يحذر خبراء سوق المال من أن الأوضاع الراهنة قد تقود الشركات المقيدة إلى موجة شطب اختيارى من سوق الأسهم، وهو الأمر الذى سيُزيد من المعاناة والأجواء السلبية التى تمر بها البورصة المصرية.
وأضافوا أن تدنى قيم الشركات ناتج عن انخفاض أسعار الأسهم لمستويات أقل بكثير من قيمتها الحقيقة، فيما سيدفع تراجع أسهم شركات مقيدة لأقل من قيمتها الاسمية، تلك الشركات إلى التخارج من السوق عبر الشطب الاختياري.
وكشفت «المال» فى رصد لها بنهاية مايو الماضي، أن 41 شركة مقيدة بالبورصة انخفضت أسعار أسهمها السوقية عن قيمتها الاسمية، وتنوعت تلك الشركات بين العقارية ونظيرتها المتخصصة فى الخدمات المالية، مع وجود قوى للقطاع المصرفى عبر 4 بنوك، مع شركات صناعية وسياحية.
وأكدوا أن حدوث موجة الشطب الاختيارى فى وقت تغيب فيه الطروحات بشقيها الحكومى والخاص عن المشهد، سيدفع البورصة المصرية نحو مخاطرة غير محسوبة العواقب قد ينتج عنها حالة من الجفاف بالسوق.
ويرى الخبراء أن حركة الشطب المتوقعة ستكون استئنافًا لاتجاه بدأته الشركات منذ عام 2009، إلا أن وتيرته ستتسارع الفترة المقبلة، ما ينعكس على رأس المال السوقى المتأثر بالفعل.
وأكدوا أن وضع البورصة انعكس على تقييمات الشركات، وهو ما ظهر فى أكثر من عرض استحواذ تلقتها شركات مدرجة مؤخرًا.
وكان آخر شطب اختيارى من البورصة المصرية، حدث فى مايو الماضي، عندما وافقت لجنة قيد الأوراق المالية فى البورصة المصرية، على الشطب النهائى لقيد أسهم شركة نايل سيتى للاستثمار شطبًا إجباريًا، والبالغ رأسمالها المصدر والمقيد 725 مليون جنيه، موزع على 7.25 مليون سهم، بقيمة اسمية 100 جنيه للسهم الواحد.
وفى فبراير 2022، وافقت لجنة قيد الأوراق المالية بالبورصة المصرية على الشطب النهائى لقيد أسهم بنك الكويت الوطنى – مصر البالغ رأسماله المصدر والمقيد 5 مليارات جنيه، موزع على 500 مليون سهم منها، بقيمة اسمية قدرها 10 جنيهات للسهم الواحد.
وفى ديسمبر 2021، تمت الموافقة على الشطب النهائى لقيد أسهم شركة رواد مصر للاستثمار السياحى شطبًا إجباريًا، والبالغ رأس مالها المصدر والمقيد 150 مليون جنيه، موزع على 1.5 مليون سهم، بقيمة اسمية 100 جنيه للسهم الواحد، وكذلك الموافقة فى ديسمبر 2021، على الشطب الاختيارى لأسهم شركة الشروق الحديثة للطباعة والتغليف برأسمال 131 مليون جنيه، وزعت على 13.1 مليون سهم بقيمة اسمية 10 جنيهات للسهم.
وفى يونيو 2021، تمت الموافقة على السير فى إجراءات شطب القيد الاختيارى لأسهم شركة أسيوط الإسلامية الوطنية للتجارة والتنمية برأس مال قدره 66٫85 مليون جنيه، موزع على 6684653 سهما، بقيمة اسمية 10 جنيه للسهم الواحد.
وفى مارس 2021، تمت الموافقة على السير فى إجراءات الشطب الإجبارى لشركة الورق للشرق الأوسط – سيمو، طبقًا للمادة (53) من قواعد القيد، برأسمال 50 مليون جنيه.
وفى يناير 2021، تم تنفيذ الشطب الاختيارى لشركة النيل لحليج الأقطان، برأسمال 264.9 مليون جنيه، وكذلك شطب كل من السويس للأسمنت برأسمال 909.2 مليون جنيه، وشطب السويس برأسمال قدره 909.2 مليون جنيه، إضافة إلى شطب شركة طرة للأسمنت برأسمال قدره 357.6 مليون جنيه.
من جهته، أكد وائل زيادة، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة زيلا كابيتال، إن هبوط السوق نحو مستويات متدنية قياسية جديدة ليس مفاجئًا، وكان أمرًا متوقعًا، فى ظل وجود أوضاع أسوأ من التى تواجهها السوق فى الفترة الحالية.
وأضاف قائلًا: لن أتعجب من بداية موجة شطب اختيارى لشركات البورصة المقيدة فى الفترة المقبلة، وهى عملية عكسية لطرح الأسهم فى البورصة، مرجعًا توجه الشركات إلى الشطب الاختياري، لارتفاع تقييم الشركات الخاصة، أو غير المدرجة فى سوق الصفقات بشكل أكبر من تقييم نظيرتها من الشركات المدرجة فى البورصة.
وأكد «زيادة» أن ارتفاع تقييم الشركات غير المدرجة مقارنة بنظيرتها المقيدة، أمر غير منطقى ويسير عكس الوضع الطبيعى فى أى سوق مالية فى العالم.
وأوضح أن هناك شركات كثيرة مدرجة بالبورصة حاليًا تمتلك من السيولة اللازمة الذى يتيح لها تقديم عرض شراء لأسهمها، ثم تطلب بعد ذلك الشطب الاختياري، وتتجه لإعادة إدراج أسهمها فى بورصة أخرى.
وشدد على أنه لا توجد مشكلة اقتصادية بلا حلول، ولكن الأمر يتطلب إجراءات وتحركات لحل المشكلة.
من جانبه، قال إبراهيم النمر، رئيس قسم التحليل الفنى بشركة «النعيم لتداول الأوراق المالية» إن عمليات الشطب الاختيارى متواصلة بالسوق منذ عام 2009، وهو ما ألقى بظلاله السلبية على رأس المال السوقي، مرجحًا تسارع وتيرة هذا الاتجاه الفترة المقبلة، بجانب عدم استعداد السوق لاستقبال أى طروحات جديدة.
ويرى «النمر» أن برنامج الطروحات الحكومية لم يأتِ ثماره؛ إذ لم يتجاوز عدد الشركات المطروحة أصابع اليد الواحدة، بتنفيذ طرح أولى واحد، وحصص إضافية من شركات مُدرجة بالسوق بالفعل، لافتًا إلى أنه يجب على القائمين على إدارة السوق القيام بتحركات لتحسين وضع البورصة.
الجدير بالذكر، أن الحكومة وضعت برنامجًا للطروحات الحكومية فى عام 2018، كان يتضمن طرح 23 شركة بحصيلة مستهدفة تصل إلى 100 مليار جنيه، إلا أنه تم تأجيله عدة مرات للظروف غير المواتية.
فيما تم طرح حصة إضافية من الشركة الشرقية للدخان بنحو %4.5 بحصيلة 1.7 مليار جنيه فى مارس 2019، بجانب طرح %26 من أسهم شركة «آى فاينانس» فى أكتوبر 2021، بحصيلة هى الأكبر فى تاريخ البورصة بقيمة 5.8 مليار جنيه، ثم طرح حصة إضافية من أبوقير للأسمدة بنسبة %10 بحصيلة 2.2 مليار جنيه.
وتترقب البورصة المصرية طروحات كبيرة، من بينها «بنك القاهرة» و«إنبى» وحصة إضافية من «مصر الجديدة للإسكان» وشركة المنتجات البترولية «موبيكو»، وشركة «صافى» للمنتجات الغذائية بجانب «بنك الإسكندرية».
وقالت دعاء زيدان، نائب رئيس قسم التحليل الفنى بشركة تايكون لتداول الأوراق المالية، إن السوق مقبلة على موجة شطب اختيارى لشركاتها المقيدة، مشيرة إلى أن ذلك سيسبب ضررًا لصغار المستثمرين، نظرًا لأن أسعار البيع ستتم بالمتوسطات السعرية المتدنية لآخر 6 أشهر.
وأشارت إلى أن الأوضاع التى تشهدها البورصة تضر بالهدف الأساسى منها كأداة تمويلية بعيدة عن مصادر التمويل الأخرى كالاقتراض البنكى والمديونيات.
ولفتت إلى أن السوق بين سندان عمليات الشطب الاختيارى المتوقعة وبين مطرقة غياب الطروحات الجديدة، سواء الحكومية والخاصة.
وتوقعت دعاء زيدان، فى حال حدوث عمليات الشطب الاختيارى واستمرار غياب الطروحات الحكومية، ووقوع السوق فى خندق الجفاف ستكون ذات عواقب سلبية ومخاطر كبيرة.
ويقول عامر عبدالقادر، رئيس قطاع السمسرة للتطوير بشركة بايونيرز لتداول الأوراق المالية، إنه من غير المنطقى إجراء أى طروحات جديدة حاليًا، سواء حكومية أو خاصة، كما أنه يصعب وضع جدول زمنى للطروحات الحكومية فى ظل الأوضاع الراهنة.
وأضاف «عبدالقادر»، أن السوق مرت بظروف صعبة للغاية مسبقًا تكاد تكون أشد من الأوضاع الراهنة، مثل فترة ثورة 25 يناير 2011، ومن قبلها الأزمة المالية العالمية 2008، إلا أن السوق نجحت فى تجاوزها وتحقيق مستويات صاعدة جديدة.
وقال محمد عبدالحكيم، رئيس قسم البحوث فى شركة فيصل لتداول الأوراق المالية، إن القيم المتدنية لأسهم الشركات تسمح لأى شركة بشراء أسهمها من السوق، والشطب الاختيارى من البورصة.
وأضاف أن انخفاض قيم الأسهم فى البورصة يتسبب فى ارتفاع جاذبية الشركات المقيدة أمام المستثمرين الاستراتيجيين الذين يقدمون عروض استحواذ، ثم تنفيذ عمليات شطب اختيارى من البورصة فى مرحلة لاحقة.
وأكد أن ضعف القدرات المالية للشركات وعدم قدرتها على تمويل توسعاتها وزيادة استثماراتها، يجعلها تميل لعروض الاستحواذات رغم انخفاض قيمتها عن السعر الحقيقى لها.
وأوضح «عبد الحكيم»، أن السوق لن تشهد أى طروحات جديدة خلال الفترة الراهنة، ما سيؤدى إلى جمود فى حركته، ومن ثم تزايد معاناة المستثمرين.
وقال سامح وهيب، مسئول علاقات المستثمرين بشركة سامكريت مصر – مهندسون ومقاولون، لـ«المال» عند عملية الشطب فى مايو 2021، إن سبب اللجوء لهذه الخطوة أن الوقت الحالى ليس المناسب لوجود سامكريت فى السوق.
وتابع، «فائدة التواجد فى البورصة هو حصول الشركة على تمويل من خلال سوق رأس المال، وليس ضمن خطة سامكريت فى الوقت الحالى الحصول على تمويل من سوق رأس المال، لذلك فإن الوقت الحالى ليس مناسبا لوجود سامكريت فى البورصة».
فيما لجأت السويس للأسمنت إلى الشطب من البورصة كأحد محاور خطة لخفض تكاليفها وفقًا لما صرح به أحمد مرشدة، مدير علاقات مستثمرين الشركة عند عملية الشطب لـ«المال»، قائلًا: الشركة ستواصل بعد الشطب تنفيذ خطة لخفض التكاليف الثابتة والمتغيرة، بدأتها منذ عام 2017، بعدما تم الانتهاء من الجزء الأكبر منها خلال عامى 2018 و2019 تضمنت الشطب من البورصة، وما يتبعه من مصروفات، وضغط كل التكاليف المتعلقة بالإنتاج، والعمليات التشغيلية، كالوقود، والكهرباء، والخدمات.
وشهدت البورصة المصرية مؤخرًا عدة عروض استحواذ على شركات مُدرجة بقيم متدنية نتيجة تراجع تقييمات الشركات بسبب الأوضاع المتردية التى تمر بها السوق، كان آخرها عرضى استحواذ من شركة بلتون المالية القابضة؛ الأول من تحالف دبليو إم للاستشارات بسعر 1.35 جنيه للسهم، والثانى من شركة شيميرا الإماراتية بقيمة 1.48 جنيه للسهم، ورغم ارتفاع سعر العرض الثانى لكن كلا العرضين أدنى من القيمة التى استحوذت بها أوراسكوم للاستثمار على بلتون بواقع 2.70 جنيه للسهم.
وفى فبراير الماضي، شهدت السوق عرض استحواذ على المجموعة المالية هيرميس تقدم به بنك أبوظبى الأول، بقيمة 19 جنيهًا للسهم، وهو سعر اعتبره محللون أدنى من القيمة العادلة للسهم بقيمة كبيرة.
وتشهد البورصة المصرية منذ بداية العام الحالى موجة تراجعات قوية بضغط تخارجات متواصلة من المستثمرين الأجانب، وغياب للقوى الشرائية قاد إلى شح فى السيولة.
وتعانى البورصة ضغوطًا قوية فى ظل التخارجات القوية للمستثمرين الأجانب وغياب القوى الشرائية، وشح التداولات، وهو ما ظهر فى إغلاقات الربع الثانى، والتى سجلت خلالها المؤشرات تراجعات بواقع %17 للثلاثينى، و%10 للسبعينى، و%12 للمئوى.
وخسر رأس المال السوقى 104.5 مليار جنيه، ما يعادل %14.4 ليغلق عند 621.9 مليار جنيه، وتراجعت التداولات إلى 190.3 مليار، مقارنة مع 447 مليارًا بالربع الأول، واتجه الأجانب للبيع بصافى 4.324 مليار جنيه.
رصد لعمليات الشطب الإختياري لشركات البورصة من يناير2021 الى يونيو 2022
اسم الشركة | تاريخ الشطب | رأس المال بالمليون جنيه |
نايل سيتي للاستثمار | مايو 2022 | 725 |
بنك الكويت الوطني | فبراير 2022 | 5000 |
رواد مصر للاستثمار السياحي | ديسمبر 2021 | 150 |
الشروق الحديثة للطباعة | ديسمبر 2021 | 13.1 |
أسيوط الاسلامية الوطنية | يونيو 2021 | 66.8 |
الورق للشرق الأوسط سيمو | مارس 2021 | 50 |
النيل لحليج الأقطان | يناير 2021 | 264.9 |
السويس للأسمنت | يناير 2021 | 909.2 |
طره للأسمنت | يناير 2021 | 357.6 |
الاجمالي | 7536.6 |