجحت الضربات الأمنية المكثفة فى تقويض عمليات تهريب المهاجرين إنطلاقاً من البلاد وضبط القائمين عليها وإجهاض محاولات غسل الأموال المتحصلة منها والتى بلغت العام الماضى ما يقرب من 253 مليون جنيه.
وقال إنه ترسيخا لدعائم الأمن والاستقرار، تحرص الوزارة على مكافحة الجريمة الجنائية بشتى صورها حيث حققت نجاحات نوعية فى القضاء على العديد من البؤر الإجرامية والتشكيلات العصابية والتصدى للجرائم الضارة بالإقتصاد الوطنى، وبلغت قيمة مضبوطات جرائم الأموال العامة نقدياً ومستندياً 3,7 مليار جنيه ويأتى الإنخفاض الملموس والمتتالى لمعدلات إرتكاب الجريمة وفقا للإحصائيات السنوية والتى بلغت هذا العام 13,9 % مقارنة بالعام السابق إنعكاساً لجهود متواصلة بذلتها أجهزة البحث بالوزارة وترجمة لنجاح جهود الدولة فى القضاء على العشوائيات والتى كانت تشكل بيئة حاضنة للأعمال الإجرامية.
وفى إطار مواكبة التطور العلمي فى مجال العمل الأمني، والذى يرتكز على التوسع فى توظيف التكنولوجيا لخدمة أغراض الأمن فقد تم تطوير منظومة الأدلة الجنائية ودعمها بمعامل جنائية تخصصية وفقاً لأعلى المقاييس الدولية، وتم استحداث “مركز العمليات الأمنية” وتزويده بأحدث التقنيات والوسائل التكنولوجية لإدارة ومتابعة المهام الأمنية الميدانية وتحليلها بإستخدام الذكاء الإصطناعى وبما يكفل الحفاظ على التفوق الأمنى فى حماية أمن وسلامة الوطن والمواطن.
وأضاف الوزير أنه عقب مرور عامين من إنطلاق التجربة المصرية في تطوير مفهوم العدالة الإصلاحية بتحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز إصلاح وتأهيل أثبتت التجربة نجاحاً متميزاً فى تحقيق مستهدفاتها فى تقويم سلوك النزلاء وتنمية مهاراتهم المهنية والحرفية والتى ساهمت فى إقبال العديد من المفرج عنهم على الإندماج فى المجتمع والإبتعاد عن الجريمة بمعدلات فاقت المتوقع منها.
وتابع: لقد استحوذت التجربة المصرية على أنظار المجتمع الدولي، أشادت بها المنظمات الدولية المعنية بإعتبارها أحد أبرز التجارب خلال الفترة الأخيرة فى مجال تحسين ظروف الإحتجاز وفى هذا الصدد، تم إستقبال وفود العديد من الدول الأجنبية الكبرى للوقوف على تفصيلات التجربة ونقلها إلى بلادهم.
وامتدادًا لدورها المجتمعى تحرص الوزارة.. على رفع الأعباء عن كاهل أهالينا من محدودى الدخل بالتوسع فى المبادرات التكافلية وتيسير تقديم الخدمات الأمنية الجماهيرية لاسيما لكبار السن وذوى الهمم وإستحداث مراكز متطورة ثابتة ومتحركة لإتاحة تلك الخدمات دون عناء.
وأوضح أنه يجرى تطوير أنشطة مبادرة “جيل جديد”، بهدف الإرتقاء بالمستوى الثقافى والفكرى لدى براعم المناطق الحضارية الجديدة وإمتدادها
لأولياء أمورهم وإدراكاً لأهمية إطلاع النشء على البطولات التى سطرتها تضحيات أبناء الشعب المصرى العظيم لغرس قيم التضحية والفداء فى نفوسهم، وسيتم تنظيم الملتقى الرابع لمبادرة جيل جديد خلال الأيام القليلة القادمة بمدينة بورسعيد الباسلة.
وتابع: الأخوة والأبناء أعضاء هيئة الشرطة: تحية لكم، وأنتم تواصلون بجهودكم المتفانية عطاء أجيال من رجال الشرطة سبقتكم فى تأمين مسيرة العمل الوطني، وفى هذه المناسبة التى يحفظها التاريخ لهيئة الشرطة نتذكر بكل العرفان شهدائنا الأبرار من الشرطة الأبية وقواتنا المسلحة الباسلة على إمتداد التاريخ وإختلاف المواقع ذاكرين فضلهم وعظيم عطائهم كما نتوجه بتحية إعزاز لمصابينا الأبطال داعياً المولى عز وجل لهم بالشفاء التام حتى يعودوا لصفوف الواجب.
وقال للرئيس: لقد أثبتت الأحداث الإقليمية والدولية رشد رؤيتكم حيث استطعتم بحكمة وإقتدار مواجهة التحديات وفى لحظات الحسم حين تعالت الأصوات كان إنحيازكم الواضح، وبصدق للمصالح العليا للبلاد ودفاعكم القوى عن الحق للعبور بالوطن إلى آفاق الأمن والإستقرار.
وتجديدا للعهد يؤكد رجال الشرطة بأن يظلوا بإذن الله خلف قيادتكم الحكيمة فداء لمصر وحراسا لأمنها مدركين أهمية إستمرار اليقظة والجاهزية لإنجاز مهامهم فى حفظ أمن الوطن والمواطنين.
واختتم: حفظ الله مصر ورعى شعبها من كل سوء، وأدام عليها بفضله وجهود أبنائها الأمن والأمان، إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.