تزداد منذ فترة طويلة المطالبات بوجود كيانات جديدة في البورصة المصرية كمحاولة لإنعاش أوضاعها المتذبذبة منذ بداية أزمة جائحة “كورونا” وحتى الوقت الراهن .
وفي الوقت ذاته، هناك إقبال محدود من الكيانات الخاصة خلال العام الجاري للقيد في سوق الأسهم المحلية.
ولم يشهد العام الجاري سوى طرح شركة “تعليم لإدارة الخدمات”، بمعدلات تغطية مرتفعة بلغت 29.38 مرة للطرح العام، والخاص بلغ 2.34 مرة، كما تم إدراج أسهم شركة التشخيص المتكاملة في البورصة و التي نفذت عملية قيد مزدوج في البورصة المصرية إلى جانب بورصة لندن ، فيما قررت “ماكرو جروب” للمستحضرات الطبية تأجيل طرحها بشكل مفاجئ، وبررت ذلك حينها بالتراجعات الكبيرة التي أصابت البورصة المصرية في الفترة الأخيرة، وخوفها على مصير السهم عقب الطرح في ظل تراجع السوق وضعف معدلات السيولة بهِ .
ورأى عدد من خبراء سوق “المال” أن أوضاع البورصة تستوجب أن يتم الإسراع في برنامج الطروحات الحكومية الأولية قبل نهاية العام الجاري بسعر مخفض لجذب شريحة كبيرة من المتعاملين الأجانب والمصريين .
وأشاروا إلى أن طرح أسهم جديدة بأسعار مخفضة سيعمل على جذب شريحة جديدة من المستثمرين الخارجين تحديدًا ومن ثم نشاط حركة البورصة المصرية، فيما أكدوا على جزئية أن تكون الكيانات المطروحة جاهزة تمامًا للطرح وبعيدة التأثر عن أزمات الفيروس .
يُذكر أن الحكومة المصرية أعلنت خلال مارس 2018 عن نيتها في طرح حصص بنسب مختلفة من 23 شركة حكومية، ومنذ ذلك الحين وحتى الوقت الحالي لم يتم تنفيذ سوى خطوة وحيدة فقط عقب عام من إعلانه وهى طرح حصة إضافية من شركة الشرقية للدخان بنسبة 4.5% في مارس 2019.
فيما تم تأجيل البرنامج عدة مرات لظروف مختلفة منها أزمة الأسواق الناشئة التى أثرت على البورصة المصرية، وآخرها كان بضغط من تأثيرات جائحة فيروس كورونا الذى أوقف الحياة لمدة أشهر متواصلة.
كانت د.هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية قالت مؤخرًا إنه سيتم طرح مجموعة من الشركات الحكومية قبل نهاية العام الجاري .
ومنتظر أن يتم طرح شركة “إي فاينانس” في البورصة ضمن البرنامج الحكومي خلال العام الجاري.
محمود سليم: التنشيط مرتبط بعوامل تشريعية وليس اكتتابات فقط
بداية، قال محمود سليم خبير سوق المال، إن بدء تنفيذ الطروحات الحكومية متوقف على أمرين أولها : مدى قدرة السوق على استقبال طرح جديد، والآخر يتمثل في مدى جاهزية الشركات ذاتها .
وأوضح، أن كلا العاملين مرتبطان بشكل كبير، مشيرًا إلى أنه ينبغي حاليًا دراسة أوضاع الشركات الداخلية و ما إذا كانت أزمة “كورونا” أصابتها بشكل سلبي من عدمه .
وأضاف أن الحكومة أعلنت أنه سيتم البدء في البرنامج قبل نهاية العام الجاري، وهو ما أعتبره توقيتا مناسبا .
وبشكل عام قال إن دعم أداء البورصة المصرية لا يتوقف على تنفيذ طروحات جديدة سواء أكانت حكومية أو خاصة، وإنما تحكمها مجموعة من العوامل الأخرى تتعلق بالتشريعات الداخلية وأوضاع الشركات المقيدة ذاتها .
ولفت إلى أن أوضاع البورصة المصرية حالها مثل أي من البورصات الأخرى التي تأثرت خلال أزمة الفيروس، مرجحًا أن تتعافي تدريجيًا خلال الفترة المقبلة .
وفيما يتعلق بمحاولات جذب شرائح جديدة من المستثمرين الأجانب، قال إن ذلك لن يتحقق إلا إذا شهدت السوق إقبالا من المتعاملين المحليين أولاً .
◗ أبو راوي : النصف الثاني مناسب لبدء التنفيذ والأولية هي الخيار الأفضل
في سياق متصل، قال محمد أبو راوي رئيس قطاع بنوك الاستثمار فى شركة “إتش سي لتداول الأوراق المالية” إن أوضاع البورصة المصرية في الفترة الأولى من العام الجاري، كانت متذبذبة.
وأشار إلى أن شهية المستثمرين للاكتتاب في طروحات جديدة أصابها الفتور أيضًا بتلك الفترة، بضغط كافة التأثيرات السلبية التي فرضتها الجائحة على الوضع العام ككل .
وأوضح أنه مع بداية النصف الثاني من العام الجاري، من المتوقع أن تشهد أوضاع البورصة المصرية نوعًا من التحسن، بدعم عدة عوامل من بينها بدء تعافي النتائج المالية للشركات من ضغوط “كورونا” إلي جانب انخفاض الآثار السلبية للفيروس وتزايد التطعيمات للمواطنين.
وأضاف أنه بشكل عام فإن الشركات والمستثمرين سيبدأن خلال الفترات القليلة المقبلة في مراحل التعايش الفعلية مع “كورونا” والتخلي عن حالات ذعر الموجات الأولى .
وأشار إلى أنه من الأفضل أن يتم البدء بطرح أولى، بهدف جذب الشرائج الجديدة .
ولفت إلى أن غياب المؤسسات سواء المحلية أو الخارجية مرتبط بضعف الكيانات الكبيرة الممثلة في السوق، مرجحًا أن تشهد تعاملاتهم نوعًا من الرواج حال وجود بضاعة جديدة بملاءة مالية عالية .
وأكد أن ملف الضرائب الرأسمالية واحد من الملفات التي يجب البت فيها قبل نهاية العام، مشيرًا إلى أن الأفضل أن يتم الإلغاء النهائي .
ورأى أن قرار الطرح بالنسبة لأي شركة خاصة، مرتبط أكثر بمدى رغبة الكيان ذاته دون وجود محفزات للطرح، سواء فيما يتعلق بنظرتها لطريقة التمويل المناسبة أو خطتها المستقبلية بشكل عام .
محمد فتح الله : المصداقية أحد أهم عوامل إنجاح أسواق الأسهم
وقال محمد فتح الله العضو المنتدب فى شركة “بلوم للسمسرة” إن الحكومة قد تكون هي الكيان الوحيد الذي لديه القدرة على تنشيط أوضاع البورصة المصرية في الفترة الحالية وبدء التفاف المستثمرين حولها مرة أخرى .
وأشار إلى أن ذلك من السهل تحقيقه عبر المبادرة بتنفيذ طرح أولى بسعرأقل من القيمة العادلة بشكل مدروس دون الضرر بوضع الشركة، بهدف زيادة الجاذبية .
وأكد أن الطبيعي في فترات ركود الأسواق المالية هو لجوء الحكومات لطرح مجموعة من المحفزات لمحاولات الإنعاش، موضحًا أن أي من التنازلات التي تُقدم سواء في تأجيل ضرائب أو غيرهُ سيعود بالنفع في فترات لاحقة.
ولفت إلي أن عدم جاهزية السوق لا تمنع البدء فى تنفيذ أي من الطروحات الأولية، بإجراء حملة كبيرة من الترويج على الصعيدين المحلي والخارجي وبدء التنفيذ بسعر مناسب .
وأوضح أن التأجيل المتتالي الذي شهده برنامج الطروحات الحكومية قد يُثير الشكوك حول مدى قدرة السوق على استيعاب أي طرح جديد أو مدى جاذبيته بشكل عام، مشيرًا إلى أن المصداقية قد تكون أحد أهم العوامل لإنجاح سوق الأسهم.
وأضاف، أنه على الرغم من إقرار عدة مبادرات حكومية لدعم البورصة المصرية خلال الفترات الماضية، فإن جميعها لم تدخل حيز التنفيذ الفعلي .
يُذكر أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أمر خلال شهر مارس لعام 2020 بتوجه 20 مليار جنيه لدعم أوضاع البورصة المصرية، فيما تم السماح مؤخرًا لشركات التخصيم بتمويل عمليات الشراء الهامشي، وتبعها مجموعة من القرارات المنظمة لعمليات المارجن من الهيئة العامة للرقابة المالية حتى لا يُساء الاستخدام .
وأشار إلي أن السوق تحتاج أيضًا لمزيد من التوعية بهدف تغيير الصورة الذهنية الراسخة “بورصة يعني خسارة” بحملات توعية مكثفة للفئات الشبابية وللصناديق كصناديق المعاشات على سبيل المثال .
إيهاب رشاد: الطروحات الحكومية كانت الوسيلة المُثلى للإنعاش خلال السنوات الماضية
في سياق متصل، قال إيهاب رشاد رئيس مجلس الإدارة فى شركة “مباشر هولدنج”، إن الطروحات الحكومية الأولية كانت الوسيلة المُثلى لإنعاش السوق خلال السنوات الماضية .
ولفت إلى أن الطروحات الحكومية قد يكون الحل الوحيد لتنشيط السوق خلال الفترة الحالية، على أن يتم بسعر مناسب وجاذب لشريحة كبيرة من المستثمرين .
وأشار إلى أن أوضاع السوق تُزيد من الحاجة للإسراع لتنفيذ أي من الطروحات الأولية وليس التأجيل المتتالي.
ولفت إلي أن نجاح الطرح الحكومي سيكون بمثابة محفز كبير، لمجموعة أخرى من الطروحات الخاصة المتتالية، موضحًا أن الفترة الأخيرة من العام قد تكون مناسبة للبدء الفعلي .
وقال إن وجود بضاعة جديدة قد تكون محفزا رئيسيا لجذب مزيد من المؤسسات التي أصبحت غائبة عن السوق، ويظل الأفراد هم المهيمنون الرئيسيون بنسب تصل إلي 80% .
عمرو الألفي: التأجيل ليس أفضل الحلول خاصة في ظل سرعة وتيرة الأحداث بالأسواق
ويرى عمرو الألفي رئيس قسم البحوث فى شركة “برايم القابضة للاستثمارات المالية” أن الحكومة لديها فرصة في الفترة الحالية للبدء بتنفيذ طرح أولى في السوق .
وأشار إلى أنه من الأفضل البدء بطرح أولى، بخلاف الطروحات الثانوية، موضحًا أن أسهم الأخيرة شهدت تأثيرات بالغة خلال الفترات الماضية، وانخفاض في قيمة الأسعار وبالتالي فإن أي قيمة للطرح مقارنة مع سعر السوق قد تكون غير عادلة .
ولفت إلى أن التأجيل ليس أفضل الحلول المطروحة خاصة في ظل حدة وتتابع وتيرة الأحداث في السوق، متوقعًا أن تواصل السوق حركتها العرضية خلال الفترة المقبلة .
وأشار إلى أنه على الرغم من كافة تلك الجهود فإن هناك العديد من القطاعات غير الممثلة في السوق بشكل كاف .
يُذكر أن وزارة قطاع الأعمال صرحت لـ”المال” مؤخرًا بأنها تستهدف طرح شركة غزل المحلة لكرة القدم في البورصة المصرية قبل انطلاق الدوري الجديد قبل شهر أكتوبر المقبل، في ظل حالة الاستقرار الفني والنتائج الإيجابية التي يقدمها فريق الكرة بالنادي، بدعم من الوزارة.