أجمع مصرفيون وخبراء على أن قيام بنكى الأهلى ومصر بطرح وعاء ادخارى جديد بفائدة %15 لأجل عام رغم قرار البنك المركزى بخفضها بنحو %3 ليصبح سعر العائد على الإيداع والإقراض %9.25 و%10.25، يأتى لحماية دخول القطاع العائلى التى من المتوقع أن تتضرر بسبب الأزمة التى تسبب فيها فيروس كورونا على المستوى المحلى، والانخفاض المتوقع للإيرادات بالنسبة للأسرة المصرية.
وأشاروا إلى أن الوعاء الجديد يحقق فائدة مهمة أيضًا وهى استمرار جاذبية العملة المحلية كوعاء ادخارى بعد خفض الفائدة حتى لا يلجأ المدخرون إلى سحب أموالهم وينخفض الإقبال على الجنيه مقابل الدولار وبالتالى الحفاظ على مستوى سعر الصرف الحالى، موضحين أن الوعاء يعتبر أداة انتقالية بين سعر الفائدة المنخفض الذى قرره البنك المركزى وبين الشهادات الثلاثية ذات العائد %12.
محمد عبد العال: وعاء ذكى يحمى دخول القطاع العائلى من الآثار الاقتصادية المحتملة
وقال محمد عبد العال، الخبير المصرفى وعضو مجلس إدارة بنك قناة السويس، إن الوعاء الجديد أو الذكى الذى أطلقه بنكا الأهلى ومصر هو استكمال لقرارات لجنة السياسة النقدية التى خفضت الفائدة الاسترشادية بنسبة %3 لمواجهة التداعيات الاقتصادية السلبية لانتشار فيروس كورونا.
وأشار إلى أن طرح هذا الوعاء الادخارى يحدث التوازن بين خفض الفائدة لحماية الاقتصاد ووجود الفائدة المرتفعة لحماية المدخرين من القطاع العائلى، كما يحقق قرار خفض الفائدة أولا مصلحة الموازنة العامة للدولة التى تتكلف أعباء دين ضخمة وتنتظرها أعباء جديدة نتيجة التطورات الحالية.
وأوضح أن المنتجين والشركات المقترضة بكل أنواعها سواء صغيرة ومتوسطة أو كبيرة وأصحاب القروض الاستهلاكية استفادوا من قرارات البنك المركزى بتأجيل الأقساط وخفض الفائدة على الاقتراض، وكان لابد من وجود مثل هذا الوعاء الادخارى لتعويض المدخرين من القطاع العائلى الذين قد تتقلص دخولهم نتيجة التباطؤ الاقتصادى المرتقب وارتفاع معدلات البطالة.
وأشار إلى أن استهداف التضخم ليس جزءًا من أهداف الوعاء الادخارى الجديد لا سيما وأن التضخم لايزال أقل من المستهدف العام الذى حدده البنك المركزى.
وفى اجتماع استثنائى الأسبوع الماضى، قرر البنك المركزى، خفض أسعار الفائدة بشكل مفاجئ، بنسبة %3 إلى مستوى %9.25 للإيداع، و%10.25 للإقراض، قائلا إن خفض الفائدة يأتى فى ضوء التطورات والأوضاع العالمية وما استتبعه من التحرك للحفاظ على المكتسبات التى حققها الاقتصاد المصرى منذ انطلاق برنامج الإصلاح الاقتصادى الوطنى وما اعتاده البنك المركزى المصرى على اتخاذ خطوات استباقية فى الظروف الاستثنائية.
وأكد بيان لجنة السياسة النقدية أنه تم اتخاذ إجراء خفض أسعار العائد كإجراء استثنائى مما يساهم فى دعم النشاط الاقتصادى بكل قطاعاته، أخذا فى الاعتبار التوقعات المستقبلية للتضخم واتساقها مع تحقيق معدل التضخم المستهدف البالغ 9 % (± 3 %) خلال الربع الرابع من عام 2020.
وشددت اللجنة على أنها تتردد فى اتخاذ الخطوات الضرورية بشأن أسعار العائد ولن تحيد عن الدور الأساسى المنوط به البنك المركزى وهو المحافظة على تحقيق استقرار الأسعار على المدى المتوسط.
وجاء قرار خفض الفائدة ضمن حزمة إجراءات غير مسبوقة من قبل البنك المركزى لمحاولة استباق الآثار الاقتصادية التى قد يتسبب فيها فيروس كورونا، من أهمها إقرار تعديلات محفظة الهاتف المحمول وزيادة حدود التحويلات والتعاملات عبر المحفظة الإلكترونية، وتحفيز الدفع الإلكترونى والسحب عبر ماكينات الصراف الآلى بإلغاء الرسوم، وتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى بضخ 30 مليار جنيه من ميزانية البنك المركزى فى البورصة المصرية.
طارق متولى: تستهدف محاربة “الدولرة” تزامنًا مع خروج جزء من أموال الأجانب
وقال طارق متولى، الخبير المصرفى ونائب رئيس بنك بلوم السابق، إن طرح وعاء ادخارى بفائدة %15 من قبل أكبر بنكين حكوميين هو محاولة لدعم العملة المحلية وتعويض المدخرين من القطاع العائلى، وزيادة جاذبية الجنيه أمام الدولار لا سيما فى الوقت الذى تشهد فيه استثمارات الأجانب فى أدوات الدين خروجًا من الدولة.
ولم تظهر بعد إحصائيات تشير إلى توجهات الأجانب المستثمرين فى أدوات الدين الحكومية خلال شهر مارس الجارى، وآخر البيانات الرسمية الصادرة عن البنك المركزى تعكس زيادة فى هذه الاستثمارات بنحو 1.5 مليار دولار خلال فبراير و2.5 مليار دولار خلال يناير، وتناهز قيمتها حاليًا نحو 20 مليار دولار فى أذون الخزانة فقط.
وأشار متولى إلى أن الوعاء يحقق نفس الوظيفة التى قام بها الوعاء ذو الفائدة %20 الذى تم طرحه بعد تعويم العملة المحلية، موضحًا أنه رغم عدم ملاءمته لقرار خفض الفائدة إلا أنه يحقق وظائف مهمة ويحارب “الدولرة”.
وكان أكبر بنكين حكوميين طرحا بعد قرار تعويم العملة المحلية شهادة بفائدة هى الأعلى فى تاريخ البنوك المصرية إذ بلغت %20 لأجل عام ونصف، لمحاربة “الدولرة” والحفاظ على قيمة أموال القطاع العائلى، وجذبت الشهادة نحو 600 مليار جنيه خلال فترة طرحها.
وأشار إلى أن التضخم سيكون عند مستويات معقولة خلال الفترة المقبلة حتى إن ارتفع نتيجة زيادة أسعار بعض مكونات بنوده مثل السلع الغذائية، لكنه سيكون ارتفاعًا مؤقتًا نتيجة الصدمات التى أحدثها فيروس كورونا، وبالتالى ستنحسر هذه الموجة تماشيًا مع انخفاض حدة انتشار الفيروس وعودة الحياة لطبيعتها.
وأكد “متولى” أن العالم أجمع أن سيعانى الفترة المقبلة من مرحلة كساد تضر بكل الاقتصاديات، لذلك فإن ما فعلته الحكومة المصرية من إجراءات لتحفيز الاقتصاد وزيادة مستويات التشغيل والإنتاج والنمو كان ضروريا لتقليل أثر هذه الأزمة المفاجئة.
وتوقع أن تكون معدلات التضخم مرتفعة على المدى القصير، وعلى المدى المتوسط تعود للانخفاض مع انحسار آثار فيروس كورونا على الاقتصاد المحلى والعالمى.
رضوى السويفى: الوعاء الجديد مرحلة انتقالية فى الوقت الحالى والتنبوء بالتضخم صعب
واتفقت رضوى السويفى، رئيس قطاع البحوث بشركة فاروس القابضة، مع الرأى القائل بأن طرح شهادة الـ%15 تستهدف محاربة “الدولرة” ودعم العملة المحلية، مضيفة أن الشهادة ستكون خطوة انتقالية لوقف الشهادات الثلاثية ذات العائد %12 التى لم ينخفض عليها العائد بعد قرار البنك المركزى.
وأشادت بقرار لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزى بخفض الفائدة %3 معتبرة إياه قرارا جريئا وفى محله بشكل كبير، لافتة إلى أن القرار سيدعم النمو وعجز الموازنة والقطاع الصناعى وأداء البورصة.
وعلى مستوى معدلات التضخم قالت إن التنبؤ بالأمر صعب فى هذه الفترة، موضحة أن أسعار السلع الغذائية هى المؤثر الأكبر فى التضخم.
وبنهاية شهر فبراير الماضى هبط المعدل السنوى للتضخم العام لمستوى %5.32 مقابل %7.17 بنهاية يناير السابق عليه، كما سجل المعدل السنوى للتضخم الأساسى %1.9 مقابل %2.6 فى يناير، ويستهدف البنك المركزى الحفاظ على معدلات تضخم عند مستوى %9 بزيادة أو نقصان %3 بنهاية الربع الرابع من العام الجارى.